خطة إنقاذ القارة العجوز تتعرّض لحالة من الترنح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدأ يترنح برنامج أوروبا الجريء لنزع فتيل أزمتها المالية عن طريق ضخ أموال نقدية في النظام المصرفي. وبينما تسببت قروض الطوارئ التي أطلقها المصرف المركزي الأوروبي بقيمة تقدر بحوالى تريليون يورو (أو 1.31 تريليون دولار) بهبوط أسعار الفائدة لدول منطقة اليورو المضطربة في مطلع العام الجاري، ما عمل على التخفيف من حدة المخاوف بشأن أزمة الديون التي تعصف منذ فترة بالقارة العجوز، إلا أن هذه الأسعار بدأت تتجه نحو الارتفاع مرة أخرى خلال الآونة الأخيرة.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: قال محللون وخبراء في هذا الصدد إن هناك سبباً رئيساً وراء حدوث ذلك يتمثل في أن البنوك في إسبانيا وإيطاليا لم يتبق لها سوى القليل بعد أشهر من استخدام تلك السيولة النقدية في شراء ديون حكوماتها.
وأفادت في الإطار نفسه اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بأن شراء البنوك الشره ساعد على خفض أسعار الفائدة، وجعل الدول المتعثرة تتنفس الصعداء. غير أن البنوك، التي تحولت أخيرًا لجهات شراء أولية للسندات الحكومية الإسبانية والإيطالية، لم يعد لديها هذا القدر الكبير من السيولة النقدية الذي يُمَكِّنُها من مواصلة مثل هذه المشتريات.
وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى، وتجدد اشتعال مخاوف المستثمرين من قدرة أوروبا على إحكام قبضتها على أزمة الديون السيادية التي تعانيها منذ ثلاثة أعوام.
وتابعت الصحيفة بقولها إن القوة الحالية لخطة الإنقاذ الخاصة بالمصرف المركزي الأوروبي قد يتم اختبارها اليوم الخميس، حين تقوم إسبانيا، التي تعتبر واحدة من أكثر اقتصاديات منطقة اليورو تضرراً، بإجراء مزاد على 2.5 مليار يورو من سنداتها.
ورغم البيع القوي بشكل مفاجئ لأذون الخزانة يوم الثلاثاء الماضي، إلا أن بعض الخبراء عبّروا عن قلقهم من أن البنوك الإسبانية قد تكون أقل نشاطاً هذه المرة، ومن ثم ترك إسبانيا عالقة يضعف الإقبال على ديونها. وهو ما جاء ليزيد من المخاوف ومشاعر القلق التي تتحدث عن احتمالية أن تضطر واحدة من أكبر الكيانات الاقتصادية في أوروبا إلى طلب مساعدة مالية في الأخير من المجتمع الدولي.
وقال آلان بروتون، المحلل لدى شركة أر بي سي كابيتال ماركتس "ستُنشَر في الأخير السيولة بكاملها التي قام بتمديدها المركزي الأوروبي، وسيتعين على البنوك الإسبانية والإيطالية في تلك المرحلة إما أن تتوقف عن شراء السندات السيادية أو أن تزيل المشتري الأكبر من السوق السيادية أو أن تبيع السندات لجمع الأموال لتلبية احتياجاتها".
ومضت الصحيفة تقول إن الهدف الرئيس من وراء خطة الإنقاذ الخاصة بالمركزي الأوروبي هو الحفاظ على البنوك نفسها لتكون ممولة بشكل جيد. لكن عمليات إعادة التمويل الخاصة بالبنك على المدى البعيد ستحظى بهدف أكبر: هو ضخ مزيد من الأموال بالاقتصاد الأوسع في النطاق، خاصة تمويل الحكومات التي تجد صعوبة في الاقتراض نيابةً عن نفسها.
وسبق للرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، أن قال فور الإعلان عن أول عملية إعادة تمويل على المدى البعيد، في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إن السيولة النقدية تعني أن كل دولة يمكنها أن تلجأ إلى بنوكها، التي ستكون لديها سيولة تحت تصرفها.
وفي مطلع آذار/ مارس الماضي، وصف رئيس المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، عمليات إعادة التمويل على المدى البعيد أنها "قصة نجاح لا مراء فيها". ومع هذا، قالت الصحيفة إنه وعلى الرغم من الأموال الجديدة التي تم ضخها في كل أنحاء أوروبا، إلا أن العوامل الأساسية لأزمة الديون لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر، حيث مازالت إسبانيا وإيطاليا في حاجة إلى الوصول بشكل مستدام إلى تمويل بغية تغطية ما تعانيه الدولتان من عجز.
ثم أشارت الصحيفة إلى أنه إذا لم يحدث تدخل من الخارج، وظلت البنوك المحلية بلا أي قوة، فإن كلتا الدولتين ستعودان إلى ما كانا عليه قبل عمليات إعادة التمويل على المدى البعيد.
وعبَّر عدد متزايد من المحللين وغيرهم آخرون عن قلقهم من أن يأتي سيل قروض المركزي الأوروبي في بعض النواحي بنتائج عكسية. وقال جيمس فيرغسون، رئيس قسم الإستراتيجية لدى "ويسترنهاوس سيكيوريتيز" في لندن: "تتعامل السوق مع عمليات إعادة التمويل على المدى البعيد باعتبارها ترياقا أو دواء لكل داء".
وبعد استعراضها بشكل تفصيلي حقيقة الموقف الآن في كل من إسبانيا وإيطاليا، ختمت الصحيفة بقولها إن صقور المركزي الأوروبي، خاصة الفريق الممثل للجانب الألماني، قلقون للغاية من التأثير التضخمي للبرنامج، ويضغطون بالفعل لتشكيل خطة للخروج.