النمو الصيني يفوق التوقعات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الكويت: لقد كانت أسواق الأسهم الآسيوية يوم الثلاثاء الماضي مزدهرة بعدما ضخّت بيانات الناتج الاقتصادي الصيني لعام 2011 المزيد من الثقة في المستثمرين، وقللت من مخاوفهم بشأن التطلعات عن النمو المتوقع للصين.
فاطمة عكاشة، محللة اقتصادية في الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية، شركة استثمارية متخصصة في استثمارات الأسواق الآسيوية الناشئة ذكرت في تقرير خاص أن البيانات أظهرت أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني، وهو مقياس للنشاط الاقتصادي، قد ارتفع بنسبة 8.9% خلال الربع الأخير من 2011 مقارنة بالفترة عينها من العام الذي سبق، وفاق هذا الارتفاع ما كان متوقعًا وهو نسبة 8.7%.
ساهم هذا الارتفاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني بشكل ملحوظ جداً وبنسبة 9.2% في نهاية عام 2011. ومقارنة بنتائج عام 2010، فقد كانت الصين قد حققت معدل نمو عاليًا جداً بلغ نسبة 10.4% على أساس سنوي، دفعه زيادة الإنفاق الحكومي عن طريق الحزمات التحفيزية وقفزة الانتعاش من التباطؤ الذي نتج من الأزمة المالية.
وكان المستثمرون والاقتصاديون يخشون من أن يعاني النمو الصيني صدمة التباطؤ الاقتصادي السريع، وهو ما يسمّى بـ"الهبوط القوي"، وذلك بسبب ضعف الطلب الأوروبي والأميركي على الصادرات الصينية، الذي يعرض أسعار العقارات والاستثمارات الأجنبية إلى التراجع. لكن الاقتصاد الصيني أثبت مرونته، فعندما انخفض مستوى الطلب على الصادرات الصينية، كان الاستهلاك المحلي مرنًا أيضاً وداعماً للاقتصاد.
وعلى الرغم من أن مساهمة النشاطات الصناعية في النمو بلغت ذروتها في عام 2010، ومن المتوقع أن تتباطئ أكثر، فإن المساهمة النامية لقطاع الخدمات في النمو بشكل عام تدل على مرونة الاقتصاد الصيني في ظل التباطؤ العالمي بفضل مستوى الطلب المحلي القوي.
وقد أثرت المخاوف حول أوروبا والولايات المتحدة وتباطؤ اقتصاد الصين سلباً على الأسواق المالية، ولكن المستثمرين الآن يترقبون سياسة نقدية أقل حزماً من البنك المركزي الصيني. وسيدعم تخفيف السياسة النقدية، كخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي ومعدلات الفائدة، زيادة النمو الاقتصادي وهو ما سيسهل بالتالي عملية الإقراض ويخفف من تكلفتها، بعدما كانت الصين تشدد سياساتها النقدية لفترة من الزمن.
وقد انخفض معدل التضخم حالياً بنسبة ملحوظة بلغت 4.1% في شهر كانون الأول ديسمبر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبق. وستواصل الحكومة الصينية تخفيف سياستها تدريجياً (من دون تقليص معدل الفائدة مباشرة) إلى أن تستقر الضغوط على مستوى التضخم.
يمكنّنا الناتج المحلي الإجمالي من قياس الناتج الاقتصادي أو حجم الاقتصاد - معدّل للتضخم أو الانكماش. فهو مجموع القيم المعّدلة لكل السلع والخدمات النهائية التي تنتجها دولة أو منطقة ما خلال فترة زمنية محددة. وتعتمد هذه القيم على كميات (حجم) وأسعار السلع المنتجة. أما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، فهو مقياس يجعل الأسعار الثابتة من خلال اعتماده على قيمة عام معين الذي يكون عام الأساس لكل السلع والخدمات.
من ثم، يتم استخدام هذه القيم لقياس الناتج المحلي الإجمالي للأعوام التي سبقت عام الأساس والتي تليه. كما يمكن قياس الناتج المحلي الإجمالي بطرق عدة، ومنها التي يتّبعها مكتب الإحصاء الوطني في الصين، وهو الجهة الحكومية المسؤولة عن البيانات الوطنية، الذي يقيس الناتج على حسب القطاعات الثلاثة الرئيسة، وهي: القطاع الأولي أو قطاع الإنتاج، والذي يتضمن المواد الخام والمواد الغذائية الأساسية والتعدين وغيرها، والقطاع الثانوي أو القطاع الصناعي، الذي يتضمن نشاطات الصناعة والتجهيز والبناء، وآخر قطاع الخدمات مثل البيع بالتجزئة والنقل والترفيه والسياحة.
وأشار التقرير إلى أن نمو الاقتصاد الصيني فاق نمو معظم الاقتصادات العالمية الأخرى، غير أنه شهد انخفاضاً تدريجياً خلال الفصول الربعية الستة الأخيرة. ومن المتوقع أن يتراوح نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2012 ما بين 8.4% و8.6%، وهو أقل مما كان عليه في 2011 حين بلغ 9.2%.
وتتزايد المخاوف اليوم من أن تؤثر الأوضاع الاقتصادية العالمية الكلية المتدهورة على النمو الصيني القوي وأن تعوقه من تحقيق المستوى المتوقع، ومن هذه العوائق نرى أزمة الديون الأوروبية والخلاف السياسي في الولايات المتحدة، الذي يعوق وضع سياسات إصلاحية مهمة يحتاجها الاقتصاد.
وبسبب هذه العوامل، ارتفعت درجة تجنب المخاطرة لدى المستثمرين، وتدفقت رؤوس المال إلى خارج الأسواق الناشئة، بما فيها الصين على الرغم من اقتصادها المرن. في الوقت الحالي، تنتظر الأسواق المالية من البنك المركزي الصيني أن يخفف سياسته النقدية الضيقة حتى يشجّع النمو في ظل البيئة الاقتصادية العالمية المتأزمة، وسيكون بإمكان هذه الخطوة أن تجعل الأسهم الصينية أكثر جاذبية.
وقد أعلنت من ناحيتها الحكومة الصينية عن نيتها الاستثمار في الاقتصاد المحلي، وخصوصاً في القطاعات التي تخدم مجالي الصحة العامة والسكن الاجتماعي، كما تنوي أن تضيف محفزات لقطاعات الخدمات الصينية عن طريق خفض الضرائب. يحمل عام 2012 معه بعض المخاطر، ولكنه يأتي بالعديد من الفرص، التي من شأنها أن تحسن من أداء الشركات الصينية، والتي بالتالي ستستفيد من السياسة النقدية المخففة والدعم الحكومي وحجم الطلب المحلي المهم.