تونس تستعدّ للحصول على "الشريك المتميز" ومؤسساتها قد لا تقدر على المنافسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تستعدّ تونس للحصول على مرتبة "الشريك المتميّز" مع الاتحاد الأوروبي، ورغم ما تعنيه هذه المرتبة من تنشيط للاقتصاد التونسي، فإنّ أحزابًا سياسية معارضة خاصة اليسارية، تطلب التمهّل في معالجة الموضوع الى حين الانتخابات المقبلة.
تونس: في انتظار إمضاء اتفاق بين تونس والإتحاد الأوروبي يوم الاثنين القادم 19 تشرين الثاني / نوفمبر، تحصل بموجبه تونس على مرتبة "الشريك المتميز" الذي سعى إليه النظام السابق طويلاً دون جدوى بسبب غياب المناخ الديمقراطي وحقوق الإنسان وطغيان الإستبداد، يتصاعد الجدل داخل عدد من الأحزاب السياسية الرافضة لهذا الاتفاق اعتبارًا إلى "عدم أهلية الحكومة الانتقالية الموقتة التفاوض في مسائل استراتيجية لمستقبل تونس وإرجاء ذلك إلى ما بعد الانتخابات القادمة".
فوائد "الشريك المتميز"
أكد الخبير الإقتصادي رضا شكندالي في تصريح لـ"إيلاف" أنّ مرتبة "الشريك المتميز" التي ستتحصل عليها تونس في بداية الأسبوع القادم، ستحمل معها عديد الإيجابيات على مستوى العلاقات التجارية والمالية في وقت يعيش فيه الإتحاد الأوروبي فترة تقشف وهو ما خلق مشاكل على مستوى المؤسسات المصدرة، ما قلص من قيمة الصادرات التونسية إلى جانب تفاقم العجز التجاري لتونس في وقت نحن في حاجة أكيدة إلى أموال لتمويل التنمية في الجهات المحرومة.
وأضاف شكندالي أن مرتبة "الشريك المتميز" تمنح تمييزًا لتونس مقارنة بالدول الأخرى، وذلك بإعطاء الأولوية للصادرات التونسية في الأسواق الأوروبية وكذلك تسهيل حصول تونس على ديون بفوائد منخفضة.
قالت مديرة التعاون مع أوروبا بوزارة التجارة فاطمة الوسلاتي "إنّ الإتحاد الأوروبي سيمنح تونس مرتبة الشريك المتميز يوم 19 نوفمبر الجاري"، وأضافت :" الشريك المتميز هي مرتبة شرفية يمنحها الاتحاد الاوروبي لدول ليست أعضاء في الاتحاد ويقدم لها امتيازات تجارية وينشط المعاملات الاقتصادية معها ومقابل ذلك تمنح تونس الإتحاد الأوروبي الأولوية في الصادرات".
أبرزت فاطمة الوسلاتي أنّ "تونس تعمل على إرساء مرحلة جديدة للتعاون مع الاتحاد الأوروبي من أجل الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى متميز" مؤكدة أنّه بموجب مرتبة "الشريك المتميز" "سيتم إبرام اتفاقات في كافة المجالات تعمل على إرساء دولة القانون والديمقراطية وتكريس حقوق الانسان"، و"تساهم في دعم التعاون في قطاعات التربية والتكوين، إلى جانب مساهمتها في تحقيق اندماج اقتصادي تونسي أوسع في الفضاءين المتوسطي والأورومتوسطي."
المؤسسات غير قادرة على المنافسة
أكد الدكتور رضا شكندالي أنّ مرتبة "الشريك المتميز" ليست لأجل عيون تونس، ولكن من أجل مصالح للدول الأوروبية، وبالتالي هناك مفاوضات وهناك مصالح من الجهتين، ومصالح الجهة المقابلة أي للأوروبيين تعتبر من السلبيات بالنسبة للتونسيين ومنها تحرير دخول المنتوجات الفلاحية والخدمات إلى السوق التونسية.
وتونس حاليًا ليس لها من الجودة وكذلك الأسعار على مستوى المنتوجات الفلاحية والخدمات القادرة على منافسة السلع الأوروبية، وهذا يعتبر مشكلاً للمؤسسات الاقتصادية التونسية، وبالتالي لا بد من الاحتياط في المفاوضات الجارية بين الإتحاد الأوروبي وتونس لتحديد السلع والمنتوجات التي ستدخل تونس، وذلك للتقليص من هذا المشكل حتى نعدّ مؤسسات قادرة فعلاً على المنافسة.
وأضاف الخبير الاقتصادي أنّ برنامج التأهيل الذي نفذته تونس في السنوات الأخيرة تضمن مشاكل عديدة ولم يكن قادراً من خلال الفساد والرشوة على تأهيل كل المؤسسات المنتجة ولم يحقق النجاح المطلوب.
من جانبه، أكد محمد جمور عضو حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد في تصريح لـ"إيلاف" أنّ مفاوضات حكومة الترويكا مع الإتحاد الأوروبي للحصول على مرتبة "الشريك المتميز" يتم في تكتّم تام دون إعلام للرأي العام بمحتوى هذا الاتفاق المنتظر وفوائده ومساوئه على الاقتصاد التونسي، مشيرًا إلى أنهم تحصلوا على مشروع وثيقة هذا الاتفاق الذي ينقسم إلى ثلاثة مستويات، سياسي ومالي واقتصادي.
أبرز محمد جمور أنّ الإتحاد الأوروبي يتفاوض من أجل الأمن ومحاربة الإرهاب وحماية الحدود الجنوبية من الهجرة غير المنظمة ويطالب تونس أن تكون أكثر حزماً في محاربة هذه الظاهرة، ومقابل ذلك يعد الإتحاد الأوروبي تونس أن تحظى بصفة مراقب في الهيئات السياسية للإتحاد ومنها الهيئة المتعلقة بالأمن إلى جانب الكيان الصهيوني، وهناك حديث طبعًا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وبخصوص الجانب المالي يعد الإتحاد الأوروبي تونس بالترفيع في حجم المساعدات المقدمة لها، ولكن في الجانب الاقتصادي تونس مطالبة بتحرير "شامل ومعمق" لمبادلاتها مع الإتحاد الأوروبي في المنتوجات الفلاحية والخدمات والطاقة وبالخصوص الشمسية منها لترتبط بشبكة الطاقة في الإتحاد الأوروبي، وكذلك فتح سماء تونس لشركات الطيران الأوروبية.
لا لتوريط الإقتصاد التونسي
نصح الخبير الاقتصادي شكندالي المفاوضين التونسيين مع الإتحاد الأوروبي بالعمل على عدم توريط الاقتصاد التونسي وألا يوافقوا على تحرير عديد القطاعات التي لا تقدر على المنافسة والاقتصار على بعض السلع والمنتوجات دون غيرها في انتظار برنامج لتأهيل المؤسسات الاقتصادية التونسية خاصة وأنّ الإتحاد الأوروبي يطبق حاليًا سياسة التقشف، وهو ما يقلق المؤسسات التونسية خاصة في ظل عدم وضوح الإستراتيجية الاقتصادية والسياسية وخاصة التأخر في تطبيق العدالة الانتقالية، فالمؤسسات تعيش حاليًا في حالة تردد على مستوى الإنتاج ونضيف لها ضغطاً جديدًا من أجل الدخول في منافسة مع مؤسسات أوروبية مؤهلة ومهيكلة"، على حدّ تعبيره.
19 نوفمبر يوم حزن
أوضح الخبير الإقتصادي فتحي الشامخي لإحدى الإذاعات الخاصة أنّ يوم 19 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم وهو يوم إمضاء اتفاق "الشريك المتميز" بين تونس والإتحاد الأوروبي، سيكون "يوم حزن في تونس" باعتبار هذا الاتفاق مكافأة سياسية لحكومة منتخبة واصلت مفاوضات بدأها النظام السابق عام 1995 الذي لم يكن منتخبًا.
وأضاف الشامخي :"مباشرة بعد الانتخابات عادت المفوضية الأوروبية بقوة في تونس وقدمت برنامجًا متكاملاً يتضمن 11 نقطة لا يخص تونس فقط بل كذلك المغرب ومصر والأردن وهذه البلدان تقيم تبادلاً حراً من خلال اتفاقية مراكش".
وعاد الإتحاد الأوروبي الذي لم يجد أفضل ما يمكن أن يقدمه للشعوب العربية من خلال السياسة القديمة ومفاوضات سماها "معمقة وموسعة".
ويوضح الشامخي قائلا :"حاليًا تعرف المفوضية الأوروبية أنّ الحكومة التونسية منتخبة وبالتالي يجب تسريع المفاوضات لإنهائها في أقرب وقت ممكن لأنّ هذه الاتفاقيات دائمة ولا يمكن التراجع عنها وفي المقابل لهذه الاتفاقيات مثلا في إجراء تحرير الخدمات هناك "تحرير السماء" أي أن يتم السماح لكل شركات الطيران الأوروبية بدخول تونس، وهذا قد يؤدي إلى إفلاس وزوال شركة تونسية عتيدة كالشركة التونسية للطيران لأن المنافسة ستكون شرسة".
رفض الشريك المتميز
وأضاف جمور أنّ خبراء الاقتصاد التونسيين أكدوا أنّ اتفاق الشراكة الأول لعام 1995 قد أضرّ كثيراً بقطاع النسيج و المداخيل الجبائية لتونس والاقتصاد عموماً.
وشدّد على أنّ حزب الديمقراطيين الموحّد يرفض هذه المفاوضات و خاصة ما يتعلق بتحرير دخول الإنتاج الفلاحي الأوروبي لأنها ستكون " كارثية" على الاقتصاد، مضيفاً " نحذّر الحكومة ونطالبها بعرض المفاوضات على التونسيين قبل الإمضاء على الاتفاقية" و"نوضح للإتحاد الأوروبي أنّ أي اتفاقية لن تحظى بالموافقة ما لم تكن محور نقاش معمق بين جميع الأطراف، لن نعترف بها بعد الإنتخابات القادمة".
وأكد على ضرورة الانتظار إلى ما بعد الانتخابات القادمة حتى "تكون لنا حكومة غير انتقالية وذات مشروعية وسلطة منتخبة لمدة نيابية واضحة".
ويتابع:" كأنّ الإتحاد الأوروبي يريد أن يستغل هذا الوضع الهش الذي تعيشه البلاد، سياسيًا واقتصاديًا، ليمضي الاتفاقية التي يريد بالشروط التي يريد".
من ناحيته، عبّر حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي في بيان اطلعت عليه "إيلاف" عن استغرابه "للتكتم الإعلامي" الذي أحاطت به الحكومة الفحوى الدقيقة لاتفاقية دولية هامة وطبيعة الامتيازات المتحصل عليها، وما يقابلها من التزامات من قبل بلادنا، وما سينجرّ عنها من انعكاسات على اقتصادنا الوطني وعلى قانون الإستثمارات وقانون الشغل".
وطالب المسار الديمقراطي والاجتماعي الحكومة "بتجنب كل تسرع و إرجاء التوقيع على بروتوكول الإتفاق وفتح حوار وطني معمق".
وكان أعلن في كانون الأول / ديسمبر 2010 وقبل هروب الرئيس بن علي في 14 كانون الثاني / يناير 2011، عن اقتراب حصول تونس على مرتبة " الشريك المتميز" مع الإتحاد الأوروبي لكن تمّ التراجع عن ذلك نتيجة الضغوط التي كانت تسلطها المعارضة التونسية ومن ورائها الجمعيات والمؤسسات المدنية الأوروبية بسبب غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان.