اللاجئون السوريون في الأردن عبء جديد على بلد موارده قليلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يشكل نزوح عشرات الآلاف من السوريين إلى الأردن هربًا من العنف في بلدهم عبئًا جديدًا على جارهم الجنوبي الصحراوي الفقير بالمياه، ما يستنزف مصادره المائية الشحيحة، وفقًا لما يراه مسؤولون وخبراء. ويفرض ارتفاع عدد هؤلاء النازحين الذي بلغ حوالى 120 ألفًا، بشكل يومي ضغطًا متزايدًا على البنية التحتية وموارد المياه في الأردن، الذي يعد أحد أفقر خمس دول للمياه في العالم، وتشكل الصحراء نحو 92 بالمئة من مساحته.عمّان: يقول عدنان الزعبي الناطق الرسمي باسم وزارة المياه والري، لوكالةالأنباء الفرنسية إن "كل لاجئ من هؤلاء يحتاج ما لايقل عن 80 لتر من المياه يوميًا، اي ما تقارب كلفته 13الف دينار يوميًا (حوالى 18.4 الف دولار) لمجموعهم".
واضاف ان ذلك "يكلف الدولة، ويشكل ضغطًا متزايدًا على مواردها المائية وبنيتها التحتية". وتعتمد المملكة، التي يتزايد عدد سكانها البالغ نحو 6.7 مليون نسمة بنسبة 3.5 بالمئة سنويًا، بشكل كبير على مياه الأمطار لتغطية احتياجاتها، في حين يفوق العجز السنوي 500 مليون متر مكعب.
وتستغل المملكة نحو 60 بالمئة من استهلاكها السنوي من المياه الذي يقارب 990 مليون متر مكعب في الزراعة التي تساهم في 3.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا للارقام الرسمية.
من جانبه، يؤكد فايز البطاينة امين عام سلطة المياه، ان "السوريين يشكلون ضغطًا كبيرًا على موارد المياه، خاصة في محافظات الشمال الرمثا والمفرق واربد، التي تعاني كلها أصلاً شحًا في المياه، وبالكاد تغطي احتياجات مواطنيها".
وأشار إلى أنّ "وزارة المياه والري مددت خطوط مياه رئيسة وداخلية في مخيم رباع السرحان، ووضعت حوالى 35 خزانًا للمياه لتجهيزه". وهذا المخيم هو الاول لاستقبال لاجئين سوريين في محافظة المفرق (70 كلم شمال عمّان) قرب الحدود مع سوريا.
واضاف البطاينة ان الوزارة "جهّزت ايضًا مخيمًا آخر، تزوده بمياه شرب يوميًا بوساطة الصهاريج، اضافة الى الضغط الذي يسببه لاجئون عند اقربائهم او اصدقائهم في المملكة".
واعتبر ان "السوريين معتادون على نمط استهلاكي مختلف عن نمط الأردنيين، من حيث كميات الاستهلاك المرتفعة". لكن ابو عيد، وهو من حمص أصلاً، وعبر السياج الحدودي وعائلته الى مخيم في مدينة الرمثا شمال المملكة المحاذية لدرعا السورية شكا من "عدم توافر مياه للشرب او الوضوء احيانًا في المخيم".
وقال لفرانس برس "لجأت وزوجتي وولدي وبناتي الأربع الى مخيم بالرمثا لكونها الاقرب لدرعا، وكانت ظروف المخيم سيئة جدًا، ولا تصلح للبشر، لكن الذي يهرب من الموت، همه الوحيد ان ينجو بحياته لا اكثر".
واوضح ان "المياه لم تكن تكفي الموجودين، والحمامات قذرة جدا، وغير صحية، واحيانا الماء لا يتوافر لا للشرب ولا الوضوء. كنت أحاول ألا آكل حتى لا اضطر لدخول الحمام لقضاء حاجتي، لان مياه التنظيف لا تتوافر احيانا".
يتفق عبد الرحمن سلطان من جمعية اصدقاء الارض، فرع الاردن، مع ما قاله الزعبي معتبرًا ان "اللاجئ السوري جاء من منطقة غنية بالماء الى منطقةتفتفر المياه، ويستهلك ما اعتاد استهلاكه في بلده".
وأضاف إن "هناك جزءًا من السوريين المقتدرين اشتروا شققّا في عمّان مثلاً ويمارسون حياة رغدة، ويستهلكون المياه كما اعتادوا استخدامها في بلدهم".
أما ايف مأكدونال، مسؤولة العلاقات الخارجية في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فقالت لوكالة فرانس برس ان "ما يزيد على 20 الف سوري سجلوا لدى المفوضية كلاجئين منذ آذار/مارس 2011".
وأضافت ان "وجود عدد كبير من السوريين في المملكة قد يؤدي الى استنزاف موارد شحيحة خاصة المياه وشبكات الصرف الصحي وادارة النفايات والطاقة والصحة والتعليم".
ودعت المجتمع الدولي الى دعم الاردن "الذي يتعرّض لضغط هائل بالنظر إلى وضعه الاقتصادي الصعب"، مشيرة إلى أنّ المفوضية "اطلقت مشاريع ذات اثر سريع تسعى من خلالها الى دعم المجتمعات المحلية التي تستضيف سوريين في الأردن".
وكان وزير خارجية الاردن ناصر جودة بحث الثلاثاء مع آندرو هاربر ممثل المفوضية في عمّان "الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها المقدمة من الاردن والبنية التحتية بشكل عام وانعكاسات ذلك على المملكة".
وأكد الجانبان على "ضرورة ان يساهم المجتمع الدولي في مساعدة الاردن لتمكينه من تقديم الخدمات اللازمة للسوريين".
من جانبه، أكد احمد القطارنة، امين عام وزارة البيئة، ان وجود هذا العدد من السوريين "يتطلب بنية تحتية جديدة لتوفير حياة صحية مناسبة لهم"، مشيرًا إلى أنّ "ذلك يترتب عليه كلفة مالية باهظة". وعبّر القطارنة عن قلقه من "رفع اللاجئين السوريين الطلب على المياه بشكل عام، ما يضغط بوضوح على البنية التحتية".
اما سميح المعايطة، وزير الدولة الاردني لشؤون الاعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة فأكد ان "تكلفة وجود السوريين في المملكة كبيرة من دون شك، لكن يصعب تقديرها لأن هناك حركة نزوح يومية تزيد الكلفة باستمرار". واوضح ان "الحكومة تتحمل ضغط على البنية التحتية والمياه والمدارس والصحة وما الى ذلك".
ويتلقى نحو 5500 طالبة وطالب سوري التعليم في المدارس الحكومية الاردنية مجانًا كما تقدم المملكة رعاية صحية مجانية للاجئين السوريين المسجلين. ويقول الاردن ان اكثر من 120 الف سوري دخلوا المملكة منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للرئيس بشار الأسد في سوريا في آذار/مارس 2011 والتي ادت الى مقتل ما يزيد على 13 الف شخص.