تخفيض التصنيف الإئتماني لتونس يثير الجدل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أثار التخفيض الإئتماني لتونس ردود أفعال معارضة مؤكدة أنّ الإقتصاد التونسي لامس مرحلة الخطر لكن الحكومة التونسية استغربت هذا التصنيف في وقت بدأ الإقتصاد التونسي يتعافى بل أنه وبحسب المعهد الوطني للإحصاء فقد بلغت نسبة النمو في الثلاثية الأولى من العام الجاري 4.8% بعدما كانت النسبة سلبية و في حدود 2% مع نهاية عام 2011.
تونس: بين هذه الآراء وتلك انتشرت أخبار مفادها أن الحكومة بدأت مشاوراتها من أجل تعويض محافظ البنك المركزي الذي قد يكون غير منسجم في رؤيته الإقتصادية مع توجهات حكومة الترويكا. فما هي وجهة نظر الحكومة في هذه المسألة وكيف ينظر الخبراء الإقتصاديون إلى أداء محافظ البنك المركزي؟
اختلاف في وجهات النظر
الهادي بن عباس كاتب الدولة للشؤون الخارجية أوضح رؤى حكومة الترويكا حول مسألة محافظ البنك المركزي وما يدور من نقاش حول أدائه :" في الحكومة هناك فريق يعمل بآنسجام و توافق مع كل الأطراف ومحافظ البنك المركزي وعلى حدّ علمي إلى يومنا هذا ما يزال في مكانه محافظا للبنك المركزي و مسألة تغييره اليوم غير مطروحة ، ولكن إذا تم التغيير فالعلاقة ستكون بحسب الأداء ولكن من خلال التجاوب و الإنسجام والتطابق في وجهات النظر معه يبدو أنها ليست على أحسن ما يرام وحاليا ليس هناك قرار رسمي في هذا الإتجاه".
وحول الإختلاف الذي يمكن أن يكون حاصلا في الإنسجام ووجهات النظر قال كاتب الدولة للشؤون الخارجية :" هذا احتمال ومن خلال المنطق هناك كفاءة وكذلك هناك حكومة لها برنامج واضح للتنمية وهو هام جدا في مرحلة انتقالية وفي توقعاتي إذا حدث خلاف فسيكون من ناحية الإنسجام دون غيره . فهل هناك تطابق في النظر إلى البرنامج الإقتصادي أم لا؟
وإذا كان هناك تطابق لا أرى موجبا أن تقوم الحكومة بتغيير محافظ البنك المركزي وإذا لم يكون تطابق على مستوى النظرية الإقتصادية خاصة وأن البلاد في مرحلة انتقالية صعبة لأن المطالب الشعبية كبيرة جدا وانتظاراتهم أكبر من حكومة الثورة وبالتالي لا بد من قرارات قوية وجريئة من طرف الحكومة التي تنحو نحو هذا المنحى و التوجه وربما لا ينسجم هذا التوجه مع نظرة علمية بحتة وباردة أي بدون تحمس إلى الإنتقال الديمقراطي وضرورة تحسين ظروف العيش للمواطنين ربما يكون هذا الإحتمال عاملا من العوامل الأساسية لتوجه آخر لمحافظ البنك المركزي".
من جانبه أكد الخبير الإقتصادي نوفل الزيادي في تصريح لـ"إيلاف" أنّ القيمة العلمية لمحافظ البنك المركزي التونسي لا يرقى لها الشكّ و المراكز التي شغلها و آخرها في البنك الدولي وهو من المنظرين لنظرية الصفقة في الإقتصاد وهي غير تحررية و لا تعترف بدور الفاعلين الإجتماعيين في البناء الإقتصادي أو منظومة التنمية وله إضافة في هذه النظرية.
ويضيف الخبير نوفل الزيادي :" عندما عاد من البنك الدولي التزم بالحديث عن الإقتصاد وهو لا يعتمد إلا الإحصائيات الدقيقة و الموثوقة وبالتالي فهو لا يمكن أن يقارن مثلا بين الأوضاع الإقتصادية بين الثلاثية الأولى عام 2011 و عام 2012 فالأمر علميا لا يستقيم فنسبة 4.8% لا يمكن مقارنتها بالنسبة الحاصلة في 2011 و بالتالي على الحكومة أن تصارح الشعب ليعيش الجميع الأزمة ويعرف عمقها ، وكيف يستقيم الأمر عندما نقول بأن نسبة النمو بلغت 4.8% بينما تطالب بسنة بيضاء و الزيادات غير ممكنة".
ويؤكد الزيادي :" من حقّ أي كان أن يكون له رأي سياسي ورؤية مجتمعية مثل محافظ البنك المركزي وهو بالتالي غير محايد ولكن محترف في أدائه وأعتقد أن القول بتنحيته و تعويضه الهدف منه التمكّن و التفرّد التدريجي ولم يطرح هذا الأمر للمرة الأولى . ونقول بأن مكاسب تونس قامت بفضل رجالات تونس وطاقاتها وبالتالي يجب المحافظة عليهم وبرغم الظروف الصعبة لم تتعطل البلاد ولم تتوقف مناحي الحياة و الفضل يعود إلى نساء ورجال الإدارة التونسية".
تصنيف يجانب الواقع
وحول اتهام البعض لمحافظ البنك المركزي بأنه كان وراء التخفيض الإئتماني لتونس من طرف مؤسسة ستاندارد أند باورز و ارتفاع الأسعار وبالتالي ضعف المقدرة الشرائية للمواطن وارتفاع العجز لإجرائه التخفيض في نسب الفائدة في أكثر من مرة يقول الأستاذ الهادي بن عباس: "لا يمكن أن نجعل من شخص واحد شماعة ونحمّله مسؤولية في كل المجالات ، فالأكيد أن التخفيض الإئتماني لتونس يعود إلى عوامل متعددة ولا يمكن أن يكون عاملا واحدا وربما تكون هذه الفرضية التي طرحتها عاملا من العوامل التي كانت وراء التخفيض ويستحيل حسب رأيي بنظرة اقتصادية علمية أن يكون أداء محافظ البنك المركزي هو العامل الوحيد لهذا التخفيض وأنا أعرف أن هذا التخفيض وبكل الأسف ليس مبنيّا على نظرة واقعية وحقيقية لواقع تونس اليوم وكان عبارة لصورة تونس في وقت معين وبالطبع إذا نظرنا إلى تونس في توقيت زمني معين ونضع المجهز على نقطة معينة وهي عنصر من العناصر التي يتم اعتمادها للترتيب قد يكون الأداء غير مرضي ولكن عندما نرى نسبة النمو في تونس اليوم تتجاوز 2% وقد تتجاوز 6% حسب صندوق النقد الدولي في أواخر العام الجاري 2012 خاصة وقد انطلقنا من 2% سلبي في آخر 2011 بالرغم من الأزمة الإقتصادية في أوروبا وتأثيرها على معاملاتنا التجاريه معها".
الخبير الإقتصادي نوفل الزيادي يؤكد أن الوضع صعب و التخفيض طبيعي :" ليعلم الجميع أن التخفيض الإئتماني لم يقتصر على اقتصاد تونس فقط بل اسبانيا وفرنسا و تركيا فنحن الآن نعيش في مرحلة انتقالية حساسة ووضع اقتصادي صعب والأمن غير مستتب فهل يريدون والوضع على ما هو عليه أن يكون التصنيف (أأأ) ونكون بالتالي أحسن بلد في العالم وتعود اللغة الممجوجة التي سئمناها في العهد البائد ولذلك لا بد أن نكون عقلانيين وتكون نظرتنا علمية لا غاية لنا إلا العمل من أجل مستقبل تونس".
وأشار الزيادي إلى أن عملية التخفيض في نسب الفائدة من طرف البنك المركزي ذات فوائد: "التخفيض في نسبة الفائدة يرتبط في علاقة وثيقة بالإستثمار لأنه في وضع عادي ومع ارتفاع لنسبة الفائدة يدخر المواطنون الأموال ولكن عندما تنخفض نسبة الفائدة يكون التوجه نحو الإستثمار ونحن في حاجة أكيدة إلى الإستثمار الداخلي والخارجي و المعضلة الحقيقية هي أن البنوك تربح الأموال الطائلة على حساب المستثمرين والمواطنين".
الإقتصاد بدأ يتعافى
كاتب الدولة للشؤون الخارجية الهادي بن عباس يؤكد أنه :" برغم الصعوبات الإقتصادية و بحكم الديناميكية الداخلية للإقتصاد التونسي وكذلك القرارات الجريئة للحكومة التونسية من خلال الإنطلاق في الإستثمار والإصلاحات الجذرية في القطاع السياحي و العمل الكبير لوزارة الخارجية لطمأنة المستثمرين الأجانب بدأ شيئا فشيئا يعطي أكله وهذا ما يجعلني متفائلا شديد التفاؤل بمستقبل تونس لا على المستوى البعيد فقط بل كذلك على المستوى القريب، أما العامل الثاني الذي تعتمده مؤسسات التصينف الإئتماني فهو الحوكمة الرشيدة فالمناخ السياسي في تونس والإصلاحات التي وفرتها الحكومة و التي جعلت مناخ الإستثمار ملائما و إيجابيا كما أن الصحافة حرة و ليس هناك تدخل من الحكومة في عمل الصحفيين بل بالعكس هناك إفراط في هذه الحرية التي يجب أن تتناسب مع المسؤولية وأحيانا هناك إعلاميون لا يعرفون معنى المسؤولية و الحكومة تتحمل العبء و تقبل بهذه التجاوزات كما القضاء يتحرك بحرية وهذا هو المعيار الثاني الذي يؤخذ بعين الإعتبار في عملية التصنيف ولو تعود غدا ستاندارز أند باورز وتقوم بالتصنيف فسيكون إيجابيا و أفضل بكثير من الذي حصل أخيرا ورغم ذلك نأخذ هذا التصنيف بعين الإعتبار ونعمل أكثر ونحاول معالجة الأسباب التي جعلت التصنيف ينخفض ولكن بحكم علاقاتنا الجيدة مع عديد الدول التي تساعدنا في مسارنا الديمقراطي الإنتقالي كما الولايات المتحدة الأمريكية التي منحتنا ضمانا يساعدنا على تعويض هذا التصنيف من خلال الإقتراض من المؤسسات المالية العالمية".