هل احتفلت الأسواق قبل الأوان بهزيمة استراتيجية ميركل التقشفية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
احتفلت اسواق المال بالهزيمة المفاجئة التي منيت بها استراتيجية انغيلار ميركل التقشفية في قمة في بروكسل يوم الجمعة رغم التحذيرات من ان الاتفاق الذي توصل اليه قادة منطقة اليورو لن يكون كافيا للجم الأزمة.إعداد عبدالاله مجيد: سجلت اسواق المال في انحاء العالم ارتفاعا ملحوظا وخاصة في بلدان الأزمة حيث تبددت المخاوف من تخلف حكوماتها عن الإيفاء بالتزاماتها المالية وسداد الاقساط المستحقة على ديونها. وارتفع مؤشر أم آي بي الايطالي بنسبة 6.6 في المئة ومؤشر آبيكس الاسباني بنسبة 5.7 في المئة وأغلقت بورصة اثينا على ارتفاع بلغ 5.7 في المئة ايضا. وارتفعت البورصات في فرنسا والمانيا والسويد بنسبة زادت على 4 في المئة. وفي لندن نُحيت المخاوف التي اثارتها الأزمات والفضائح المصرفية الأخيرة جانبا بارتفاع مؤشر فايننشيال تايمز بنسبة 1.4 في المئة.
وجاء رد فعل السياسين الالمان عنيفا على تراجع المستشارة انغيلا ميركل عن تعهداتها بالوقوف ضد أي معونات مالية من دون تنازلات سياسية بالمقابل وتوعدوا بحجب التصديق على استحداث صندوق انقاذ دائم أو ما يُسمى آلية الاستقرار الاوروبية مساء الجمعة. ولكن البوندشتاغ صوت بالموافقة على صندوق الانقاذ الدائم والقواعد المالية الجديدة المتعلقة بالموازنة رغم ان الرئيس الالماني يواخيم غاوك لن يوقع على القانون الخاص بذلك قبل ان تمنح المحكمة الدستورية الالمانية موافقتها.
وبدأ انتعاش الأسواق في آسيا بعد وصول نبأ اتفاق قمة بروكسل في ساعة الفجر بالتوقيت المحلي. وارتفع اليورو الى أعلى مستوى له في يوم واحد منذ ثمانية اشهر ومعه عملات اخرى من الدولار الاميركي الى الدولار الاسترالي. وفي اسواق السندات هبط عائد سندات القياس الاسبانية والايطالية. وأسفر الاتفاق الذي ضمن التوصل اليه تحالف فرنسا وايطاليا واسبانيا ضد المانيا عن كسر الجمود الذي ساد الأسواق المالية طيلة اسابيع.
ولاحظ محللون ان المستشارة الالمانية أُجبرت على الاعتراف بأن صناديق الانقاذ في منطقة اليورو يجب ان يُسمح لها بالتدخل المباشر لإعادة رسملة المصارف الاسبانية دون زيادة مديونية اسبانيا الكبيرة. وأكد قادة منطقة اليورو في الاتفاق "ضرورة كسر الحلقة المفرغة بين المصارف والحكومات". واعلن رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي ان الاتفاقية "انتصار لليورو". واضاف: "نريد هذه العملة ان تستمر ونريد مزيدا من التكامل ، مزيدا من التكامل على مستوى الموازنات ومزيدا من التكامل النقدي". وأكد "ان المشروع الاوروبي اليوم اقوى وأكثر مصداقية منه بالأمس".
وقال حزب اتحاد الوسط الايطالي ان على ايطاليا ان تشكر ابنيها البارين ماريو مونتي رئيس الوزراء وماريو بالوتيلي الذي سجل هدفي ايطاليا ضد المانيا في الدور شبه النهائي لبطولة كأس الأمم الاوروبية بكرة القدم. ويمهد اتفاق بروكسل الطريق لتلقي المصارف الاسبانية تمويلا قدره 100 مليار يورو ، أولا من صندوق الاستقرار المالي الأوروبي ثم من وريثته آلية الاستقرار الاوروبية. كما ستتنازل سندات آلية الاستقرار الاوروبية عن حقها في الأولوية على المقرضين الآخرين وبذلك ازالة سبب آخر من اسباب الخوق والقلق في اسواق السندات.
ومما له اهمية بالغة ان المصارف الايطالية ايضا ستكون مؤهلة لنيل مثل هذا الدعم. وقال رئيس الوزراء الايطالي مونتي "ان ايطاليا لا تعتزم تفعيل الآلية في الوقت الحاضر ولكني لا استبعد أي شيء في المستقبل". وهدأت اسواق السندات بتأثير اتفاق بروكسل ولكنها لم تذهب الى حد الانتشاء. فان العائد على سندات القياس الاسبانية الآجلة 10 سنوات انخفض الى 6.5 في المئة من 7 في المئة هي مستوى طلب النجدة الذي بلغته في الاسابيع الأخيرة ولكنه ما زال عائدا مرتفعا الى حد من المتعذر استدامته.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن المحلل راول روباريل من مؤسسة "اوبن يوروب" المستقلة للأبحاث "ان هذه الاجراءات لن تشتري إلا القليل من الوقت وان صندوق الاستقرار المالي الاوروبي وآلية الاستقرار الاوروبية يبقيان اصغر من يتمكنا من اسناد ايطاليا أو حتى اسبانيا في حين ان اشراف البنك المركزي الاوروبي والسياسات ذات العلاقة ستحتاج الى وقت قبل ان تدخل في حيز التنفيذ". واضاف انه "كما هو معهود فان الكثير مما اتُفق عليه سيخضع الآن للمساومة على ايدي البرلمانات الوطنية قبل ان يُترجم الى ممارسة عملية".
ولكن قمة بروكسل لم تكن هزيمة مطلقة للمستشارة الالمانية. ان بندا اساسيا من الاتفاق يمنح البنك المركزي الاوروبي سلطات جديدة لمراقبة مصارف منطقة اليورو وضبطها. ويشكل هذا الخطوة الأولى نحو اقامة الاتحاد المصرفي الذي تطالب به المانيا. كما وافق قادة منطقة اليورو على حزمة قيمتها 120 مليار يورو من الاجراءات التي هدفها دفع عجلة النمو والشروع في اجراء مفاوضات لتعزيز التعاون المالي والاقتصادي بين دول اليورو.