اقتصاد

نقص الخبز يهدد بإغراق السوريين في أزمة إنسانية أكثر صعوبة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت:يتحول الخبز شيئاً فشيئاً مادة نادرة في غالبية المناطق السورية، ما يحرم السكان من القوت الاساسي في غذائهم ويغرقهم اكثر فأكثر في ازمة انسانية صعبة، بحسب ما يقول بعض هؤلاء وعدد من الناشطين.

وفي خطوة تمثل اقرارا بوجود هذه المشكلة، اقدمت الحكومة السورية على تشكيل لجنة رسمية لمتابعة تأمين هذه المادة والحفاظ على اسعارها الرسمية. في الاحياء القديمة في مدينة حمص (وسط) التي تخضع لحصار من القوات النظامية منذ نحو ستة اشهر، يبدو ان الوضع هو الاكثر سوءا. ويقول ناشط في المدينة قدم نفسه باسم "ابو خالد" (30 عاما) لوكالة فرانس برس عبر الانترنت "نضطر الى استخدام طحين منتهي الصلاحية. رمينا نحو ثلث الكمية لان الدود كان ينخرها، كما اننا نفتقد للخميرة. بالنسبة الى الماء، علينا تكرير المياه غير الصالحة للاستهلاك لان مياه الشفة مقطوعة". وبحسب ما يقول ابو بكر المقيم ايضا في حمص "اسوأ ما في الامر هو ان الذين يعانون مشاكل صحية، مثل السكري او القصور الكلوي. لا يمكنهم الاستمرار على قيد الحياة مع تغذية مماثلة". يضيف "انهم يأكلون البرغل والطماطم المجففة، لكن الى متى؟ حتى كمية الغذاء التي نجدها في المنازل التي هجرها اهلها، بدأت تنفد". في مدينة داريا بريف دمشق الذي يشهد في الفترة الاخيرة عمليات عسكرية واسعة، يحاول السكان انقاذ مخزونهم من الطحين. ويقول "ابو كنان" لفرانس برس عبر سكايب "الاربعاء اخدنا الطحين من الفرن الآلي الذي كان النظام يقيم حاجزا الى جانبه، ولم يكن في امكان احد الاقتراب منه". واشار الى ان ذلك تم "بعد تراجع النظام من المنطقة"، وان الناشطين اخذوا الطحين "قبل ان يعود (النظام) ويحرقه كالعادة". وفي ضاحية جرمانا جنوب شرق دمشق التي تقطنها غالبية موالية للنظام، يؤكد محمد، وهو سائق سيارة اجرة، انه يضطر "للانتظار ساعتين او ثلاث امام المخبز". ويقول لفرانس برس "اقف في الصف خلال الليل لئلا اخسر ساعات العمل خلال النهار". يضيف "ابتاع ربطة من 15 رغيفا بسعر 15 ليرة سورية (16 سنتا اميركيا في السوق السوداء). لكن البعض يشترون الربطات لاعادة بيعها امام الفرن بسعر 50 ليرة سورية". في محافظة الرقة الشمالية على الحدود مع تركيا، "الاوضاع الانسانية لم تعد تطاق"، بحسب ما قال لفرانس برس عبر سكايب ناشط من المحافظة قدم نفسه باسم ثائر الرقي. ويشير الى ان "ربطة الخبز صار ثمنها دولارين إن وجدت. هناك نقص حاد في مادة الخبز" يؤثر على سكان المحافظة والذين نزحوا اليها من المناطق المجاورة. في حلب كبرى مدن شمال البلاد ومحيطها، بات السكان يواجهون صعوبة في العثور على الخبز للمرة الاولى منذ بدء المعارك اليومية في المدينة منذ اكثر من اربعة اشهر. ويقول داود وهو شاب في العقد الثاني من العمر من سكان حي السريان القديم وسط المدينة أن "الفرنين الموجودين في الحي لم يعملا منذ السبت بسبب عدم توافر الطحين والوقود (المازوت) لتشغيل الفرن ما زاد من معاناة قاطني الحي المكتظ بالسكان والوافدين كونه يعتبر من الأحياء الآمنة في المدينة". ويشير داود الذي يقطن مع والدته الى ان نقص الخبر لم يؤثر عليه كثيرا "نحن شخصان في المنزل ويمكننا تدارك المشكلة اذا لم تطل مدتها، ولكن هناك الكثير من العائلات الكبيرة التي يفوق عدد أفرادها العشرة وتعتمد على الخبر كمادة أساسية للغذاء. لن يكون الأمر سهلا بالنسبة اليهم". ويقول مصطفى وهو اب لخمسة اولاد ويقيم في منطقة الجميلية في وسط حلب "هناك فرن حكومي واحد قريب من منزلي ما زال ينتج الخبز، لكن الحصول عليه مستحيل في ظل طوابير طويلة من المصطفين والمنتظرين"، متحدثا عن "مشاكل وشجارات ترافق الانتظار". وادى النقص في المادة الى ارتفاع اسعار الخبز في غالبية احياء حلب والمناطق المحيطة بها. ويقول مصطفى ان "توقف الأفران عن العمل ترك السكان تحت رحمة عدد قليل جدا من أفران المعجنات المصنعة لمادة الخبز ايضا، حيث تجاوز سعر ربطة الخبز فيها المئتي ليرة سورية رغم ان سعرها الرسمي 15 ليرة". وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) الثلاثاء عن قرار رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي تشكيل لجنة رسمية مهمتها "متابعة كل الموضوعات المتعلقة بتأمين مادة الخبز من كل النواحي"، واتخاذ "كل الاجراءات الكفيلة لضمان توفير المادة للمواطنين وبالاسعار الرسمية". ويوضح ابو سامر، وهو في العقد الخامس من العمر وصاحب فرن آلي صغير في حلب، ان ارتفاع الاسعار يعود الى "عدم توافر مادة المازوت الذي وصلت قيمته في السوق السوداء إلى أكثر من اربعة أضعاف السعر الرسمي، وفقدان مادة الطحين التي باتت تباع في السوق السوداء من منشأ تركي وبأسعار مرتفعة". ويعتقد ان المشكلة ستطول لان "لا يوجد حل في المدى المنظور"، اضافة الى ان "الكثير من السكان اكدوا قيام المقاتلين المعارضين بالاستيلاء على عدد من اهراءات القمح في عدد من مناطق ريف حلب الشرقي والجنوبي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف