اقتصاد

العودة للمدارس في تونس مناسبة تؤرق الآباء اقتصاديا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أيام قليلة وتنطلق السنة الدراسية 2012/2011، وفي هذه الفترة من إستعدادات الأولياء والتلاميذ والمدرسين على حد سواء ، تزدحم بهم الأسواق والمغازات والمكتبات من أجل التزود بمختلف اللوازم المدرسية من كتب وكراسات الى جانب الملابس الجديدة .الأولياء واستعدادا للعودة المدرسية تراهم يمرون بفترات صعبة تضطرهم إلى الإقتراض والتداين من أجل عودة مدرسية ناجحة لابنائهم وهو السبيل الذي يضمن لهم التفوق فى الدراسة . " إيلاف " خرجت الى الأسواق والمغازات والمكتبات وتابعت تحركات الأولياء والتلاميذ وسألتهم عن الإستعدادات للعودة المدرسية والملابس والأسعار وتكاليف العودة المدرسية.محمد بن رجب من تونس: اضطر رضا (47 سنة ، موظف ) منذ شهرين لتقديم مطلب للحصول على قرض وقد تمت الموافقة على ذلك من طرف أحد البنوك ، وتحصل على مبلغ يغطي مصاريف العودة المدرسية لشراء ما يلزم لأبنائه سواء بالنسبة للأدوات أو الملابس وصرف كذلك جزءا من القرض خلال العطلة الصيفية للترفيه عن العائلة بعد ضغط الإمتحانات وآخر السنة الدراسية و كذلك مصاريف شهر رمضان، الملابس التي شراها تجاوز ثمنها 350 دينارا (270 دولارا) أما ثمن الكتب وغيرها فقد تجاوز 150 دينارا (115 دولارا) . و يواصل: " لي أربعة أبناء يدرسون في الثانوي والمرحلة الثانية من التعليم الأساسي ، وكما ترى فإن المبلغ يعتبر كبيرا بالنسبة لموظف من الصنف المتوسط وسأبقى سنة بأكملها أرجع للبنك أقساطا شهرية وهو ما يؤثر على ميزانية العائلة لكن ما باليد حيلة ." ، أما عبدالسلام ( عامل بشركة ) فقد بين أنه تحصل وككل بداية سنة دراسية على قرض من صندوق التقاعد والحيطة الإجتماعية وبفضل هذا القرض فقد تمكن من توفير ما يلزم لأبنائه وبناته من أدوات وملابس ، وقال إنه يعرف عددا كبيرا من زملائه يقترضون من بعض الزملاء الميسورين أو يتداينون من البنوك في مثل هذه المناسبات ، وهو شخصيا قد كان في العطلة الصيفية في إحدى المدن الساحلية وذلك للترفيه عن النفس ، وفصل الصيف قد أخذ منا كل ما كنا ادخرناه خلال كامل السنة ولكن برغم ذلك فهو غير نادم على ذلك لأن الضغط الذي يعيشه حاليا نتيجة الحياة الصعبة يجعل الترفيه خلال عطلة الصيف من أولى الضروريات الحياتية حتى يستطيع العودة من جديد إلى العمل بأكثر قوة وعزم ، وقال مرافقه منير (موظف) إن " الدنيا صعبت "برشه" و الموظف البسيط يعيش تحت ضغط الديون " .
على قدر كسائي أمدّ رجلي :

بالرغم من أن تخفيضا نسبيا وقيمته 5 % في أسعار الملابس والأحذية يطبق في مختلف الأسواق والمغازات كما أنه تم التمديد في فترة " الصولد " فإن الأولياء يتذمرون من ارتفاع الأسعار ، فهذا أحمد (مدرس ) قال إنه شرى لآبنته أميرة (15 سنة ) وابنيه أمير( 18 سنة ) ومهيب (13 سنة ) ملابس جديدة ( سروال وحذاء وقميص وميدعة ) لكل واحد منهم كلفته مبلغا كبيرا قدره 320 دينارا (250 دولارا)، فالسروال تجاوز ثمنه 32 دينارا والحذاء 35 دينارا والميدعة 18 دينارا والتخفيضات لا قيمة لها فمثلا الميدعة وثمنها 18 دينارا تصبح بعد التخفيض 17.100 دينارا وهذا التخفيض كما ترى لا يسمن ولا يغني من جوع ، وأضاف أنه لاحظ ارتفاعا في أسعار الملابس على عكس الكتب والأدوات المدرسية حيث حافظت الكتب على أسعارها في السنة الدراسية الماضية بينما نبارك الكراس المدعم ذا الثمن العادي و المقبول ولكن هذا النوع من الكراسات غير متوفر في كل المكتبات بسبب الإحتكار بغاية الترفيع في الأسعار.

ويقول فيصل ( موظف ) إنه وجد صعوبة كبيرة في توفير المبلغ الذي يكفيه لشراء الملابس لأبنائه لذلك فقد شرى " اللازم " فقط ورغم هذا التقشف الذي حدّ من الإستجابة إلى رغبة الأبناء فقد كلفني مبلغا كبيرا تجاوز 280 دينارا (215 دولارا) ، من ناحية ثانية فقد رأى أنه " علينا أن لا نحمّل أنفسنا أكثر من طاقتها وأن نبتعد أكثر ما يمكن عن القروض والتداين بمختلف أشكاله ونعمل على توفير ما يلزم لأبنائنا طبقا للمثل القائل (على قدر كسائي أمد رجلي ) ، والمهم هو أن تكون نتائج أبنائنا خلال السنة الدراسية على قدر ما نبذله من أجلهم من غال ونفيس ففي هذه الحالة فقط يهون من نصرفه من أموال من أجلهم حتى نوفر لهم الظروف المناسبة التي تساعدهم على النجاح في الدراسة في مرحلة أولى ثم الحياة ثانية ، فالواحد منا لا يمكن أن يكون قد نجح في حياته إلا متى نجح أبناؤه في دراستهم وهذا المهم ثم في الحياة وهو الأهم.


هاجس يؤرّق الأولياء

إحدى المكتبات التى زرناها كانت غاصة بالأولياء وعدد من التلاميذ الذين تزاحموا لشراء ما يلزمهم من أدوات مدرسية مختلفة ولمختلف مراحل الدراسة ، فهذا الطيب (موظف) اصطحب معه ابنيه جلال (12سنة) وجمال ( 16سنة) قال إنه جاء الى هذه المكتبة قبل ساعة تقريبا ورغم ذلك فإن دوره لم يصل بعد لآقتناء الكتب والكراسات وبقية المستلزمات المدرسية التي يستحقها ولداه ، وأضاف بأن العودة المدرسية تشكل بالنسبة له في كل سنة هاجسا يؤرقه خاصة وهي تأتي مباشرة بعد الإجازة الصيفية و شهر رمضان وما تتطلبه من مصاريف إضافية تثقل كاهل جيوبي . فالعودة المدرسية وشهر رمضان وعيدي الفطر والإضحى وكذلك " الخلاعة و الترفيه " في فصل الصيف ، كلها مناسبات تصيبنا " بالإسهال " وجيوبنا بالفراغ وتقضي على ما ادخرناه من مال خلال سنة كاملة ، فبعد فصل" الخلاعة والجو " الذي ترك الجيوب خاوية جاء رمضان وما فيه من مصاريف حلّت العودة المدرسية ، وأنا شخصيا وحتى أضمن توفير ما يلزم لأبنائي فقد اقترضت من أحد الأصدقاء مبلغا يستحيل عليّ إرجاعه قبل شهرين أو ثلاثة على الأقل وهذه عادة أشعر أني أحنّ إليها في كل مناسبة والحمد لله أن بعض الأصدقاء لا يدخرون جهدا من أجل توفير المبلغ الذي أطلبه منهم ، أما يوسف (موظف ) فيقول إن الكتب متوفرة ولكن الإكتظاظ كبير، وشراء الكتب لأبنائي لم يكلفني مبلغا كبيرا بصراحة ولكني خائف من ارتفاع أسعار الملابس والأحذية برغم التخفيض المعلن عنه.

وتقول آمال (موظفة ) إن أسعار الكتب والكراسات وبقية الأدوات لا يستعصى توفيرها لمن هو منظم لشؤون حياته المختلفة ولكن أسعار الملابس هي المرتفعة والمواطن الذي ينوي كساء أكثر من ولدين يصبح الأمر بالنسبة إليه عسيرا ومن ناحيتي لي بنتان سأشري لهما بعض الملابس ذات النوعية المتوسطة والأسعار التي أقدر على دفعها ولا يمكنني تحميل نفسي ما لا طاقة لها به ولن أتداين أو أقترض ولكني ككل سنة أدخر بعض الأموال لأستعين بها وقت الحاجة والحمد لله على ذلك.

ويرى عبدالقادر أن الإكتظاظ الذي يميز العودة المدرسية ككل سنة ناتج عن غياب التنظيم لأننا لم نتعود على ذلك والأفضل أن نشري مستلزمات أبنائنا من الأدوات المدرسية في وقت مبكر وربما قبل شهر من العودة المدرسية حتى لا نترك أمورنا إلى آخر وقت لأن الأكيد أننا كنا منشغلين بالترفيه عن النفس في البحر وفي مختلف المدن الساحلية ثم جاء شهر رمضان الذي لم يترك شيئا ولا نستفيق إلا مع بداية شهر سبتمبر أي قبل أسبوعين من العودة المدرسية .


السوق الموازية و الطرق المشبوهة

يقول عبداللطيف (صاحب مكتبة) وهي تغص بالأولياء والتلاميذ الذين يتزودون بالأدوات المدرسية المختلفة من كتب وكراسات وأقلام :" إننا نطبق ما نادت به الغرفة الوطنية وما أقره اتحاد الصناعة والتجارة من تخفيض نسبته 5 % على جميع الأدوات المدرسية بآستثناء الكراس المدعم ، وأنا من ناحيتي أقوم دائما بمساعدة المحتاجين وأقدم بعض الكتب والكراسات مجانا " لله في سبيل الله " ، أما عبدالرحمن ( صاحب مكتبة ) فقال " إنّ ثمن الكراس المدعم مقبول جدا وهذا ما يساعد الأولياء ويجعلهم يشترون ما يحتاجه أبناؤهم بدون عناء كبير، فالكراس المدعم ذو جودة عالية و لكن هناك أنواع من الكراسات والخاصة بتلاميذ المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية ارتفع ثمنها قليلا أما الكتب فهي الأخرى غير باهظة الثمن رغم أنها شهدت عديد التنقيحات وخاصة بالنسبة لكتب التاريخ و الجغرافيا و التربية المدنية التي كان فيها ذكر الرئيس المخلوع و نظامه ، وعموما التكاليف غير مرتفعة والمواطن قادر على شراء ما يطلبه أبناؤه .

ويبين خالد (صاحب مكتبة) أنّ الغريب في بداية هذه السنة الدراسية وهي الأولى بدون الرئيس المخلوع وفي ظل الحرية و الديمقراطية تنتشر في كل الساحات و الشوارع ظاهرة بيع الأدوات المدرسية في السوق الموازية والأغرب من ذلك ونحن في عصر الثورة أنّ الكراسات المدعومة غابت عن المكتبات الرسمية و القانونية وظهرت في السوق الموازية و بأسعار تفوق السعر القانوني وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول هذه الحالة ومن يقف وراءها .فهل يتعلق الأمر بمواد وقع الاستيلاء عليها بالسرقة من بعض المكتبات أو المصانع أو المخازن أثناء الأحداث التي عرفتها بلادنا خلال الأشهر الماضية أم أنها مواد وقع تسريبها من بعض المصانع بطرق ملتوية وبالتالي لم يتحمل صاحبها أية تكاليف ولا يهمه السعر الذي يبيع به لأنه رابح في كل الأحوال ؟ و بالتالي على المواطنين الانتباه عند التزود من هذه الأسواق الموازية فبالرغم تدني أسعار هذه المواد فإنها قد تكون مضرّة بالصحة .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف