الاقتصاد الإيراني يترنح لكن النظام ليس في خطر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بدا الاقتصاد الإيراني تحت وطأة العقوبات الدولية، مترنحًا مع انهيار العملة الوطنية وارتفاع نسب التضخم والبطالة وتباطؤ الإنتاج النفطي، لكن من دون أن يؤدي كل ذلك إلى تهديد النظام، بحسب خبراء.
باريس: شهد هذا الاسبوع تراجع الريال الايراني ليصل مقابل الدولار الواحد الى ما بين 34 و36 الف ريال مقابل 22 الف ريال في الاسبوع الماضي. كما ان باقي المؤشرات حمراء، حيث يتوقع ان يشهد النمو الاقتصادي تراجعًا واضحًا في 2012 ليبلغ 0.4 بالمئة مقابل 2 بالمئة في 2011، و5.9 بالمئة في 2010.
ويتوقع ان يبقى التضخم في مستوى عال جدًا عند نسبة 21.8 بالمئة، ونسبة البطالة عند 16.7 بالمئة. وتمثل هذه المؤشرات في أعين الغربيين دليل نجاعة العقوبات التي فرضوها على إيران لإجبارها على التخلي عن انشطة نووية حساسة. واعتبرت الخارجية الاميركية ان تدهور قيمة الريال دليل على "نجاح" العقوبات. وقال مسؤول اوروبي كبير "العقوبات تفعل فعلها"، مقرًّا بأن الهدف يتمثل في "تركيع الاقتصاد الايراني".
وتشتبه الدول الغربية واسرائيل في سعي ايران إلى حيازة سلاح نووي. وانضافت الى اربع حزمات من العقوبات الاقتصادية والتجارية، تم التصويت عليها منذ 2006. واضيفت عليها منذ 2008 عقوبات ضد البنوك والقطاع النفطي الايراني، قررتها الولايات المتحدة، ثم الاتحاد الاوروبي، وصلت إلى حد حظر نفطي غير مسبوق منذ تموز/يوليو 2012.
بيد ان الكثير من الخبراء يتفقون على انه بصرف النظر عن العقوبات، فان النتائج الاقتصادية الهزيلة لإيران تعود ايضًا الى الادارة "الكارثية" منذ 2005 التي يشرف عليها الرئيس محمود احمدي نجاد، الذي تنتهي ولايته في حزيران/يونيو 2013.
وحذر بول سوليفان من جامعة جورج تاون بواشنطن من ان "الاقتصاد الايراني متماسك اساسًا بفضل التهريب. وعاجلا او آجلا فان الشعب سيقرر ان الامور ليست بخير. والمواطن الايراني المتوسط الحال يتعرّض لضغوط ويمكن توقع عدم استقرار".
ويضيف انه سيكون من الصعب على النظام مواجهة انهيار الريال "حتى وان اشار البعض الى انه يملك احتياطيا من العملة الاجنبية بقيمة 75 مليار دولار".
وجرت مناوشات الاربعاء في طهران حين حاولت الشرطة توقيف تجار عملة غير شرعيين متهمين بانهم يتحملون جزئيا مسؤولية انهيار العملة الايرانية.
وتكهن وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان بـ "ربيع فارسي"، لكن السفير الفرنسي السابق في طهران فرنسوا نيكولو يؤكد انه "لا نشعر بوجود مناخ ما قبل الثورة" حتى وان كان الشعب يعاني. واوضح "ان الايرانيين الذين تم قمعهم بقسوة شديدة بعد انتخابات 2009 المزورة، لن يعاودوا النزول الى الشارع. انهم في حالة ترقب".
ويقول تييري كوفي من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "الناس ليسو سعداء بالوضع الاقتصادي، لكن هل سيدفعهم ذلك الى تغيير النظام؟ لا اعتقد ذلك". وهو يرى ان الايرانيين "متفقون نسبيًا" مع نظامهم بشان الملف النووي كما إن ايران، وهذا المهم، بلد غني.
واوضح أن "النظام يملك وسائل البقاء. لا تزال طبقات اجتماعية تدعمه، انهم كل اولئك الذين كسبوا ثروات بفضله. ويملك النظام شبكات تسير بشكل جيد نسبيًا، ويراقب الحرس الثوري تهريب البضائع التي تباع باثمان عالية".
علاوة على ذلك، يضيف المحلل، فان "الحسابات الغربية القائمة على دفع ايران الى الغليان على امل حدوث تغيير سياسي لتوقف طهران برنامجها النووي، ليست اكيدة بالمرة. فايران تاريخيا بلد اراد دائما مقاومة الضغوط الغربية".
واضاف "يجب التوقف عن الاعتقاد بان نظام العقوبات يمكن ان يكون ناجعًا، انه ناجع فقط في افقار الفقراء". غير ان الحكومة الفرنسية لا تتفق مع هذا الراي. وقال مسؤول فرنسي "نحن نتابع (في الاتحاد الاوروبي) تشديد العقوبات ومن المهم الابقاء على هذا الخط السياسي".
كلينتون تحمّل الحكومة الإيرانية مسؤولية إنهيار الريال
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قالت الاربعاء ان النظام الايراني هو المسؤول عن تبعات أفعاله بشأن ازمة الريال، الذي شهد انخفاضا تاريخيًا هذا الاسبوع، بسبب العقوبات الدولية على الاقتصاد الايراني.
وصرحت كلينتون ردا على سؤال بشان تراجع العملة الايرانية، الذي ادى الى صدامات في طهران، "اعتقد ان الحكومة الايرانية تتحمل مسؤولية ما يجري داخل ايران". واضافت "ان هدفنا كان وسيبقى اقناع النظام الايراني بالتفاوض الجدي والصادق مع المجتمع الدولي بشان البرنامج النووي".
وتخضع ايران لعقوبات من الامم المتحدة، اضافة الى حظر مصرفي غربي بدأ منذ 2010 من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وذلك بسبب رفض طهران وقف انشطتها النووية التي توصف بالحساسة.
ويتهم الغرب واسرائيل ايران بالسعي الى حيازة سلاح نووي، الامر الذي تنفيه طهران. وتؤيد واشنطن استراتيجية تقوم على المزاوجة بين الدبلوماسية والضغوط عبر العقوبات الاقتصادية ازاء ايران.
واعتبرت كلينتون ان الايرانيين "اتخذوا قراراتهم الخاصة بهم، والتي لا علاقة لها بالعقوبات، وهو ما اثر على الظروف الاقتصادية في البلاد". واقرت الوزيرة مع ذلك ان "العقوبات كان لها ايضا تاثيرها، لكن يمكن تلافي ذلك اذا رغبت الحكومة الايرانية في العمل بصدق مع مجموعة الخمسة زائد واحد"، اي الدول الاعضاء الخمس الدائمين في مجلس الامن والمانيا.
وتدخلت الشرطة الايرانية الاربعاء في طهران لتوقيف تجار بالعملة الاجنبية غير شرعيين اعتبروا مسؤولين عن التراجع الحاد للريال، بحسب شهود. وشهد الريال الايراني الثلاثاء تراجعا تاريخيا مقابل الدولار. وفي منتصف نهار أمس الاربعاء بدا وكان العملة الايرانية تستقر عند 34 الف ريال للدولار الواحد مقابل 36 الف ريال بعد ظهر الثلاثاء. وكان سعر العملة قبل ثمانية ايام 22 الف ريال للدولار الواحد.
وزير إسرائيلي: "حان الوقت لتشديد العقوبات" على إيران
من جانبه اعتبر نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي دان ميريدور المتحفظ على لغة الحرب ضد ايران، الخميس انه "حان الوقت لتكثيف وتشديد العقوبات" ضد طهران، وذلك اثناء لقاء مع الصحافة الفرنسية في باريس.
وقال ميريدور "اننا نرى نتائج العقوبات والعزلة الدبلوماسية لايران. لم نصل الى نهاية الطريق بعد، واعتقد ان ما رايناه امس في ايران مهم"، بينما هزت صدامات سوق طهران على اثر الانخفاض التاريخي في سعر صرف الريال الايراني بسبب العقوبات.
واعتبر نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي وهو المسؤول ايضًا عن اجهزة الاستخبارات والطاقة الذرية "لقد حان الوقت لتكثيف وتشديد العوبات".
والتقى ميريدور في باريس عددا من الوزراء الفرنسيين، بينهم وزير الخارجية لوران فابيوس. واضاف ميريدور "لدينا تحالف نادر للغاية ومهم جدا بين اسرائيل والولايات المتحدة واوروبا وكل الدول العربية تقريبًا -باستثناء سوريا- التي تريد وقف طريق القنبلة الذرية الايرانية".
وقال ايضا "اعتقد ان كل هذا التحالف ليس ضعيفا جدًا، وان ايران ليست قوية جدا"، معتبرًا انه ينبغي ان "يفهم الايرانيون ان امامهم الخيار بين مواصلة طريقهم الى القنبلة او استمرار نظامهم".
واعرب عن الامل ايضًا في ان يعمد الروس المتحفظون على العقوبات الى "تغيير موقفهم". ونأى ميريدور ايضا بنفسه مجددا عن استراتيجية الضغط التي بدأها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لوضع "خطوط حمراء لايران".
وقال ان "هذه اللغة بين مؤيد ومعارض للهجوم العسكري ليست امرا اضاف شيئا الى امن اسرائيل. اعتقد اننا تكلمنا كثيرا عنه واعتقد ان الصيغة التي استخدمها الرئيس الاميركي باراك اوباما، والتي مفادها ان كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، كافية.
واضاف ميريدور "اذا كنت تريد ان تطلق النار، فاطلق النار ولا تتكلم".وقال ايضا ان "الامر الاخر المهم هو سوريا، حليفة ايران الوحيدة. كل الدول العربية تريد ان يتغير نظام (بشار الاسد). اذا سقط نظام الاسد، فسيوجه ضربة اساسية الى ايران".