اقتصاد

الصين تسعى إلى تنويع محفظة عملاتها بعيداً عن الدولار الأميركي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أظهرت مجموعة بيانات حديثة أن الصين بدأت تهدئ رغباتها المتعلقة بالاستثمار في السندات المالية الأميركية، في تحول قد يعني انخفاض تدفق الرأسمال الرخيص من بكين واحتمال ارتفاع تكاليف الاقتراض في جميع قطاعات الاقتصاد الأميركي.

القاهرة: أشار تحليل لبيانات وزارة الخزانة الأميركية إلى أن الصين، التي تمتلك احتياطات نقد أجنبي بقيمة قدرها 3,2 تريليونات دولار، قد بدأت بشكل سريع تنويع محفظة العملات الخاصة بها. ونقلت في هذا السياق اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن لو فينغ، مدير المركز الصيني لبحوث الاقتصاد الكلي التابع لجامعة بيكينغ، قوله :" وهذا يشير إلى اعتزام الصين عدم وضع كل بيضها في سلة واحدة".

ومع هذا، لا تزال الصين مشتريًا قويًا للديون الأميركية. وقد ارتفع استحواذ الصين على السندات المالية الأميركية بنسبة 7 % إلى 1,73 تريليون دولار حتى يوم 30 من شهر حزيران/ يونيو الماضي، أي بزيادة قدرها 115 مليار دولار عما كانت عليه قبل 12 شهراً، وذلك طبقاً لما أظهرته البيانات الخاصة بوزارة الخزانة الأميركية.

غير أن النسبة المئوية للاستحواذ على الدولار في احتياطات النقد الأجنبي التي تمتلكها الصين انخفضت لأدنى مستوى لها في عشرة أعوام، حيث وصلت إلى 54 % في العام الذي انتهى في الثلاثين من حزيران/ يونيو الماضي، بعد أن كانت 65 % عام 2010.

ونوهت الصحيفة بأن بيانات وزارة الخزانة تتيح القراءة الأكثر شمولية لما تمتلكه الصين من سندات مالية أميركية. لكن الصعوبات المتعلقة بقياس ما تستحوذ عليه الصين، والتي تفاقمت بما أطلق عليها بعض المحللين محاولة من جانب بكين لإخفاء حصتها من الاحتياطات، تعني أن البيانات من الممكن أن تضخم من هذا التوجه.

واستناداً لحسابات ارتكزت على معلومات تم نشرها من جانب وزارة الخزانة الأميركية والحكومة الصينية، فإن شراء السندات المالية الأميركية قد ارتفع إلى 15 % فقط من الزيادة في احتياطات النقد الأجنبي الخاصة بالصين في الاثني عشر شهراً التي انتهت في الثلاثين من حزيران/ يونيو، بعد أن كانت 45 % في 2010، وبعد أن كانت تقدر في المتوسط بـ 63 % على مدار السنوات الخمس الماضية.

ولطالما حذر الخبراء الاقتصاديون من أنه إذا بدأت الصين وقف عملياتها الشرائية للسندات المالية الأميركية، فإن أسعار الفائدة الأميركية من الممكن أن تتصاعد، وهو ما سيكون سبباً في إلحاق الضرر بالاقتصاد الأميركي ورفع تكاليف الاقتراض الحكومي.

وقال في هذا الشأن دافيد آدير، رئيس استراتيجية السندات الحكومية لدى سي آر تي كابيتال في ستامفورد :" نشعر بالقلق بشأن إحجام الصين عن شراء الدين الأميركي منذ 3 أعوام الآن، وهو الأمر الذي لم يحدث حقاً. وتحرص الصين على التنويع منذ عدة سنوات. وهو ما كان يحدث بشكل تراكمي وقد أخبرونا بذلك كثيراً. فمجرد الإقدام على التنويع في عملة أخرى أمر لابد وأن يشغلنا ويثير اهتمامنا بالتأكيد".

فيما أشاد بعض الخبراء الاقتصاديين بالتوقيت الذي اتخذت فيه الصين خطوة كهذه. وقالت ايسوار براساد، الأستاذة الصينية في معهد بروكينغز :" سيكون من الجيد بالنسبة إلى الصين أن تنتهج استراتيجية مضادة وتختار الأوقات التي يكون فيها الدولار قوياً للتنويع بشدة من تركيبة العملات الخاصة بحقيبة احتياطاتها بعيداً عن الدولار".

هذا وتلتزم الصين الصمت حيال الطريقة التي تستثمر من خلالها في احتياطات النقد الأجنبي، التي نمت بشكل سريع على مدار الأعوام العشرة الماضية. وسبق للقادة الصينيين أن أدلوا خلال الآونة الأخيرة على نحو متزايد بتصريحات قوية بشأن رغبتهم في تقديم يد العون لدول منطقة اليورو الـ 17 في ظل ما تواجهه من متاعب اقتصادية.

وسبق أن قام كلاوس ريغلينغ، الرئيس التنفيذي لصندوق الاستقرار المالي الأوروبي - وهو صندوق الإنقاذ الخاص بمنطقة اليورو لليونان وغيرها من الدول المتعثرة مالياً - بزيارة بكين في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي من أجل إجراء محادثات هناك.

ثم مضت الصحيفة تقول إن الصين تمتلك العديد من الأسباب التي تجعلها تمضي في محاولاتها الرامية إلى خفض درجة تعرضها للدولار. كما أنها ستستفيد الكثير من وراء تعميق علاقاتها وروابطها بعملات أخرى. وفي غضون ذلك، لا يزال الطلب الإجمالي العالمي على السندات المالية الأميركية قوياً في الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون عن ملاذ آمن خلال تلك الأوقات المالية والاقتصادية الصعبة. وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأميركية أن الاستحواذ الأجنبي على السندات المالية الأميركية قد تزايد بقيمة قدرها 1,8 تريليون دولار، أو حوالى 17 %، ليصل إلى 12,52 تريليون دولار على مدار فترة الاثني عشر شهراً التي انتهت في حزيران/ يونيو الماضي.

وفي الوقت الذي ارتفع فيه استحواذ الصين على السندات المالية الأميركية بنسبة 7 % في العام الذي انتهى في حزيران/ يونيو، فإن استحواذ الصين الإجمالي على النقد الأجنبي قد تزايد بنسبة 30 % ليصل إلى 3,2 تريليونات دولار، أي بزيادة قدرها 743 مليار دولار. وفي الوقت الذي تراجع فيه معدل شراء الصين للسندات المالية الأميركية، برزت دول أخرى لتحل محلها في هذا الخصوص، في مقدمتها اليابان.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف