اقتصاد

تونس: إجراءات للحدّ من التهريب والإحتكار لضمان انخفاض الأسعار

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

شهدت البلاد التونسية في الفترة الأخيرة ارتفاعا مشطا لأسعار عديد المواد الإستهلاكية ومن بينها الخضر و الغلال و اللحوم وهو ما أثر على القدرة الشرائية للمواطن . رئيس الحكومة حمادي الجبالي أكد فتح حرب على غلاء الأسعار من أجل دعم الطاقة الشرائية للمواطن في " ظاهرة معقدة " بما أن عديد الأطراف تتدخل في عملية تحديد الأسعار ، أطراف تقف وراء الإحتكار و التهريب واستغلال الفترة الإنتقالية التي تمر بها تونس من أجل تحقيق الربح الوفير دون اعتبار لأي جوانب أخلاقية . تونس: تشهد الحدود التونسية الليبية أو الجزائرية عمليات منظمة من التهريب " لكل شيء " ، خضر و غلال و مواشي واسمنت .. ، بل لم تسلم حتى السلاحف من التهريب إلى خارج الحدود . الحكومة تحركت من أجل إيقاف النزيف بتكثيف الرقابة الإقتصادية في كل الولايات و خاصة في الجهات الحدودية حيث تم تسجيل أكثر من ثلاث آلاف مخالفة ، وقبل يومين فقط تمّ إيقاف شاحنات في طريقها إلى ليبيا لتهريب 15 طنا من الطماطم و طنّين من الفول .


الخبير الإقتصادي عبد الجليل البدوي يتحدث في إفادة لـ"إيلاف" عن الإجراءات الإدارية التي قامت بها حكومة الجبالي من أجل الحدّ من ارتفاع السعار :" إلى حدّ الآن عملت الحكومة على تفعيل مصلحة المراقبة بوزارة التجارة وبدأت فرق المراقبة تقوم بزيارات إلى الأسواق و الفضاءات التجارية وتقوم بمراقبة الأسعار وهو ما تم تفعيله فعلا في الفترة الأخيرة ، من جهة فإن الحكومة تتدخل في تحديد الأسعار في أسواق الجملة من خلال مراقبة عمليات المزاد العلني للخضر و الغلال في هذه الأسواق ويقوم المراقب بإيقاف إجراءات المزاد العلني عندما يصل السعر إلى حدّ مشطّ وهكذا يتم الضغط على ارتفاع الأسعار ولكن هذه الطريقة ليست في الواقع قانونية والإجراء الثالث الذي تقوم به الحكومة يتمثل عملية التوريد مثلما حدث بالنسبة لتوريد كميات كبيرة من البطاطا للضغط على سعرها الذي شهد ارتفاعا كبيرا في الفترة الأخيرة ، كما أن عملية التدخل تكون لإيقاف عمليات التهريب إلى ليبيا وذلك من خلال عدم منح الترخيص لتصدير الخضر و الغلال و غيرها إلا للتجار الليبيين للضغط على الكميات المصدرة و بالتالي الضغط على الأسعار ." .
ويواصل د. عبد الجليل البدوي متحدثا عن نجاعة هذه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة :" إلى حدّ الآن نجاعة هذه الإجراءات غير متأكدة ولكن الإجراءات التي تم اتخاذها بخصوص اللحوم كانت جيدة ولو أنّ الأسعار ما إن انخفضت حتى عادت للإرتفاع من جديد بينما شهدت أسعار الخضر و الغلال نوعا من التعديل ولكنها برغم ذلك تبقى مرتفعة وهو ما يدعو الحكومة إلى تكثيف عمليات المراقبة الإقتصادية حتي تؤتي أكلها و يحسّ المواطن فعلا بآنخفاض الأسعار".


الخبير الإقتصادي د. البدوي أشار في حديثه إلى الإنفلات الحاصل والذي يساهم في ارتفاع الأسعار :" هناك انفلات فعلا ، ولكن هناك قضية جوهرية ففي اقتصاد السوق تكون الأسعار محررة بالنسبة لكل الإنتاج من خضر و غلال و لحوم في جميع المراحل سواء عند الإنتاج أو بين الوسطاء أو في أسواق التفصيل ، ولا تتحكم الدولة إلا في نسبة المرابيح ونحن بالتالي بين احترام قواعد اقتصاد السوق وبين الحرص على ضمان القدرة الشرائية للمواطن دون التأثير على مداخيل الفلاحين و المنتجين" .

أما عن قدرة الحكومة على التوفيق بين احترام قواعد اقتصاد السوق من ناحية و بين المحافظة على الطاقة الشرائية للمواطن يقول د. البدوي :" التوفيق يكون في عديد المظاهر فالدولة لا تتخلى عن تدعيم عناصر الإنتاج الفلاحي وهي تقوم بالتقليص من هذه العناصر منذ الثمانينات و هذا المسار ما يزال معتمدا إلى حدّ الساعة ففي أوروبا و أمريكا يتم صرف مئات المليارات من الدولارات للتشجيع على الإنتاج من أجل تحقيق الإكتفاء الذاتي ولكن يفرض علينا فرضا التخلي عن تدعيم الفلاحين وتشجيعهم على الإنتاج ويطالبوننا بتحرير الأسعار وهذا لا بد من مراجعته حتى تتدخل الدولة وبقوة لتدعيم عناصر الإنتاج ، كما يجب على الدولة تنظيم السوق المركزية نظرا لهيمنة عديد الأطراف على هذه الأسواق وهو ما يساهم في ارتفاع الأسعار و الدولة تشجعهم على بناء مخازن التبريد وهو ما يجعلهم يحتكرون لبيع المنتوج وقت ما يريدون بالأسعار التي يريدون ، وقد تخلت الدولة عن إيجاد مخازن لها ففي الثمانينات كانت طاقة الخزن لفائدة الدولة في حدود 80% من الطاقة الجملية في البلاد بينما حاليا لا تملك حتى 20% من طاقة الخزن و التبريد وهذا ما يمنعها من التدخل وقت الحاجة لتعديل الأسعار وخاصة بالنسبة للمواد الرئيسية.

من جهة فالموسم الحالي يبشر بموسم واعد في الحبوب ولكن الدولة غير قادرة على خزن الصابة و بالتالي لا بد من تغيير الإستراتيجية والعمل على توفير طاقة خزن قادرة على مساعدة الحكومة على التدخل في أي وقت لاحظت فيه ارتفاعا للأسعار للمحافظة على قدرة المواطن الشرائية . " .ويواصل الحديث عن مسالك التوزيع :" مسالك التوزيع تمثل مشكلا كبيرا للحكومة و بالتالي و حتى تضمن قدرة الدولة على التدخل الناجع لمراقبة الأسعار و الحد من ارتفاعها يجب ضمان السيطرة على مسالك التوزيع و المراقبة الإقتصادية و التشجيع على الإنتاج .".من ناحيته, أكد الخبير الإقتصادي و أستاذ الجامعة التونسية د. محمد الفريوي في إفادة لـ"إيلاف" أنّ الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعا مشطا في أسعار الخضر و الغلال و اللحوم وهو ما جعل الحكومة تتخذ جملة من الإجراءات ومنها تكثيف المراقبة الإقتصادية في كل الأسواق .


د. الفريوي أشار إلى أنّ عمليات الإحتكار و التهريب تقف وراء هذا الإرتفاع المشطّ في الأسعار :" الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وإن كانت فيها بعض النجاعة على مستوى إيقاف النزيف سواء بالنسبة إلى ارتفاع أسعار بعض المواد أو كذلك بالنسبة لعمليات التهريب إلى ليبيا و الجزائر فإنّ الأسعار ما إن تنخفض حتى تعود للإرتفاع من جديد ، كما أنّ عمليات التهريب لم تتوقف تماما وهذا ما ينذر بعودة ارتفاع الأسعار من جديد و الحكومة مطالبة بمزيد تكثيف المراقبة على الطرقات و في المعابر و مسالك التهريب و كذلك بالنسبة لمسالك توزيع الخضر و الغلال ." .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف