خبراء: المنح والقروض محاولة لترويض مصر بعد الثورة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رغم كثرة الوعود التي تلقتها مصر بعد الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك من مختلف دول العالم، سواء العربية أو الأجنبية، بدعمها بمليارات الدولارات على شكل قروض ومنح، إلا أن تلك الوعود لم يتحقق منها سوى النذر القليل.
القاهرة:وعد الاتحاد الاوروبي بتقديم منح وقروض إلى مصر لسد العجز في الفجوة التمويلية للمالية العامة المصرية، كما عرض تقديم مساعدات في نقل التكنولوجيا والتدريب والمشاركة في المشروعات الزراعية والصناعية والسياحية وفتح الاسواق الاوروبية أمام المنتجات المصرية.
جاء ذلك على لسان برناردينو ليو، مبعوث الاتحاد الاوروبي لجنوب المتوسط، الذي زار حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين على رأس وفد أوروبي، مساء الاربعاء 14 أذار (مارس)، مبدياً رغبته في أن يظل الاتحاد الاوروبي هو الشريك التجاري الأول لمصر.
وكان الإتحاد الأوروبي وعد مصر بتقديم 449.5 مليون يورو في صورة منح لا ترد لدعم خطط وأولويات الحكومة المصرية، التنموية، خلال الفترة من حزيران (يونيو) 2011 وحتى الشهر نفسه من العام 2013، ويعتبر الإتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري لمصر بعد الولايات المتحدة الأميركية، حيث بلغ حجم الصادرات المصرية لدوله 8.2 مليارات يورو خلال العام 2008، بينما بلغت الواردات المصرية من دول الاتحاد الأوروبي 12.7 مليار يورو خلال العام نفسه.
من جانبه، أكد الدكتور محمد جودة، أحد مسؤولي الملف الاقتصادي لحزب الحرية والعدالة، أن اللقاء انتهى باتفاق الطرفين على مجموعة من البنود، التي تعزز الشراكة المصرية الأوروبية، أبرزها استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم كل أنواع الدعم المالي والفني والتجاري لمصر، أسوة بما تم مع تونس في تشرين الأول/أكتوبر 2011، ومع الأردن خلال شباط/فبراير الماضي.
كما تم الاتفاق على تبادل الزيارات بين الخبراء المتخصصين في كلا الجانبين لبحث الجوانب التفصيلية والتعرف إلى الاحتياجات المصرية استعداداً لعقد إجتماع موسع في نهاية أيلول/سبتمبر المقبل لوضع أساس جديد للشراكة المصرية الاوروبية.
وكان رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري قد قال في مؤتمر صحافي، إن المساعدات التي أعلن عنها، سواء من الثماني الكبار أو من الدول العربية أو حتى صندوق النقد الدولي، لم يصل منها شيء سوى مليار دولار من أصل 10 مليارات ونصفمليار وعدت بها دول عربية، بعضها على شكل منح، والبعض الآخرعلى شكل قروض، وأشار الى توقف الاستثمارات الخارجية رغم الجهود المبذولة لجذبها.
من جهته، اعتبر الدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث، أن ما يحدث ما هو إلا محاولات من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية لاستمرار مصر في العمل وفقاً للتبعية الإقتصادية، وألا تكون مستقلة اقتصادياً عن الغرب.
وقال لـ"إيلاف" إن استمرار العمل بسياسة القروض يعني استمرار التبعية السياسية للغرب، مشيراً إلى أنكل زيارات المسؤولين الغربيين، لا سيما الأميركيون منهم وأصدقاؤهم الأوروبيون، تهدف إلى إعادة إنتاج نظام مبارك في كل المجالات، ولا سيما السياسة والإقتصاد.
ويحذر سيد أحمد من فرحة الحكومة المصرية بمنح وقروض الغرب، مشيراً إلى أن الغرب يستغل تلك المنح والقروض في إملاءات سياسية، بل وثقافية، تهدف إلى إستمرار هيمنته على صناعة القرار المصري. وجدد سيد أحمد تأكيده على أن الغرب يريد إعادة إنتاج نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، ولكن بلحية.
ودعا سيد أحمد إلى ضرورة أن يطرح المسؤولون المصريون بعد الثورة سياسة القروض والمنح جانباً، وأن يتبعوا سياسة الإعتماد على الذات، والتحول من الإستهلاكوالإستيراد إلى الإنتاج والتصدير، والتوسع في زراعات القمح والمحاصيل الضرورية.
أما الدكتور صلاح جودة، رئيس مركز الدراسات الإقتصادية، فقال إنه وبعد قيام ثورة 25 يناير،والتي انتهت المرحلة الأولى منها بتنحي رأس النظام السابق يوم الجمعة الموافق (11/2/2011) وتم ملاحقته قضائياً، هو ورموز حكمه، منذ ذلك التاريخ وحتى الآن نجد أن هناك رحلات مكوكية يقوم بها الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزارء السابق، وكذلك نائبه السابق يحيى الجمل، والسادة وزراء المالية إلى الدول العربية أو الأوروبية أو الأميركية، من أجل الحصول على قروض ومنح،ولكنهم لم يستحصلوا سوى على وعود وكلام معسول فقط.
وأضاف جودة لـ"إيلاف": "نجد أن الأخبار تكون مبشّرة عقب كل زيارة، وأن الأمور تسير في مسارها الطبيعي، وأن دول الخليج تعهدت بإعطاء منح ومساعدات وقروض لمصر تبلغ حوالى 10مليارات دولار، ونجد كذلك أن الولايات المتحدة الأميركية قد وعدت مصر بتقديم منح وقروض وخطابات ضمان بما قيمته 4 مليارات دولار، وكذلك صندوق النقد الدولي قد وعد بتقديم مساعدات تبلغ 5 مليارات دولار، عبارة عن منح وقروض، وكانت سياسة القبلات والأحضان تنتشر بعد كل لقاء، إلا أنهابقيت مجرد وعود، وخاصة أن هذه العادة والسمة هي سمة عربية أصيلة، ولم يتحقق أي من هذه الوعود من أي منالجهات المذكورة.
ودعا جودةالحكومة المصرية والمجلس العسكري ورئيس الجمهورية المقبل إلى تجاهل تلك المعونات والقروض المزعومة أو قروض ومعونات القبلات والأحضان، والتي لم تحدث، ولم تحصل منها مصر على شيء.
وأضاف: "القاعدة السياسية تقول إن العالم لا يساعد سوى الأقوياء، ويساعد من يريد أن يساعد نفسه، ونحن الآن لسنا أقوياء، بسبب الانفلات الأمني والإقتصادي والوقفات الإحتجاجية، وكذلك المطالب الفئوية، وتراخي يد الدولة وعدم العمل بالجدية اللازمة".
وتابع: "بشرعية ثورة 25 يناير2011 ولكل هذه الأسباب مجتمعة يجب الإعتماد على النفس، وايجاد موارد جديدة للموازنة العامة للدولة، ويجب أن يعود المواطن المصري إلى العمل، وأن تكون هناك خريطة طريق إقتصادية للدولة المصرية، وأن تكون هناك خطوات فاعلة، يتم الاعلان عنها كل شهر حتى يطمئن الشعب، وأن يتحدث رئيس الوزراء أسبوعياً إلى الشعب لمعرفة ما هي المستجدات على الساحة السياسية والاقتصادية، ماسيعطي مصر دفعة قوية لتكون ثورة 25 يناير 2011 بمثابة القاطرة لإقتصاد مصر، وكذلك للمنطقة العربية".