أوروبا أمام مزيد من الاختبارات جراء الأوضاع في إسبانيا وإيطاليا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعدما بدأت القارة الأوروبية في تنفس الصعداء خلال الآونة الأخيرة بفضل زوال حالة الكآبة التي كانت تهيمن عليها وإقرار خطة إنقاذ اليونان الثانية والتأثيرات الإيجابية على القطاع المالي للقروض الرخيصة من البنك المركزي الأوروبي، ها هي أجواء عدم الاستقرار بدأت تعود لتلقي بظلالها من جديد على القارة العجوز، عقب الارتفاع الذي طرأ الأسبوع الماضي على تكاليف الاقتراض لكل من اسبانيا وايطاليا، في إشارة واضحة إلى أن مشكلات اليورو مازالت بحاجة لوقت طويل كي يتم حلها.
القاهرة: في كلمة لها بواشنطن يوم الخميس الماضي، قالت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي :" بدأت تقل حدة الضغوط المالية في أوروبا منذ كانون الأول/ ديسمبر. ومع هذا، جاءت الأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي لتذكرنا بأن الأسواق مازالت متقلبة وأن تبديل الأوضاع وتغيير الزوايا ليس أبداً بالأمر السهل".
ولفتت في هذا السياق اليوم صحيفة "النيويورك تايمز" الأميركية إلى أن التحول يبدو على أشده في اسبانيا، التي لا تزال تتعرض لضغوط شديدة من جانب الاتحاد الأوروبي لتضييق عجز الميزانية الهائل وتنظيف نظامها المصرفي بعد انفجار فقاعة الإسكان، حتى في الوقت الذي تنزلق فيه البلاد صوب موجة من الركود، وفي الوقت الذي يعاني فيه عامل واحد تقريباً من بين كل أربعة عمال من مشكلة البطالة.
ووصلت العائدات على السندات الاسبانية التي تقدر مدتها بعشرة أعوام إلى مستوى مقلق يقدر بـ 6 %، يوم الأربعاء الماضي، لأول مرة منذ 4 أشهر، وأنهت الأسبوع تقريباً بمثل هذا الارتفاع. وفي نفس الوقت، قاد المستثمرون الباحثون عن الأمان السندات الألمانية التي تقدر مدتها بعشرة أعوام إلى انخفاض يكاد يكون قياسي نسبته 1,6 %.
ومضت الصحيفة تقول إن أسعار الفائدة على السندات الاسبانية من الممكن أن تقفز مجدداً هذا الأسبوع، إذا لم تتمخض نتائج ايجابية عن مزادين مقررين للديون يومي الثلاثاء والخميس.
وذلك في الوقت الذي تتعرض فيه ايطاليا، الملقى على كاهلها عبء ديون أكبر والتي لن تتمكن من تلبية احتياجاتها المتعلقة بإعادة التمويل خلال هذا العام، لضغوط مماثلة. ولا يبدو أن أي من ايطاليا أو اسبانيا هما أفضل مرشح للإيفاء بالأهداف المخفضة للعجز التي سبق أن وافقا عليها مع الاتحاد الأوروبي، خاصة إن زاد التراجع عمقاً.
وأضافت الصحيفة أن الدول التي تصدر ضد ميزانياتها تقييمات سلبية ستواجه مطالب بضرورة اتخاذ إجراءات تصحيحية، يفترض أنه قد بات من الصعب تجنبها الآن، ويبدو أن تلك الاحتمالية ستعمل بشكل مؤكد على تجديد إشعال النقاش بشأن ما إن كان بمقدور اقتصاد إقليمي يتأرجح على حافة الركود أن يتحمل جولة جديدة من التقشف أم لا.
وأوردت النيويورك تايمز عن جيل مويك، الخبير الاقتصادي في مصرف دويتشه بنك في لندن، قوله :" السوق في هذا الجانب مصاب تماماً بانفصام في الشخصية. فهم يشكون من النمو، ومن السياسة النقدية. حسناً، لا يمكنك أن تعاني من هذين الأمرين".
وأضاف كارستن برزيسكي، الخبير الاقتصادي البارز لدى آي إن جي بلجيكا، أن صناع السياسة الأوربيين يقفون في وضعية مماثلة لحالة عدم الفوز في الوقت الراهن. لكن طي القواعد سريعاً بعد تشديدها سيحظي بتأثير سلبي كبير على المصداقية".
وفي الوقت الذي يستعر فيه النقاش بشأن التقشف، يبدو أن هناك أمراً أكثر إلحاحاً يتمثل في الجهود التي تبذلها ايطاليا واسبانيا لجمع التمويل للديون الحكومية التي ستحتاج لتجديدها هذا العام. وأشار في الإطار عينه غونترام وولف، نائب المدير لدى منظمة بروغيل البحثية ومقرها بروكسل، إلى أن عمليات شراء الديون بدأت تهوي الآن. وتابع حديثه بالقول :" وهو ما جاء ليثير التساؤل بشأن الجهة التي قد تبرز لتمويل تلك الحكومات، خاصة وأن المستثمرين بدؤوا يعبرون عن شكوك كبيرة".
وقد توقع عدد قليل من المحللين أن يبدأ المركزي الأوروبي من جديد في تقديم يد العون، لاسيما وأن الخطوات الأولى قد بدأت تتمخض بالفعل عن نتائج غير مقصودة.
كما أكد كثير من الاقتصاديين أن اسبانيا ما تزال بحاجة لمواجهة التأثيرات الخاصة بفقاعة الإسكان التي انفجرت عام 2008 في أعقاب الأزمة المالية العالمية. وأشار كذلك ميغل أنخيل فرنانديز أوردونيز، محافظ البنك المركزي الاسباني، الأسبوع الماضي، إلى أن البنوك الاسبانية قد تحتاج لمزيد من رأس المال إذا تدهور الاقتصاد.
وعاود مويك، الخبير الاقتصادي في مصرف دويتشه بنك، ليقول إن الاعتراف بأنك في حاجة لمساعدة خارجية لهو "أمر سام من الناحية السياسية" بالنسبة لأي حكومة. وذلك في الوقت الذي تعاني في ايطاليا من قدر أكبر من الدين العام مقارنةً باسبانيا، التي أضيرت جراء انفجار فقاعة الإسكان وارتفاع مستويات الدين الخاص لديها.