سياحة تونس تنتعش وتتحدّى غزوات السلفيين والفلتان الأمني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تفيد مؤشرات وزارة السياحة التونسية والديوان الوطني للسياحة، إلى أنّ انتعاشة ملحوظة يشهدها القطاع في أواخر 2012، مما يعني أنّ السياحة تمكنت من تجاوز تداعيات الغزوة السلفية التي استهدفت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في تونس، علاوة على الفلتان الأمني الذي يضرب عددًا من جهات البلاد.
تونس: بدأت السياحة التونسية تسترجع عافيتها وتشهد انتعاشة جعلتها تتجاوز الإنحدار الكبير في كل المؤشرات خلال العام الماضي 2011، محققة بذلك تحسناً كبيرًا على مستوى النسب المسجلة قبل نهاية الشهر الماضي تشرين الأول/أكتوبر 2012 والتي لامست النسب المسجلة في 2010.
انتعاشة حقيقية
أكد الحبيب عمار مدير عام الديوان الوطني للسياحة في تصريح لـ"إيلاف" أنّ القطاع السياحي التونسي الذي مرّ بسنة عصيبة خلال عام ،2011 مرّ من هذه الأزمة بسلام وبدأ يسترجع عافيته ويقترب شيئاً فشيئاً من مؤشرات عام 2010، مشيرًا إلى أنّ السنة الحالية 2012 وإلى غاية آخر شهر سبتمبر الماضي بلغ عدد السياح الوافدين إلى تونس نحو 4 ملايين و673 ألف سائح أي بزيادة نسبتها 30.2% مقارنة بالفترة نفسهامن السنة الماضية 2011 وبنسبة 14.6% أقل من الفترة نفسهامن عام 2010.
أما عن العائدات المالية فقد تم تسجيل 2366 مليون دينار في العام الجاري أي بزيادة 34.4% عن العام الماضي وبنسبة 10.5% أقل من الفترة نفسهامن موسم 2010.
وقال عمار: "نتوقع بلوغ 3100 مليون دينار مع نهاية العام الجاري، وبخصوص الليالي المقضاة من طرف السيّاح في تونس فقد بلغت 24.829 مليون ليلة وبنقص نسبته 17.2% عن موسم 2010 وبزيادة 56.2% عن الفترة نفسهامن العام الماضي 2011".
وعزا الحبيب عمار هذه الانتعاشة المسجلة مقارنة بالعام الماضي 2011 الى العمل الكبير الذي قامت به وزارة السياحة على مستوى الإشهار والدعاية، إلى جانب السمعة الطيبة التي تتمتع بها تونس بين دول العالم، وخاصة بعد ثورة 14 يناير، مؤكدًا أنّ "المؤشرات كادت تكون أفضل بكثير، ولربما استطعنا تحقيق ما سجل خلال 2010 لولا ما تم تسجيله من احتجاجات واعتصامات في عديد الجهات إلى جانب الأحداث المؤلمة سواء أمام السفارة الأميركية، وفي شهر يونيو 2012 خلال أحداث معرض العبدلية، أو يوم 09 أبريل الماضي والذي تم تصويره من طرف وسائل الإعلام التونسية والغربية بشيء من التهويل والذي كان له تأثير كبير في إلغاء عديد الحجوزات في موسم الذروة".
وأبرز مدير عام الديوان الوطني للسياحة أنّ السوق الأوروبية حافظت على مكانتها في ترتيب السيّاح الوافدين على تونس محققة ارتفاعًا بنسبة 46.4% مقارنة بعام 2011 ورغم ذلك "لم نصل بعد إلى مستوى 2010 حيث تغيّب أكثر من 600 ألف سائح أوروبي غالبيتهم من فرنسا".
وأشار إلى النقص الكبير المسجل في السياح الفرنسيين " لاعتبارات اقتصادية و ربما سياسية "، بينما ارتفع عدد السياح الألمان بنسبة 65% مقارنة بعام 2011.
وما يمكن ملاحظته فعلا بالنسبة للموسم السياحي التونسي 2012 حسب عمار، هو الزيادة في عدد السياح الروس الذين زاروا تونس، وللمرة الاولىيصل العدد إلى 219 ألف سائح وقد يرتفع حتى نهاية العام، مشيرًا في الوقت ذاتهالى أنّ السوق المغاربية استعادت عافيتها حيث حققت ارتفاعًا بنسبة 30% مقارنة بعام 2011 على الرغم من النقص المسجل بنسبة 22% في عدد السياح القادمين من الجزائر.
وكان المندوب الجهوي للسياحة بالمهدية (وسط ) محسن بوصفارة أوضح أنّ عدد الليالي المقضاة حتى موفى شهر أكتوبر الماضي بلغ حوالي مليون ليلة بنسبة إيواء بمختلف الوحدات الفندقية تجاوزت 94% وهي مؤشرات اقتربت من تلك المسجلة سنة 2010.
نجاح الموسم
أكد المدير العام للديوان الوطني للسياحة أنّ تونس تجاوزت تأثيرات أحداث سفارة أميركا وها هي السياحة تسترجع حاليًا انتعاشتها، مشيرًا إلى أن وزارة السياحة كانت تهدف إلى بلوغ المؤشرات التي تم تحقيقها في 2010 وفعلا لامسنا هذا الهدف.
وأعتبر أنّ ما تم إنجازه إلى حد الآن قبل ثلاثة أشهر من نهاية 2012 كان ناجحاً لوزارة السياحة التي عملت من خلال استراتيجية واضحة تستهدف أساسًا خلق أسواق جديدة إلى جانب تنويع المنتوج من خلال إبراز صورة جديدة، بعيدًا عمّا تعودنا عليه من اعتماد كليّ على السياحة الشاطئية.
وأضاف أنّ وزارة السياحة اعتمدت آلية دعم تذاكر الطائرة وتقاسم المخاطر مع مؤسسات النقل الجوي، والتي حققت نجاحًا كبيرًا خاصة وأنها دعمت الموسم السياحي في الأشهر "الميتة" من خلال استقطاب نحو 158 ألف سائح، مشيرًا إلى أن آلية الدعم هذه كلفت الديوان الوطني للسياحة نحو 6 ملايين دينار.
وأشار بوصفارة إلى انطلاق العمليات الإشهارية، والحملات الترويجية لمختلف المناطق السياحية التونسية استعدادًا للموسم القادم والمتمثلة خاصة في استقبال الوفود الأجنبية، وتنظيم رحلات للصحافيين، ووكلاء الأسفار الأجانب.
وأكد أحمد رجب (مدير مطعم بنزل سياحي) في تصريح لـ"إيلاف" أنّ الموسم السياحي كان ناجحًا اعتبارًا إلى أنّ النزل كانت مكتظة طوال العام بالرغم من بعض الهزات التي كان لها تأثير واضح وخاصة ما حدث في السفارة الأميركية حيث تمّ إلغاء عديد الحجوزات التي كانت متجهة نحو تونس، مشيرًا إلى ضرورة أن يقوم الإعلام بدور إيجابي في تصوير الأحداث التي تؤثر على السوق السياحية التونسية في الخارج.
وقتل أربعة تونسيين وجرح العشرات في محاولة لاقتحام السفارة الاميركية بتونس على خلفية عرض فيلم "براءة المسلمين" المسيء للنبي محمد عليه السلام.
"عقد وجهة"
وتضررت سمعة تونس وخاصة السياحة بذلك الاختراق الامني البارز، ومازال الآلاف من سياح تونس التقليديين يعزفون عن زيارة البلد مع تغول خطر السلفيين وتواتر تقارير اعلامية عن اضطرابات واعتصامات تجتاح مناطق عديدة من تونس التي شهدت ثورة في 2011 أطاحت بنظام الديكتاتور السابق زين العابدين بن علي.
في إطار تنفيذ اتفاقية التعاون المبرمة في جوان 2012، أبرمت وزارة السياحة والوكالة الفرنسية للتنمية السياحية "Atout France" اتفاقية تعاون في يونيو الماضي ترمي أساسًا إلى استغلال المخزون الثقافي والطبيعي الذي تزخر به محافظات القصرين والكاف والقيروان سياحيًا، وفقًا لرؤية ترويجية جديدة تقوم على مبدأ عقد وجهة بهدف الترويج لكل جهة على حدة.
وترمي مقاربة "عقد وجهة" بالأساس إلى الترويج للمناطق السياحية الداخلية التي تزخر بمنتوجات سياحية متنوعة ذات بعد بيئي وثقافي وطبيعي هام إلى جانب الخصوصيات والمقومات السياحية التي تجعل من هذه المناطق قادرة على استقطاب حوالي 20 % من جملة السياح الوافدين على تونس في السنوات القادمة.
الإعلام والتهويل
أبرز الياس فخفاخ وزير السياحة التونسي أنّ كل المؤشرات تؤكد انتعاشة القطاع السياحي حيث تطورت نسب عدد السياح والليالي المقضاة والعائدات المالية حتى نهاية شهر سبتمبر الماضي، ما بين 30 و50% كما حقق القطاع 85% من مؤشرات 2010 و بالتالي يعتبر الموسم ناجحًا، على حد تعبيره.
وانتقد وزير السياحة تناول وسائل الإعلام لبعض الأحداث الأخيرة ومنها ما حصل في السفارة الأميركية وما حدث في محافظة تطاوين (مقتل ناشط سياسي) وجزيرة جربة (اعتصامات)، مؤكدا أنها أثرت سلبًا على آخر الموسم السياحي وخاصة بالنسبة للسوق الفرنسية حيث تمّ إلغاء عديد الحجوزات.
وأكد الوزير فخفاخ أنّ الوزارة تقوم الآن بتصحيح ما أفسده الإعلام، مبينًا أنّ السوق الفرنسية على عكس السوقين الأنجليزية والألمانية سجلت تقلصًا في عدد السيّاح بنسبة 30%.
وأشار الياس فخفاخ إلى بعض الأحداث التي شهدت بعض الإنفلاتات التي لا تشرّف لا تونس ولا ثورتها ولكن الوضع في مختلف جهات البلاد حاليًا يشهد استقراراً جيداً ولم يكن كذلك لما زار نحو 5 ملايين سائح تونس دون تسجيل أي مشكل.
مشاكل الهيكلة والمديونية
أبرز الحبيب عمار عمار مدير عام الديوان الوطني للسياحة أنّ القطاع يعاني من مشكلة هيكلية تتركز أساسًا في الديون الكبيرة التي تعاني منها عديد المؤسسات السياحية منذ سنوات والتي كانت وراء إغلاق بعضها، ولكنّ هذا المشكل سيجد طريقه إلى الحلّ بعد تدخل الحكومة بالتعاون مع البنك العالمي.
وأضاف في تصريحات لـ"إيلاف" أنّ المشكل الثاني الذي يعاني منه القطاع السياحي يتمثل في تبعية المؤسسات السياحية لمتعهدي الرحلات الأجانب الذين يقفون وراء التحكم في السوق السياحية التونسية والتأثير في تحديد الأسعار والشركات التي توجه السياح الأجانب إلى تونس، إلى جانب مشاكل ضعف المراقبة وكثرة التعقيدات الإدارية في مجال الاستثمار السياحي وتداخل عديد الأطراف في منح تراخيص المشاريع السياحية الجديدة.
وأضاف مدير عام الديوان الوطني للسياحة أنّ العاملين في القطاع السياحي التونسي وأصحاب المؤسسات السياحية مطالبون بالعمل جيداً على تطوير الخدمات المقدمة إلى السياح وتنويعها في إطار التنافس لما فيه خير القطاع وازدهاره مع ضرورة الاعتماد على التسويق عبر الانترنت حتى تتخلص المؤسسات السياحية التونسية من هذه التبعية وتقوم بتسويق أنشطتها مباشرة مع الحريف في كل مكان في العالم دون المرور عبر المتعهدين الأجانب.
وأثمرت زيارة وزير السياحة التونسي الياس فخفاخ إلى الجزائر نتائج إيجابية حيث تم الاتفاق على خلق منطقة سياحية موحدة بين تونس والجزائر تهدف إلى تحويل البلدين إلى وجهة سياحية واحدة، وذلك من أجل تجاوز العراقيل والصعوبات التي تعرقل تحوّل السائح الأجنبي بين تونس والجزائر.
وزار 700 ألف سائح جزائري البلاد التونسية حتى نهاية شهر سبتمبر الماضي بزيادة نسبتها 34% عن الموسم الماضي 2011 فيما وصل عدد السياح الجزائريين خلال عام 2010 نحو مليون سائح.
التعليقات
mensonges
Adnen -pur mensonges vous devrez avoir honte
الإنتعاشة الحقيقية
FIRAS90 -فعلا و بعد ما حصل في سفارة أمريكا عادت الأنتعاشة للسياحة التونسية مع العلم أنه يجب التأكيد على أنّ الإضطرابات التي تحصل من حين لآخر لا تقتصر على السلفييين فقط بل على اليسار المتطرف و اتحاد الشغل الذي يضم هؤلاء و الذين يقفوا وراء قطع الطرقات و غلق المؤسسات التشغيلية و غيرها و بالتالي السلفيين هم عنصر من العناصر وليسوا وراء كل شيء بل لا بد من التأكيد على اليسار المتطرف من أمثال جماعة شكري بلعيد و حمه الهمامي و ونداء تونس .