ضعف القارة العجوز وصل إلى مناطق أخرى بالاقتصاد العالمي

تعرض اقتصاد منطقة اليورو لحالة من الانكماش خلال الربع الثالث من العام الجاري، وهو ما توارت معه آمال الانتعاش بالنسبة للبيئة العالمية المتدهورة، في الوقت الذي بدأت تتسبب فيه البطالة المتزايدة وإجراءات التقشف المالي في مناطق كثيرة بالقارة الأوروبية في تقويض حظوظ المنطقة فيما يتعلق باستعادة عافيتها وحيويتها.هذا ولم تنمو منطقة اليورو للربع الرابع على التوالي، وكان آخر تراجع في الناتج المحلي الإجمالي هو التراجع الثاني على التوالي. وتعتبر أزمة ديون القارة الأوروبية، التي تسببت في رفع معدل البطالة وأجبرت الحكومات على فرض زيادات ضريبية وخفض الإنفاق، هي المسؤول الأول عن تلك المشكلة الحاصلة في الوقت الراهن.

القاهرة: سجلت ألمانيا وفرنسا، الأكبر اقتصادياً في منطقة اليورو، نمواً متواضعاً خلال الربع الثالث من العام الجاري. لكن الناتج المجلي الإجمالي للاتحاد المكون من 17 دولة قد تراجع بنسبة 0.2 % مقارنةً بالربع السابق، بمعدل سنوي، وفقاً لحسابات خاصة بجي بي مورغان استندت على أرقام تم التحصل عليها من وكالة الإحصاءات التابعة للاتحاد الأوروبي. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 % في الربع الثاني.ونقلت في هذا السياق صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن موريس ليفي، الرئيس التنفيذي لوكالة الإعلانات الفرنسية Publicis Groupe، قوله :" لا يمكننا القول إننا نعيش في فترة بهيجة من تاريخنا". وأعقبت الصحيفة بقولها إن ضعف القارة العجوز وصل إلى مناطق أخرى بالاقتصاد العالمي. وهو ما بدا بوضوح في تباطؤ النمو الصيني وانكماش الناتج المحلي الإجمالي الياباني وبدء ظهور مخاوف من احتمالية أن تتأثر حالة النمو التي بدأ يشهدها الاقتصاد الأميركي مؤخراً.

وهو ما أرجعته الصحيفة إلى كم المشكلات التي تواجهها القارة الأوروبية في تلك الأثناء، وأن ذلك يفسر السر وراء بقاء الشركات الأميركية ملتزمة بالحيطة والحذر بشأن الاستثمار والإيجار، في وقت ترتفع ثقة المستهلك الأميركي لأعلى مستوياتها منذ منتصف 2007. ثم نوهت وول ستريت جورنال إلى حالة القلق التي ما تزال تهيمن على قادة الأعمال الفرنسيين بشأن الغموض الذي يكتنف الضرائب وسياسات العمل. وأضافت الصحيفة أنه وبغض النظر عن الأسباب الرئيسية لذلك، فإن موجات الهبوط هذه تجعل من الصعب تخفيض الدين. فيما قال يوم أمس رئيس المصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي إن هناك "دائرة مفرغة" تؤثر سلباً على الدول المتضررة من الأزمة، مدافعاً في هذا السياق عن التزام البنك بشراء كميات مفتوحة من السندات الحكومية، وتزويد الدول بمساعدات أولية من صندوق الإنقاذ الأوروبي. وتابع دراغي :" النمو الاقتصادي ينهار. والشؤون المالية العامة تتدهور. ويتم إجبار البنوك والحكومات على دفع أسعار فائدة أعلى، ما يؤدي لارتفاع البطالة وخفض الإنفاق".

إلى ذلك، نقلت الصحيفة في سياق تقرير منفصل عن مفكري أوروبا الاستراتيجيين قلقهم من احتمالية إصابة منطقة اليورو بسكتة قلبية. وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي تعيش فيه أجزاء كبرى من المنطقة في حالة من التراجع الاقتصادي، ومرور بلدان قليلة بحالة من الركود، فإن الشكوك تتزايد بشأن إمكانية صمود الاتحاد الأوروبي.وقال مستشار خاص يدعى فرانسوا هيزبورغ إن السكتة القلبية - غياب الرغبة في المركز للتعامل مع مشكلات الاتحاد الأوروبي - هي التي تقتل في النهاية الاتحاد السياسية. ومع استمرار ركود الأوضاع الاقتصادية على الصعيد الداخلي، يبدو أن السياسات الداخلية ستصبح أكثر تشدداً على الأرجح. ومضى هيزبورغ يتحدث عن أربعة سيناريوهات من المحتمل أن يواجهها مستقبل أوروبا الاستراتيجي هي : استمرار التخبط، الاتحاد بصورة أكثر قرباً، انقسام منطقة اليورو، انهيار كامل لمنطقة اليورو.