اجتماع "العشرين" يركز على دور ألمانيا في حل مديونية "اليورو"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وجدت ألمانيا نفسها مرغمة على البحث عن مصادر مالية إضافية لمواجهة أزمة المديونية في منطقة اليورو، بعدما قالت الدول الأعضاء في مجموعة العشرين إن على الاوروبيين أن يسهموا بقدر أكبر من الدعم المالي قبل أن تفكر هذه الدول بمدّ يد المساعدة من خارج القارة.إعداد عبدالإله مجيد: يعني قرار مجموعة العشرين رفض نداءات الاستغاثة الاوروبية في مواجهة الأزمة المالية ريثما تلمس المجموعة زيادة في دعم الأوروبيين أنفسهم ، إلقاء العبء على ألمانيا ، المساهم الأكبر أصلا على مستوى الدول المنفردة ، في حزم الإنقاذ وبالتالي يتعين أن تتغلب على إحجامها عن تقديم المزيد. وعلى المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الآن،أن تقرر دعم الخطط التي ستُقترح خلال القمة الاوروبية في 1 ـ 2 آذار/مارس لجمع أموال الإنقاذ في صندوق واحد وتوفير "جدار ناري" بقيمة 750 مليار يورو. ونقل موقع بلومبرغ عن رئيس شركة غولدمان ساكس اسيت مانجمنت للخدمات المالية جيم اونيل أن اوروبا "لا تحتاج في الحقيقة الى أي مال من الخارج بل تحتاج الى ان يبدي صانعو سياستها وخاصة المانيا قدرة قيادية".
وكانت المانيا حضرت اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين في المكسيك، بحثا عن موارد مالية جديدة لصندوق النقد الدولي يمكن توظيفها في معالجة الأزمة المالية في منطقة اليورو التي دخلت عامها الثالث. وقالت مديرة الصندوق كريستين لاغارد التي شاركت في الاجتماع إنها تريد ان ترفع قدرة الصندوق التسليفية بواقع 500 مليار دولار، لتجنيب الاقتصاد العالمي "مزيدا من الهزات".
وخلصت مجموعة العشرين الى ان من الضروري ان تراجع اوروبا "جدارها الناري" في آذار/مارس قبل ان يُمكن التفكير في أي خطوة لزيادة موارد صندوق النقد الدولي ، كما جاء في البيان الختامي لاجتماع المجموعة في المكسيك يوم الأحد. وسيجري تقييم التقدم المتحقق في نيسان/ابريل حين يلتقي المسؤولون في واشنطن للاجتماعات الربيعية التي يعقدها صندوق النقد الدولي.وقال وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن في مقابلة على هامش اجتماع المكسيك انه الى ان يرى العالم مساهمة اوروبا بمزيد من الدعم "لا اعتقد اننا سنرى أية أموال من بقية العالم".
وتصدّرت الولايات المتحدة الدعوات الى زيادة اموال الدعم الاوروبية بإعلان وزير الخزانة تيموثي غايتنر في كلمته في اجتماع ان على اوروبا ان تجعل التزاماتها بمكافحة الأزمة "ذات مصداقية". وقال وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله في اليوم نفسه ان الاتفاق على رصد 130 مليار يورو لإنقاذ اليونان من الإفلاس الاسبوع الماضي يبيّن "أن اوروبا أدّت واجبها".
وأكد سجال الوزيرين الانقسامات في صفوف مجموعة العشرين فيما انضمت اليابان والبرازيل وروسيا وبريطانيا الى الولايات المتحدة وكندا في دفع منطقة اليورو الى تدعيم دفاعاتها في مواجهة الأزمة.وفي حين ان الحكومة الالمانية لم تكشف اوراقها بشأن خطة لجمع 250 مليار يورو، ما زالت متبقية في صندوق المنطقة الموقت و500 مليار يورو في صندوق الانقاذ الدائم الذي سيبدأ عمله في تموز/يوليو فان ميركل اشارت الى انفتاحها على مراجعة القضية في قمة الاتحاد الاوروبي في بروكسل.
وفي ما يتعلق بموقف المانيا من الأزمة منذ انكشافها في اليونان اواخر عام 2009 ، فإن على ميركل ان تأخذ في حسابها اعتبارات داخلية. وأظهر استطلاع نُشرت نتائجه يوم الأحد ان 62 في المئة من الناخبين الالمان قالوا إنهم يريدون من نوابهم ان يصوتوا الاثنين ضد مساعدة اليونان بمزيد من المال، وأوضح 32 في المئة انهم يؤيدون حزمة الانقاذ.وحين سُئل المفوض الاقتصادي والمالي للاتحاد الاوروبي اولي ريهن في اجتماع المكسيك، إن كان يتوقع اتفاقا على الجدار الناري الاوروبي في قمة هذا الاسبوع، قال إنه يتوقع نتيجة "خلال شهر آذار/مارس". وردد محافظ البنك المركزي الايطالي انغانزيو فيسكو هذا الموقف.
ونقل موقع بلومبرغ عن الخبير الاقتصادي في بنك اسكتلندا جاك كالو إن لدى الالمان تسلسلهم الخاص بالأولويات وهم "يريدون الانتهاء من قضية اليونان" قبل مناقشة الجدار الناري. واضاف "ان الأمل يتلاشى بإمكانية الاتفاق على جدار ناري أعلى في قمة هذه الاسبوع".ولكن موقف مجموعة العشرين من تقديم أموال اضافية لمساعدة اوروبا لا يستأثر باهتمام المستثمرين مثلما تستأثر به ازمة اليونان وقرار البنك المركزي الاوروبي منح البنوك سيولة غير محدودة لمدة ثلاث سنوات ، وهي المرة الثانية التي يتخذ فيها مثل هذه الخطوة في ثلاثة أشهر ، كما لاحظ الخبير كالو.
وشهد اجتماع المكسيك انحسار الضغط من اجل التوصل الى اتفاق بعدما استجابت اسواق السندات ايجابيا لاتفاق الاسبوع الماضي على انقاذ اليونان من الافلاس. وارتفعت سندات ايطاليا الآجلة 10 سنوات للاسبوع السابع، وهي أطول فترة من الارتفاع في حقبة اليورو في حين سجلت نظيراتها الاسبانية اعلى زيادة اسبوعية لها منذ شهر.ورغم ذلك، هبط مؤشر ستوكس 600 الاوروبي 0.4 في المئة الاسبوع الماضي بسبب المخاوف من عجز اليونان عن تنفيذ الاجراءات التقشفية المطلوبة وتوقعات المفوضية الاوروبية بانكماش اقتصاد منطقة اليورو هذا العام.
وقال اندرو ميليغان الخبير المالي في شركة ستاندارد لايف انفستمنتس لمتد في ادنبرة ان المطلوب موارد مالية أكبر لطمأنة المستثمرين الى السيطرة على عدوى اليونان. واضاف ان الضغط يشتد في المانيا وبلدان أخرى لرفع الجدار الناري متوقعا ان توافق هذه الدول على رفعه في نهاية المطاف "ولو بعد أزمة أخرى أو فترة صعبة من المفاوضات قبل ان يحدث ذلك".وقال بيان مجموعة العشرين ان توقعات النمو لعام 2012 معتدلة ومخاطر الانحدار تبقى عالية الى جانب تقلب الاسواق. وإزاء ما تسجله اسعار النفط من ارتفاع متواصل لم تعرفه منذ عامين وسط التوتر مع ايران وسوريا رحبت دول مجموعة العشرين في بيانها "بالتزام البلدان المنتجة بالاستمرار في تأمين امدادات كافية".
وإذا اعترف الاجتماع بالتقدم الذي تحقق في اوروبا والولايات المتحدة على مستوى احتواء المخاطر "فان هذا ليس وقت الاكتفاء بذلك" ، كما حذر محافظ البنك المركزي المكسيكي اوغسطين كارستن في تصريح للصحافيين.وتعهدت حكومات منطقة اليورو ضخ نحو 200 مليار دولار من الاموال الاضافية لتدعيم موارد صندوق النقد الدولي المخصصة للإقراض. وقال غاينتر انه لن يتوجه الى الكونغرس ليطلب مساهمة الولايات المتحدة بقسطها في ذلك "لأننا لا نعتقد انه ضروري أو مرغوب فيه".
واكد وزير المالية البرازيلي غيدو مانتيغا بعد اجتماعه مع نظرائه من روسيا والهند والصين وجنوب افريقيا ان مجموعة الأسواق الناشئة الكبرى "بريك" لن تقدم أموالا اضافية الى اوروبا إلا إذا نفذ قادة المنطقة اتفاق 2010 على منح دول "بريك" كلمة اكبر في ادارة صندوق النقد الدولي "تنفيذا حرفيا".واتهم وزير المالية الكندي جيم فلاهرتي المانيا بغيابها عن الدفة قائلا ان على الدولة الأقوى اقتصاديا في اوروبا "ان تأخذ دور القيادة على محمل الجد وتتقدم بخطة شاملة لمنطقة اليورو".
وعلى النقيض من الانتقادات التي وُجهت الى برلين، فان غايتنر ولاغارد أثنيا على البنك المركزي الاوروبي الذي يوجد مقره في فرانكفورت لمساهمته في تفادي خروج الانعاش العالمي عن السكة. ولكن موقع بلومبرغ نقل عن محمد العريان الرئيس التنفيذي لشركة باسيفيك انفستمنت مانجمنت انه "لن يكون من الحكمة ان تعتقد الأسواق وصانعو السياسة ان السيولة التي يضخها البنك المركزي الاوروبي ، على قوتها ، ستعوض بصورة دائمة عن الاجراءات المطلوبة لتحسين النمو والقدرة التنافسية والقدرة على سداد الديون".