النقاش حول الزيادة في أسعار المحروقات يشتعل في المغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما زال قرار الزيادة في أسعار المحروقات يثير لغطاً كبيراً في المغرب، حيث تباينت المواقف بين مؤيد لهذه الخطوة "الجريئة" لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وبين رافض لها.
الرباط: ترى فئة من المغاربة أن عبد الإله بنكيران، رغم التبريرات التي قدمها على الهواء في مقابلة تلفزيونية، والتي عزا فيها الارتفاع في أسعار المحروقات إلى زيادة أثمان البترول على الصعيد الدولي، "خان الثقة"، التي وضعها فيه الناخبون المغاربة، الذين ما زالوا ينتظرون الكثير مما ورد في البرنامج الحكومي.
وفي هذا الإطار، قال عبد القادر الزاير، نائب الكاتب الأول للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل (من المركزيات النقابية الأكثر تمثيلاً في المغرب)، إن "المبررات التي قدمها رئيس الحكومة كان يمكن الأخذ بها لو جرت مناقشة القرار، وإقناع الناس به عن طريق الحوار مع النقابات والهيئات السياسية التي توجد معه في البرلمان، قبل تفعيله"، مشيرًا إلى أن "المواطنين يقولون أن بنكيران لم يحترم وعوده، وهناك من إتهمه بخيانة الثقة".
وأضاف عبد القادر الزاير، في تصريح لـ"إيلاف"، "لا يجب أن يتم استغفال الناس والتحايل عليهم، ثم يأتي بعدها رئيس الحكومة ويقدم مبررات، التي حتى لوكان هناكما يبررهافهذا ليس وقتها لأن الحكومة في بدايتها، كما أن أسعار البترول تنخفض على المستوى الدولي".
وأكد القيادي النقابي أنه، بعد المسيرة التي نظمتها الكونفيدرالية والفيدرالية، "فإننا نعمل حاليًا، برفقة الفيدرالية، على مناقشة الأجندة، التي كلفنا بها المجلس الوطني".
من جهته، اعتبر، إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان، الزيادة "إجهازًا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين المغاربة، وبالأخص الفئات الضعيفة والمتوسطة"، مبرزًا أن "الزيادة فاقدة لأي شرعية لأنها لم تناقش داخل البرلمان، وجاءت بشكل مفاجئ".
وأضاف إدريس السدراوي "حتى التبريرات التي جاء بها رئيس الحكومة كانت بعد أن بدأت الاحتجاجات وتزايدت ردود الأفعال، وهو ما يدل على التخبط الذي تقع فيه هذه الحكومة".
وذكر القيادي الحقوقي، في تصريح لـ"إيلاف"، أنه "لا توجد استراتيجية واضحة في الميدان الاقتصادي بخصوص الفئات المهمشة والضعيفة"، مشيرًا إلى أن "هناك التفافاً حول البرنامج الحكومي للأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم".
أما الخبير الاقتصادي، محمد اليوحي، فعزا هذه الزيادة، في تصريح لـ"إيلاف"، إلى ثلاثة أسباب، أولها "الاختلالات الكبيرة المسجلة في ميزانية صندوق المقاصة (صندوق مخصص لدعم المواد الأساسية)، ثم العجز الهيكلي في ميزانية الدولة، في حين يتمثل السبب الثالث في الزيادة في نفقات الدولة، والتي لم يواكبها تسجيل أي ارتفاع في الإيرادات".
وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة بن زهر في أكادير أن "هذه ليست زيادة بمعنى الكلمة، بل يمكن القول إن الحكومة تراجعت عن دعم نسبي لأسعار المحروقات"، مؤكدًا أن "دعم المحروقات يشكل 80 في المئة من مخصصات صندوق المقاصة، علمًا أن النقل العمومي يستغل 90 في المئة من المحروقات المدعمة".
وأبرز محمد اليوحي أن "الدعم يستفيد منه الأغنياء، بالدرجة الأولى، وليس الفقراء، ما يعني أن الصندوق خرج عن فلسفته"، مشددًا على ضرورة أن "يكون هناك نظام عادل حتى يتم وضع حد للتهرب الضريبي".
وأشار إلى أن الحكومات السابقة عالجت مشكلة عجز صندوق المقاصة بطرق مختلفة، فحكومة المعارض الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي لجأت إلى الخصخصة (تفويت القطاع العمومي إلى القطاع الخاص)، في حين أن حكومة عباس الفاسي اختارت الاقتراض من الخارج، وهما خطوتان لهما تأثير سيىء على المغرب، في حين لجأت حكومة عبد الإله بنكيران إلى زيادة أسعار المحروقات للحفاظ على التوازن النسبي للصندوق.
يشار إلى أن عجز الميزانية تفاقم بحوالي 20.6 مليار درهم مقارنة مع توقعات قانون المالية 2011 ليصل إلى 50.1 مليار درهم، أي ما يعادل 6.1 في المئة من الناتج الداخلي.
وبلغت نفقات المقاصة مستوى قياسيًا بـ 48.8 مليار درهم في 2011، في حين أن قانون المالية 2011 لم يخصص سوى 17 مليار درهم لهذه الخانة.