كيف تستعد دول الخليج للتعامل مع التصنيف الأميركي الجديد AA+؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
شهدت أسواق الأسهم الخليجية موجة انخفاض كبيرة في أغسطس الماضي، بعد إعلان وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز خفض التصنيف الأميركي،ووفقاًلتقرير شركة المركز المالي الكويتي فإن تأثيرات هذا الإجراء لن تكون متشابهة بين هذه الدول، ولابد من أن تستعد لمجابهة مخاطره.
الكويت: في قرار غير مسبوق، خفضت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز في الخامس من أغسطس 2011، التصنيف الائتماني للديون السيادية الأميركيةAAA، ما أثار الانتقاد لأعضاء الكونغرس لفشلهم في تخفيض حجم الإنفاق بما يكفي لتقليص عجز الموازنة القياسي في بلادهم. وتشير هذه الخطوة التاريخية إلى الأزمةالتي يعيشها أكبر اقتصاد في العالم، وتثير الشكوك حول الانتعاش الاقتصادي العالمي الذي كان قد بدأ لتوه.
وكانت "ستاندرد آند بورز" خفضت التصنيف درجة واحدة إلى AA+، مع نظرة مستقبلية سلبية، وهو ما يشير إلى أنها قد تخفض تصنيف البلاد في غضون العامينالمقبلين إذا لم يتم تقليص حجم الإنفاق، أو إذا ارتفعت معدلات الفائدة الأميركية، أو ظهرت ضغوط مالية جديدة جراء ارتفاع مستوى الدين الحكومي العام.
ووفقاً لتقرير صدر عن شركة المركز المالي الكويتي " المركز"، يحمل تخفيض تصنيف الديون السيادية تداعيات واسعة النطاق، لكنه بالتأكيد لن يكرر أزمة 2008. بغضالنظر عن الجدل الدائر، لابد من تقييم الضرر المباشر والملازم على دول مجلس التعاون الخليجي من هذه الخطوة. ولفت التقرير إلى أن التأثيرات لن تكون متشابهة بين هذهالدول، على اعتبار أن بعضها لديها احتكاك أكثر من غيرها في قضايا محددة.
أسواق الأسهم الخليجية - ما بعد تخفيض تصنيف AAA
إتضح تأثير تخفيض التصنيف على المدى القصير، عندما شهدت أسواق الأسهم في المنطقة موجة انخفاض كبيرة بعد الإعلان عن الخبر، إذ هبط مؤشر السوق السعودية5.5% في السادس من أغسطس.
وفي حين أن أسواق دول التعاون الأخرى فتحت يوم الأحد، إلا أنها شهدت انخفاضا حادا أيضاً. وفقدت أسواق الأسهم الخليجية 31 مليار دولار من قيمتها السوقيةمنذ الإعلان عن صفقة الديون الأميركية في نهاية يوليو. وقد تنخفض الأسهم على نحو إضافي إذا تذبذبت الأسواق العالمية بشكل حاد وفق تقييمات مخاطر متباينة.
السعودية
يقول تقرير " المركز" إن انخفاض الطلب الأميركي والعالمي المستمر قد يفضي إلى تراجع أسعار النفط الخام. وهو ما سيؤدي إلى تضاؤل الإيرادات التي ستخفض بدورهامن قدرة الحكومات على تطبيق خططها الاستثمارية المحلية.
وهو ما يتضح بوجه الخصوص على ضوء الاضطراب السياسي المستمر حيث تم التعامل معه بشكل كبير من خلال الترضية النقدية للمواطنين، وبالتالي زاد هذا الأمر منالضغوط على إمكانات الحكومة في تحقيق استثمارات محلية حصيفة لرؤوس الأموال.
في غضون ذلك، قد تشهد الاستثمارات الأجنبية خاصة في أسواق الأسهم تراجعا مع تجنب المستثمرين للمخاطر في اقتصاد عالمي لا يزال يتعافى. وعلى الرغم من أنالسعودية تعد واحدة من أكثر عشر سياديات آمنة في العالم، إلا أن "المركز" لا يتوقع أي انخفاض كبير في المملكة بهذا الخصوص.
أما البنوك فستتأثر بشكل عرضي من جميع هذه الأمور، على سبيل المثال إذا انخفض الإنفاق الحكومي، وتباطأ الاقتصاد، ستنشأ بيئة لا تساعد على الاقراض. علاوة علىأنه إذا انخفض الإنفاق الحكومي بشكل إضافي، فإن البنوك قد تشهد زيادة في الأصول المرجحة بالمخاطر ، بينما تعيد تصنيف الموجودات استنادا إلى تصنيفات جديدة.
الكويت
بالنسبة إلى خطط التنمية الخاصة بكل بلد فقد يتم تجاهلها، إذ إن معظم خطة التنمية التي تبلغ قيمتها 125 مليار دولار مبنية على إنفاق الحكومة المترافق مع زيادة جاذبيةالكويت بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب.
أما الاستثمارات المحلية فقد تشهد انخفاضا مع ارتفاع تكلفة حقوق المساهمين ، بينما قد يعيق تراجع إيرادات الدولة من قدرة الحكومة على جعل استثمارات الرأسمالكجزء من الخطة نظراً إلى أن أغلبية الإنفاق يذهب إلى المصروفات الحالية التي يصعب تخفيضها.
من جهتها، تعد الاستثمارات الأجنبية في البلاد ضعيفة وفق المعايير الإقليمية، وتقل عن 150 مليون دولار سنوياً. إضافة إلى أن المسائل البيروقراطية والتشريعية تجعلالبلاد غير جاذبة بالنسبة للأجانب.
إلى هذا، يقول التقرير إن البنوك في البلاد تتمتع برسملة جيدة، وأن معدل كفاية الرأسمال في القطاع المصرفي وصل إلى 19% في 2010. أما القروض المتعثرةفانخفضت إلى حوالى 9% في 2010 على الرغم من أنها لا تزال عالية وفق معايير المنطقة.
ويشكل قطاعا العقار والاستثمار حصة كبيرة من السوق ولا يزالان يعانيان التعثر بعد الأزمة المالية التي ضربت الأسواق في عامي 2008 و2009. وأي زيادة فيتكلفة حقوق الملكية وضعف الدولار قد يكون خطراً على ميزانية القطاع التي ستؤثر بشكل نهائيفي محافظ قروض البنوك.
الإمارات
نظراً إلى أن نسبة كبيرة من النمو الاقتصادي في أبوظبي واستراتيجية التنويع تعتمد على إنفاق الحكومة من إيرادات النفط، فإن تباطؤ الاقتصاد العالمي قد يعيق أي تقدم.
ومع ذلك، يعتقد التقرير أنه نظرا إلى الإيرادات المتكدسة إضافة إلى الثروة المتولدة والموزعة من قبل هيئة أبوظبي للاستثمار، فإن الإمارة قد تكون قادرة على الحفاظ علىخططها الإنفاقية بغض النظر عن اي انخفاض في قيمة أصولها الاحتياطية.
من ناحية أخرى، بقيت سوق أبوظبي للأوراق المالية منعزلة بشكل جيد نسبياً عن تداعيات الأسواق العالمية السلبية، وظلت الأفضل أداء في المنطقة منذ بداية العام وحتىالآن (-6%(، رغم ما عانته من تراجع بنسبة 2.5% بعد الإعلان عن تخفيض تصنيف الولايات المتحدة.
بالنسبة إلى البنوك في أبوظبي فقد تماسكت جيداً ولو بشكل نسبي خلال الركود الاقتصادي، وبلغ صافي أرباحها في النصف الأول من هذا العام 2.12 مليار دولار، بزيادةسنوية وقدرها 38%. ويتوقع التقرير أن يستمر الإنفاق الحكومي القوي في دعم البنوك، إلى جانب النمو الاقتصادي السليم.
من ناحيتها، لا تزال دبي في وضع غير مستقر نظراً إلى الانخفاضات التي عانت منها نتيجة الأزمة الائتمانية العالمية، وبقيت حتى الآن تتعافى منها، إضافة إلى أنها أكثرارتباطاً بالأسواق العالمية من أبوظبي.
نظراً إلى أن اقتصاد دبي يعتمد بشكل رئيس على التجارة والسياحة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه قد يشهد انخفاضاً إن تراجع نمو الاقتصادي العالمي. وإذا ماتعرقل النمو الاقتصادي في دبي، فإنه قد يضر بالاستثمارات المحلية الحكومية والقطاع الخاص.
ولا يعتقد التقرير هجرة المستثمرين الأجانب بشكل كبير بسبب الروابط القوية التي تجمع دبي بالمؤسسات الأجنبية التي عادت مجددا بعد الأزمة عبر عملية جمع أموالناجحة لسندات، واستمرار مشاريع البنية التحتية الكبيرة في الإمارة.
قطر
تعد قطر واحدة من أفضل الأسواق أداء في دول التعاون خلال العامين الماضيين، وهو ما جعلها تتجنب بنجاح الأزمة المالية العالمية، وفي الوقت ذاته تحافظ على نموها.
وبالتالي، يتوقع التقرير أن تشهد البلاد مخاطر من المستويات المتوسطة بالنسبة إلى سوق الأسهم، الذي تراجع بمعدل 7% تقريبا هذا العام.
وعلى الرغم من أن الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على إنتاج الغاز الطبيعي المسال، إلا أن الاحتياطيات والإيرادات المجمعة عبر السنين ستتيح للبلاد الاستمرار في تطبيقخططها التنموية الضخمة مثل استراتيجية التنمية الوطنية البالغة قيمتها 125 مليار دولار.
علاوة على ذلك، تنفذ قطر حاليا الكثير من الإصلاحات التنظيمية والتحسينات، مثل تشجيع الشركات على تقليص الحدود المفروضة على حصص تملك الأجانب (بهدف ترقية وضعها في مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال إلى أسواق ناشئة)، إضافة إلى تأسيس سوق سندات منظم. هذه المعايير إلى جانب المشاريع الضخمةالمرتبطة بحدث استضافتها كأس العالم في عام 2022،يجب أن يحافظ على استمرار اهتمام المستثمر الأجنبي في البلاد.
عُمان والبحرين
واجهت كل من عُمان والبحرين صعوبة نسبياً في النصف الأول من 2011 بسبب إعاقة الاضطرابات السياسية لنمو الاقتصاد وتأثيرها على ثقة المستثمرين في السوق. فيعُمان هبط مؤشر السوق بنسبة 18.7% وهو الأسوأ أداء بين دول التعاون لهذا العام، في حين هبط مؤشر السوق البحرينية بنسبة 12%، ويعد أفضل بشكل هامشي.
يقول التقرير إن انخفاض النمو العالمي وتراجع الطلب على النفط قد يجعل الأمر أكثر صعوبة على عُمان لتنفيذ برامجها الاستثمارية المحلية. وتترافق هذه الصعوبة معالمسائل السياسية العالقة، وتلك التي تتعلق بشكل رئيس بالبطالة، المطلوب من الحكومة معالجتها.
أما تأثير ذلك على البحرين فيتوقع أن يكون أكبر، فالبلاد ليس لديها إيرادات نفطية لتراجعها بهدف دعم الإنفاق الحكومي، وبالتالي أي ضغوط إضافية على الاقتصاد قدتؤدي إلى انخفاض الاستثمارات المحلية.
علاوة على أن الحكومة تدير حاليا عجزاً يساوي -6% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يزيد الضغط على الإنفاق الحكومي. إضافة إلى أن البنوك تعاني هذاالعام، بسبب الاضطراب السياسي، في حين نقلت بعض الشركات مكاتبها إلى أماكن أكثر أمناً مثل قطر ودبي.
وبالتالي، ارتفعت توقعات المخاطر في البلاد، لتصبح هوامش مقايضات العجز الائتماني لخمس سنوات إلى 42%، وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان جذب المستثمرينالأجانب وإقناعهم بالعودة للبلاد.