اقتصاد

أوروبا تتطلع إلى إصلاح أنظمة المعاشات التقاعدية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في الوقت الذي تتخبط فيه دول أوروبا وخارجها من أجل التعامل مع العجز المتضخم والديون، أصبح الإنفاق الحكومي على الرواتب التقاعدية هدفاً شعبياً.

أوصى صندوق النقد الدولي رفع سن التقاعد للتخفيف من الأعباء المالية

لميس فرحات: أوصى صندوق النقد الدولي رفع سن التقاعد للتخفيف من الأعباء المالية المرتبطة بارتفاع متوسط العمر المتوقع. أكثر من أربعة أخماس البلدان في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تمثل الاقتصادات المتقدمة والناشئة، بدأت بالفعل برفع سن التقاعد أو تخطط للقيام بذلك. 14 بلداً - بما في ذلك دول الخطوط الأمامية للأزمة المالية الأوروبية، مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان وأيرلندا - يتطلعون إلى زيادة سن التقاعد إلى ما بين 67 و69 بحلول عام 2050.

في أوروبا، يمثّل الضغط من أجل رفع سن التقاعد إعادة كتابة درامية للميثاق الاجتماعي في القارة بعد الحرب العالمية الثانية، والتدابير التي تجعل الناس يعملون لفترة أطول يمكن أن تكون واحدة من الموروثات الاجتماعية الأهم من أزمة الديون.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ "واشنطن بوست" أن التحول الذي سيطرأ على قوانين تقاعد المواطنين "مخاطرة سياسية بالنسبة إلى الزعماء في أوروبا، التي تسجل أعلى نسبة من كبار السن في العالم".

احتشد اليونانيون في الشوارع في احتجاجات عنيفة منذ عامين عندما كانت الحكومة تعاني ضائقة مالية. ووافقت أثينا على تدابير التقشف، بما في ذلك زيادة سن التقاعد، في مقابل الحصول على خطة إنقاذية بقيمة 150 مليار دولار من صندوق النقد الدولي والبلدان الأوروبية.

في إسبانيا، خسر رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو منصبه في انتخابات ديسمبر/ كانون الاول بعدما تم رفع سن التقاعد في البلاد من 65 إلى 67 عاماً في وقت سابق من العام الحالي.

أما في فرنسا، فقد أثار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إضرابات عامة بعدما أعلن أنه يؤيد اقتراح رفع الحد الأدنى لسن التقاعد من 60 إلى 62 عاماً. ونتيجة لهذا الغضب الشعبي، أطيح بساركوزي في الانتخابات التي جرت في أيار/مايو الماضي، وفاز الرئيس فرانسوا هولاند، الذي تعهد خلال حملته الانتخابية بدحر هذا الإجراء، وانتقل إلى تنفيذ وعده بعد وقت قصير من توليه منصبه.

وأشارت الصحيفة إلى أن سن التقاعد رُفع حتى في بعض الاقتصادات الأكثر صحة في منطقة اليورو. ألمانيا والدنمارك، على سبيل المثال، انتقلتا إلى خفض الإنفاق على تكاليف معاشات التقاعد، إلى جانب بريطانيا، التي تتمتع بأكبر اقتصاد أوروبي خارج منطقة اليورو.

أصبحت القضية مثيرة للجدل حتى في الولايات المتحدة، التي اتخذت إجراءات للتصدي لتكاليف التقاعد المتزايدة. ويحاول كبار السن التصدي للمقترحات، التي تهدف إلى إصلاح الضمان الاجتماعي، كما إن جماعات الدفاع عن الليبرالية اعترضت بشدة، معتبرة أن التغييرات من شأنها إلحاق أذى غير متناسب بالفقراء والأقليات.

إعادة الهيكلة
كانت إيطاليا من الناحية التاريخية واحدة من الدول التي تتمتع بالرفاه والسخاء. قبل التغييرات الأخيرة، أنفقت ايطاليا مبلغاً يعادل 25 في المئة من الناتج الاقتصادي على الخدمات الاجتماعية، و14.1 في المئة من هذا المبلغ تم إنفاقها على المعاشات التقاعدية. وكان هذا الرقم أعلى من أي بلد في منظمة التعاون والتنمية.

لكن مع تقدم السكان في السن وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، والتوقعات بتقلص الإقتصاد بنسبة ما يقرب من 2 في المئة هذا العام، قدمت الحكومة الإيطالية استحقاقات المعاش التقاعدي بين البنود للمرة الأولى عندما بدأت بخفض ميزانيتها.

في الإعلان عن تدابير طارئة في ديسمبر/ كانون الأول، ناشد مونتي الجمهور قائلاً إنه يسعى إلى إنقاذ البلاد، وإن جميع الشرائح الإجتماعية في البلاد ستضطر للتضحية، وليس فئة دون أخرى. وتشير الأرقام إلى أن هذه الإجراءات ستوفر 109.5 مليارات دولار خلال العام 2050.

نمو حركات المعارضة
شهدت إيطاليا احتجاجات صغيرة مع بدء إعلان إجراءات التقشف، لكن ذلك تغيّر في الأشهر الماضية، إذ تدهور الاقتصاد، واقتصرت التضحية على الفقراء، بينما لم تتجسد أية ترتبات على الفئات الغنية والقوية في البلاد.

وكان مونتي غير قادر على فرض ضرائب، خاصة على الأغنياء، وخفض رواتب أعضاء البرلمان، وفرض ضرائب ملكية في الفاتيكان. وقد نما الاستياء ضد حكومته بسبب هذه القرارات.

في الشهر الماضي، بينما كان يتحدث في منتدى في بولونيا، اعترف مونتي بأن حصيلة التغييرات غير مرضية، لكنه لم يقدم أية حلول أخرى.
وأضاف: "أنا آسف لعدم الرضا الاجتماعي الذي سببته الإجراءات التقشفية. لدينا مشاكل حقيقية وإنسانية في ظل ظروف اقتصادية غير إنسانية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف