نقاش بين زعماء الاتحاد الأوروبي عن نمو متوقع بعد عامين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
النقاش الذي يدور بين زعماء الاتحاد الأوروبي حول تحقيق معدلات نمو بعد عامين من التركيز بشكل حصري تقريباً على التقشف، يمكن اعتباره تقدماً. لكن استراتيجيات النمو الفعلي لا تزال تعاني نقصًا، قد يقيّد عملية النمو في الأعوام المقبلة.
لميس فرحات: خلال القمة السابعة عشر لزعماء الاتحاد الأوروبي منذ بدء أزمة منطقة اليورو، خلص الاجتماع إلى كلمة واحدة: النمو. وطوال عامين، وافق زعماء قادة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ تدابير تقشفية، وبدأوا بتنفيذ هذه الإجراءات، وخفض الإنفاق حتى في ظل سقوط أربع حكومات، في الوقت الذي عمل فيه الاتحاد الأوروبي على توزيع صناديق الإنقاذ.
لكن على الرغم من سياسات الاتحاد الأوروبي الملحّة من قبل كبار رجال الأعمال والعالم في قمة دافوس الاقتصادية السنوية في الأسبوع الماضي، وافق زعماء الاتحاد الأوروبي الـ 27 على القليل من الإجراءات التحفيزية.
وافقت منطقة اليورو على معاهدة "الوحدة المالية"، التي ستفتح الباب أمام فرض عقوبات على دول الاتحاد الأوروبي التي تستدين أكثر من اللازم. لكن الخيراء يرون أنه من الصعب العثور على السياسات التي تتناسب مع الدعوات إلى تحقيق نمو اقتصادي ومالي.
في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ "كريستيان ساينس مونيتو" أن الحديث عن النمو كجزء من الخطاب لمعالجة الأزمة في منطقة اليورو، الذي يعتبر العلاج الوحيد لهذه الأزمة، قد يكون تعويضاً قصير الأجل لدعاة التحفيز.
هذا وغادر زعماء الاتحاد الأوروبي من قمة بروكسل، ولم يتحدثوا سوى عن النمو، لكن المحللين يخشون من أنه في ظل القواعد التي تفرضها ألمانيا للتوصل إلى حلول، يبقى الحديث عن النمو مجرد كلام في الهواء لا يؤدي إلى نتائج واقعية وملموسة.
وقال رئيس الوزراء الدنماركي هيلي ثورنينغ شميت بعد اجتماع القمة: "من المهم جداً ألا ننسى موضوع النمو وفرص العمل، فكل شيء يبدأ وينتهي بهذين العاملين". واعتبر رئيس لوكسمبورغ جان كلود يونكر أن "النمو يرتبط بالعمالة بشكل رئيس، وعلينا أن نتعلم بأن الخروج من الأزمة لا يكون فقط بتوحيد مواردنا المالية، بل بالتوصل إلى احتمالات النمو".
أما مستشار دولة النمسا فيرنر فايمان، فقال: "علينا الآن أن نتحدث عن النمو. يجب أن نجمع المال، والكل يعرف ذلك. لكن السؤال الكبير هو في كيفية التعامل مع العمالة، فإذا لم نطلق حملة على نطاق واسع لتحقيق النمو المستدام، فسنكون في عداد المفقودين".
واعتبرت الـ "ساينس مونيتور" أن أفضل فكرة بشأن تحقيق لنمو، كانت تلك التي طرحها رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروس، والتي تشير إلى تكريس ما يصل إلى 82 مليار يورو (107 مليار دولار) لتحفيز العمالة والشركات الصغيرة مع بقايا الأموال من ميزانيات الاتحاد الأوروبي التقديرية، التي يرجع تاريخها إلى عام 2007.
لكن لم يتم إعطاء سوى عدد قليل من التفاصيل في وقت متأخر من انفضاض القمة الأوروبية، في الوقت الذي عمد فيه القطاع المالي والسياسي إلى التقليل من شأن فكرة باروسو. "ما يحاول زعماء الاتحاد الأوروبي القيام به حيال بطالة الشباب أمر مفيد، فتيسير الشباب في سوق العمل هو شيء جيد"، وفقاً لتوماس كلو من مكتب باريس للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. وأضاف: "لكن إذا نظرتم إلى الطابع الملحّ لمشكلة النمو في أوروبا، ستجدون أن التدابير التي تقرر هي بالتأكيد ليست كافية".
ووصف مسؤولو "سيتي بنك" بسخرية نتائج الاجتماع بأنها "ضغط لنمو منخفض"، وفقاً لتقرير نشرته وكالة رويترز الإخبارية. اجتماع الأمس لم يكن "بمفاجأة إيجابية ولا سلبية"، كما يقول صوني كابور من مركز بروكسل للأبحاث، والتي وضعت أمس خطة شاملة لتحقيق النمو في الاتحاد الأوروبي. وأضاف "لكن مسألة النمو التي تمت مناقشتها في القمة الأوروبية، لا تزال خطابية وغير ذات صلة إلى حد كبير بالاحتياجات الحالية للأزمة، وتبدو كأنها جزء من خدعة سياسية".
الإلحاح والانقسام كانا واضحين في اجتماع الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول، لكن هذه المشاعر كانت أكثر فتوراً في قمة بروكسل، ويعود السبب جزئياً إلى الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي، الذي كسر تقاليده في الشهر الماضي عندما قدم نحو 500 مليار يورو (654 مليار دولار) إلى بنوك أوروبية.
ويقول بعض المحللين، مثل فيليب وايت من مركز الإصلاح الأوروبي في لندن، إن المشكلة هي "عدم وجود طلب" على السلع والخدمات التي يمكن حلها في المقام الأول عن طريق سياسات النمو. ويشير إلى أن "خفض الإنفاق وعقد الاتفاقات الاقتصادية ليست هي الحل الشامل. لكنها كل ما نسمعه".
فلمدة عامين، وافق زعماء الاتحاد الأوروبي على تدابير شد الحزام التقشفية، وخفض الإنفاق في اليونان وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، في الوقت الذي سقطت فيه أربع حكومات وصرفت أموال الإنقاذ، وارتفعت معدلات البطالة لتصل إلى 10.4 في المئة في كل أنحاء منطقة اليورو بحلول نهاية عام 2011. فهل تصحّ التوقعات، وتشهد أوروباً نمواً في الأعوام المقبلة؟.