اقتصاد

الأزمة اليونانية تهدد بأزمة إقتصادية أوروبية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هز الطريق المسدود الذي دخلته محاولات تشكيل حكومة يونانية اسواق المال يوم الاثنين وأحيا المخاوف القديمة من ان ترفض اثينا حزمة الانقاذ التي قدمها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي وتتخلى عن اليورو وتطلق موجة جديد من الاضطراب في الاقتصاد العالمي ذي الانتعاش الهش اصلا.

إعداد عبد الاله مجيد: هبطت اسواق الأسهم الاوروبية حيث تراجع مؤشر السوق اليونانية الى ادنى مستوى له منذ 20 عاما فيما واصل اليورو تراجعه مقابل الدولار. وهبطت الأسهم الاميركية ايضا.

وتأتي المواجهة بين القوى السياسية اليونانية بشأن وجهة البلاد قبل ايام على اجتماع مجموعة البلدان الصناعية الثمانية في كامب ديفيد لتضع متاعب اوروبا على رأس جدول اعمال الاجتماع. فان حدوث ركود في اوروبا يمكن ان يؤثر سلبا على الانتعاش الهش في الولايات المتحدة ويضعف النمو الاقتصادي في العالم.

وسيكون تفادي جولة أخرى من الركود تحديا للاقتصادات الكبرى التي ما زال بعضها لم يحقق الاستقرار منذ الأزمة الاقتصادية الكبرى الأخيرة.

وبعد انهيار بنك ليمان براذرز الاستثماري عام 2008 أطلقت الولايات المتحدة واوروبا والصين ترليونات الدولارات من الحوافز الاقتصادية لتخفيف آثار الضربة على الأسواق والعودة الى النمو. ومع تباطؤ النمو في الصين وسعي الاميركيين الى ترويض عُجوز قياسية في الموازنة فان من المستبعد ان يتكرر مثل هذا الرد الهائل اليوم ، وبذلك ترك اوروبا تعمل بمفردها دون شبكة أمان إذا جاز التعبير.

ويجتمع زعماء العالم في وقت حرج للاقتصادات الكبرى حيث تصارع غالبية بلدان مجموعة الثمانية الكبار مع مستويات من المديونية لم يُعرف لها نظير منذ الحرب العالمية الثانية ومعدلات بطالة مرتفعة وسنوات عجاف من التقشف على الطريق.

وشهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاع كلفة الاقتراض على اسبانيا الى مستويات خطيرة مع فقدان المستثمرين ثقتهم بسلامة وضعها المالي. وخفضت وكالة موديز يوم الاثنين تصنيف المكانة الائتمانية لجميع المصارف الايطالية بسبب مشاكل ايطاليا المالية.

وتمتد آثار المتاعب الاقتصادية الى الساحة السياسية حيث يواجه الرئيس اوباما معركة اعادة انتخابه التي من المرجح ان تركز على الاقتصاد. وأقصى الناخبون الفرنسيون مؤخرا رئيسهم في رد فعل على برامج نيكولا ساركوزي التقشفية. وتلقى حزب المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ضربة موجعة بهزيمته في انتخابات اكبر الولايات الالمانية سكانا في وقت تحاول المستشارة إبقاء الاهتمام الاوروبي منصبا على كبح جماح المديونية حتى في وقت اتضحت فيه مخاطر المضي بعيدا في خفض الانفاق العام واجراءات التقشف.

في هذا السياق قد يبدو الصراع السياسي في اليونان استعراضا جانبيا. فالاقتصاد اليوناني اقتصاد صغير ونظامه المالي أُدخل الحجر الصحي عمليا خلال العامين الماضيين لمنع انتقال عدواه الى العالم. وما زالت مديونية اليونان كبيرة ولكن ديونها في الغالب مع مؤسسات ، مثل البنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي ، في موقع افضل من البنوك الخاصة لامتصاص الصدمة إذا فشلت اليونان في الايفاء بالتزاماتها وخرجت نتيجة ذلك من منطقة اليورو.

ولكن خروج اليونان يبقى سيناريو تريد اوروبا تفاديه. فإذا خرجت اليونان من منطقة اليورو يمكن ان يثير خروجها مخاوف المستثمرين من ان تحذو حذوها بلدان أخرى. ومن شأن هذا بدوره ان يهدد الاقتصادين الايطالي والاسباني الأكبر إذا قرر المستثمرون انهما محفوفان بالمخاطر وتوقفوا عن شراء سنداتهما. ويمكن ان تكون التداعيات شديدة الوطأة ، منها تراجع الاقراض في العالم عندما تحاول البنوك تجنب المخاطر وهبوط التجارة والاستثمار وانشطة اقتصادية اخرى.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن محللين في بنك باركليز كابتال الاستثماري "ان التكاليف المترتبة على تخلف اليونان عن سداد ديونها وخروجها من منطقة اليور تكاليف باهظة على اليونان والدول الأخرى الأعضاء في منطقة اليورو بحيث ستتكلل المحاولات الرامية الى ايجاد مخرج بالنجاح. ولكن خطر نشوء أزمة معقدة وضارة ازداد بلا ادنى شك".

ومقابل حزمة انقاذ زاد حجمها على 200 مليار دولار وافق المسؤولون اليونانيون على بذل جهود متواصلة لخفض الانفاق الحكومي واعادة النظر بمجمل السياسة الاقتصادية. وفي حين تبين استطلاعات الرأي ان اليونانيين يؤيدون البقاء في منطقة اليورو فان التقشف وما يرتبط به من اجراءات تلاقي رفضا شعبيا متزايدا تبدى في حرمان الحزبين الرئيسيين من امكانية تشكيل حكومة تستند الى اغلبية برلمانية في الانتخابات الأخيرة.

ويمكن لخروج اليونان من منطقة اليورو ان يخفف اعباء التقشف على المدى القريب. وبعودة السيادة على السياسة النقدية الى اليونان فانها تستطيع ان تحدد سعر صرف العملة عند مستوى يدعم الصادرات اليونانية ويزيد كلفة الاستيراد من اوروبا.

في غضون ذلك تُستأنف الثلاثاء المحادثات بين القوى السياسية في محاولة أخرى لتشكيل حكومة جديدة.

ويقول اقتصاديون ومسؤولون ان اوروبا في موقع أفضل للتعامل مع تداعيات خروج اليونان منها قبل عام. ومن اسباب ذلك ان البنك المركزي الاوروبي سعى الى تخفيف شروط الاقراض للبنوك المتضررة وتعهد السياسيين الاوروبيين بأكثر من ترليون دولار لصناديق انقاذ متعددة.

ولكن حتى الذين لديهم قناعة راسخة بقدرة منطقة اليورو على التعامل مع التحديات يعترفون بأن خروج اليونان ستترتب عليه نتائج مجهولة في وقت ما زال الاقتصاد الاوروبي ضعيفا. واظهرت ارقام جديدة يوم الاثنين ان الانتاج الصناعي الاوروبي انخفض في آذار/مارس ويتوقع اقتصاديون ان تؤكد الاحصاءات هذا الاسبوع ان الاقتصاد الاوروبي انكمش في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.

ونقلت وكالة رويترز عن وزير المالية الهولندي يان كيز دي ياغر قوله في بروكسل حيث اجتمع وزراء مالية المنطقة الاوروبية الاثنين انه "ليس امام اليونان من خيار سوى الاصلاح وسداد ديونها وإذا لم تفعل ذلك ستكون هناك مشكلة خطيرة لا لليونان وحدها بل للجميع".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف