السعيدي: تونس تستعد لاحتضان ندوة تحت اشراف منتدى دافوس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يكشف رضا السعيدي الوزير التونسي المكلف بالملفات الاقتصادية في مقابلة خصّ بها (إيلاف) من تونس عن استعداد بلاده لاحتضان ندوة دولية تحت اشراف منتدى دافوس العالمي بغية دعم الاقتصاد التونسي، وانتقد الوزير في المقابل السياسة النقدية المتبعة منقبل البنك المركزي.
تونس: شدد رضا السعيدي، الوزير التونسي المكلف بالملفات الاقتصادية، في مقابلة مع (إيلاف) على حرص تونس على الحوكمة الرشيدة والشفافية وعدم تجاوز السلطة في الاقرار أو الإذن بتنفيذ مشاريع، وذلك لإرساء مناخ أعمال جديد يشجع على الاستثمار.
وذكر الوزير السعيدي أن الحكومة التونسية تعمل حاليًا على إعداد إطار تشريعي خاص بالصيرفة الإسلامية. وأعلن عن احتضان تونس ندوة دولية بإشراف منتدى دافوس نهاية العام الجاري يشارك فيها عدد من رجال الأعمال من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومن جهة أخرى، انتقد رضا السعيدي، وهو قيادي في حركة النهضة الإسلامية، السياسة النقدية المتبعة من قبلالبنك المركزي التونسي وعدم الشروع في إصلاحات هيكلية جذرية للقطاع البنكي.
وفي ما يلي نصّ المقابلة كاملاً:
bull;تتهمكم المعارضة بالفشل في القدرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية منذ توليكم مهام السلطة، ما رأيكم في هذا الموقف، وما تقييمكم لأداء الحكومة من الجانب الاقتصادي إلى حد الان؟
في البداية يجب أن نشير إلى أن الفترة التي مرّ بها الاقتصاد التونسي بعد الثورة كانت صعبة جدًا. سنة 2011 كانت سلبية بكل المقاييس على مستوى النموّ الاقتصادي والانتاج والنشاط السياحي، القطاع الوحيد الذي سجل نسبة نمو ايجابيّة كان الزراعة.
منذ تولي الحكومة مهامها حرصنا على اعطاء أهمية للدفع الاقتصادي واستعادة نسق النموّ العادي، وذلك بحلّ مشاكل عديدة عبر الحوار الاجتماعي وفضّ الاشكاليات التي تعطل الانتاج في عديد المؤسسات العمومية والخاصة. لا بد أن نسجل أيضًا تراجع عدد الاضرابات خلال الأشهر الثلاثة الأولى لسنة 2012 مقارنة بكل الثلاثيات لسنة 2011 وتراجع الأيام الضائعة على مستوى الانتاج. كما شهد الاستثمار نموًّا بنسبة 15 في المئة خلال الثلاثية الأولى في حين سجّل الاستثمار الخارجي المباشر نموًّا بأكثر من 35 في المئة مقارنة مع السنة الماضية.
bull;وماذا عن أسعار المواد الاستهلاكية التي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في تونس؟
الحكومة تعمل على الحدّ من ارتفاع المعدل العام للأسعار الذي شكّل عائقًا وضغطًا كبيرين على الحكومة وكافة فئات الشعب التونسي. ولمعالجة هذا الملف قامت رئاسة الحكومة بتشكيل اللجنة الوطنية للتحكم في الأسعار للمتابعة والمراقبة والتدخل، وكانت لها نتائج ملموسة. من جهة أخرى تم تعزيز الرقابة والقيام بجهود مكثفة لإيقاف نزيف تهريب البضائع عبر الحدود البرية والتحكم في مسالك التوزيع. كما تدخلت الحكومة في أكثر من مناسبة بتزويد السوق بمواد شهدت نقصًا في التزويد. هدفنا هو أن نصل إلى شهر رمضان بانخفاض ملحوظ في الأسعار وبالفعل سجلنا تراجعًا في أسعار بعض المواد بلغ حتى 50 في المئة.
bull;الحكومة تسعى الى تحقيق نسبة3.5 في المئة من النمو في العام الحالي حسب تصريحات سابقة لكم، هل ترون أنكم قادرون على تحقيق هذه النسبة في ظل الظروف الراهنة؟
لقد بلغت نسبة النمو خلال الثلاثية الأولى لسنة 2012 مقارنة بالفترة نفسهامن السنة الماضية 4.8 في المئة، حسب احصائيات نشرها المعهد الوطني للإحصاء. هذا يعطينا الأمل في أن تونس قادرة على تحقيق نسبة نموّ تبلغ 3.5 في المئة طيلة السنة خاصة اذا تواصل النشاط السياحي حسب التقديرات التي قمنا بضبطها.
الموسم الزراعي ايضًا كان قياسيًا حيث بلغت نسبة انتاج الحبوب 25 مليون قنطار سنة 2012 مما قد يساعدنا على تحقيق نقطة نموّ اضافية .. كل هذه العوامل تجعلنا قادرين على تحقيق النسبة المطلوبة وربما أكثر.
bull;لكن وكالة "ستاندر أند بورز" الأميركية قامت بتخفيض التصنيف الائتماني لتونس. ألا يشكل ذلك خطرًا على الاقتصاد؟
هذا الترقيم كان منتظرًا لكن ما نعيبه على الوكالة أنها قامت بذلكبالاستناد الى معطيات قديمة كما استقت معلوماتها من بعض الجهات التي لم تقدم النتائج الاقتصادية المعلنة وإنما اكتفت بمجرد تقديرات، حاليًا، لدينا نتائج معلنة للثلاثية الاولى لسنة 2012 مما يجعلنا نأمل أن تنصف بقية وكالات التصنيفالاقتصاد التونسي.
نحن لا ندعي أن اقتصادنا في حالة جيدة وفعلاً هناك نقاط سلبية يجب تداركها ومخاطر يجب أن نأخذهافي الاعتبار. وعمومًا لن يكون لتصنيف "ستاندر آند بورز" تأثيرات سلبية خلال هذه السنة إذ أن تونس غير مضطرة للاقتراض من السوق المالية العالمية.
قمنا بتأمين احتياجاتنا من التمويل الخارجي باتفاقيات ثنائية مع أطراف مختلفة إلى جانب أن تونس بإمكانها التقدم لطلب قروض بضمان من الولايات المتحدة الأميركية الذي كنّا قد أبرمناه مؤخرًا.
bull;الحكومة طرحت في برنامج عملها لسنة 2012 إعداد إطار تشريعي خاص بصناديق الاستثمار الإسلامية والمالية الاسلامية بصفة عامة، ماذا فعلتم في هذا الموضوع؟
إلى حدّ الآن لا يوجد لدينا في تونس اطار قانوني ينظم عمل البنوك الاسلامية ومؤسسات الصيرفة الاسلامية وصناديق الوقف والزكاة وغيرها، لذلك قمنا بإستحداث لجان على مستوى وزارة الماليّة تعملحاليًا على إعداد الاطار القانوني المنظم لهذه الأنشطة وستعرض المشاريع الأولية قريبًا على مجلس الوزراء ثم تُحال على المجلس الوطني التأسيسي من أجل المصادقة وتقنين هذا القطاع الهام الذي سيشكل دعامة للاقتصاد التونسي.
التشجيع على المالية الاسلامية كان تقريبًا قاسمًا مشتركًا بين مختلف البرامج الاقتصادية التي قدمتها الأحزاب السياسية التونسية بمختلف توجهاتها وخلفياتها. في السابق كان الاقتصاد التونسي محرومًا من الصيرفة الإسلامية لأسباب سياسية وأيديولوجية والحكومة التونسية تسعى اليوم إلى تنويع مصادر التمويل. سنعمل أيضًا على دعم العمل البنكي التقليدي إلى جانب إتاحة الفرصة أمام الماليّة الإسلامية التي ستساهم في دعم الاقتصاد وخاصة تمويل المشاريع الانتاجيّة.
المهمّ بالنسبة لنا هو أن يكون عملنا على أسس صحيحة وقائمًا على قواعد الحوكمة الرشيدة والحذر.
bull;كيف سيتم تقييم أداء الوزارات ومراقبة تنفيذ المشاريع التنموية المبرمجة بميزانية الدولة لسنة 2012 وبرنامج عمل الحكومة؟
برنامج الحكومة لسنة 2012 الذي تم عرضه منذ مدّة وتضمن إحداث هيكل مركزي على مستوى رئاسة الحكومة يشرف على تنفيذ ومتابعة ومراقبة مدى التقدم في المشاريع العموميّة.
اليوم لدينا خبراء واطارات يعملون على وضع منظومة معلوماتية للمتابعة والرقابة الفوريّة على مستوى التقدم في الانجاز والتمويل والجودة والتقدم في الأداء.
كما أشير إلى أنّ المتابعة والرقابة ستشملان أيضًا الاداء الحكومي. نتبع اليوم طريقة جديدة في التسيير هي "عقود البرامج" بين رئيس الحكومة وكلّ وزير إذ إن الوزراء مطالبون بتقديم تقارير نهاية كل شهر حول تقدم البرامج المتفق عليها مع رئيس الحكومة.
سيساعد فريق المتابعة والمراقبة رئيس الحكومة على تعديل البرامج أو تعديل السياسات وتحسين الأداء في الوقت المناسب، وسيعمل الفريق الحكومي بانسجام من أجل تحقيق البرنامج الذي اتفقنا حوله ونعتقد أنه سيقدم الاضافة للبلاد.
bull;تحدثتم منذ توليكم مهامكم عن مشاريع واستثمارات ضخمة منتظرة، خاصة من دول الخليج، لكن ذلك لم يتحقق بعد، ما سبب ذلك؟ هل هو تنصّل بعض الجهات عن وعودها أم هي العوائق الإدارية والقانونية؟
طوال العهد السابق، كان العائق الأساسي أمام تنفيذ المشاريع الكبرى هو مناخ الأعمال القائم على الرشوة والفساد، أما اليوم فهذا ملف طوي إلى الأبد إذ نحرص على خلق مناخ أعمال جديد مشجع على الاستثمار بالاعتماد على الحوكمة الرشيدة والشفافية وعدم تجاوز السلطة في الاقرار أو الإذن بتنفيذ مشاريع معيّنة.
صحيح أن هناك عوائق ادارية، فنحن لا نزال نشتغل بالآليات السابقة في انتظار مراجعة بعض القوانين المتعلقة بالاستثمار والصفقات العمومية مما سيساعدنا على تجاوز العديد من العراقيل.
لكن أيضًا بعض المشاريع المقترحة فيها مطالب امتيازات عديدة مثل توفير البنية الأساسية وإيصال الماء والكهرباء على حساب ميزانية الدولة مما يتطلب دراسة للنظر في امكانية توفير الاعتمادات المطلوبة.
كما لم يعد ممكنًا بعد الثورة أن يتم اسناد أو الترخيص لبعض المشاريع بالمراكنة وغياب الشفافية وقواعد المنافسة، ولقد أعلمنا أصحاب المشاريع بذلك وقد يكون هذا سببًا في أن يعتقد البعض بوجود تأخير في تنفيذ بعض المشاريع.
bull;سعر صرف الدينار التونسي تراجع في الآونة الأخيرة بصفة ملحوظة. ما تفسيركم لذلك؟
هناك عوامل عديدة تتدخل في تحديد سعر صرف العملة التونسية التي لا تزال غير قابلة للتحويل.
العامل الأول هو سعر صرف بعض العملات الأجنبية إذ إن قيمة الدينار التونسي يتم تحديدها بمرجع نظر مجموعة من العملات كاليورو والدولار الأميركي واليان الياباني وبعض العملات الأخرى، مما يجعل عملتنا تتأثر بأسعار صرف هذه العملات.
العامل الثاني هو ميزان المدفوعات الخارجية الذي يشهد عجزًا مما يؤثر سلبًا على قيمة الدينار التونسي (يشهد عجزًا قيمته483 مليون دولار حسب تقرير أصدره البنك المركزي التونسي نهاية مايو الماضي).
أما العامل الثالث فهو السياسة النقدية المتبعة في تونس حاليًا وتخفيض نسبة الفائدة المرجعية.
علينا أن نراجع هذه السياسة التي يجب أن تكون متوائمة والسياسة الجبائية المتبعة من الحكومة.
رئيس الجمهورية محمد منصف المرزوقي أكد أن محافظ البنك المركزي السيد مصطفى كمال النابلي ستتم إقالته ويبدو أن رئيس الحكومة يوافق المرزوقي الرأي. هل لكم أن توضحوا لنا مآخذكم تجاه النابلي؟
البنك المركزي في تونس مستقل تمامًا عن الحكومة بل هو اليوم من أكثر البنوك استقلالية في العالم. لقد كان هناك حرص على استقلاليته التامة، لدوافع سياسية، حين تمت مناقشة قانون تنظيم السلطات العمومية وكأنه دولة مستقلة بذاتها.
الحكومة، منذ تسلمها لمهامها نهاية السنة الماضية، حاولت أن يكون هناك تواصل وتشاركيّة في السياسات مع البنك المركزي. والأكيد أنه في فترة ما بعد الثورات، يجب أن يكون هناك تعاون بين كل مؤسسات الدولة لخدمة هدف وحيد هو استعادة النمو الاقتصادي ولا يجب أن تكون هناك سياسة نقدية منفصلة عن السياسة الجبائية والسياسة الاقتصادية العامة للدولة خاصة بعد حالة الركود التي شهدها الاقتصاد التونسي.
ما نعيبه أيضًا على البنك المركزي هو عدم القيام بإصلاحات جذرية في القطاع البنكي، وهذا ليس مطلب الحكومة بمفردها وإنما مطلب المؤسسات العالمية أيضا كصندوق النقد الدولي أو البنك العالمي ومختلف الممولين والمستثمرين الأجانب.
نسبة القروض الهالكة أيضًا لا تزال عالية وبالتالي درجة المخاطر تبقى مرتفعة كما أن قطاعات كاملة تشهد صعوبات على مستوى التمويل البنكي، هذا إلى جانب تواجد رموز فساد وأشخاص لهم ارتباطات بالعائلة الحاكمة السابقة يشغلون إلى حد الان مناصب في البنك المركزي و بنوك أخرى.
التباطؤ في الاصلاح هو ما دفع رئيس الجمهورية للتصريح بأنه سيتم تغيير محافظ البنك المركزي حسب رأيي.
bull;ما نفهمه هو أن الحكومة أيضًا لديها نفس موقف رئيس الجمهورية تجاه محافظ البنك المركزي؟
الحكومةحتى هذه اللحظة لم يصدر منها موقف رسمي، وما يهمناهو أن تقوم المؤسسات بدورها بغضّ النظر عن الأشخاص رغم تقديرنا للمحافظ الحالي للبنك المركزي وقدراته العلمية والمهنيّة.
والمسألة تعود بالنظر، حسب القانون المنظم للسلطات العمومية، إلى المجلس الوطني التأسيسي الذي قدم استدعاءً للسيد مصطفى كمال النابلي للمساءلة حول السياسات النقدية المتبعة وإصلاح الجهاز البنكي والقضايا التي تشغل الرأي العام الاقتصادي يوم 19 أغسطس/آب الجاري.
bull;العديد منالمحللين الاقتصاديين يؤكدون أن تونس لا تستغلثرواتها المنجمية وخاصة الفسفاط كما ينبغي وهي الدولة الثالثة في العالم من حيث الانتاج، هل الحكومة واعية بذلك؟ وأين وصلت المشاريع الضخمة لاستخراج الفسفاط التي تم الاعلان عن البدءفي دراستها؟
موضوع المناجم معقد كثيراً. في العهد السابق،عندما كنانتحدث عن هذا الملفوكأننانتحدثعن ألغاز وعقود تسند خارج اطار الشفافية، حيثكانت هناك أياد تتدخل من أجل الاستفادة وتحقيق منافع خاصة، أما اليوم فمصلحة البلاد هي المقياس الوحيد الذي تعتمده الحكومة.
نحن اليوم نريد أن ينموقطاع الموارد المنجمية التي تنتجها تونس.
بالنسبة للفسفاط، العديد منالمستثمرين عبروا عن اهتمامهم بهذا القطاع ونحن بصدد التفاوض معهم. لدينا مشاريع في الشمال (مشروع سراورتان في محافظة الكاف / 270 كلم شمال غرب العاصمة) أو الجنوب (في محافظتي توزر ومدنين / 500 كلم جنوب العاصمة) وهناك دراسات حول هذه المشاريع بعضها جاهز وبعضها الآخر سيتم انجازه قريبًا.
bull;هناك أنباء عن احتضان تونس لندوة تحت اشراف منتدى الاقتصاد العالمي "دافوس" نهاية السنة الحالية. هل تؤكدون هذا الخبر؟ وماذا عن إمكانية مشاركة شخصيات إسرائيلية كما جرت العادة في منتديات دافوس؟
تناقشنا على هامش الندوة التي أقيمت بإشراف منتدى دافوس مؤخرًا في اسطنبول مع إدارة المنتدى حول فكرة عقد ندوة دولية لرجال أعمال ومستثمرين تستضيفها تونسنهاية السنة الحالية، تحت اشراف منتدى دافوس، يكون الهدف منها دعم الاقتصاد التونسي وتوجيه الاستثمارات الاجنبية المباشرة نحو بلادنا.
أما أهم المدعوين فسيكونون بالأساس رجال أعمال من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دون مشاركة من الاسرائيليين. نحن الآن بصدد النقاش مع ادارة المنتدى وان شاء الله سنصل الى صيغة تحقق الهدف المنشود وهو دعم الاقتصاد التونسي.