الكويت تراهن على إنفاق أقل وإيرادات أكثر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
على الرغم من كل العوامل التي تدفع بأسعار النفط العالمية إلى التراجع، إلا أن الكويت تراهن على أن يحافظ سعر النفط الخام الكويتي على ارتفاعه فوق عتبة 100 دولار، لتؤمن إيرادات موصوفة في ميزانيتها.
بيروت: ضرب الاعصار ساندي السواحل الشرقية للولايات المتحدة الأميركية، لكن آثاره تجاوزت أضراره المحلية لتصيب الاقتصاد العالمي، المهتز أصلًا بفعل أزمات مالية متراكمة. وما عزز تداعيات هذه الآثار عودة الرئيس باراك أوباما لقضاء أربعة اعوام ثانية في البيت الأبيض، وما أثارته منمخاوف من انزلاق أميركا إلى هاوية مالية تبدو حتمية.
حزم الانفاق مهددة
على هامش ذلك، وهو هامش واسع للغاية، يؤثر شبح أزمة مالية يتكلم الجميع عنها في الطلب على النفط. فهذا الطلب ينمو بشكل ضعيف، وما سيضعفه اكثر بنظر المراقبين هو إقدام الولايات المتحدة على زيادة إنتاجها النفطي، ما سيدفع الأسعار إلى الانخفاض أكثر فأكثر.
هذا الانخفاض سيؤثر مباشرةً في ميزانيات الدول النفطية، وخصوصًا الخليجية، وفي حزم الانفاق الاجتماعي المرصودة في ميزانياتها للعامين المقبلين، خصوصًا أنها أقرت هذه الحزم سبيلًا لتجنب انتقال عدوى الحركات الاحتجاجية الاجتماعية والاقتصادية إليها، ما سيوقعها في مأزق مع شريحة واسعة في المجتمع العربي.
غير أن المراقبين يرون أن الميزانية الكويتية لن تتأثر بهذا الاتجاه، بل ستحقق فائضًا قد يصل إلى 13 مليار دينار خلال السنة المالية الحالية،إذ لا يتوقع الخبراء الماليون أن ينخفض سعر برميل النفط الخام الكويتي تحت 104 دولارات، وحتى هذه العتبة تعتبر منخفضة بنظر المراقبين.
ساندي تعصف بالنفط
بحسب تقرير إقتصادي صادر عن بنك الكويت الوطني، انخفض سعر برميل النفط الخام الكويتي 12 دولارًا تقريبًا بين أيلول (سبتمبر) ومنتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، بسبب إعصار ساندي وما خلفه من اضطراب في النشاط الاقتصادي في الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية، من انقطاع الطلب على الكهرباء بسبب إخلاء الشركات والمنازل وإقفال نظم النقل العام.
لم يكن تأثير ساندي واحدًا على كل المشتقات النفطية. فقد ارتفع سعر البنزين بسبب توقف الإمدادات وانخفاض المخزون، بينما انخفضت أسعار مشتقات أخرى. إلا أن الارتفاع في الأسعار هو المتوقع، بالتوازي مع جهود إعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة.
إلى ساندي، تعاونت البيانات الاقتصادية الأميركية الضعيفة والركود الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي لإشاعة نظرة تشاؤمية حيال الاقتصاد العالمي، انعكس تراجعًا في أسعار النفط، تفاقم مع إعادة انتخاب الرئيس أوباما وانقسام الكونغرس والكلام عن الهاوية المالية والركود الاقتصادي في الولايات المتحدة خلال العام القادم.
غير أن ذلك لم يخفض سعر الدولار الأميركي، بل ارتفع ولو بسيطًا منذ منتصف شهر أيلول (سبتمبر) إذ ما زال الملاذ الآمن في عالم العملات.
وغالبًا ما يترافق ارتفاع سعر الدولار مع تراجع في أسعار النفط الخام.
احتمالات الركود
من جانبها، قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تقرير صادر أخيرًا إن نمو الطلب العالمي على النفط قد يأتي أقل من التوقعات في العام 2013، رادة ذلك إلى أزمة اليورو، واحتمالات الركود في اقتصادات سريعة النمو كالصين والهند. وخفضت أوبك توقعها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2013 بمقدار عشرة آلاف برميل يوميًا، إلى 770 ألف برميل، مع تأكيدها أن التخفيض قد يكون أكثر من ذلك.
إلى جانب البلدان المصدرة للبترول، يتوقع مركز دراسات الطاقة العالميةارتفاع الامدادات من الدول غير الأعضاء في منظمة الأوبك 0.8 مليون برميل يوميًا في الربع الأول من العام 2013 مقارنة بالربع الرابع من العام الحالي، ما يحقق ارتفاعًا كبيرًا في المخزون، يصل إلى 1.6 مليون برميل يوميًا.
أوبك المحرجة
تلفت دراسة أجراها شاثام هاوس إلى أن انخفاض الاسعار في السوق المكتظة نفطيًا سيضع أوبك في موقف حرج، ويدفعها إلى رفع الاسعار أو خفض الفوائض النفطية، أو خفض الانفاق، أو كليهما معًا، خصوصًا أن التوقعات تشير إلى دخول الاسواق في مرحلة انخفاضات في الأسعار قد تطول.
وبحسب الدراسة، السيناريو المطروح عالميًا هو حرب أسعار دولية، عبر جميع المنتجين لارغام بعض الدول على اتخاذ اجراء حازم لتثبيت الانتاج والاسعار، وهو أمر صعب إذا ما أخذنا في الاعتبار رغبة دول أوبك، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، في المحافظة على استدامة الاسعار المعتدلة.
ثبات.. إلا!
وقال تقرير شاثام هاوس إن جموح أعضاء أوبك نحو طلب أسعار أعلى سيؤدي إلى انخفاض في الطلب على نفط اوبك وزيادة في الامدادات من النفط غير التقليدي من دول من خارج اوبك. وهذا يؤدي إلى انخفاض في أسعار النفط التقليدي.
في موازاة هذا النسق، يتوقع تقرير بنك الكويت الوطني أن يحافظ خام التصدير الكويتي على مستواه بلا تراجع، حتى الربع الأول من العالم القادم، إلا إذا رفعت الولايات المتحدة إنتاجها أكثر مما هو متوقع. عندها، قد تنخفض الأسعار بشكل حاد، ما يؤدي إلى انخفاض سعر خام التصدير الكويتي تحت عتبة الـ100 دولار للبرميل.
أما المراهنة فعلى عوامل الشتاء القارس في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ما يرفع الطلب على كل مشتقات النفط، ما يبقي النفط الخام الكويتي فوق عتبة الـ100 دولار للبرميل خلال الشتاء القادم، أي خلال الثلث الأول من العام 2013.
مراهنة.. إن صحّت
أيًا كان التوجه العالمي في سعر النفط، لن ينخفض سعر برميل النفط الكويتي الخام عالميًا عن 104 دولارات، ولن يتجاوز صعودًا عتبة الـ107 دولارات، وفق تقديرات المراقبين.
وكانت الحكومة الكويتية قد أقرت أخيرًا موازنتها للعام 2013، بإيرادات مقدرة بنحو 13.93 مليار دينار ، وإنفاق بنحو 21.24 مليار دينار بزيادة تسعة في المئة عن موازنة 2012.
يقول تقرير البنك الكويت إن تقدير الإيرادات النفطية في الميزانية أتى بناءً على افتراض متحفظ لمتوسط سعر النفط عند 65 دولارًا للبرميل فقط، في مراهنة على أن يأتي الانفاق الفعلي دون المستوى المتوقع في متن الموازنة بنسبة تتراوح ما بين 5 و10 في المئة، وعلى أن تأتي الإيرادات النفطية أعلى مما تقدره الحكومة. وإذا صحت هذه المراهنة، قد تحقق الميزانية فائضًا يتراوح ما بين 10 و13 مليار دينار.