الجزائريون في مواجهة الإرتفاع الفاحش لأسعار الماشية عشية العيد

تشهد أسواق الماشية في الجزائر عشية حلول عيد الأضحى المبارك ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، الأمر الذي سيؤدي ـ بحسب متابعين ــ بالعديد من الأسر الجزائرية إلى الإستغناء عن تطبيق السنة النبوية لعدم قدرتهم على شراء الأضحية التي يتراوح سعرها ما بين 300 يورو و700 يورو.

الجزائر: يرى خبراء في حديثهم لــ"إيلاف" أن إرتفاع أسعار الأضاحي في الجزائر ناتج عن عدة أسباب أهمها عدم وجود أسواق منتظمة للماشية مع غياب الدعم للموالين الكبار، فضلاً عن تهريب كميات كبيرة عبر الحدود الشرقية بإتجاه تونس.

وفي الوقت الذي أكد فيه وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى في وقت سابق أن "المنتوج الجزائري الحالي من رؤوس الأغنام يقدر بـ22 مليون رأس "وهو ما يضمن ـ حسب تصريحه ـ تغطية كل الإحتياجات الجزائرية خلال عيد الأضحى، والتي لا تتجاوز 4 ملايين رأس من الأغنام، أكد رئيس الإتحادية الوطنية للجزارين بلال جمعة بأن "أسعار الكباش تتراوح بين 30 ألفاً و50 ألف دينار، ويصل عدد الكباش التي سينحرها الجزائريون خلال العيد الأضحى إلى قرابة 5,3 ملايين أضحية، بتكلفة 150 مليار دينار".

لكنه يشير إلى أن "إرتفاع أسعار المواشي يبقى واقعاً حقيقياً، بالنظر إلى ضعف الإنتاج الجزائري، حيث يقدر عدد رؤوس الغنم عبر التراب الجزائري بحوالي 22 مليون رأس، حسب آخر الأرقام التي قدمها وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى، وأغلب هذه الرؤوس يتم نحرها لتزويد الجزارين باللحوم، ناهيك عن إستهلاكها في الأفراح".

وأضاف ''غلاء الأعلاف تبعاً لشكاوى الموالين، لم يجعل سعر الماشية يقل عن 30 ألف دينار منذ 3 سنوات تقريباً، كما أن تهريب الماشية عبر الحدود الشرقية والغربية أدى إلى إستنزاف هذه الثروة".

الحاج الطاهر بولنوار الناطق الرسمي للإتحاد العام للتجار الحرفيين أرجع في حديثه لــ"إيلاف" غلاء الأسعار إلى سببين هما قانون العرض والطلب خاصة وأن عرض سوق المواشي أصبح اقل بكثير من الطلب ، بالإضافة إلى ذلك العدد القليل لرؤوس المواشي في الجزائر وذلك منذ عدة سنوات حين بلغ عدده من 20 إلى 22 مليون رأس".

مشيراً في السياق ذاته إلى "إرتفاع سعر العلف والغذاء الحيواني والذي وصل إلى ما يقارب الـ5 آلاف دينار للقنطار، إلى جانب المضاربة وكثرة الوسطاء والسبب في ذلك ضعف التنظيم وخلل في شبكة التوزيع وإلى التهريب الذي طال على المواشي، حيث باتت هذه الأخيرة تهرب عبر الحدود الغربية والشرقية وتباع بأسعار خيالية".

الأمين العام لإتحاد التجار والحرفين صالح صويلح هو الآخر يعتقد بأن "سبب غلاء أسعار المواشي بالنسبة إلى هذا الموسم راجع بالدرجة الأولى إلى عدم تخصيص أسواق منتظمة عبر التراب الجزائري، والتي من شأنها تسهيل اقتناء أضحية العيد من دون متاعب على الموال والمواطن بصفة خاصة".

مضيفاً في حديثه لـ"إيلاف" أن "الموالين يرجعون سبب إرتفاع الأسعار إلى غلاء العلف، وأنه على وزارة الفلاحة والتنمية الريفية تدعيم المنتوج من أجل توفره هو الأمر أجازه الموالون".

السيد حريز زكي، رئيس الفيدرالية الوطنية لحماية المستهلك أوضح "بأن هيئته وجّهت مراسلة رسمية إلى وزارة الفلاحة دعتها فيها إلى ضرورة إستيراد مجموعة من رؤوس الماشية عن طريق السودان أو أي بلد آخر، "بإعتبار أن هذا الإجراء سيسمح برفع حجم العرض في الأسواق، ومن ثمّة وضع حد للأسعار الجنونية التي حطّمت كل الأرقام القياسية، والتي ستمنع الكثير من العائلات الجزائرية من أداء هذا النُسك، خاصة وأن الجولات الميدانية أثبتت بأن أصغر ماشية معروضة هذه الأيام في السوق لا تقل عن ثلاثة ملايين سنتيم 300 يورو، بينما تصل في بعض الأحيان حدود سبعة ملايين سنتيم 700 يورو، الأمر الذي يُعد أمراً تعجيزياً للسواد الأعظم من أرباب البيوت".

وحسب المتحدث ذاته،فإن "هذا الإجراء يُمكن تجسيده على أرض الواقع بسهولة تامة في حال موافقة السلطات المركزية".

مضيفاً بأن "إنعكاساته ستكون إيجابية على العديد من المستويات بإعتبار أنه سيساهم من جهة في إستقرار أسعار الأضاحي وعقلنتها، فضلاً عن الحفاظ على رؤوس الماشية الجزائرية المعنية بالذبح من جهة أخرى، لاسيما وأن الجزائريين يستهلكون ملايين الرؤوس في إطار هذه المناسبة الدينية، وهو ما سينتهي بإنخفاض محسوس في أسعار اللحوم الحمراء عقب العيد بعد أن واصل سعرها إرتفاعه طيلة السنة الماضية".

من جهة أخرى، كثفت وحدات حرس الحدود من تواجدها عبر الحزام الحدودي بسلسلة المناطق الجبلية الفاصلة بين إقليم دائرة أولاد إدريس بولاية سوق أهراس وإقليم دائرة بوحجار بولاية الطارف لغلق المنافذ التي تشهد تهريب آلاف الرؤوس من الخرفان القادمة من ولايات السهوب والهضاب العليا.

وحسب المعطيات المجمّعة لدى جهاز حرس الحدود، فإن شروط الشعاع الجمركي في نقل وحركة الماشية بهاتين الولايتين الحدوديتين أضحى محل تلاعبات تتولاها جماعات مختصة بتواطؤ موالين بحوزتهم الصفة القانونية لنشاط تربية الماشية في المناطق الريفية المتاخمة للشريط الحدودي، ومن ذلك جلب آلاف الرؤوس من أجود أنواع الخرفان والكباش من الأسواق الداخلية لولايات السهوب والهضاب العليا والجنوب بتراخيص جمركية لنقلها، ويصل بها المطاف إلى مشاتي أقرب نقاط الحزام الحدودي على أساس تربيتها وتثمينها بالمنطقة.

وتترك هذه القطعان في المراعي البرية اللصيقة بالحزام الحدودي تحت طائلة التمويه برعيها وفي أقل من أسبوع تهرّب إلى تونس عبر منافذ جبلية وعرة التضاريس بمنطقة أولاد ضياء عند النقطة الحدودية الفاصلة بين سوق أهراس والطارف، أو تشحن في مركبات ليلاً تأخذ طريقها عبر المسالك الغابية المعزولة.

وتحصلت المصالح الأمنية المختصة في مكافحة التهريب الحدودي على معلومات من مواطنين جزائريين مقيمين بالمشاتي التونسية على تماس الحدود، بأن آلاف الرؤوس من الخرفان والكباش المعروفة هناك بنوعية "الشاوية الجزائرية" تدخل التراب التونسي وتحول إلى كبرى أسواقها الداخلية ومنها القطعان التي تصدّر إلى الأسواق الإيطالية والمالطية والفرنسية وتقدّم أطباق لحومها في أشهر الفنادق العالمية.