اقتصاد

العقوبات ضد إيران تلقي بظلالها على نمو الاقتصاد العالمي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: لم تنجح العقوبات المشددة التي يفرضها الغرب على إيران في ثني طهران عن المضي قدما في برنامجها النووي، بل انها ادت الى ارتفاع كبير في اسعار النفط وهو ما يمكن ان يؤدي الى حالة من الركود الاقتصادي العالمي، حسب محللين.

وبلغت اسعار النفط مستويات عالمية في وقت سابق من هذا الشهر، ويعتقد المحللون الان ان ذلك جر منطقة اليورو الى حالة من الركود الاقتصادي. وزادت العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ضد إيران من التوترات، كما رفعت اسعار النفط وسط قلق الاوساط الاقتصادية من اندلاع العداوات بما في ذلك اي هجوم يمكن ان تشنه اسرائيل ضد المنشات النووية الإيرانية.

واقر الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة ان التوترات بشان إيران "اضافت 20 الى 30 دولار الى اسعار النفط" اي ما نسبته 20% منذ كانون الاول/ديسمبر. وحذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في وقت سابق من ان اي توقف لامدادات النفط من إيران يمكن ان يزيد اسعار النفط بنسبة اضافية تتراوح ما بين 20 الى 30 بالمئة مما يمكن ان يتسبب في صدمة اقتصادية.

وقالت لاغارد ان "اي ارتفاع مفاجئ وقاس لاسعار النفط" عن المستوى الحالي الذي يبلغ فيه سعر نفط برنت الحالي نحو 125 دولار للبرميل "سيكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي " الى حين تتمكن الدول المصدر للنفط من سد النقص.

وهددت إيران بالرد على العقوبات بما في ذلك العرقلة المحتملة لشحن النفط عبر مضيق هرمز، الذي تمر منه نسبة كبيرة من شحنات النفط العالمية. وحذرت شركة ارنست اند يونغ في توقعاتها بالنسبة لمنطقة اليورو من ان ارتفاع اسعار النفط الى معدل ثابت هو 150 دولار سيتسبب في ركود بنسبة 1% في دول الاتحاد الاوروبي هذا العام، وهو ضعف نسبة الانكماش المتوقعة حاليا التي لا تتعدى 0,5%.

وقالت ماري ديرون المستشارة الاقتصادية البارزة في ايرنست اند يونغ ان "اية صدمة نفطية جديدة ستضر بشدة بالاقتصاد الهش". واضافت انه "مع انكماش ميزانيات تلك الدول بسبب اجراءات التقشف وارتفاع نسبة البطالة، فان العديد من العائلات "ستضطر على الارجح الى خفض مشترياتها".

واشارت الى ان ذلك سيشكل ضربة للشركات والاعمال التي ستضطر كذلك الى التاقلم مع ارتفاع اسعار النفط، ويرجح أن تخفض انتاجها وكذلك تقلص الوظائف، مما سيزيد عدد العاطلين عن العمل بنحو نصف مليون شخص بحسب تلك الاحصاءات.

وحذر اتحاد "اياتا" للطيران من ان اسعار النفط الحالية ستضر بقطاع الطيران، وان ارتفاع سعر البرميل الى 150 دولار يمكن ان يؤدي الى افلاس بعض الشركات. وارتفعت اسعار نفط برنت الخام في كانون الثاني/يناير عندما اعلن الاتحاد الاوروبي انه سيحظر واردات النفط الإيراني، ويبدو ان هذا الارتفاع قد اعاد منطقة اليورو الى الركود.

وسجل نشاط القطاع الخاص في منطقة اليورو انخفاضا اسوأ من المتوقع في اذار/مارس، ما يشير الى ان المنطقة التي تضم 17 بلدا قد عادت الى الركود، بحسب مؤشر مديري الشراء لشركة "ماركيت" للابحاث.

وسجل هذا المؤشر انخفاضا الى 48,7 نقاط في اذار/مارس مقارنة مع 49,3 نقطة في شباط/فبراير. واي انخفاض اقل من 50 نقطة هو مؤشر على الانكماش. وقالت كريستيان شولتز الاقتصادية البارزة في بنك بيرينبرغ ان "اسعار النفط وضعف بيئة التجارة هي المحركات الرئيسية وراء ذلك الانخفاض".

وانخفض نشاط التصنيع في الصين كذلك الى ادنى معدل له منذ اربعة اشهر ليصل الى 48,1 نقطة في اذار/مارس طبقا لمؤشر مديري الشراء الاولي في بنك اتش اس بي سي، مما يزيد من المخاوف بشان تباطؤ النمو في ثاني اكبر اقتصاد في العالم.

وبلغ سعر نفط برنت 128,40 دولار في الاول من اذار/مارس، وهو اعلى مستوى يصله منذ بلوغه الذروة في تموز/يوليو 2008. ولكن مع انخفاض سعر اليورو مقابل الدولار، فقد وصل سعر البرميل 94,65 يورو.

وجاء في اخر تقرير لوكالة الطاقة الدولية انه "نظرا لمشكلة الديون الكبيرة الحالية التي تواجه عددا من الاقتصاديات المتعثرة في منطقة اليورو، فان الارتفاع الكبير الذي طرأ على اسعار النفط مؤخرا يضيف الى التضخم والعجز في ميزان المدفوعات بسبب واردات النفط المسعر بالدولار".

واضاف ان "الارتفاع المستمر المحتمل للاسعار يهدد بتقويض وتيرة الانتعاش الاقتصادي العالمي" مشيرا في الوقت ذاته الى ان الاسعار ارتفعت بنسبة 20 بالمئة منذ كانون الاول/ديسمبر. وقدرت وكالة الطاقة الدولية ان الصادرات من إيران يمكن ان تنخفض بمقدار 800 الف الى مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام بعد البدء في تنفيذ العقوبات الاشد التي فرضها الغرب.

وصرح وزير الطاقة الفرنسي اريك بسون الاسبوع الماضي ان فرنسا وغيرها من الدول الصناعية تفكر في استخدام بعض احتياطيها النفطي للابقاء على الاسعار. والاسبوع الماضي ناقش اوباما هذا الاحتمال مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارته واشنطن، بحسب ما اكد البيت الابيض.

وكانت الدول الصناعية لجأت الى احتياطياتها النفطية العام الماضي للتخفيف من ارتفاع الاسعار بعد توقف صادرات النفط الليبية بسبب الثورة التي اطاحت بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. الا ان مديرة وكالة الطاقة الدورية ماريا فان هوفن صرحت لاخبار داو جونز الاسبوع الماضي انه لم تجر اية مناقشات حول عملية افراج منسقة لاحتياطيات النفط في الدول الصناعية.

واضافت انه لا يوجد حاليا اي توقف في الامدادات تبرر ذلك. وصرحت واشنطن وبروكسل ان العقوبات بدأت تؤثر على الاقتصاد الإيراني، ووافقت طهران الشهر الماضي على استئناف المحادثات مع مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن اضافة الى المانيا. الا انه لم يتم تحديد تاريخ او مكان تلك المفاوضات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف