رئيس مصر الجديد سيجد نفسه مباشرة إزاء صعوبات إقتصادية كبيرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة: بعد زهو الفرح والاحتفالات بالفوز في ميدان التحرير حان وقت الجد بالنسبة للرئيس المصري المنتخب محمد مرسي الذي يواجه تحديات اقتصادية كبيرة اهمها عجز الميزانية وتراجع ثقة المستثمرين وازمة السياحة.
وتقول منى اسماعيل المديرة السابقة لبنك الاستثمار العربي تقول ان "برامج الاسلاميين غير واضحة وهي عبارة عن عموميات وليست لديهم خطة مفصلة حتى الان".
وابدت هذه الخبيرة الاقتصادية تشككا في قدرة الاسلاميين على رفع التحدي الاقتصادي مشيرة الى انهم "قد يكونون بارعين في التجارة وفي تاسيس الجمعيات لكن ليست لديهم خبرة باقتصاد الدولة ولا فكر استراتيجي".
ونصحت منى اسماعيل الرئيس المنتخب ب"جمع اقطاب الاقتصاد، من خارج الاخوان، والاستعانة بالخبرات وبمشورة المختصين في هذا الميدان" مؤكدة ان "اكبر التحديات في المجال الاقتصادي جلب الاستثمارات الخارجية والسياحة".
واكد مشروع الحملة الانتخابية لمرسي على تمسك الاسلاميين باقتصاد السوق مع التزام قوي بالجانب الاجتماعي الذي يمثل ميدانهم المفضل، بيد انه اشتمل على شعارات وعناوين كبرى اكثر منه خطة مفصلة.
ومن القضايا الرئيسية التي سيواجهها مرسي مباشرة انعاش السياحة التي توفر فرص عمل لعشرة في المئة من المصريين والتي شهدت تدهورا كبيرا في خضم الاطاحة بنظام حسني مبارك في شباط/فبراير 2011 وما تلاها من صدامات.
ورغم استعادة بعض الحيوية فان هذا القطاع لم يستعد حتى الان نسقه العادي خصوصا مع تناقض خطاب القيادات الاسلامية المطمئن حيال حرية الزوار الاجانب تجاه لباس السياح على الشواطىء او في الفنادق.
كما ان التراجع الكبير في احتياطي العملة الاجنبية لدى البنك المركزي من 36 مليار دولار العام الماضي الى 15 مليار دولار حاليا، يهدد قدرة البلاد على الاستمرار في توريد المواد الاساسية مثل القمح والسكر والزيت والبنزين.
وتشير توقعات مشروع ميزانية الدولة لعام 2012-2013 الذي احالته الحكومة المستقيلة الى المجلس العسكري الحاكم ويدخل حيز التنفيذ في الاول من تموز/يوليو القادم، الى عجز حقيقي بقيمة 228 مليار جنيه مصري (38 مليار دولار) مقابل 24 مليار دولار العام الماضي ما قد يؤثر على القدرة على دعم المواد الاساسية ويسبب "ثورة جياع" بحسب اسماعيل، اذا لم تتمكن السلطات في اقل من عام من النهوض بالاقتصاد.
ويبلغ سعر صرف العملة المحلية اقل قليلا من 6 جنيهات مقابل الدولار.
وتذهب معظم مخصصات الميزانية لدفع فوائد الدين (134 مليار جنيه) واقساط القروض (93,5 مليار جنيه) واجور موظفي القطاع العام (137 مليار جنيه) ودعم السلع الاساسية (113 مليار جنيه).
ولم يخصص لمشاريع الاستثمارات التنموية (بناء مدارس ومراكز صحية وشق طرق وغيرها) سوى 56 مليار جنيه وهي المشاريع التي يفترض انها موجهة الى تحسين حياة الناس وتوفير الخدمات.
ومن التحديات التي ستواجهها حكومة الرئيس المنتخب محمد مرسي الحصول على قروض لسد عجز الميزانية.
وحتى مع حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي الذي يجري التفاوض بشانه منذ اشهر فان هذا القرض لن يغطي الا 8% من قيمة العجز الذي يصل الى 3,2 مليارات دولار.
وقد اعلن الصندوق اليوم استعداده لمساعدة مصر وقال ان "مصر تواجه تحديات اقتصادية مباشرة كبيرة خاصة استئناف النمو وضرورة معالجة الاختلالات المالية والخارجية. وصندوق النقد الدولي مستعد لدعم مصر في التعامل مع هذه التحديات ويتطلع الى العمل عن قرب مع السلطات".
واعتبر المحلل ممدوح الولي قبل ايام في صحيفة الاهرام ان العجز الاقتصادي سيكون "المعضلة الرئيسية (..) امام الرئيس الجديد وحاجزا رئيسيا امام امكانية تنفيذ برنامجه الانتخابي الذي وعد به فيما يخص قضايا الفقر والبطالة والمعاشات والصحة والتعليم وغيرها".
ويعقد المحلل مقارنة بين نسبة العجز الحقيقي لميزانية مصر البالغة 12,8 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي ونسبة العجز في ميزانية اليونان التي بلغت 9,1 بالمئة هذا العام.
وعلاوة على هذه التحديات سيكون على مرسي ان ياخذ في الاعتبار راي المجلس العسكري الحاكم الذي سيسلمه السلطة التنفيذية السبت لكنه يتمتع بحق الفيتو على اي قانون وعلى الميزانية.
ويؤكد المحلل مصطفى كمال السيد "ان الجيش يمكن ان يحرمه من وسائل تطبيق برنامجه" الذي اشارت مصادر قريبة من مرسي الثلاثاء الى انه "يعمل على وضع اللمسات الاخيرة عليه".
ويسعى مرسي الى تعيين "شخصية وطنية مستقلة" في منصب رئيس الوزراء وتشكيل حكومة يهيمن عليه "التكنوقراط" ما قد يعني انه سيفضل الكفاءة على الاصطفاف السياسي.
ومرسي بالتاكيد امام امتحان صعب كاسلامي في ادارة بلد بحجم مصر.
وشددت اسماعيل ان "التحدي الاقتصادي هو اكبر التحديات الان واذا لم تتمكن السلطات الجديدة من ضبط الامور وجلب الاستثمارات وانعاش السياحة خلال سنة فان البلاد ستصل الى طريق مسدود".
وارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية الاثنين بنسبة 7,5 بالمئة غداة الاعلان رسميا عن فوز مرسي بالرئاسة في ترجمة لارتياح السوق بعد ايام من التوتر الناجم عن المعركة الانتخابية واعلان مرسي ومنافسه احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد مبارك فوزه.
غير ان وكالة ستاندر اند بورز قالت في مذكرة لها الاثنين عن الاقتصاد المصري انها وضعت تصنيف مصر الائتماني (بي) تحت المراقبة مع افق سلبي مشيرة الى ظلال من الشك كثيفة لا تزال تخيم على البلاد.
وجاء في المذكرة "نتوقع ان يبقى التوتر قويا بين الجيش والاحزاب التي تتولى العملية الانتقالية لفترة ما بعد مبارك ما قد يؤدي الى مزيد من التدهور في المجالين الاقتصادي والضريبي".