اقتصاد

المستثمرون السعوديون يفتشون عن أسواق الأسهم الخارجية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
متعاملون في السوق السعودية

"لا شك أن ما مرت به سوق الأسهم السعودية طوال الخمس سنواتٍ الماضية من تداعيات سلبية، قد ألقى بظلاله القاتمة على ثقة المستثمر السعودي، وهو ما تؤكده الإحصاءات والبيانات التي أظهرتإنخفاض أعداد المتعاملين والمشتركين في الصناديق الاستثمارية.

الرياض: يبدأ عبدالحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية حديثه لـ"إيلاف" ملقياً الضوء على أهم النقاط الرئيسة التي تعج بسوق الأسهم السعودية وما يصاحبه من تقلبات متوازية مع العالم ومتفردة.

وعاد العمري يسلط الضوء على تقارير ساما مؤخراً الداعمة بلغة الأرقام صحة حديثه؛ حيث يقول: "الرجوع إلى ميزان المدفوعات الأخير الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي، يكشف لنا كيف أن المستثمرين السعوديين بدورهم قد شدّوا رحالهم من السوق المحلية إلى الأسواق الخارجية! حيث أوضح رصْد إجمالي التدفقات الاستثمارية التي خرجت من السوق المالية السعودية منذ مطلع 2006م إلى نهاية الربع الأول من عام 2011م قد وصل إلى أكثر من 244.7 مليار ريال (65.3 مليار دولار أميركي).

لعل هذا الهروب إذا صح التعبير يفسّر جزءاً كبيراً من أهم الأسباب التي أدّتْ إلى تضاؤل قيمة تعاملات السوق المالية ربعاً بعد ربع طوال تلك الفترة، ويُعد هذا الرقم كبيراً جداً إذا ما تمت نسبته إلى القيمة الرأسمالية القابلة للتداول (تتراوح بين 300 إلى 400 مليار ريال)، ولا شك أنه ترك وسيترك خلفه تأثيرات سلبية وضارة بالثقة في جدوى الاستثمار في السوق المحلية؛ شاهدنها ونشاهدها عياناً بياناً طوال تلك الفترة".

ويضيف : "إن هذا أيضاً بدوره يتطلّب بضرورةٍ قصوى أن تبادر هيئة السوق المالية أيضاً بدراسة وبحث أسباب هذا الرحيل أو الهروب لأموال السعوديين من السوق المحلية، وخروجها خاصةً في هذه الظروف المقلقة لمختلف الأسواق الخارجية بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، وجديرٌ بالذكر أن هناك مستثمرين من الحجم الصغير والمتوسط قد يتعسّر عليه الخروج بأمواله إلى الخارج؛ إما بسبب قلة معرفته بالأسواق الخارجية، أو لارتفاع تكلفة إدارة أمواله في تلك الأسواق مقارنةً بضآلة حجم أمواله، أو بسببهما معاً، إلا أنه كما يبدو من تضاؤل عدد المحافظ الاستثمارية النشطة في السوق، أنهم أيضاً بدورهم يقفون الآن خارج منصات تداولات السوق المالية جرّاء الخسائر الفادحة التي لحقت بمدخراتهم واستثماراتهم! وهذه أيضاً حالة بالغة الضرر على الجميع تتطلب دراسةً وبحثاً وتقصياً دقيقاً للأسباب الكامنة خلف هذا الإحجام من قبل هذه الشريحة أو الفئة من المستثمرين".

وخص العمري "إيلاف" في قراءة تحليلية شخّص من خلالها أهم الإجراءات التي قامت بها هيئة سوق المال للتعاطي مع هذه القضية، مسلطاً الضوء على أهم ما يجب أن يتخذ من إجراءات للهروب من مثل هذه التخطبات، فيقول: "لا شك أن عدداً من القرارات أو الإجراءات التي سنّتها هيئة السوق المالية قد لعبت دوراً في خفض الجاذبية الاستثمارية للسوق، وشجع من جانبٍ آخر على دخول جزءٍ أكبر من السيولة المتوافرة بالسوق (التي هي بالأصل متدنية) للدخول في عمليات مضاربية عالية المخاطر! ولعل من أهم الإجراءات المطلوبة من الهيئة ما يلي:

1- ضرورة تجزئة السوق المحلية، خاصةً مع زيادة الفوارق المالية وعلى مستوى الأداء ودرجة المخاطر بين الشركات الجيدة والشركات المنخفضة الأداء، ووضع هذا الخيار ضمن أول الخيارات اللازمة لإصلاح أوضاع السوق المحلية، بما سيُعيد بصورةٍ قوية أجزاء من السيولة الهاربة من السوق المحلية التي تجاوزت ربع تريليون ريال خلال الفترة 2006-2011. ولعل من أهم ما قد يمنع أو يحد من رغبة هيئة السوق المالية في تجزئة السوق (سوق رئيسة، سوق موازية)، يكمن في تصورها للموقف المحرج الذي قد تواجهه بعد التجزئة، والمتمثل في أن السوق الموازية ستضم في أغلبها معظم الشركات المساهمة التي تم طرحها للإكتتاب فيما بعد فبراير 2006م، وكأن لسان الحال حينئذ سيقول (كأنك يا أبو زيد ما غزيت)؛ إذ ترى أنها ستكون غير قادرة على مواجهة معضلة طرد ما أدرجته خلال السنوات الأخيرة إلى سوقٍ موازية، بما يعني في حقيقته عدم توافر الأهلية الكاملة لتلك الشركات بالإدراج في السوق الرئيسة!

والحقُّ يقال هنا أنه رغم صحة ذلك، إلا أنه يأتي أفضل بكثيرٍ من استمرار الوضع الراهن المليء بالمساوئ والمثالب التي لا حصر لها، بل إنه سيعيد التوازن والجاذبية الاستثمارية إلى السوق المالية المحلية من خلال تمييزه بين الشركات المساهمة ذات العوائد، والأخرى الخاسرة عالية المخاطر، بصورةٍ ستفضي عبر الزمن إلى اجتذاب أفضل الشركات المساهمة خارج منصة تعاملات السوق إلى تلك المنصة.

2- ضرورة إعادة بناء وتأسيس إستراتيجية أفضل تنظم وتفحص جيداً اكتتابات الشركات العاملة (أو العائلية)، مع التأكيد على أن يُضاف إلى عامل الربحية عند تحديد سعر الطرح، عوامل أخرى كالمديونية، والملاءة، والقدرة على استمرار تلك الشركات في ممارسة نشاطها، وتحقيق النمو فيه عبر خطوط الزمن. 3- لقد أصبح من الضرورة الحتمية الآن لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، أن تتجه هيئة السوق المالية في إطار الإستراتيجية المأمولة لاجتذاب الشركات نحو الإدراج في السوق؛ أن تعتمد (زيادة) رأس المال بدلاً من(اكتتابات التخارج) القائمة الآن، والتي تمنع من استلام المساهمين البائعين لمتحصلات الاكتتاب، وأن تُلزم (المتعهد بالتغطية) إكمال دوره الرئيس في عملية الطرح بدفع قيمة ما لم يتم تغطيته".

ونفى العمري أن يكون ما يحدث استثناءً عما يجري في العالم من محنات مالية؛ لكنه أكد أن هناك بعض التضليل والتلاعب الممارس من قبل المحافظ الكبرى في السوق، حيث يقول: " بالطبع جزءٌ كبير منه يقع تحت تأثير وقع الأزمة المالية العالمية وما تبعها، إضافةً إلى تأثر السوق المحلية بالقرارات والإجراءات والتطورات الداخلية أو محلياً التي ذكرتها أعلاه، وفي مقاطع مؤثرة من تعاملات السوق وقياساً على هشاشتها وعدم نضجها فلا تخلو من تأثرها بما قد يحدث من تلاعب أو تضليل تمارسه بعض المحافظ الكبيرة المؤثرة، ولا أدلَّ على ذلك من العقوبات والجزاءات التي تعلنها هيئة السوق المالية لاحقاً، والتي توقعها على أصحاب تلك المحافظ المتورطة في هذا النوع من التلاعب المفضي إلى إلحاق الضرر ببقية المستثمرين".

وحول وضع السوق السعودية الراهن علق العمري من خلال القراءة قائلاً: "بالنظر إلى أداء مؤشر السوق خلال الفترة الأخيرة، وكيف تقلصت حدة التذبذبات بين الحدود العليا والدنيا بنحو 50 في المئة، مقارنة مع مسيرة أدائه منذ مطلع العام (التي تخللتها تذبذبات أكبر)، وهو ما يخالف مسار الأسواق الرئيسة في الخارج بصورةٍ لافتة، إضافةً إلى التحسّن الطفيف في مستويات السيولة المدارة في السوق، يمكن القول إن المستثمرين استعادوا نوعاً ما بعض الثقة المفقودة في السوق المحلية، وهي في طريقها للتنامي والزيادة، فيما يبدو أنه نمطٌ جديد من الاعتياد لديهم تجاه سيطرة المخاطر والتقلبات الحادّة في الأسواق الخارجية، هذا من جانب. كما يجب على المستثمر أن يقوم بالتركيز على الأسهم ذات العوائد والتوزيعات والمعتمدة بصورةٍ أكبر على النشاط الاقتصادي المحلي، الذي يستجيب بقوة للإنفاق الحكومي السخي، وتحديداً الموجه منه إلى البنية التحتية التي تم اعتماد أكثر من 450 مليار دولار للإنفاق عليها.

وبشهادة صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير الصادر في أغسطس الماضي؛ أعتبره واحداً من أهم الإجراءات المحلية التي حافظت على استقرار وصمود الاقتصاد الوطني في وجه المخاطر الخارجية للاقتصادات والأسواق العالمية.ومن جانبٍ آخر إن اهتماماً أكبر بدأ يترسخ لديهم بمقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني على مستوى أغلب المؤشرات سواءً الميزان المالي للمالية العامّة والتوقعات بتنامي الأصول الاحتياطية للدولة، والاحتمال الأكثر تأكيداً حتى الآن قياساً على سعر وحجم إنتاج النفط أن تُظهر الميزانية الفعلية لهذا العام فائضاً إيجابياً بما قد يتجاوز 200 مليار ريال (نحو 11.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لعام 2011.

إضافةً إلى الفائض المتوقع في الحساب الجاري، والملاءة المالية التي أظهرها القطاع المالي المحلي بعد بروز مؤشرات خروجه من حالة الترقب والحيطة لأكثر من عامين من عمر الأزمة، وعودته لممارسة دوره التمويلي للنشاط الاقتصادي، ظهرت نتائجه عبر صافي أرباحه لشهر يوليو الماضي بأكثر من 3 مليارات ريال وهي الأكبر منذ أبريل 2009.

كل هذا لا شك أنه سيدفع لعودة الثقة في الاستثمار المحلي وفي مقدمة خياراته سوق المال السعودية، وهو ما سيدعم الأرباح للربع الثالث القريبة لأن ترتفع لأكثر من الرقم القياسي لأرباح السوق المسجل في الربع الثاني 2008م 25.87 مليار ريال، والذي أرشح أن تتخطاه مكاسب السوق الربعية بدعمٍ من القطاع البتروكيمياوي كعادته والقطاع المصرفي بعد عودته للنمو إضافةً إلى قطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات والإسمنت والطاقة والمرافق الخدمية والتجزئة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف