السجادة العراقية معرضة للانقراض لانحسار المهارات ومنافسة الأجنبي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما زالت صناعة السجاد اليدوي تلقى إقبالا كبيرا من قبل العراقيين والأجانب الذين يزورون العراق ، مما ساهم في ازدهار متاجر بيع السجاد في اغلب مدن العراق لاسيما تلك التي تشتهر بصناعتها ، لكن هذه الحرفة تعاني في الجانب الآخر من انحسار صناعتها وهجرة الحرفيين لها نحو مهن أخرى .وعلى رغم ان السجاد اليدوي العراقي يعد من أجود أنواع السجاد الشرقي ، الا انه اقل الأنواع سعرا قياسا بالسجاد الخليجي والإيراني ، وحتى السجاد الميكانيكي.
بغداد: يشير حيدر حسن صاحب متجر للسجاد في مدينة الحي في محافظة واسط (180 كلم شمال بغداد) الى ان تجارة السجاد بعد العام 2003 شهدت انتعاشا في الأعوام الثلاثة الأخيرة مع ارتفاع القدرة الشرائية للمواطن وتدفق أعداد كبيرة من الزائرين العرب والأجانب للعراق . ويتابع : الكثير من العراقيين مازالوا يصنعون السجاد يدويا ، على رغم اندثارها في الكثير من المناطق . ويتوقع حسن ان تنحسر هذه الصناعة بشكل كبير اذا ما استمر الأمر على هذا النحو .
وكانت أول شركة للسجاد اليدوي تأسست في عام 1993 وهي (دار العراق للسجاد) ثم تأسست سبع معامل في بغداد وبابل و الأنبار والموصل. وتنتشر صناعة السجاد اليدوي في البيوت بشكل كبير في أغلب مناطق قرى كردستان وفي منطقة الشط في الديوانية (193 كلم جنوبي بغداد)، وفي كركوك ( 240كم شمالي بغداد) ومنطقة الحي في واسط ، كما تنشر بين بيوت أهالي البصرة ( 545 كم جنوب بغداد)، وفي منطقة الحمزة الغربي حنوب شرق بابل . كما تاسست عام 1971 شركة أربيل (360 كم جنوب بغداد) للسجاد لكنها لم تنجح وتم اغلاقها .
الجيل الجديد
ويقول النساج امين حسين ان حرفة الحياكة والنساجة تعاني من اختفاء صناعها الماهرين ، بشكل شبه كلي بين الجيل الجديد ، مما يعجل بانقراضها بسبب انقراض المهارات التي من المفترض ان تنتقل جيلا بعد جيل . ويشير حسين إلى تحديات جمة تواجه اغلب الصناعات الحرفية في العراق ، بسبب استيراد البضاعة الأجنبية الرخيصة الثمن لاسيما الصينية ، حيث رفع من سقف التحديات أمام صناعة السجاد بصورة خاصة ، لاسيما وان ارتفاع أسعار المواد الأولية من غزل وأصباغ، وندرة الأيدي الماهرة، يقف بالضد من صمود هذه الصناعة أمام الزمن .
والمثير في هذه الصناعة ان المرأة العراقية تساهم بجزء كبير منها ، ففي اغلب البيوت العراقية تمارس هذه الحرفة منذ عقود من الزمن ، حيث توجد ورش لحياكة البسط والسجاد والملابس لقاء أثمان زهيدة.
دور المرأة
وتقول الحاجة ام حسين (70 سنة) التي حاكت السجادة العراقية لمدة أربعة عقود ان الكثير من نساء العراق احترفن هذه الصناعة . وتتابع : كن يحفظن النقوش بالفطرة ، وفق أشكال هندسية مستمدة من الحياة اليومية . لكن الباحث في الفولكلور يعرب الياسري يرى ان اغلب النقوش ترجع في الاصل الى السومريين والبابليين بحسب دراسات في هذا الشأن . ويقول الياسري ان الكثير من الأجانب مازالوا يزورون للعراق لأجل شراء السجاد اليدوي وعرضه في المتاحف او فرش القصور والصروح الثقافية به .
لكن الخطر الأكبر الذي يحدق بصناعة السجاد ، بحسب الياسري ، انحسار الأيدي العاملة الفنية وتوفر السجاد الآلي ، وجاذبية أسعاره. ويتابع: السجاد اليدوي هو تدوين للهوية الثقافية والاجتماعية العراقية ولابد من دعمها عبر بعث هذه الحرفة من جددي عبر الدهم وإنشاء الورش التي تستقطب الأيدي العاملة وتدرب العمال المهرة . وبحسب أحمد سعدون ياسين مدير عام شركة السجاد اليدوي التابعة لوزارة الصناعة العراقية فان المعامل اليدوية تنتج نحو 3700 متر مربع سنويا من السجاد . ولا تتوفر إحصائية دقيقة عن حجم المنتج من معامل البيوت .
السجادة انعكاس للبيئة
وغالبا ما يعكس السجاد اليدوي أسلوب المعيشة والطبيعة في المناطق التي يحاك فيها ، فسجاد (الحي) يختلف عن سجاد (بابل) ، كما ان سجاد (البصرة) يمتاز بالوانه الفاتحة الذي يعكس لون الماء والخضرة في تلك المدينة الجنوبية . لكن الحائك محمد شعير في بابل وهو من الشباب القلائل الذين حافظوا على مهارة الحياكة التي تعلمها من والديه ، ان السجادة انعكاس للبيئة لكنها اليوم تتأثر بالحياة العصرية ، وتستجيب لمتطلبات السوق الحديثة مما عرضها الى فقدان الكثير من ملامحها التاريخية .
وفي كردستان في شمال العراق مثلما في وسط العراق وجنوبه تشتهر عوائل معينة بل وحتى عشائر بهذه المهنة . ويتابع شعير : "كثيرا ما حملت عائلة معينة او عشيرة لقب (حائك) بسبب اشتغال أبنائها بهذه المهنة وإجادتهم لتقنياتها . لكن منظر "الحائكين" و"الحائكات" الذين ينسجون السجاد يدويا مستخدمين "الجومة" كآلة بدائية لإنتاج أفخر السجاد يندر اليوم ، بسبب المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية" .
وتقول ام حيدر التي تحفظ عن ظهر قلب حوالي عشرة ( نقشات ) مختلفة للسجاد ان بنات العراق في السابق كن يحرصن على تعلم حياكة ( البسط ) ، وأصبح شائعا في القرى والمدن منظر البنات الحائكات اللواتي ينتجن أرقى وأجمل أنواع السجاد في العالم . وتتابع: "اغلب النساء العراقيات يعرفن ( السدة ) وهي الآلة أو (التشكيلة) التي تحاك فيها البسط ، وهي عبارة عن أوتار من الحديد او الخشب القوي في الأرض، كما توضع خشبتان في نهاية الوتدين وتربط بحبال غليظة، لتكتمل السدة. وتوضع في الوسط عصا تسمى النيرة يربط بها خيط من الغزل تعمل على تماسك الخيوط حتى تنزل وتصعد وتتشابك في ما بينها وبعد ذلك تبدأ الحياكة".
رغبة في السجاد المحلي
ويشير التاجر سعدي القريش من بابل (100 كم جنوب بغداد) الى ان الكثير من تجار العالم ما زاولوا يترددون على العراق لشراء البسط والسجاد . كما يرغب في السجاد الاثرياء ، والسياسيين الذين يفضلون تزيين مقرات اقاماتهم وبيوتهم بالسجاد . كما اعتاد زعماء العراق وملوكه تزيين قصورهم بالسجاد اليدوي العراقي .
وكانت أول سجادة يدوية عراقية في القرن العشرين صنعت عام 1930، وأهديت للملك غازي وصنعت في معمل خاص. واحتوى قصر الرئيس العراقي السابق أفخم أنواع السجاد حيث كانت تعدها السلطات رمزا للإبداع العراقي تفتخر به إمام دول العالم . لكن اغلب السجاد الثمين في القصور الحكومية تعرض للنهب بعد عام 2003 ولم يعرف مصيره الى الان .
ويتابع : "السجاد الميكانيكي يتوفر في كل مكان ، لكنه ليس ذو قيمة ، مع ذلك يجد طريقه الى البيوت لرخص ضمنه .وتشتهر بلدة الحي في الكوت و بلدة الحمزة الواقعة جنوب بابل، بالسجاد الحمزاوي، حيث تشترك النساء والرجال في نسجه". ويضيف : "اغلى سلعة في البيت العراقي اليوم هي السجادة حيث يتوارثها الناس جيلا بعد جيل . وغالبا ما تنظر الأم العراقية بعين الاهتمام الى من يرث كنزها من السجاد".
وتملك ام حسن عشرة سجاجيد حيكت اغلبها في السبعينيات ، حيث تحرص على ان تعطيها لأبنائها ممن يقدر قيمتها ويحافظ عليها .كما تعدد أم حسن أسماء تحفظها عن ظهر قلب لأنواع من السجاد المحلي منها (الإزار والفجة والمدة و الغليجة و الطبشي و الليان والشف) . و مازالت ام حسن على رغم الزمن ، تحتفظ ببعض أدوات حياكة ( البسط ) ، مثل "المذراب" المصنوع من الحديد والقير والخشب وفي نهايته أسنان متساوية لرصف الخيوط المتماسكة .وتشير ام حسن الى انحسار المهنة بين الشابات من الجيل الجديد ، داعية الى إنهاض الحرفة عبر نقل الخيرة من الجيل القديم الى الجديد ، لان هذا يسهم في حفظ الإرث العراقي من الانقراض ، كما يوفر فرص العمل بين النساء و الر جال .
قطع أثرية
ويروي الباحث في الفولكلور العراقي حسين الجزائري كيف انه يسال الكثير من الأجانب عن سر إقبالهم على السجاد اليدوي العراقي . ويتابع: اغلبهم يعتبرها بمثابة قطع أثرية يجمّلون بها البيوت والمراكز الاجتماعية والثقافية وحتى المطاعم والمتاجر ، معتبرين اياها (انتيكات) من الرسوم والمنمنمات وكشواهد تراثية وهندسية.
وشهد عام 2007 تصدير 1000 سجادة بقيمة 200 مليون دينار إلى الولايات المتحدة .ويشير الجزائري إلى العراقيين يفعلون غير ذلك ، فلا تدخل السجادة في الغالب في ديكورات بيوتهم ، بل تستخدم كفرش في البيوت ، او تنضد مع المنسوجات الأخرى. لكن المرء يلمح السجاد اليدوي في (المضايف) في القرى والأرياف ، وهو لا يزال يزين الجدران، ويغطي الأرض بقطع حمراء مزركشة.
وتشير ام حسن مرة أخرى الى كفاءة الأنواع العراقية من السجاد التي تقاوم الظروف البيئية حيث لا تغسل إلا كل ثلاث سنوات ، كما انه يقاوم ظروف الظل لكنها تنصح بفرشه وتعريضه للشمس غير القوية بين فترة وأخرى .وبحسب التاجر سالم عبيد فان السجاد المفضل في الوقت الحاضر هو (الليان) الذي يروج في أرياف العراق وبيوت الشيوخ وهو على عدة أنواع منها أجود أنواع (الليانات) التي تسمى بالحلاوي والحياوي والحمزاوي ، كما تروج في الوقت الحاضر (سجادة الصلاة)، التي تتشكل من آيات قرآنية أو أشكالا لأبنية المساجد وبيت الله الحرام. ويجمع حائكو السجاد وتجاره الى ان هناك مخاطر تهدد هذه الحرفة الوطنية وهي تحتاج الى دعم حكومي لكي تستطيع الصمود بوجه التحديات التي تفرضها الحياة الجديدة.
التعليقات
سجاد صديم
محمد احمد مصطفى -انشأ معمل للسجاد كان ينتج بشكل محدد لقصور الدكتاتور السابق، وكانت النوعية بدائية جدا، وغير انيقة، وغير جذابة اطلاقا، بل كانت تصنع بسرعة وبنقشات جاهزة منقولة بشكل سريع من نقشات ايرانية، وكانت الخيوط سميكة بشكل غير طبيعي وهذه تساعد على سرعة انجاز العمل، اضافة الى انحسار عدد العقد في السنتمر الواحد، وهو العامل الاهم في السجاد، كان المعمل بالاختصار هو لارضاء غرور الدكتاتور الجاهل الذي لم يكن يفهم من السجاد شيئا، فقد كان جاهلا بكل شيء تقريبا، والقصور شاهدة على ذلك، حيث المواد المستمعلة كانت من اسوأ الانواع، البيبات التي رأيتها في القصور (معضمها) لا تستمعل حتى في اسوأ وارخص البيوت في امريكا واوروبا.
سجاد صديم
محمد احمد مصطفى -انشأ معمل للسجاد كان ينتج بشكل محدد لقصور الدكتاتور السابق، وكانت النوعية بدائية جدا، وغير انيقة، وغير جذابة اطلاقا، بل كانت تصنع بسرعة وبنقشات جاهزة منقولة بشكل سريع من نقشات ايرانية، وكانت الخيوط سميكة بشكل غير طبيعي وهذه تساعد على سرعة انجاز العمل، اضافة الى انحسار عدد العقد في السنتمر الواحد، وهو العامل الاهم في السجاد، كان المعمل بالاختصار هو لارضاء غرور الدكتاتور الجاهل الذي لم يكن يفهم من السجاد شيئا، فقد كان جاهلا بكل شيء تقريبا، والقصور شاهدة على ذلك، حيث المواد المستمعلة كانت من اسوأ الانواع، البيبات التي رأيتها في القصور (معضمها) لا تستمعل حتى في اسوأ وارخص البيوت في امريكا واوروبا.