مخاوف من احتضار الاتحاد الأوروبي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة الديون في إسبانيا وإيطاليا، يحذّر الخبراء من العواقب الكارثية لتحطم اليورو: تدمير تريليونات من الأصول معدلات هائلة من البطالة، حتى في ألمانيا. منذ وقت ليس بقصير، كان رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي يضخ الثقة والمعنويات المرتفعة. وقال لصحيفة "بيلد" الألمانية: "إن الأسوأ قد انتهى والوضع في منطقة اليورو قد استقر"، مشيراً إلى أن "ثقة المستثمرين تعود تدريجياً".إعداد لميس فرحات: ظهر واقع مغاير الأسبوع الماضي، فدراغي لم يكن سعيداً أثناء التقاطه الصور أمام مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، مع الفائزين في مسابقة الطلاب الدوليين. ابتسم، صافح، وسلم الشهادات، لكنّ كلامه أشار إلى أنه غير متفائل. والأكثر من ذلك، بدا دراغي قلقاً للغاية، مع تلميحات بالاستقالة عندما قال للفائزين: "أنتم الجيل الأول الذي نشأ مع اليورو ولم يتعرف إلى العملات القديمة. وأضاف: "آمل ألا نحتاجها مرة أخرى". حقيقة إن كبير مسؤولي المصرف المركزي الأوروبي لم يعد يستبعد العودة إلى العملات الوطنية القديمة يدل على مدى خطورة الوضع. حتى وقت قريب، كان ينظر الى هذا الرأي باعتباره علامة على الصواب السياسي حتى لا يفكروا حتى في احتمال انهيار اليورو. أما الآن، وبما أن النزاع المالي يتصاعد في أوروبا، أصبح المستحيل معقولاً، على جميع المستويات في السياسة والاقتصاد.
انهيار العملة "السيناريو المرجح جدا"
يشعر خبراء الاستثمار في دويتشه بنك الآن أن انهيار العملة الموحدة هو "السيناريو المرجح جدا". الشركات الألمانية تستعد لاحتمال أن تصبح التعاملات التجارية في مدريد وبرشلونة معتمدة على عملة "بيزيتا" مرة أخرى. وفي ايطاليا، يستعد رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني لخوض حملة انتخابية جديدة، ربما لهذا العام، والعودة إلى الليرة. لا شيء يبدو مستحيلاً بعد الآن، ولا حتى السيناريو الذي يقوم فيه زعماء دول اليورو بنفض الغبار عن القطع النقدية القديمة والفواتير لتوديع اليورو، والترحيب مرة أخرى بالغيلدر، المارك الألماني والدراخما.
هذا السيناريو سيكون حلماً بالنسبة إلى السياسيين القوميين وكابوساً بالنسبة إلى الاقتصاد. كل ما نما بشكل جماعي في عقدين من الزمن من تاريخ اليورو سيتمزق بشكل مؤلم. الملايين من العقود، والعلاقات التجارية والشراكات ستخضع لإعادة تقييم، في حين أن الآلاف من الشركات سوف تحتاج إلى حماية من الافلاس. ستكون كل أوروبا غارقة في حال من الركود العميق. أما الحكومات التي ستضطر إلى اقتراض مليارات إضافية لتلبية احتياجاتها، فستواجه موقفاً صعباً بين خيارين كلاهما مرّ: إما أن تزيد الضرائب بشكل كبير أو تفرض أعباء مالية كبيرة على مواطنيها في شكل معدلات تضخم مرتفعة.
والسيناريو المريع الذي سيصبح حقيقة واقعة، سيكون مخيفاً لدرجة أن يقنع كل زعيم أوروبي للتوصل الى توافق في الآراء في أقرب وقت ممكن. لكن لا يمكن أن يكون هناك أي حديث عن توافق في الآراء اليوم. على العكس من ذلك، كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية في جنوب أوروبا، أصبحت الجبهات بين الحكومات أكثر حدة. الايطاليون والاسبان يريدون من ألمانيا إصدار ضمانات أقوى لديونها. لكن الألمان مستعدون للقيام بذلك فقط إذا كانت جميع دول منطقة اليورو مستعدة لنقل المزيد من السلطة الى بروكسل. لكن الدول الأعضاء الجنوبية ترفض مثل هذه الخطوة.
المريض يزداد سوءاً
يدور النقاش في حلقات مفرغة منذ عدة أشهر، وهذا هو السبب الذي جعل البلدان المدينة في القارة تستمر في تبديد الثقة، بين كل من الأسواق المالية الدولية ومواطنيها. وبغض النظر عن الدواء الذي يصفه السياسيون في أوروبا، فإن المريض لا يتحسن. في الواقع، الأمر يزداد سوءاً. الأسابيع طويلة، طالب المستثمرون والخبراء بحل للأزمة المصرفية الإسبانية، على أن تكون المعالجة في شكل التدفقات النقدية من أموال خطة الإنقاذ الأوروبية: أي مرفق الاستقرار المالي الأوروبي وآلية الاستقرار الأوروبي.عندما قررت مدريد أخيراً أن تطلب ما قد يصل في النهاية إلى ما يقرب من (125 مليار دولار)، أدرك الخبراء أن هذا سيكلف حكومة اسبانيا ارتفاعاً في الديون بنسبة 70 الى 80 في المئة. ونتيجة لذلك، بدأت أسعار الفائدة بالإرتفاع بدلاً من الانخفاض.
تجربة الأيام القليلة الماضية توضح المعضلة التي يواجهها كامل السياسيين الأوروبيين في محاولة لإنقاذ اليورو: وهي الخطوة التي كان المقصود منها تقديم الإغاثة إلا أنها أدت إلى تفاقم المشكلة. حدث الشيء نفسه مع المقترح الآخر. رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي أراد أن تتدخل الأرصدة الأوروبية المخصصة للإنقاذ نيابة عن اسبانيا وايطاليا لخفض تكاليف الاقتراض. لكن هذا يتطلب ان تكون البلدان المتضررة خاضعة لبرنامج الإصلاحات، الأمر الذي يريد مونتي ونظيره الاسباني، ماريانو راخوي، تجنبه قدر الإمكان. بمعنى آخر، يفضل الرجلان الحصول على المال من دون شروط. لكن الحكومة الألمانية ليست على استعداد لقبول هذا، الأمر الذي يضع أوروبا في مأزق.
علاوة على ذلك، الموارد محدودة بالنسبة إلى الاستراتيجيين الذين يعملون على خطط الإنقاذ. على الرغم من أن أموال خطة الإنقاذ في لوكسمبورغ لا تزال لديها أكثر من 600 مليار euro; في موارد غير ملتزم بها، فإنه بات من الواضح أنها سوف تستخدم هذه الاموال بسرعة في حال صحت توقعات الخبراء، تحديداً من جهة الحاجة إلى إنقاذ البلد ككل، وليس فقط الصناعة المصرفية الاسبانية. وسيستنفذ الأرصدة المخصصة للإنقاذ تماماً، إذا احتاجت ايطاليا أيضاً لمساعدات.
البنك المركزي الأوروبي يستنفذ موارده
حتى الآن، كان بعض المدافعين عن اليورو قادرين على اللجوء إلى أموال ضخمة من البنك المركزي الأوروبي، إذا لزم الأمر. واذا ساءت الأمور، يمكن لهيئات الرقابة النقدية ضخ رؤوس أموال جديدة إلى السوق.أما الآن، فقد استنفد البنك المركزي الأوروبي موارده إلى حد كبير. وقد اشترى بالفعل الكثير من الديون السيادية للدول المتعثرة، لدرجة أن أي فورة تسوق إضافية تهدد بنتائج عكسية، ما تسبب بانفجار أسعار الفائدة صعوداً بدلاً من العكس.
في الوقت نفسه، تزداد حدة الصراع بين شمال وجنوب أوروبا في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي. في الأسبوع الماضي، تمكن رئيس بنك اسبانيا المركزي من إقناع البنك المركزي الأوروبي بتخفيف قواعده للسماح للبنوك الإسبانية باستخدام ضمانات أقل من ذي قبل في مقابل الاقتراض من البنك المركزي الأوروبي. هذا القرار يمكن أن يفجر أزمة مع محافظي البنوك المركزية من الدول المانحة، والذين يكرهون هكذا إجراءات في الوقت الذي يبدو فيه أن المخاطر على الميزانية العمومية للبنك المركزي تستمر في النمو.وفي الواقع، يسعى زعماء أوروبا لإنقاذ اليورو في سباق ضد عقارب الساعة.
والسؤال هو ما إذا كان الاقتصاد في جنوب أوروبا سوف يتعافى قبل أن يتم استنفاد أدوات الانقاذ، أو ما إذا كان سيكون الأوان قد فات في الوقت الذي يصل فيه الاقتصاد إلى مرحلة الانتعاش. انها مسألة النمو والاقتصاد، ولكن أيضاً اسلوب الحياة. ما مدى استعداد الاسبان والايطاليين لقبول الاصلاحات والمشقة؟ ومن ناحية أخرى، ما مدى استعداد الدول المانحة من الشمال تقديم المساعدة والتضحيات؟
يقول الخبراء إن الإجابة على هذا السؤال هي أن "هذه الدول غير مستعدة بما فيه الكفاية". ونتيجة لذلك، سيحصل ما لا يمكن تخيله: انسحاب عدد من بلدان أوروبا الجنوبية من الاتحاد النقدي، أو ربما حتى انهيار عام في منطقة اليورو. ليس من السهل التكهن كيف يمكن لهذه الزوبعة أن تؤثر في الاقتصاد العالمي، لكن من الواضح أن الضرر سيكون كبيراً.
الشركات تصور سيناريوهات محتملة
من الواضح، كما يقول الخبير الاقتصادي هامبورغ ديرك ماير، إن الجدول الزمني لخروج اليورو في البلدان المتضررة سيبدأ يوم الاثنين، أو ما يسمى باليوم X"اكس". خلال عطلة نهاية الأسبوع، ستصدر الحكومات الاعلان المفاجئ بأن البنوك ستظل مغلقة يوم الاثنين. وستكون البنوك بحاجة للعطلة حتى يتم التدقيق في جميع حسابات التوفير.يوم الثلاثاء، ستبدأ البنوك وصناديق التوفير بختم رقية عملائها مع الحبر غير القابل للتزوير. وسيجري رصد المعاملات الرأسمالية. أما أسعار السوق السوداء فسوف تتطور بسرعة في ما يعرف بـ " سوق العملة الافتراضية وغير رسمي".
ستكون هناك حاجة أيضاً إلى يوم عطلة إضافي للبنوك من أجل تحويل الحسابات والتوازنات إلى العملة الجديدة. لكن هذا الأمر يتطلب سنة على الأقل، إلى أن يتم طبع الأوراق النقدية الجديدة وتوزيعها. لكن هذه هي مجرد آثار فنية للإصلاح النقدي، فالآثار الاقتصادية التي تعمل الشركات الألمانية على تقييمها اليوم، ستكون أكثر خطورة. ماذا سيحدث إذا اضطرت اليونان وغيرها من الدول إلى مغادرة منطقة اليورو؟ ماذا ستكون العواقب إذا أعادت إسبانيا والبرتغال أو إيطاليا عملاتها القديمة؟
بدأ الخبراء في الدوائر المالية لبعض الشركات بتصور هذه السيناريوهات المحتملة منذ الآن. على سبيل المثال، يقوم الخبراء بفحص ما إذا كان يتم تعريف "اليورو" كعملة اتفاق في العقود المبرمة مع الزبائن في البلدان المتأزمة، بحيث لا يجدون أنفسهم فجأة يتلقون أموالاً بالدراخمة أو السكودو مقابل منتجاتهم. كما أنهم يبحثون في ما إذا كانت التكاليف التي يتكبدها انهيار العملة ستكون معفاة من الضرائب، وتدرس الحاجة المحتملة لشطب الاتفاقات في حال قررت دول الجنوب منع المتعاملين في العملات الجديدة في ميزانياتها."إن الطلب على الخدمات الاستشارية قد ارتفع بشكل كبير في الاشهر الاخيرة"، تقول غونار شوستر، وهي محامية في شركة "بروخاس فريشفيلدز" للقانون.
ألمانيا ستتلقى صفعة شديدة
ستتضرر ألمانيا، الدولة المصدّرة العظمى، بصفة خاصة من الإصلاحات النقدية في دول الجنوب. وتقدر قيمة الصادرات الألمانية إلى إيطاليا وإسبانيا وحدها بنحو 100 مليار euro; في السنة. على الرغم من أن مبيعات السيارات والآلات والالكترونيات والأجهزة البصرية لن تتوقف تماماً في حالة انهيار اليورو، إلا أنها ستشهد انخفاضات حادة، وذلك لأن الزبائن في جنوب أوروبا لن يكونوا قادرين على تحمل تكلفة المنتجات الألمانية.
ما إن تصبح عملات الليرة أو البيزيتا في التداول مرة أخرى، سيتم تخفيض قيمة العملات مقابل اليورو. ويتوقع البعض أن تكون قيمتها بنسبة 20 الى 25 في المئة، في حين يعتقد البعض الآخر أن تصل إلى نحو 40 في المئة. وسوف تصبح البضائع الألمانية تلقائياً أكثر تكلفة، وسيكون من الصعب المنافسة بعد الآن.يقول المدير التنفيذي لشركة BMW نوربرت ريثوفر إن انهيار اليورو "سيكون كارثة"، مشيراً إلى أنه لا يريد حتى أن يتخيل العواقب المحتملة، والتي لا تقتصر فقط على تراجع الصادرات. يخشى ريثوفر أن النزعة الإقليمية قد تعود إلى أوروبا، وأنه يمكن للبلدان إعادة الحواجز الجمركية لحماية الصناعة المحلية. ويستعاض عن البيئة الموحدة الحالية بعدد كبير من اللوائح الوطنية. وهذا كله يغرق اقتصاد الصادرات الألمانية في أزمة.
العواقب ستكون واسعة النطاق على الشركات، وليس فقط تلك التي لا تبيع سوى المنتجات إلى جنوب أوروبا، بل أيضاً الفروع أو عقود شراكات في الشركات المحلية. على سبيل المثال، تكسب العملاقة الألمانية الصناعية "تيسن كروب" حوالى 1.6 مليارeuro; كإيرادات في إسبانيا، حيث يعمل أيضا 5500 شخص، معظمهم في إنتاج المصاعد. أما في إيطاليا، فتكسب الشركة أيضاً 2.3 مليار يورو، معظمها من إنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ.تشكل أعمال "تيسين كروب" في ايطاليا واسبانيا 9 في المئة من إجمالي المبيعات، والتي توضح أهمية البلدين من حيث الأرباح. إذا ما تم تخفيض قيمة الليرة والبيزيتا مقابل اليورو، فإن كمية الأموال التي تنقل إلى الشركات التابعة للشركة الأم في مدينة إيسن الألمانية الغربية سوف تنكمش.
وتشير إحصاءات البنك المركزي الألماني إلى أن مبالغ كبيرة من المال على المحك بالنسبة إلى الاقتصاد، ففي العام 2010، حققت مبيعات الشركات الألمانية حوالى 218 مليار euro; في ايطاليا واسبانيا والبرتغال واليونان وايرلندا وقبرص، من ضمنها 96 مليار يورو من الشركات الايطالية وحدها.
وتبلغ قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذه البلدان 90 مليار يورو. الشركات الألمانية سوف تستفيد أيضاً من تحطم اليورو، وذلك لأن تكاليف اليد العاملة ستنخفض في مصانعها البرتغالية أو الإسبانية. لكن العواقب ستكون سلبية. بعد الارتفاع الأخير للعملة في ألمانيا، عندما كان المارك الألماني يحلق عالياً في منتصف التسعينات، عانى الاقتصاد التصديري من العواقب السلبية لسنوات.
صدمة كبيرة للقطاع المصرفي
آثار انهيار اليورو على القطاع المالي لن يكون أقل تدميراً. إذا غادرت البلدان الأوروبية الجنوبية منطقة اليورو، سيقوم العملاء بمداهمة حساباتهم في تلك البلدان، كما يقول كريستوفر كاسيرير، وهو خبير في أسواق رأس المال في الجامعة التقنية في ميونيخ.ويقول كاسيرير إن هذا يمكن أن يؤدي إلى "سلسلة انهيارات في البنوك لن تستطيع الحكومتان الاسبانية والايطالية احتمالها. وبما أن الشركات المالية في هذه البلدان مرتبطة بشكل وثيق مع بقية منطقة اليورو، فإن العملاء أيضاً سيصطفون أمام البنوك الألمانية".
"بدون ضوابط رأس المال، قد يخرج هذا الوضع عن نطاق السيطرة"، كما يقول مايكل كيمير، رئيس جمعية المصارف الألمانية. ويتوقع خبراء الاقتصاد أن البنوك الألمانية ستضطر إلى إغلاق أبوابها أيضاً.لكن حتى لو لم تنهار البنوك الكبرى، سيؤدي انسحاب العديد من الدول من منطقة اليورو إلى اهتزازات كبيرة في النظام المصرفي الأوروبي، وفقاً لحسابات المحللين من مصرف "كريدي سويس". ووفقا للدراسة التي أعدها المحللون، سيعاني 29 مصرفا أوروبيا كبيرا عجزا إجماليا في رأس المال بحوالى 410 مليارات يورو، وذلك في حال خروج ايرلندا والبرتغال واسبانيا وايطاليا واليونان من منطقة اليورو.
في حال قررت هذه الدول الانسحاب من منطقة اليورو، ستصل المصارف الكبيرة للتداول العام إلى طريق مسدود"، كما يقول الخبراء، وهذا من دون الأخذ في الحسبان احتمال أن تتعرض فرنسا لضغوط إذا انسحبت ايطاليا.البنوك في البلدان التي تعاني أزمات مالية ستكون الاكثر تضرراً، لكنها ليست وحدها، فبنوك الاستثمار مثل دويتشه بنك ستتضرر أيضاً.
وفقاً لبنك كريدي سويس، فإن المصرف الرائد في أكبر الأسواق الاقتصادية في أوروبا، والذي يفخر بأنه نجا من الأزمة المالية من دون مساعدة الحكومة، سوف يواجه متاعب كثيرة ويفقد 35 مليار يورو من رأس المال. في حين أن اليونان هي الآن غير ذات صلة تقريباً بدويتشه بنك، إلا أن ايطاليا واسبانيا تساهمان بعشر حسابات المصرف في أوروبا من خلال الأعمال المصرفية الخاصة والشركات. ويقدر البنك مخاطر الائتمان في هذه البلدان بنحو 18 مليار يورو في ايطاليا و12 مليارا في اسبانيا.
يشار إلى أن شركات التأمين الكبيرة نشطة أيضاً في اسبانيا وايطاليا. اليانز، على سبيل المثال، تحمل سندات من الحكومة الإيطالية بقيمة دفترية تصل إلى 31 مليار يورو، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى خسائر لشركة التأمين الألمانية العملاقة إذا انسحبت ايطاليا من اليورو. إضافة إلى ذلك، تحمل اليانز أيضاً استثمارات مباشرة في البنوك في دول جنوب أوروبا المثقلة بالديون.الشركات التي تستشعر المخاطر المحتملة، تعمل منذ الآن للتحضير للعاصفة النقدية الأوروبية. على سبيل المثال، تقوم الشركات الآن بتمويل صفقات في البلدان الطرفية محلياً، وذلك لتجنب مخاطر العملة.
ويقول مصرفيو الاستثمار إن الشركات تتلقى القروض بشكل حصري تقريباً من البنوك في الدول التي تتواجد فيها.وفي حين لا يمكن تجنب الصفقات العابرة للحدود، بدأ المصرفيون الانخراط في معاملات التحوط. ويجري حالياً إعداد أنظمة تكنولوجيا المعلومات من التعامل مع عملات أوروبا المتعددة. وعند الإمكان، تقوم البنوك بتأسيس احتياطي السيولة أو إيداع الأموال لدى البنك المركزي الأوروبي.
تداعيات الكارثة تنتشر مثل موجة المد والجزر
في الاقتصاد الحقيقي، تفعل الشركات ما في وسعها أيضاً استعداداً لأسوأ سيناريو. وعندما يكون ذلك ممكناً، تقوم هذه الشركات بأعمالها في البلدان التي تعاني الأزمة والتي يمكن أن تموّلها محلياً. ويجري حالياً تخفيض الاستثمارات في جنوب أوروبا. بدلاً من ذلك، تحاول الشركات تسريع وتيرة النمو خارج منطقة اليورو، كما هو الحال في الاقتصادات الناشئة في آسيا وأميركا اللاتينية، كما يقول أحد مصرفيي الاستثمار. وهذا ما يفسر لماذا توقفت عمليات الاندماج والاستحواذ تماماً في أوروبا.فمن المفهوم أن الشركات تريد حماية نفسها من انهيار اليورو. لكن اذا كانت الامور جدية، يمكن أن تكون هذه الجهود بلا قيمة لأن عواقب الكارثة النقدية سوف تنتشر عبر الاقتصاد كله مثل موجة المد والجزر.
وطبقا لحسابات خبراء الاقتصاد في البنك الهولندي، ففي أول عامين في أعقاب الانهيار، سوف تفقد دول في منطقة اليورو 12 في المئة من ناتجها الاقتصادي. ويظهر هذا في فقدان أكثر من مليار يورو، الأمر الذي من شأنه أن يجعل من الركود الذي أعقب إفلاس ليمان براذرز للاستثمار يبدو وكأنه حادث طفيف بالمقارنة.العواقب ستكون كارثية أيضاً في ألمانيا، وفقاً لاستنتاجات وزارة المالية الألمانية في دراسة بتكليف من وولفغانغ شويبله وزير المالية، وهو عضو في اتحاد يمين الوسط الديمقراطي المسيحي.معجزة الشفاء الاقتصادية ستأتي فجأة الى نهايتها، وستبدأ البنوك والشركات في الانهيار مثل قطع الدومينو، بعد الاضطرار إلى شطب الذمم المدينة والاستثمارات.تشخيص وزارة المالية الألمانية هو أكثر سوداوية. وفقاً للسيناريوهات، ففي السنة الأولى بعد انهيار اليورو، سوف ينكمش الاقتصاد الألماني بنسبة تصل إلى 10 في المئة، وسترتفع أعداد العاطلين عن العمل إلى أكثر من 5 ملايين شخص.
الضرر قد يكلف ألمانيا أكثر من 500 مليار يورو
حلم الميزانيات المتوازنة سيموت لسنوات في ألمانيا، إذ إن الدين الحكومي سيرتفع بشكل حاد، كما أن عائدات الضرائب والإنفاق الحكومي ستنخفض على كل شيء، من عمليات إنقاذ البنوك إلى التأمين ضد البطالة المتزايدة. ويمكن الاستعانة بمئات الآلاف من فرص العمل بمصادر خارجية لدول أخرى، والآلاف من الشركات ستنهار. وفقاً لهذا السيناريو، فإذا تمت إضافة المخاطر المالية الناجمة عن انخفاض الصادرات، وعمليات إنقاذ البنوك اللازمة وإفلاس الشركات معاً، يمكن أن تصل التكلفة الإجمالية للاقتصاد الألماني إلى ربع إجمالي الناتج المحلي في ألمانيا، أي أكثر من 500 مليار يورو.
ما يسمى أهداف الأرصدة يشكل تهديداً آخر. من خلال نظام الدفع الداخلي في منطقة اليورو، تراكمت في البنك المركزي الألماني 700 مليار يورو في الدعاوى المرفوعة ضد المصارف المركزية في دول مثل اليونان واسبانيا وايطاليا. وهذا الرقم يشكل أكثر من خمسة أضعاف رأسمال البنك المركزي الألماني. "إذا انهار الاتحاد النقدي، سوف تتحول هذه المطالبات إلى بخار في الهواء"، يقول هانز فيرنر سن، رئيس معهد إيفو في ميونيخ للبحوث الاقتصادية، مضيفاً "ان البنك المركزي الألماني سيضطر إلى اقتطاع هذا المبلغ".
معضلة للمستثمرين
ليس من المستغرب أن يشعر المودعون والمستثمرون الألمان بالقلق. ماذا سيحدث عندما تتحول أصولهم إلى غبار ويحل محل اليورو عدد وافر من العملات في أوروبا مرة أخرى؟ في المدى القصير ستنخفض أسعار الأوراق المالية كلها تقريباً. ويتوقع المستثمرون أن يعانوا خسائر لعدة أسباب: أولا، سيعانون خسائر العملة في جميع الأوراق المالية تقريباً التي تم تحويلها إلى العملات الوطنية في أعقاب انسحاب اليورو. ثانياً، عليهم التوقع من البلدان والشركات المزيد من التخلف عن سنداتها. لا يعرف المواطنون الالمان حتى الآن الهاوية التي سيواجهونها. إذا انهار اليورو، سيفقد الكثير من الناس مصادر رزقهم، وكذلك معاشات التقاعد الألمانية التي ستتهدد. وستدمر هذه الكارثة النجاح الاقتصادي الذي حققته ألمانيا في السنوات القليلة الماضية، وستعود إلى ما كانت عليه في التسعينات.
الوقت المتبقي لإنقاذ اليورو
لا يزال من الممكن منع الأسوأ من الحدوث. الاوروبيون ما زالت لديهم القدرة على حفظ العملة المشتركة بينهم من دون إثقال كاهل تضامن الدول المانحة.لكن هذه المهمة ليست بسهلة، إذ سيضطر ساسة أوروبا إلى الاستسلام لسلطة بروكسل لاستكمال عملتهم المشتركة مع اتحاد سياسي، الأمر الذي كان مفقوداً حتى الآن. في الوقت نفسه، على الايطاليين والاسبان أن يثبتوا انه بإمكانهم الإصلاح وتحديث الاقتصاد.يبدو أن أزمة اليورو الآن أصبحت على شافة الهاوية بحيث إنها يمكن أن تكتسح أقدم اليقينيات الأوروبية. يعتقد السياسيون الأوروبيون المتشددون الآن انه لم يعد من المعقول أن الوحدة النقدية يمكن أن يكون أقل عدداً قريباً. "لدفع أوروبا إلى الأمام، علينا إصلاح اليورو"، يقول لوك فريدن وزير مالية لوكسمبورغ، مشيراً إلى أن "هذا لا ينطبق فقط على إدارة الاتحاد النقدي، لكن، إذا لزم الأمر، على تكوينه الجغرافي أيضاً".
التعليقات
ليست مخاوف بل حاصل
المغرب بعيون مشرقي -الإتحاد الأوربي فعلا يحتضر الأن سنوات العجاف بدأت وسوف يحتضر كل دول العالم هذه السنة وسوف ترتفع الأسعار بجميع دول العالم ولكن سعر النفط سوف ينزل بسبب الركود الإقتصادي العالمي ولكن سوف يرتفع في حالة حدوث حرب بالمنطقه العربيه٠