سياسات تقشفية لمواجهة تحديات إقتصادية بالسودان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: في إطار سعي السودان للخروج من انعكاسات الأزمة الاقتصادية الجادة بعد انفصال الجنوب، وتضاؤل عائدات النفط لجاءت الحكومة للعديد من الإجراءات التقشفية الرامية لاستعادة التوازن والاستقرار الاقتصادي لأجل التغلب على مصاعب اقتصادية جمة متمثلة في ارتفاع معدل التضخم وتنامي العجز في ميزان المدفوعات والتدهور في سعر صرف العملة المحلية وتدني انتاجية القطاعات الرئيسية.
وكانت الحكومة قد أعلنت مؤخراً من خلال اجتماع الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) تبنيها سلسلة من الإجراءات الاقتصادية عبر عدة محاور تهدف إلى تقليص الصرف الحكومي وزيادة إيرادات الدولة، وتحرير أسعار المواد البترولية وزيادة الضرائب والجمارك على السلع الكمالية والاتصالات ورسوم السفر والتذاكر مع استثناء السلع الاستهلاكية ومدخلات الإنتاج.
ويرى خبراء اقتصاديون إن هذه الإجراءات من شانها أن تحد من عجز الموازنة ولكن لا ينتظر منها في أن تسهم في حل مشكلة التدهور في أداء الاقتصاد السوداني فعلى الرغم من عائدات الذهب المتوقعة بنهاية هذا العام تصل إلى مليارين ونصف المليار دولار، وهو ما يعادل أكثر من 60 في المائة من حجم عائدات النفط التي فقدتها البلاد بانفصال دولة الجنوب ويتوقع منه ان يسهم في التخفيف من حدة المشكلة الاقتصادية إلا أن حزمة السياسات الاقتصادية التي تبنتها الدولة مازالت غير قادرة على أن تخاطب مشكلات القطاعات الإنتاجية الفاعلة.
ويوضح د. أحمد رفعت، الخبير الاقتصادي والأستاذ المساعد لمادة الاقتصاد بمركز الدراسات الدبلوماسية بالخرطوم، لـCNN بالعربية، إنه رغم تبني الدولة لبرنامج ثلاثي للاستقرار الاقتصادي وإعادة التوازن، إلا أن هذا البرنامج صاحبه الكثير من القصور، إذ ركز على سياسة إحلال الواردات من اجل إحلال السلع التي تستنزف موارد العملة الأجنبية.
وقال رفعت إن البرنامج خلا من أي سياسة لدعم القطاعات الاقتصادية الإنتاحية الحقيقة التي يتمتع فيها السودان بقدرات إنتاجية عالية وتنافسية، كما لم يركز على تحويل طبيعة الصادرات السودانية من المواد الخام إلى السلع الصناعية في الوقت الذي تتسم فيه جل صادرات السودان بأنها من السلع الزراعية الخام والتي تتسم بقلة المردود والعائد الاقتصادي، وذلك في ظل غياب اضطلاع القطاع الصناعي بدوره في تطوير الصناعة المعتمدة على السلع الزراعية والمواد الخام المحلية من اجل زيادة القيمة المضافة للسلع الصادر.
وفي وقت يعاني فيه القطاع الزراعي من ضعف مستوى التقانة المستخدمة وتدني الإنتاجية فإن البرنامج ركز على زيادة الإنتاج دون أن يعالج مشكلة الإنتاجية وضعف الحزم التقنية وتواجه السلع الزراعية بغياب الدعم الحكومي لها مما يضعف من تنافسيتها في الأسواق العالمية، وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تودي الزيادة في سعر الضرائب والجمارك إلى رفع معدل التضخم وإضعاف تنافسية الصادرات السودانية، بحسب الخبير السوداني.
وبالتالي فإن العديد من المراقبين يتشككون في فعالية الإجراءات المتخذة أخيرا في معالجة المشكلة الاقتصادية فالدولة تحتاج لبذل المزيد من الجهود لتنمية القطاعات الإنتاجية الحقيقة وتبني سياسة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية في ظل سياسة موحدة للاستثمار تسعى لمنح المزيد من الإعفاءات للاستثمارات التي تسهم في زيادة سلع الصادر وتوفر المزيد من فرص العمل.