اقتصاد

مخاوف من تنامي أعداد الفقراء العاملين في القارة العجوز

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
دوس سانتوس تقيم برفقة صديقها في مقطورة في مخيم شمال باريس

بدأ الخبراء الإقتصاديون والمسؤولون الأوروبيون يحذرون من أن الأوضاع في القارة الأوروبية تزداد سوءاً، بعد تنامي أعداد الفقراء من الفئة العاملة، حيث أنهم محاصرون في وظائف ذات رواتب منخفضة أو وظائف موقتة.

القاهرة: ما أن تنتهي ميليسا دوس سانتوس من عملها في آخر كل يوم، لتمضي إلى منزلها الكائن في مكان غير متوقع، في داخل مقطورة صغيرة في مخيم يقع على بعد 30 ميلاً شمال باريس، حيث يعيش العشرات من الأشخاص الذين يعجزون عن الإيفاء باحتياجاتهم في منطقة مترامية الأطراف تم تصميمها خصيصاً لتكون ملاذاً ريفياً للمصطافين.

وقالت دوس سانتوس، البالغة من العمر 21 عاماً، والحزن يبدو واضحاً في نبرة صوتها :" سبق لي أن نشأت في منزل؛ أما العيش في مخيم فهذا أمر مختلف". ولفتت في هذا الصدد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن آمالها المتعلقة بعيش حياة طبيعية في شقة مع صديقها قد تبددت، حين التحق الاثنان بوظائف ذات أجور ضئيلة، هي تعمل في سوبر ماركت وهو يعمل كزبال في شوارع باريس، بعد بحثهما على مدار أشهر، من دون جدوى، عن وظائف يتحصلان من خلالها على رواتب أفضل.

وتابعت حديثها بالقول :" يصفنا الناس بأننا طبقة مهمشة. وهذا يقضي علينا شيئاً فشيئاً". وعلى الرغم من بدء تراجع حدة أزمة اليورو التي تعصف بأوروبا منذ مدة طويلة، إلا أن الضائقة الاقتصادية التي نجمت عن ذلك قد دفعت بعدد كبير من العمال إلى مواجهة احتمالات محفوفة بالمخاطر في فرنسا وفي جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

وأشارت الصحيفة إلى أن مئات الآلاف من الأشخاص يعيشون اليوم في مخيمات ومركبات وغرف فندقية رخيصة. كما يتشارك عدد أكبر، يقدّر بالملايين، في أماكن للإقامة مع أقرباء، غير قادرين على تحمل تكاليف المعيشة الأساسية. وهؤلاء الناس هم الحافة القصوى للفقراء العاملين في أوروبا، وهم شريحة متزايدة من السكان الذينينزلقون من خلال شبكة الأمان الاجتماعي المتبجحة منذ مدة طويلة في أوروبا.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن كثيرين منهم، وبخاصة من الشباب، محاصرون في وظائف منخفضة الراتب أو في وظائف موقتة حلت محل الوظائف الدائمة بعدما تم تدميرها جراء موجة الهبوط الاقتصادي التي حلت على القارة العجوز في السنوات الأخيرة.

وبدأ يحذر الآن خبراء اقتصاديون ومسؤولون أوروبيون وكذلك جماعات مراقبة اجتماعية من أن الأوضاع بصدد أن تزداد سوءًا. وقال هنا جان بول فيتوسي، أستاذ الاقتصاد لدى معهد الدراسات السياسية في باريس، إنه في الوقت الذي تتعامل فيه الحكومات الأوروبية مع الأزمة من خلال خفض الإنفاق لسد الفجوات الحاصلة في الميزانيات ومنح قدر أكبر من المرونة لعمالتها، فإن طبقة الفقراء العاملين سوف تنفجر.

ويرى معظم الأوروبيين، وبخاصة الفرنسيين، أن ذلك لا ينبغي أن يحدث على ما يبدو، في الوقت الذي يتضح فيه أن هذا الاتجاه أكثر مدعاةً للقلق في الدول الأشد تضرراً مثل اليونان واسبانيا، وإن كان يتزايد في الدول الأكثر رخاءً مثل فرنسا وألمانيا.

وعاود جان بول فيتوسي ليقول :" فرنسا دولة غنية. لكنّ الفقراء العاملين يعيشون بالظروف نفسهاالتي كانوا عليها في القرن التاسع عشر. فهم غير قادرين على تحمل نفقات التدفئة، وغير قادرين على شراء ملابس لأطفالهم، كما أنهم يعيشون خمسة أفراد في بعض الأحيان داخل شقة مساحتها 9 أمتار مربعة هنا في فرنسا !".

وفي العام 2010، وهو آخر عام توافرت فيه البيانات، كانت تعيش نسبة قدرها 8.2 % من العمال في دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 17 دولة، تحت خط الفقر المتوسط في المنطقة، والذي يقدر بـ 10240 يورو أو حوالي 13500 دولار سنوياً لكل فرد من العمال البالغين، وذلك بعد أن كانت تلك النسبة 7.3 % العام 2006.

واتضح، وفقاً لما ذكرته الصحيفة، أن نصف العمال في فرنسا يكسبون أقل من 25 ألف دولار سنوياً. ويقدر متوسط الراتب الشهري بـ 2199 دولاراً، وهو المتوسط الذي يزيد بنسبة قدرها 26 % فوق الراتب المتوسط لمنطقة الاتحاد الأوروبي بأسرها.

غير أن تكاليف المعيشة المرتفعة والصعوبات التي يواجهها كثيرون في سبيل تأمين سكن بأسعار معقولة قد تسببت في ترك أعداد متزايدة تعيش في العراء. ثم عادت الصحيفة لتشير إلى أن دوس سانتوس وصديقها جيمي كولن، 22 عاماً، قد انتقلا للعيش في المقطورة لعدم رغبتهما في العيش مع أسرهما وعدم امتلاكهما مقدم حجز شقة.

ثم مضت الصحيفة تنوّه إلى مثال آخر لشخص يدعى برونو دوبوسك، 55 عاماً، وهو مدير موارد بشرية في شركة صغيرة وسط باريس، وقد قرر الانتقال للعيش في عربة كارافان في موقف السيارات الموجود عند قلعة شاتو دي فينسين (شرق باريس).

وتابعت إيزابيل ماكيت- اينغستيد، المحللة البارزة لدى المفوضية الأوروبية في بروكسل، قولها :" قد تعمل فحسب الجهود السياسية المبذولة لتشجيع الوظائف الموقتة على تجاوز المشكلات التي تواجهها أوروبا في ما يتعلق بتوليد نمو اقتصادي ثابت وتوفير فرص عمل ذات رواتب جيدة. ونحن لدينا مؤشرات على أن الأمور لن تتحسن، لأن الوظائف التي يتم توفيرها هي تلك التي تحمل مخاطر أكبر للفقر".

وختمت الصحيفة بتأكيدها أن الأوضاع قد تصبح أكثر خطورة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص الذين يتعذر عليهم إيجاد عمل بعد أن تنتهي عقودهم الموقتة. وأوردت عن عامل بناء يدعى ماتيو، ويبلغ من العمر 31 عاماً، تساؤله عن سبب تركيز القادة الأوروبيين بشكل أكبر على حماية المؤسسات المالية من اهتمامهم بمساعدة أناس مثله.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف