اقتصاد

إختلافات بسيطة حول النظام الإقتصادي لتونس الجديدة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يؤكد الخبراء الإقتصاديون أنّ النظام الإقتصادي المطبّق في تونس منذ ربع قرن قد آن الأوان لإدخال تغييرات جوهرية على آلياته التي كانت وراء تقليص التنمية الشاملة من خلال العمل على تطوير مجلة الاستثمارات باتجاه جعل منظومة القوانين والتشريعات أكثر مرونة أمام المستثمر المحلي والأجنبي.

تونس: الخبير والمستشار الإقتصادي لحركة النهضة رضا شكندالي أكد لـ"إيلاف" أنّ النظام السابق كان يسوّق لآقتصاد السوق ظاهريا ولكن واقعيا لم تخدم الدولة القطاع الخاص وبالتالي كان لزاما من التفكير في نظام اقتصادي جديد يراعي الوضع التونسي الجديد له ثلاثة أبعاد تتمثل في القطاع العام والقطاع الخاص وحوكمة رشيدة تحكم العلاقة بين القطاعين.

د. شكندالي أوضح أنّه :" إلى جانب القطاعين العام و الخاص تمت إضافة قطاع ثالث هو القطاع الإجتماعي و التكافلي وله أدوار ثلاثة يهتم الدور الأول أساسا بالتخفيف من النسبة العالية للبطالة وهو يخفف كذلك العبء على ميزانية الدولة للإنفاق على الصحة والتعليم وبالتالي فهو يخفف من نسبة العجز في ميزانية الدولة حيث نعاني حاليا من عجز بلغ نسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي ثم هو يعيد توزيع الثروة إلى جانب عمليات التطوّع من طرف الأغنياء لجمعيات المجتمع المدني التي تقوم بإعادة توزيع الثروة وذلك في إطار مساعدة الدولة من أجل تحقيق العدالة الإجتماعية وهذا ما يؤدي فعلا إلى اقتصاد سوق بمفهوم عادل وغير متوحش لأنه يضمن التكافل والعدالة الإجتماعية بين أفراد الشعب وذلك أمام التحديات العديدة الداخلية منها و الخارجية وتتمثل في التحول الهيكلي على مستوى السكان وكذلك العاطلين عن العمل الذين تجاوز عددهم 800 ألف ومن ضمنهم أصحاب الشهائد العليا إلى جانب اللاتوازن على مستوى الجهات والذي أفرز نسبة عالية من الفقر ومن التحديات الخارجية الأزمة المالية الأوروبية بفعل ارتباط اقتصادنا في 80% منه بالإتحاد الأوروبي".

حمادي الجبالي رئيس الحكومة أكد في الندوة الوطنية حول التنمية على الأفكار التي من شأنها أن تساهم في إثراء موضوع التنمية على غرار كيفية جعل النموذج الحالي للنمو نموذجا يستجيب للتحديات المطروحة كالفقر والبطالة، وكيفية تفعيل مساهمة الجهات الداخلية في خلق الثروة الوطنية.

وأوضح الجبالي أنّ عملية المرور من اقتصاد يقوم على المناولة إلى اقتصاد يستهدف التموقع في شبكات الإنتاج والتوزيع يمثل شرطا أساسيا يمكن أن يساهم في الرفع من نسق النمو ويدخل تحسينات على الدخل الفردي ويقلص من نسبة البطالة.

الخبير الإقتصادي والوزير المكلف بالإقتصاد رضا السعيدي ومهندس النظام الإقتصادي لحركة النهضة يرى أنّ أبرز التوجهات هي تكريس الحَوكمة الرشيدة والقطع مع الفساد الذي كان يكلف البلاد خسارة نقطتين وربما ثلاث نقاط من النمو وبالتالي خسارة عشرات الآلاف من فرص العمل".

ومن أبرز التوجهات تبرز الوزير المكلف بالإقتصاد رضا السعيدي :" من التوجهات الأساسية للتنمية أيضا تكريس المقاربة التشاركية في بلورة وتنفيذ التنمية المحلّيّة والجهوية من ذلك ضرورة مراجعة مجلة الاستثمارات لأجل تبسيط إجراءات الاستثمار، وإدخال تغييرات جذرية على الادارة لجعلها بحق في خدمة المواطن والاستثمار".

وأشار السعيدي على ضرورة تحدي التشغيل والتركيز على التنمية المتوازنة ودعم الجهات الداخلية وتأكيد دورها كأقطاب تنموية من خلال تنظيم ترابي جديد يقوم على أساس أنها أقاليم للتنمية ويلعب المستثمر دورا أساسيا وهو بالتالي يعتبر شريكا في الإختيارات و التوجهات ، وذلك في إطار ثلاثة مبادئ يرتكز عليها النظام وهي التنويع و التوسيع والتكامل.

أما الحزب الديمقراطي التقدمي وتحت شعار " من أجل تونس العدل و التقدم " فقد تقدم ببرنامجه الإقتصادي الذي ضم 120 نقطة وهو يركز على اللامركزية و الحوكمة و التنمية الجهوية في إطار سياسة اجتماعية تعتمد المساواة و الحداثة :" إن المقترحات و التدابير التي يقترحها الحزب الديمقراطي التقدمي ترمي إلى مشاريع ضخمة تخص البنية التحتية و التجهيزات الكبرى لتحقيق إنعاش الإقتصاد كما ترمي إلى إحلال العدالة والإنصاف بين المناطق و الفئات وإلى تطهير المحيط الإقتصادي ومناخ الأعمال مما علق بها من فساد واستغلال للنفوذ".

وأضاف :" من المتوقع أن يتيح نموذج التنمية الجديد تحقيق نمو متواصل يتراوح بين 40% و 45% في ظرف السنوات الخمس القادمة وتسجيل زيادة هامة في التشغيل (مواجهة مطالب التشغيل الجديدة والإستجابة لـ50% من العاطلين في ظرف عشرة أعوام ) ولتحقيق ذلك سيتم تمويل المشاريع الإقتصادية والإجتماعية والبينية بالترفيع في الميزانية بصفة محسوسة لتبلغ 28مليار دينار في ظرف خمس سنوات انطلاقا من الآن وستحتاج البلاد إلى عديد مصادر التمويل ومنها التمويل الذاتي أولا ثم التمويل الداخلي وأخيرا التمويل الخارجي وبالتالي سترتفع نسبة الإستثمار من 24% حاليا إلى ما بين 28 و29% من الناتج الداخلي الخام وسيمكن الإصلاح الجبائي المقترح من تمكين ضمان السيولة في المسالك الإقتصادية ووتحقيق مداخيل جبائية إضافية لغرض إنعاش الإقتصاد وتحقيق التنمية".

الخبير الإقتصادي ورئيس حزب العمل التونسي د. عبدالجليل البدوي أكد على أنّ البرنامج الاقتصادي لحزبه يرتكز على توسيع وتحديث البنية التحتية وبناء اقتصاد وطني مندمج ومعرفي علاوة على إعادة توزيع الثروة بصفة عادلة بين الفئات والجهات.

ويقترح حزب العمل إصلاح منظومات الشغل والتشغيل والجباية والحماية والحيطة الاجتماعية وكذلك المنظومة المالية والبنكية إلى جانب تطوير فلاحة عصرية وإرساء مناخ مؤسساتي وقانوني يحتضن ويدفع بالمؤسسات الاقتصادية.

ويوضح د. البدوي هذا النظام الذي يراه مناسبا ليخرج بتونس من هذا الركود ويحقق لها النمو و العدالة :" نظامنا الإقتصادي يرتكز أساسا على فكر الديمقراطية الإجتماعية وهو النط الديمقراطي الإجتماعي وهو معروف في دول أوروبا الشمالية على غرار فنلندا و السويد والنرويج و غيرها وهذا الفكر قائم على ثلاثة اعتبارات وهي الحرية ومنها حرية المبادرة للأفراد والجماعات والمنظمات ثم التضامن بين الجميع و العدالة.

ثلاث قيم يعتمدها هذا النظام وهذا يتطلب من الأطراف إعادة توزيع الأدوار وإعادة النظر في دور الدولة التي وقع التخلي عن دورها وخاصة في مجالين حساسيين وهما يهتمان بالسياسة القطاعية وترك قواعد و آليات السوق هي التي توجه و توظف الموارد البشرية و المالية نحو القطاعات و الجهات وهذا كان من تداعياته الزيادة في الفوارق بين الجهات وبين الفئات وبقي النسيج الإقتصادي في نفس الموقع في التقسيم الدولة للعمل وهذا من أهم الأسباب لتفاقم البطالة كما أن منظومة الإنتاج بقيت تتوسع على أساس أنشطة تستعمل يد عاملة رخيصة وغير ذات كفاءة كما أن منظومة التكوين تخرج سنويا عشرات الآلاف من أصحاب الشهائد العليا وهذا ما جعل سوق الشغل يختل وجعل البطالة تتصاعد وخاصة بطالة أصحاب الشهائد العليا وقد تخلت الدولة كذلك على دورها في إعادة التوزيع العادل للمداخيل وهذا ما نتج عنه فوارق بين الجهات والفئات وبالتالي لا بد من إعادة النظر في دور الأطراف المختلفة وخصوصا رد الإعتبار لدور الدولة وللسوق الداخلية لأن الإختيارات قامت على اعطاء الأولوية للإندماج العالمي على حساب الإندماج الداخلي وبقي النسيج الترابي متفككا و الجهات الداخلية مفككة و معزولة ونتج عنه كذلك انخرام كل التوازنات الحقيقية وتأثيرها على التوازنات الإقتصادية و المالية. هذه أهم القيم التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار من أجل بناء نمط تنموي متماسك و مندمج وقادر على تحقيق النمو الإقتصادي المنشود".

ويرى أنّ هذا النظام هو الحل في ظل الركود الإقتصادي التونسي لأنه لا يمكن أن نتمادى في ظل النظام الإقتصادي السابق الذي لم يكن ناجعا وناجحا لأنه لو لم يكن كذلك لما قامت الثورة التي قامت بسبب الفوارق بين الجهات وبين الفئات الإجتماعية وتزايد نسبة البطالة.

ويرى الخبير الإقتصادي د. منجي المقدم أنّ الأنظمة الإقتصادية التي تقدمت بها بعض الأحزاب السياسية فيها الكثير من المغالطة اعتبارا إلى أنه لا يمكن تحقيق الأهداف التي تم رسمها والتي لا تتماشي والواقع الإقتصادي التونسي الحالي والتحديات الكبرى التي تواجهه ومنها التشغيل إلى جانب تفاقم أزمة الديون في أوروبا وانعكاسها على تونس فمضاعفة النمو و بلوغ الإستثمار نسبا عالية " ليس سهلا " في أفق 2016 ، وعموما تبدي الأحزاب تفاؤلا كبيرا بشأن قدرة الإقتصاد الوطني التونسي على التعافي بسرعة كبيرة وتحقيق الطموحات.

من ناحيته ومقارنة ببقية الأنظمة الإقتصادية للأحزاب الأخرى قال د. البدوي :" وإن لم أطلع على الأنظمة الإقتصادية لكل الأحزاب فإني اطلعت على ما قدمته الأحزاب الموجودة على الساحة وأعتبر برنامج حزب العمل التونسي هام جدا و هو متطور على غيره من الأنظمة حيث قمنا بتشخيص للواقع ولأسباب فشل النظام القديم وبقية الأنظمة لم تقم بهذا التشخيص الهام و الضروري لقراءة الواقع والتعامل معه وليس هناك برنامج يذكرنا بالروافد الفكرية التي اعتمدها وبالنسبة لنظامنا هناك رافد فكري هو الديمقراطية الإجتماعية ولم تذكر مناويل بعض الأحزاب مصادر تمويل برامجها وما هي السياسات الإقتصادية التي ستعتمدها وهذا لم يمكن متوفرا في كل الأنظمة التي اطلعت عليها وخاصة بالنسبة للأحزاب التي تعتبر نفسها كبيرة وعريقة".

أما د. شكندالي فيرى أن البرامج الإقتصادية التي قدمتها الأحزاب خلال الحملة الإنتخابية الأخيرة تتفق على أن نسبة النمو تصل إلى 7% وحتى الحزب الديمقراطي التقدمي منح نسبة 7.5% وتوفير في حدود 120 ألف فرصة عمل وهو ما يعني 600 ألف فرصة عمل تقريبا في أفق 2016 ومن هنا يبدو أن كل التونسيين متفقون على أن الإقتصاد التونسي الذي اشتغل في زمن الرشوة و المحسوبية وبلغت نسبة النمو 5% فما بالك الآن وفي ظل الحوكمة الرشيدة يمكن أن نصل إلى أكثر من نسبة نمو تفوق 7% ولكن لا بد من العمل على توفير الأمن و الإستقرار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف