ارتفاع سعر الإسمنت في الجزائر يهدد مقاولات بالإفلاس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تشهد أسعار الاسمنت في الجزائر إرتفاعاً حاداً وغير مسبوق، هذا الوضع بات يهدد المئات من مقاولات البناء والأشغال العمومية بسبب ندرة المادة وغلائها، وتأثير ذلك على مختلف المشاريع التي هي في طور الانجاز ضمن البرنامج الخماسي الثالث.
الجزائر: يحدد عاملون في قطاع الأسمنت خلال حديثهم لــ"إيلاف" أسباباً عدةلظاهرة ندرة الأسمنت وغلائهالتي تتكرر سنوياً، أهمها عمليات المضاربة في السوق، إلى جانب ضعف الإنتاج المحلي، وتوقف مصانع عدةعن العمل بسبب أشغال الصيانة الدورية.
وارتفع سعر كيس الأسمنت وزن 50 كلغ بنسبة 300 في المئة، من 300 دينار جزائري إلى أكثر من 950 ديناراً في ظرف أقل من شهرين، ما دفع بمقاولات البناء إلى توقيف أعمالها، ومطالبة الحكومة بمراجعة الأجندة السنوية، لإجراء أشغال الصيانة الدورية على مصانع الاسمنت العمومية.
هذا وقدّر سليمان عبد الكريم، الذي يشغل منصب مدير عام الإدارة في الجمعية العامة للمقاولين الجزائريين، نسبة العجز في مادة الأسمنت بنحو 8 ملايين طن سنويًا، لكون السوق المحلية بحاجة إلى 25 مليون طن، في حين الإنتاج الوطني إلى جانب الكميات المستوردة لا تتعدى الـ18 مليون طن في السنة.
وشدد المتحدث بالمناسبة على أن "هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، وإنما تتكرر في سنة وفي الفترة نفسها"، مشيرًا إلى أنه "رغم تعدد المشاريع الكبرى التي أطلقتها الدولة، والتي شكلت ضغطًا على وحدات الإنتاج وتوقف بعضها عن العمل موقتًا، إلا أن بروز ما أسماه بــ "مافيا وبارونات الاسمنت" ساهم بشكل خاص في تفاقم الأزمة وحدتها، هؤلاء يقومون بعمليات تبييض الأموال وبشراء وصولات استخراج الاسمنت خارج المصانع بطريقة غير قانونية تسمح لهم بتوظيف أموالهم التي يبقى مصدرها مجهولاً".
وقال السيد سليمان ميرة إن "استمرار هذا الوضع ستكون له تداعيات سلبية على المشاريع الكبرى التي أطلقتها الدولة في إطار البرنامج الخماسي الثالث على غرار الطريق السيار، وعمليات تشييد السدود وطرق السكك الحديدية، إلى جانب مشروع 2.5 مليون وحدة سكنية".
بسبب هذه الأزمة استنفرت مديرية الرقابة الاقتصادية وقمع الغش في وزارة التجارة مختلف مديرياتها المنتشرة في مختلف المحافظات من اجل "ضبط المضاربين في أسعار الأسمنت".
وأفاد عبد الحميد بوكحنون مدير عام الرقابة وقمع الغش في الوزارة المذكورة أن " مصالح الوزارة وضعت نظامًا خاصًا لمراقبة قطاع الاسمنت، يقوم على وضع قاعدة بيانات وطنية خاصة بجميع المتدخلين العموميين والخواص في مجال إنتاج وتوزيع الاسمنت بالجملة والتجزئة على مختلف المراحل، بما فيها الأسماء وعناوين التجّار وسجلاتهم التجارية وأسماء المستفيدين من الكميات المسوقة، وهو النظام الذي سمح باكتشاف مئات السجلات التجارية الوهمية، التي كانت تستعمل للحصول على الاسمنت من المصانع قبل طرحها في السوق السوداء".
وأوضح بوكحنون أن "مصالحه اكتشفت أن بعض المشاريع التي التهمت نظريًا كمياتضخمة من الاسمنت ما هي في الحقيقة سوى مشاريع وهمية لا اثر لها على أرض الواقع".
مضيفًا أن "عملية المسح الوطني لسوق الأسمنت سمحت للوزارة بتحديد أهم مواضعالخلل في القطاع، والتي تمثلت في العجز الوطني الواضح في تلبية الطلب المتنامي سنوياً على المادة، والذي يقدر بــ18 مليون طن منها 1.1 مليون طن يتم إستيرادها من الخارج".
وأوضح أن"السوق الجزائرية تحتاج بشكل عاجل 2 مليون طن لتحقيق توازنها" مؤكدًا أن "75 في المئة من الكميات التي تنتج محليًا يتم توجيهها مباشرة إلى شركات الانجاز الوطنية العمومية والخاصة، مقابل توجيه كميات بسيطة لا تتعدى الـ15 في المئة للبيع الحر، مما يبقي حالة التوتر والضغط المرتفع في الطلب على المادة في السوق نظرًا إلى اتساع رقعة انجاز المساكن بشكل فوضوي وارتفاع عدد المساكن التي يتم استلامها في إطار السكن الاجتماعي غير الجاهزة 100 في المئة، مما يتطلب إدخال أعمال تكميلية تستهلك كميات إضافية من الاسمنت، مما يصعب على أعوان الرقابة التحكم فيه ومراقبة هوامش الربح القانونية".
وإستطرد المتحدث أن "مصالحه سجلت في الفترة ما بينأول يناير/كانون الثانيو30 أبريل/نيسان الماضي 8700 عملية مراقبة، تم خلالها تسجيل 2786 مخالفة، وتم غلق 50 محلاً على مستوى الجزائر".
رئيس الاتحاد الوطني للمقاولين الجزائريين عبد المجيد دنوني أشار من جانبه إلى أن "سبب الارتفاع الحاد لأسعار الاسمنت في ظرف قياسي يعود إلى تزامن توقف ثلاث وحدات رئيسة عن الإنتاج منذ بداية شهر مارس/آذار الماضي، بغرض إجراء الصيانة الدورية على أفرانها".
مضيفًا أن "الوحدات المعنية تقع كلها في وسط البلاد،حيث يكثر الطلب على مادة الاسمنت بسبب وجود مشاريع بنية تحتية وعقارية كبيرة، وهو ما دفع بالأسعار إلى الالتهاب في ظرف قصير، إضافة إلى عودة آلاف مؤسسات الانجاز إلى العمل بعد توقف اضطراري لأكثر من 3 أشهر بسبب الأمطار والثلوج".
وشدد دنوني على أن "الضغوط التي تمارسها الحكومة على شركات الانجاز تحت طائلة عقوبات التأخير وفسخ العقود في حال تأخرت هذه الشركات في تسليم المشاريع في الآجال التعاقدية، تدفعها إلى البحث عن أية كميات متاحة وبالأسعار التي يطلبها المضاربون"، مضيفًا أن الحكومة هي المسؤولة عن ارتفاع الأسعار، لأنها لم تتعلم من تجارب السنوات الأربع الأخيرة التي شهدت الظاهرة نفسهاللعام الرابع على التوالي".
هذا وأعلن في وقت سابق المجمع الصناعي للأسمنت الجزائري عن الشروع قريبًا في عمليات استيراد شهرية للأسمنت من اجل مواجهة ارتفاع الأسعار. وأوضح يحيى بشير الرئيس والمدير العام للمجمع في تصريحه لوكالة الأنباء الجزائرية قائلاً: " سنشرع فيإستيراد الاسمنت خلال فترات التوتر من أجل حل الأزمة ومواجهة الطلب الكبير على هذه المادة الإستراتيجية".