المشهد السياسي الفلسطيني يلقي بظلاله على الواقع الاقتصادي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يعاني السوق الفلسطيني من ارتفاع في نسب البطالة ومحدودية فرص العمل وارتفاع الأسعار ومحدودية الموارد ومعيقات الاحتلال مما انعكس سلبا على الاقتصاد الفلسطيني وشكل حالة من الغياب في تحقيق نهضة اقتصادية في وقت انحسرت فيه الصناعات الوطنية وتقلصت أمام البضائع والمنتجات المستوردة.
رام الله: قال علي برهم، رئيس جمعية ملتقى رجال الأعمال في محافظة نابلس، خلال لقاء مع "إيلاف" : "إنه ومما لا شك فيه أن هناك عدم استقرار وتراجع كبير في الوضع الاقتصادي".
وأضاف: "أن هناك اضطراب غير طبيعي".
وحول أسباب ذلك، بين أنها ناتجة عن التراكمات السلبية ومنها على سبيل المثال عدم مشاركة كافة القطاعات الرسمية والاهلية في تحديد السياسات العامة والاحتياجات الوطنية.
وأكد برهم، أن الأهم من ذلك هو عدم وجود اقتصاد موحد، وقال: "إننا نرى تراجعا كبيرا في كافة القطاعات الاقتصادية وخصوصا قطاع الصناعة والذي أصبح الآن في غرفة الإنعاش وكذلك الإهتمام في قطاع التجارة على حساب الصناعة والزراعة".
ولفت إلى أن الاستيراد أثر بشكل كبير على خروج السيولة النقدية من السوق المحلي إلى الخارج في ظل عدم الرقابة المباشرة على الإستيراد والذي أدى بدوره إلى إغراق السوق المحلي بالبضائع المستوردة والتي في الغالب لا تفي بالمواصفات الرسمية.
وأكد وجود تراجع في قطاع الزراعة نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج التي أدت إلى ارتفاع أسعار المنتوج المحلي وساهمت في عزوف المزارعين عن الزراعة.
وبين أن السياسات العامة التي تنتهجها الحكومة الفلسطينية في السوق المحلي أدت إلى تراجع المنتوج الملحي أمام البضائع المستوردة وهذه الأسباب جعلت الاقتصاد الفلسطيني يعيش "أزمة كبيرة" كما قال برهم.
ولفت إلى أن المشهد السياسي الفلسطيني المتمثل بالإنقسام كان له كبير الأثر على الاقتصاد حيث حرمت اسواق الضفة الغربية والقطاع من التواصل التجاري في ظل التزام مادي حكومي تجاه القطاع دون عائدات الأمر الذي شكل عبئا على القطاع الخاص في الضفة الغربية.
وأوضح أن غياب الإشراف على المعابر الحدودية وعدم القدرة على التواصل الإقليمي تجاريا أثر سلبا على واقع الاقتصاد الفلسطينيlsquo; إضافة إلى أن مشكلة الاقتصاد الفلسطيني تتمثل في قيام العديد من المشاريع والأنشطة على المشاريع الصغيرة والمتوسطة العائلية.
وحول المطلوب تجاه هذا الأمر، قال برهم: "إن المطلوب يتمثل بضرورة الاهتمام بالانسان الفلسطيني وفتح المجال له للمشاركة في رسم السياسات العامة وخاصة الاقتصادية ودعم الاستثمار بايجاد تسهيلات مباشرة وإيجاد بيئة مواتية، داعيا إلى ضرورة تضافر الجهود ".
انخفاض النشاط الاقتصادي
بدوره، قال عمر هاشم، رئيس الغرفة التجارية في محافظة نابلس خلال لقاء خاص مع "إيلاف": "إن هناك انخفاض ملموس للنشاط التجاري، فيما تشهد الأسواق حالة من الركود".
وأكد هاشم، ارتفاع نسب البطالة والفقر ونقص في السيولة التي تحد من القدرة الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار.
وأوضح أن القطاع الخاصوالصناعيين في ظل هذه الظروف يبذلان كافة الجهود الممكنة للحفاظ على مستوى الانتاج وتشغيل الأيدي العاملة.
وفيما يتعلق بطبيعة المعيقات، قال رئيس الغرفة التجارية: " إن نقص السيولة لدى المواطن يساهم في الحد من القدرة الشرائية علاوة على ارتفاع تكاليف الانتاج الصناعية".
وأضاف هاشم: "أنه ورغم هذه الظروف إلا أن القطاع الخاص في نابلس يبذل جوهدا مضاعفة في الاستثمار على صعيد توسيع المنشآت القائمة وفتح منشآت جديدة وإضافة خطوط إنتاج من أجل إيجاد المزيد من الفرص لتشغيل الأيدي العاملة الفلسطينية وتخفيف الفقر والبطالة".
وحول المطلوب للنهوض بالاقتصاد في عاصمة فلسطين الاقتصادية، أكد حاجة نابلس للكثير من المشاريع الاستثمارية، الأمر الذي يتطلب إصدار مزيد من القوانين الداعمة لتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي وتأهيل المناطق الصناعية وتطوير البنى التحتية وفتح مزيد من الأسواق الخارجية لتصدير المنتج المحلي.
وفيما يتعلق بمعوقات الاقتصاد، قال هاشم: "إن تخليص البضائع المستوردة تتعرض للمعيقات في الموانئ الإسرائيلية جراء عمليات الفحص الأمني والتيكن وحجز البضائع في البوندد مما يؤدي الى ارتفاع التكلفة على البضائع المستوردة".
وأضاف: "أن نقص التمويل لمشاريع الخطة التنموية لمحافظة نابلس، ووقوع بعض المشاريع الاقتصادية في المنطقة المصنفة (C) هما من أهم العوائق أمام تنفيذ المشاريع الواردة فيها".
وبخصوص الخطط المستقبلية، أكد أن هناك تعويل على تنفيذ مشاريع الخطة الاستراتيجة لمحافظة نابلس والتي تتعلق خاصة بالجانب الاقتصادي والمنطقة الحرفية وأرض المعارض وتوسيع وتطوير وتأهيل المنطقة الصناعية ومتابعة الحوار المالي مع الحكومة بخصوص قانون الضربية المعدل ومنح المنتجات الوطنية أولوية كبرى.
تحديات متعددة
قال عبد الحفيظ نوفل، وكيل وزارة الاقتصاد الوطني: "إن التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني أكثر من أن تحصر في جانب واحد أو زاوية معينة".
وأضاف خلال تصريح خاص لمجلة سوق المال في عددها الأخير: "أن التحدي الأبرز يتمثل في تحديات التنمية في ظل شح الامكانيات".
وأكد نوفل، "أنه ورغم جهود السلطة الفلسطينية في التنمية تسير بشكل متواز مع جهود القطاع الخاص في هذا لمجال إلا أن المشكلة الأساسية تتمثل في شح الامكانيات التي تبدأ من نقص الأموال اللازمة والخطط المحكمة والمشاريع التنموية المستدامة والبنية التحتية الملائمة لمثل هذه المشاريع".
وأوضح وكيل وزارة الإقتصاد الوطني، أن تحد آخر يواجه القطاع الاقتصادي الفلسطيني يتمثل في الثقة فيما يخبئه المستقبل وارتباط المستقبل بالتطور على الساحة السياسية الذي يأخذ أبعادا مختلفة سواء على مستوى الضغوط الممارسة على الاقتصاد الفلسطيني من قبل الاحتلال أو على المستوى الداخلي المتعلق في المصالحة الوطنية أو على المستوى الدولي المتمثل بإعلان الدولة والالتزام بتقديم المساعدات المتأثرة بالأزمة المالية.
ومن بين التحديات الأخرى كما أوردها نوفل، فإن تحدي ضبط السوق المحلي وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وغيرها المتعلقة بالأوضاع السياسية التي تعيق الاقتصاد الفلسطيني، داعيا في الوقت ذاته إلى ضرورة مواجهة هذه التحديات بما يكفل ضبط الايقاع الاقتصادي وبما ينسج مع تطلعات المواطنين.
وفي إطار المتابعات التي تقوم بها وزارة الاقتصاد الوطني أكد وكيل وزارة الاقتصاد الوطني عبد الحفيظ نوفل، أنه بحث مؤخرا، مع أمين عام منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية 'اليونيدو'، يوميكيلا، سبل تطوير وتنمية القطاع الصناعي في فلسطين.
ودعا نوفل، لدى استقباله اليونيدو إلى العمل على توفير ووضع برنامج متكامل لدعم القطاع الصناعي في فلسطين يساهم في تنشيط وتطوير هذا القطاع الهام ويحد من حجم البطالة.
وقال: "إن هذه الزيارة تنسجم مع الأهمية التي يوليها الرئيس محمود عباس لتنفيذ إستراتيجية لتطوير وتنمية القطاع الصناعي والذي يحتل المرتبة الثانية في حسابات الناتج المحلي الإجمالي".
وشدد نوفل، خلال هذا اللقاء على أهمية دعم "اليونيدو" لمشاريع القطاع الصناعي في فلسطين لتحقيق أقصى قدر ممكن من الجهود التي تبذلها "اليونيدو" في تعزيز النمو الصناعي الفلسطيني وتنمية القطاع الخاص من خلال مساعدة فلسطين في تنفيذ بعض المشاريع.
الاقتصاد بحاجة إلى وحدة
إلى ذلك، قال رئيس مجلس إدارة شركة "باديكو" القابضة منيب المصري: "إن الاقتصاد بحاجة لوحدة، ولا يمكن له أن يستمر في ظل الانقسام، إلى جانب أنه لا يمكن لأي اقتصاد فلسطيني أن يزدهر في ظل استمرار الاحتلال، فأساس مشكلتنا الاحتلال، وكلنا يجب أن نتوحد لدحر الاحتلال ونبني دولتنا'.
وخلال حوار مع الصحفيين، ضمن اجتماع الهيئة العامة لشركة "باديكو" في عمان أكد المصري أن المشكلة "سياسية"، موضحا أن الموقف على الصعيد المحلي والعربي والدولي يعد "صعبا".
هذا ورأى الرئيس التنفيذي لشركة "باديكو" سمير حليلة، أن الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الوطنية أثرت على الوضع الاقتصادي الفلسطيني بشكل عام وعلى القطاع الخاص بشكل خاص.
وقال حليلة، ضمن الاجتماع ذاته والتي نشرت تفاصيله وكالة الأنباء الفلسطينية وفا: لا نستطيع الاستمرار بهذا الوضع دون التقدم مع الحكومة برؤية تتعلق بالسياسات العامة لها توضح علاقتها مع القطاع الخاص، معتبرا أن التشكيل الحكومي الجديد سيساهم في حل عدد من المشاكل التي يعاني منها القطاع الخاص والوضع الاقتصادي الفلسطيني عامة.
261 ألف عاطل عن العمل
وفي سياق متصل، بينت معطيات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني في إطار عرض النتائج الأساسية لمسح القوى العاملة في الربع الأول من العام الجاري أن عدد العاطلين عن العمل في الأراضي الفلسطينية بلغ حوالي 261 ألف شخص.
وبينت المسوح التي نشرها جهاز الإحصاء أنه وتبعا لمنظمة العمل الدولية فقد كان عدد العاطلين عن العمل في الضفة الغربية بواقع 147 ألفا ، وحوالي 114 ألفا بقطاع غزة.
وبحسب الاحصاءات والبيانات فقد أظهرت النتائج وجود تفاوت بين معدلات البطالة في الضفة والقطاع حيث وصلت قرابة 31.5% في غزة في حين كانت قد قاربت 20.1% في الضفة.
وفيما يتعلق بالبطالة عند الذكور والإناث في فلسطين، أوضحت البيانات أن نسبة البطالة كانت قرابة 22.0% للذكور، مقابل 31.5% للإناث.
وتبعا لمعطيات جهاز الاحصاء، فقد ارتفع معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية من 24.8% في الربع الرابع 2011، إلى 27.4% في الربع الأول للعام الجاري.
وبخصوص المشاركين في القوى العاملة في الأراضي الفلسطينية فقد بلغ عددهم حوالي 1.094 مليون شخص خلال الربع الأول للعام الجاري، توزعوا على النحو التالي 731 ألف شخص في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة حوالي 363 ألف شخص، وبلغت نسبة مشاركتهم في الضفة الغربية 45.4%، مقابل 39.9% في قطاع غزة.
وأوضحت المسوح التي أعدها الجهاز أن محافظة طولكرم سجلت أعلى معدل بطالة في الضفة الغربية، حيث بلغت 31.6%، بينما سجلت محافظة شمال غزة أعلى معدل بطالة في قطاع غزة بنسبة 33.9%.
وتراجع عدد العاملين في السوق المحلية في الأرض الفلسطينية من 793 ألف عامل في الربع الرابع لعام 2011، ليصبح 756 ألف عامل في الربع الأول 2012، حيث انخفض عدد العاملين في الضفة الغربية بمقدار 38 ألف عامل، بينما زداد عدد العاملين في قطاع غزة بمقدار ألف عامل.
وذكر التقرير، أن عدد العاملين من الضفة الغربية في إسرائيل والمستوطنات انخفض من 84 ألف عامل في الربع الرابع 2011، إلى 77 ألف عامل في الربع الأول 2012.
الاستمرار في البناء
هذا وشدد رئيس الوزراء سلام فياض، على ضرورة الاستمرار في البناء والاستفادة من تجربة المرحلة السابقة والمراكمة على الإنجازات لتي حققتها وزارة الاقتصاد، خاصة في موضوع مكافحة منتجات المستوطنات.
وأشار فياض خلال مشاركته في حفل تسليم وزير الاقتصاد الوطني جواد الناجي مهام منصبة، بمقر الوزارة بمدينة رام الله، بحضور ممثلين من القطاعين الخاص والعام إلى أهمية إطلاق برنامج مكافحة منتجات المستوطنات وتقنينه.
وأكد على ضرورة البناء على ما تم إنجازه في هذه المجال، ومحاولة سد الثغرات أينما كانت بأسلوب يستفيد من التجربة المكتسبة في إطار تنفيذ سياسية صحيحة من الناحية السياسية الوطنية، ولكنها مهمة جدا لتمكين القطاع الخاص والمزيد من ذلك، كونهما يشكلان عنوانا أساسيا للمرحلة المقبلة.
وقال فياض: "إن سياسة التمكين تعتبر العنوان الأبرز في إطار سعي السلطة الوطنية الدؤوب لإنجاز الجاهزية الفلسطينية لقيام الدولة وتعميقها".
هذا وأشاد وزير الاقتصاد جواد الناجي، بالرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض على الثقة التي أوكلوها له بإسناد حقيبة الاقتصاد له، مؤكدا أهمية تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص كونه شريكا للحكومة برمتها.
وقال الناجي: "سنبدأ من الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية ومع التركيز على بعض العناوين، فيما يتعلق بمكافحة منتجات المستوطنات، ودعم وتطوير المنتج الفلسطيني بالتعاون مع القطاع الخاص".