اقتصاد

إسلاميو المغرب يواصلون التراجع عن تعهّداتهم.. قانون المالية لا يستجيب لوعودهم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قبل تولّيهم الحكم، أطلق اسلاميو المغرب ممثلين في حزب العدالة والتنمية، وعوداً كبيرة للمواطنين خاصة في ما يتعلق بالمسألتين الاقتصادية والاجتماعية. قانون المالية الذي تم اعداده مؤخراً جاء لينسف وعود الاسلاميين للمغربيين بسبب اكراهات عديدة لم تكن في حسبانهم.

الرباط: رغم محاولة الحكومة الإسلامية في المغرب، خلال إعداد أول قانون مالية لها، تكريس الاستمرارية، والابتعاد عن التقشف، في ظل أزمة اقتصادية صعبة، إلا أن هذا لم يشفع لها عند المعارضة التي رفعت الغطاء عن بعض "العيوب"، التي طالت المشروع الجديد، الذي تجري مناقشته في مجلس النواب.

ومن أكثر الملاحظات المسجلة على هذا القانون هو افتقاده للهوية السياسية، وتقديمه النسخة الأخيرة من برنامج العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحاكم) مع عدد من وعوده الانتخابية.

وفي هذا الإطار، قال حسن طارق، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (المعارضة)، إن أول ملاحظة تسجل على المشروع هو أنه يشكل "قطعاً نهائيًا مع كل ما هو برنامج انتخابي"، وزاد مفسرًا "التنازل التدريجي عمّا جاء في البرنامج الانتخابي، والذي بدأ من التصريح الحكومي إلى قانون المالية 2012، نعيش نهايته اليوم".

أما الملاحظة الثانية، يشرح حسن طارق في تصريح لـ"إيلاف"، فتتمثل في كون أن هذا القانون كان بنفحة تقنية، إذ يسجل غياب البعد السياسي أو اللمسة السياسية للحكومة، التي تقول بأنها حكومة تغيير"، مبرزاً أن "القانون يجب أن يعاد فيه النظر في ما يتعلق بالابتكار والاجتهاد".

لا اصلاحات

إشكالية أخرى تطرق إليها القيادي السياسي تتجلى في غياب أي إرهاص للإصلاحات الكبرى للحكومات، موضحاً أنه "ليست هناك ولو بداية للإصلاحات الكبرى، التي تهم على الأقل صندوق المقاصة، والصندوق الوطني للتقاعد، والإصلاح الجبائي".

وأضاف حسن طارق "الحكومة التي ترفض فرض الضريبة على الثروات تذهب الآن في اتجاه إلحاق الضرر بفئات واسعة من الطبقات الوسطى. وهذا خطأ، قبل أن يكون اقتصاديًا، فهو سياسي وغير مفهوم".
وبالنسبة للشق الاجتماعي، أشار عضو المكتب السياسي، إلى أن "هناك استمرارية في ضخ اعتمادات واسعة وكبيرة في كل ما هو ميزانية اجتماعية".

غير أن هناك إشكالاً كبيرًا، يؤكد حسن طارق، يتعلق بحكامة السياسات الاجتماعية"، وزاد مفسرًا "أن لدينا صناديق متعددة ومتدخلين متعددين، لكن هناك غياب للتشخيص الواضح والتوطين المجالي، والاستهداف الاجتماعي الدقيق. وهذه الإشكاليات لن تجعل القانون يصل إلى الأهداف المرجوة".

نقطة تحسب للحكومة

تعتزم الحكومة، ضمن مشروع قانون المالية، المعروض للمناقشة أمام البرلمان بغرفتيه، تقليص نسبة عجز الميزانية في حدود 4.8 في المئة خلال سنة 2013، مقابل 5 في المئة سنة 2012.

وحددت الميزانية نفقات التسيير في 199 مليارًا و300 مليون درهم، مقابل 187 مليارًا و800 مليون درهم فقط لنفقات التسيير الخاصة بالنسبة إلى سنة 2012.

كما سجلت زيادة في كتلة الأجور، إذ حددها القانون الجدي في 98 مليار درهم، مقابل 93.5 مليار درهم في السنة الماضيةّ، في حين تقرر إحداث 24.340 منصباً مالياً ستخصص أزيد من 50 في المئة منها للقطاعات الاجتماعية، ومرافق القرب في خدمة المواطن.

وعود يصعب تحقيقها

قال عبد الخالق التهامي، أستاذ الاقتصاد في المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد، إن "ميزانية 2013 لا تتضمن الوعود التي قطعها العدالة والتنمية على نفسه في الانتخابات"، مشيرًا إلى أن "الإكراهات أكبر بكثير مما كان متوقعًا في برنامج الحزب".

وأوضح عبد الخالق التهامي، في تصريح لـ"إيلاف"، أن "هناك فرقًا بين برنامج العدالة والتنمية، عندما كان يستعد للانتخابات، والبرنامج الحكومي، وذلك لكون أن الحزب دخل في تحالف مع ثلاثة مكونات سياسية أخرى معطياتها مختلفة عن برنامج العدالة والتنمية".

وذكر الخبير الاقتصادي أن الإكراه الأول يتمثل في غياب، لحد الآن، برنامج لمراجعة صندوق الموازنة، مشيراً إلى أن "قانون المالية الحالي لا يقول أي شيء بخصوص هذا الموضوع، أي أن 50 مليار درهم ستستمر الحكومة في إنفاقها بالنسبة للموازنة".

كما أنه ليس هناك أي تغيير بالنسبة للميزانية الاستثمارية، يشرح المحلل الاقتصادي، إذ ما كان قانون المالية السابق هو الذي تم السير فيه، أي 180 مليار درهم، علمًا أن المبلغ المخصص، في السنة الماضية، كان محدداً في 188 مليار درهم.

وأضاف "ليس هناك أي تغيير للاستثمار في ما يسمى بالنفقات الاجتماعية، لأن هذا كان موجودًا حتى في الحكومة السابقة، التي كان يقودها عباس الفاسي".

وأكد عبد الخالق التهامي:"هذا يظهر أن هناك نوعاً من الاستمرارية التي يمكن اعتبارها إيجابية، لأنها تأتي في وقت يمر الاقتصاد الوطني بظروف صعبة".

وقال الخبير الاقتصادي "للحكم على القانون المالي الجديد يجب أن يوضع في إطار الإكراهات التي هي أقوى من الحكومة"، مبرزاً أن "هذه الإكراهات جعلت هامش تحرك الحكومة ضعيفًا".

وأشار إلى أن الحكومة لم تعتمد سياسة التقشف، وهو ما يظهر من خلال تخصيصها 180 مليار درهم للاستثمار.

يشار إلى أن الميزانية تخضع لمقتضيات دستورية منصوص عليها في دستور المملكة، والقانون التنظيمي للمالية.

وينص الفصل 75 من الدستور الجديد على أن يصدر قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب، بالتصويت من قبل البرلمان، وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في القانون التنظيمي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف