العملة العراقية ضحية الحصار المالي على سوريا وإيران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بغداد: يشهد العراق الذي يحصل إيرادات شهرية ضخمة من مبيعات النفط بالدولار، وتحيط به إيران وسوريا اللتان تعانيان حظرًا ماليًا دوليًا، زيادة في الطلب على الدولار تقود العملة المحلية نحو التراجع.
وقال محافظ المصرف المركزي العراقي سنان الشبيبي لوكالة فرانس برس إن "الأوضاع السياسية غير المستقرة نسبيًا في العراق وفي المنطقة المحيطة أوجدت طلبًا كبيرًا على الدولار، ما أدى إلى ارتفاع سعر صرف هذه العملة أخيرًا".
وردًا على سؤال حول إمكانية أن يكون الحصار المالي الدولي المفروض على إيران وسوريا تحديدًا السبب الرئيس لهذا الارتفاع، أوضح الشبيبي "هذه واحدة من الأشياء، لكن المنطقة التي حولنا عمومًا غير مستقرة نسبيًا".
وشهد سعر صرف الدولار الثلاثاء أعلى مستوى له أمام الدينار منذ نحو أربع سنوات في الأسواق المحلية، وهو 1320 دينارًا لكل دولار، بعدما كان في الأسبوع الماضي مستقرًا عند مستوى 1230 دينارًا للدولار الواحد.
وسارع مجلس الوزراء الأربعاء إلى الإعلان عن تشكيل لجنة لدراسة "تذبذب سعر صرف الدينار العراقي ولتقديم الحلول المناسبة لدرء الضرر عن الاقتصاد الوطني"، بحسب ما أوردت قناة "العراقية" الحكومية في خبر عاجل.
وتخضع إيران وسوريا لعقوبات مالية دولية، الأولى بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، والثانية بسبب قمع حركة احتجاجية متواصلة منذ نحو عام. وتدفع هذه العقوبات إيران وسوريا اللتين تشهدان تدهورًا في عملتيهما إلى التفتيش عن عملة صعبة قد يكون العراق الذي يشهد منذ نهاية العام الماضي أزمة سياسية، أحد مصادرها الرئيسة بما أنه يقيم علاقات تجارية وسياسية جيدة مع هاتين الدولتين.
وأكد الشبيبي أنه "عند بداية السنة، ازداد الطلب على الدولار بنسبة كبيرة تراوحت بين 40 إلى 50 بالمئة". وأضاف إن العراق الذي تبلغ إيراداته الشهرية من النفط أكثر من سبعة مليارات دولار "يملك احتياطات كبرى الدولار (نحو 60 مليار) إلا أن هذا الأمر لا يعني أنه يجب استخدامها من دون سيطرة أو مراقبة".
واعلن المصرف المركزي في شباط/فبراير عن تطبيق إجراءات جديدة حيال مبيعاته من الدولار، تنص خصوصًا على أن يعرف المصرف الشاري عن زبائنه الذين طلبوا منه شراء هذه العملة.
وأدى هذا الأمر إلى انخفاض كبير حينها في مبيعات الدولار في مزاد البنك المركزي الذي يقام كل أسبوع بين يومي الأحد والخميس، حيث بلغت المبيعات بضعة ملايين، إلا أنها عادت في نيسان/ابريل لتتراوح بين 50 و250 مليون دولار.
ويقول محمد العمري (40 عامًا) وهو صاحب محل للصيرفة في منطقة الكرادة وسط بغداد إن "سعر صرف الدولار ظل مستقرًا من عام 2008 وحتى بداية العام الحالي". ويضيف "الشارع يحتاج الدولار (...) والمزاد عندما لا يضخ الدولار يجبرنا على التوجه نحو السوق السوداء".
بدوره يؤكد سعد هادي علوان (37 عامًا) الذي يملك محلاً للصيرفة في المنطقة نفسها "اتخذنا قبل ثلاثة أيام قرارًا بأن نتوقف نهائيًا عن التعامل بالدولار". ويتابع "كنت أصرف بين 50 إلى 150 ألف دولار في اليوم الواحد، لكنني توقفت عن ذلك ما إن بدا التذبذب وبدأت أخسر". وجاءت خطوة البنك المركزي وسط شكوك مسؤولين عراقيين حول محاولة تجار إيرانيين وسوريين شراء الدولار.
وشدد الشبيبي على ان "تمويل دول الجوار بالدولار ليس أمرًا مقصودًا لأن العراق بالأساس يعتمد على الاستيراد بشكل كبير، لكننا رغم ذلك شعرنا بأن هناك اشياء تطلب تفوق حاجة الاستيراد".
وذكر الشبيبي الذي يستعد للمثول امام البرلمان لمناقشة مسألة ارتفاع سعر صرف الدولار، أن العراق "لا يبحث حاليًا وقف المزادات" على هذه العملة، مؤكدًا أن "الأمور تحت السيطرة".
ويقول الخبير الاقتصادي العراقي هلال الطحان لفرانس برس إن "الدولار أصبح في الفترة الأخيرة يهرب إلى الخارج"، مضيفا ان "العراق هو الدولة الوحيدة بين جيرانه الأقرب التي تحصل ايرادات ضخمة من النفط بالدولار".
واقترح "وقف المبيعات لفترة معينة"، محذرًا من انه "عندما ينخفض سعر العملة المحلية تتزعزع ثقة المواطن بها، وترتفع بعد ذلك اسعار المواد الغذائية ومواد الإعمار والإيجارات وكل ما يخص اوجه الحياة".
وفي محل لبيع الأدوات الكهربائية في منطقة العرصات وسط بغداد، تجلس مجموعة من البائعين بانتظار زبائن، فيما يرحّب مدير المبيعات باسم الشمري (40 عامًا) بأي زائر "كوننا نجلس بلا عمل أصلاً".
ويقول الشمري إن "المجتمع عراقي يخاف من الشراء عندما تهتز أسعار الصرف ولا تستقر. فاذا استقرت السوق على 1200 دينار نشتغل، او حتى على 1500 نشتغل ايضًا، لكن الصعود والنزول تقتل السوق بكل مفاصلها".
ويضيف الشمري إن "التذبذب بدا قبل نحو أسبوع، وهذا الأمر لم يؤثر على سعر البضاعة لأننا نشتري بالدولار ونبيع بالدولار، لكن ما يتأثر هو حركة السوق، وقد انخفضت مبيعاتنا بالفعل نحو 50 بالمئة".