اقتصاد

ميركل تزور اثينا سعيا للتهدئة واظهارا لتأييدها لليونان شرط مواصلة برنامج التقشف

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اثينا - برلين - بروكسل: فيما وجهت اليها صيحات استهجان في اثناء التظاهرات، وخلال مباراة المانيا واليونان في بطولة اليورو 2012، وتم تصويرها كهتلر في الصحافة اليونانية الصفراء، ستعمل المستشارة الالمانية انغيلا ميركل اليوم الثلاثاء في اثينا على تهدئة التوتر المتفاقم بين البلدين بسبب ازمة الديون.


ومساء امس شهدت العاصمة اليونانية مظاهرة ضمت الآلاف للاحتجاج على البرنامج التقشفي للحكومة وكذا على زيارة ميركل.
وحمل بعض المتظاهرين لافتات كتب عليها عبارات مهينة لميركل مثل 'اخرجي من بلادنا أيتها الوقحة' و'يا ابنة هتلر اخرجي من اليونان فليس هناك رايخ رابع'.


في الوقت نفسه حمل متظاهرون منتمون لليسار لافتة كبرى تحمل العلم الألماني وبيتا من الشعر أدخل عليه تعديل يقول'يا انغيلا لا تبك فما الذي يمكن أخذه من الخزانة طالما لا شيئ فيها'. وتستغرق زيارة ميركل وهي الاولى منذ بدء الازمة ست ساعات. وقال وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيله امس الاولد انها تعبير عن 'احترامها وشكرها' للشعب اليوناني، فيما رحب رئيس الوزراء اليوناني انتونيس سامراس بالزيارة معتبرا انها 'تطور ايجابي'.


لكن هل تكفي عبارات التهدئة هذه لتضميد جروح اليونانيين الخاضعين منذ ثلاث سنوات لاجراءات تقشف شديدة القسوة ووصاية دولية تشتد تدريجيا ويلومون المستشارة الصارمة الى حد كبير عليها؟ فمداخيل اليونانيين تتضاءل بسبب الاقتطاعات التي طبقت على الرواتب وبرامج التقاعد وزيادة الضرائب، كما انهم يتهمون بالكذب والكسل والسرقة في الصحف الشعبية الالمانية فيما لا يلمسون اي نتيجة لهذه السياسة سوى تفاقم الانكماش المستمر منذ خمس سنوات.


وفي المانيا تعمل الصحف على التحريض على اليونان، وعلى راسها صحيفة (بيلد) الشعبية الاوسع انتشارا في البلاد التي اطلقت قبل عامين حملة فعلية حول 'الافلاس اليوناني' طالبت فيها بخروج اثينا من منطقة اليورو واتهمتها باستنفاد موارد المانيا.
ولم تتردد الصحيفة في استخدام عناوين عريضة مشحونة على غرار 'زمر ومافيا وفساد، هكذا يعمل النظام اليوناني' في 27 نيسان/ابريل 2010. ووضعت عناوين اخرى استفزازية على غرار 'بيعوا الجزر.. والاكروبوليس معها'، او 'اذا كنا مضطرين لاعطاء اليونانيين مليارات اضافية فعليهم منحنا شيئا في المقابل'.


وفي اليونان وخلال التظاهرات المعارضة لسياسات التقشف التي تسير من امام البنك المركزي غالبا ما يتم تغيير اسم المصرف الى 'بنك ميركل'. كما احرق العلم الالماني في عدد من المسيرات. وصحت في اليونان التي قاومت النازيين بشراسة وعانى سكانها من الحرمان، مطالبات قديمة بتسديد قرض نازي بسندات. فحتى الالماني هورست رايشنباخ رئيس فريق العمل الاوروبي الموكل لعب دور 'الشرطي الطيب' الاوروبي في اثينا الى جانب 'الشرطي الشرير' او ترويكا المانحين دفع ثمن المشاعر المناهضة للالمان مع تعرض سيارته ومنزله لاعمال تخريب تبنتها مجموعة يونانية في بوتسدام في ايار/مايو.


وفي الصيف الفائت مال الالمان الى تجاهل اليونان بحسب منظمي الجولات السياحية بعد اشهر من التوتر وبالرغم من جهود المفوضية الاوروبية التي مولت رحلات لصحافيين يونانيين الى بلاد كانت وصحافيين المانيين الى بلاد افلاطون. وامام التهديد الحقيقي بخروج اليونان من منطقة اليورو، ما قد يؤثر الى حد كبير على المصدرين الالمان، بدأت النبرة تتغير منذ ان تولى الحكم سامراس الذي ينتمي الى التيار المحافظ على غرار المستشارة الالمانية.


وفي المانيا خففت (بيلد) من تشددها ففردت بمناسبة زيارة سامراس الى برلين صفحاتها لتقارير حول الصعوبات التي يواجهها اليونانيون وسط التقشف فيما كثفت ميركل التصريحات التي تنم عن التعاطف. وقالت 'قلبي ينزف' في معرض حديثها عن التضحيات التي الزم الشعب اليوناني ببذلها. ويذكر المسؤولون الالمان الذين يدركون حجم التوتر، بان القرارات التي تستهدف اليونان لا تعود اليهم وحدهم بل انها نتيجة عمل جماعي.


واامس الاول ذكر وزير المالية الالماني ولفغانغ شوبله بان زيارة ميركل لا تهدف الى الحديث 'عما ينبغي ان تقرره ترويكا' المانحين اي المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي. كما تكثف الازمة عددا من الروابط: فسوق العمل الالمانية تجذب الشباب اليونانيين من حملة الشهادات الراغبين في مغادرة بلاد يعاني فيها اكثر من 50' ممن هم دون 25 عاما من البطالة. وارتفع عدد المهاجرين الى المانيا من اليونان عام 2011 بنسبة 90' مقارنة بالعام 2010.


لكن العلاقات الالمانية اليونانية تبقى هشة فيما تصر الترويكا ولا سيما صندوق النقد الدولي على مواصلة فرض اجراءات التقشف القاسية بسبب القلق من قدرة البلاد على تسديد ديونها في المهل المحددة. اما اليونان حيث يحرز حزب 'الفجر الذهبي' للنازيين الجدد ارقاما جيدة جدا في الاستطلاعات، فتطلب منحها مهلة اربع سنوات عوضا عن اثنتين للتسديد.


لكن قبل يوم من زيارة ميركل لأثينا، حذر وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله من رفع سقف التوقعات على الزيارة المرتقبة لحل أزمة اليونان، وقال في تصريحات اذاعية إنه من الممكن الإفراج عن شريحة جديدة من قروض المساعدات لليونان 'إذا أثبتت أولا تحقيقها شروط برنامج التقشف'. وأوضح شويبله أنه رغم وجود رغبة في مساعدة اليونان في سبيل بناء إدارة قوية، يتعين على آثينا أن تقف على قدميها في لحظة ما، مضيفا''يجب على اليونان ألا تكون برميلا بلا قاع'.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف