طلب صندوق النقد من الجزائر تعزيز الإقراض بين مرحب ومشكك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أثار طلب صندوق النقد الدولي من الجزائر تعزيز قدراتها في الإقراض حواراً ساخناً بين الخبراء الإقتصاديين، فمنهم من يراه فرصة لتعزيز المكانة الدولية، وآخرون يعتبرونه دليلاً على عجز الحكومة عن إستغلال السيولة المالية.
الجزائر: فتح طلب صندوق النقد الدولي من الجزائر تعزيز قدراتها في الإقراض، المجال لحوار ساخن بين محللين وخبراء اقتصاد، حول الأسباب والآثار المتوقعة في حالة الاستجابة أو رفض طلب الصندوق، ففي الوقت الذي رحب به البعض، واعتبره فرصة تاريخية للجزائر من أجل تعزيز مكانتها الدولية من خلال الاقتراب أكثر من الدول الكبرى، وضمان حق تصويت أكبر من خلال إرتفاع نسبة مساهمتها في الصندوق، يعتبره آخرون دليلاً على فشل السياسات الاقتصادية المنتهجة محليًا، ودليل عجز الحكومة عن استغلال السيولة المالية في خدمة الاقتصاد الجزائري، مؤكدين أن ما يجنيه الصندوق أكبر مما تجنيه الدول من وراء العملية.
هذا وكان وزير المالية في الجزائر كريم جودي كشف على هامش الاجتماع الربيعي لصندوق النقد الدولي أن الصندوق طلب رسميًا من الجزائر المساهمة في تعزيز قدرات التمويل للهيئة المالية الدولية، وأشار، إلى أن "الطلب قدمه الصندوق للجزائر كبلد متوفر على فائض مالي لرفع قدرات مؤسسة بروتون وودز قصد السماح لها بمنح قروض للبلدان التي هي بحاجة اليها".
و في آراء رصدتها "إيلاف" تباينت آراء الخبراء والمحللين بشأن الموضوع، فبين مشكك في نوايا الهيئة المالية العالمية، التي أثبت ــ حسب رأيهم ــ على مدار عقود إرتباطها بالأقوياء، و بين مرحب به بإعتباره يحسن صورة الجزائر في الأسواق الدولية ولدى هيئات التنقيط، وبين هذا وذاك يبقى الفصل مؤجلاً إلى غاية شهر أكتوبر القادم.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هو موقف الجزائر مبدئيًا من هذا الطلب، و ما هي آثاره المتوقعة في حالتي الرفض أو الاستجابة؟
الموقف الرسمي جاء على لسان وزير الاستشراف والاحصاء عبد الحميد تمار الذي اعلن أن "الحكومة الجزائرية ستدرس طلب الصندوق" ، مؤكدًا في الوقت ذاته" أن الأمر سيتوقف على الفرص المتاحة للجزائر من أجل المشاركة في تعزيز قدرة القرض لصندوق النقد الدولي".
وفي تصريحه للإذاعة الرسمية سجل تمار أن "طلب صندوق النقد الدولي يترجم تحول الوضعية لصالح الجزائر، التي انتقلت من بلد مدين بالنسبة لصندوق النقد الدولي خلال التسعينيات الى بلد دائن خلال سنوات الألفية الثالثة".
وفي تعليقه على الموضوع شدد رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور على أن "دعوة صندوق النقد الدولي للجزائر أكبر دليل على فشل السياسات الاقتصادية المنتهجة محليًا، والتي عجزت عن توظيف القدرات المالية التي تتوفر عليها الجزائر".
وأضاف: "صندوق النقد الدولي الذي هو عبارة عن تعاضدية بين جميع المساهمين في رأس ماله، توجه بطلبه الى الجزائر من منطلق معرفته بأنها تتوفر على موارد مالية نائمة وغير مستغلة"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن " ما تجنيه الدول التي تعمل على رفع مساهماتها في رأس مال الصندوق يتمثل في الحصول على اصوات أكثر داخل هذه المؤسسة المالية الدولية، والمردود الاقتصادي الذي يجنيه الصندوق أكبر مما تجنيه الدول من وراء العملية".
وهوالاتجاه نفسهالذي سار عليه الخبير الاقتصادي الطاهر لطرش حينما اعتبر أن "إرتفاع الاحتياط الجزائري من النقد الأجنبي سببه عجز المنظومة البنكية الوطنية في تحويل السيولة العالية الى قروض حقيقية لتمويل الاقتصاد والتنمية الوطنية،ما يؤكدضعف قدرات الاستيعاب الوطنية".
وقال لطرش معقبًا على الطلب "إن الصندوق لم يحدد بعد الطريقة التي ستتم بها عملية الاقراض، ولكن في الغالب الصندوق يطرح سندات لرفع رأس ماله أو لرفع قدراته الإقراضية لمن احتاج الى ذلك "، مؤكدًا علىأن "العملية تندرج في اطار التضامن الدولي".
وأضاف لطرش: "توظيف جزء بسيط من الفوائض النقدية للجزائر لدى صندوق النقد هي عملية لا تحتوي على مخاطر، باعتبار أن الصندوق هو هيئة مالية أقوى من الحكومات والبنوك المركزية حول العالم، "مشددًا على أن" الحل الأمثل هو بحث كيفية توظيف تلك العوائد في التنمية الداخلية للبلاد، من خلال رفع قدرات الاستيعاب الحقيقية للاقتصاد الجزائري".
اما الخبير الاقتصادي الدكتور بشير مصيطفى، فقد توقع أن تستجيب الجزائر لطلب المساعدة من طرف صندوق النقد الدولي لرفع مصادره القابلة للإقراض الى 500 مليار دولار، بهدف تمكين هذه المؤسسة من تقديم قروض في شكل مساعدات للدول المحتاجة على غرار مصر الشقيقة، كون الجزائر دولة ناشطة دبلوماسيًا وتعمل دائمًا على تقديم تضامنها الدولي، و ذلك بناءً على سياستها الدولية الخارجية القائمة على مبدأ التعاون".
وأوضح الدكتور مصيطفى أن "صندوق النقد الدولي لم يقدم طلب قرض من الجزائر، وانما جاء اقتراح من طرف رئيسة الصندوق خلال اجتماع حضره وزير المالية كريم جودي، بتقديم مساعدة مالية بهدف حل الأزمة المتمثلة اساسًا في مشكلة السيولة، وذلك لتلبية طلب كل من اسبانيا اليونان ومصر، والتي طلبت قروضًا من أجل حل مشاكلها الداخلية".
اعتبر مصيطفى أن طلب الصندوق أمر عادي، كون الجزائر عضواً في هذه المؤسسة العالمية، خصوصًا وأن الجزائر طلبت مساعدة اعادة الجدولة العام 1993،وفتحت آفاقًا مع نادي باريس وبريطانيا بشروطجاءت لإطلاق الضوء الأخضر للمساعدة، والتاريخ يعيد نفسه بعد عشرين سنة، في ظل وجود دول تطلب من الصندوق مساعدتها على غرار مصر لكنه يسجل حالة عجز اليوم.
وأكد المحللذاتهأن " الجزائر ستحقق الكثير من وراء مساعدة الصندوق، وستقترب من الدول الكبرى على غرار اميركا، اليابان والصين،ما سيكفل لها ارتفاع نسبة مساهمتها فيالصندوق، وسيرفع من نسبة تمويلها10 في المئة، من جراء حقوق السحب الخاصة، وسيضمن لها حقوق تصويت اكثر، وبالتالي ستكون لها كلمة ورأي قوي يؤثر في توجيه القرارات خصوصًا في المسائل المتعلقة بالدول العربية وبسياسة الاقراض".
وأضاف: " تقديم المساعدة لهذه المؤسسة المالية الدولية، سوف يمكن الجزائر من شراء سندات الصندوق، ويمكن أن تبيعها في شكل أوراق مالية، وذلك سيكون على شكل شبه قرض بنسبة فائدة ثابتة، من خلال المتاجرة بالدولار، ومن ثم تقوم الجزائر ببيعها في مرحلة لاحقة "، واشار الى " امكانية أن تكون عملية الاقراض مباشرة من خلال مبلغ متفق عليه من قبل الطرفين، خصوصًا وأن الجزائر تعتمد على هامش مناورة واسع في الاقراض".
وعن سبب اختيار الجزائر دون غيرها من الدول العربية التي تمتلك فوائض مالية كبيرة، اشار الدكتور مصيطفى إلى أن " الدول العربية الأخرى على غرار السعودية والامارات العربية المتحدة، تملك صناديق مستثمرة، فقطر لها صندوق استثمارها الخاص " فايلونس " تقوم بتوجيه كل فائضها من اموال اليه، ليستثمر داخل الخليج أو اميركا، أما امارة دبي فهي مدينة لأبوظبي، وعليه لا يمكن لها تقديم مساعدة للصندوق، اما الجزائر فتمتلك اموالاً في شكل سيولة غير موظفة، كونها لا تمتلك صندوقاً سيادياً، ومعدل توظيف اموالها لا يتجاوز الـ60 مليار دولار".