اقتصاد

الأزمة المالية العالمية تجبر الجزائر على تبني سياسة إنفاق حذرة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أدت الأزمة المالية في أوروبا وتداعياتها، التي أصابت معظم دول العالم ومن ضمنها الجزائر، إلى اتخاذ الأخيرة اجراءات تقشفية وسياسة انفاق حذرة خلال الفترة المقبلة.الجزائر: تسببت التصريحات الأخيرة لوزير المالية الجزائري كريم جودي باعتماد الحكومة الجزائرية سياسة تقشف حذرة خلال الفترة المقبلة، موجة من الردود المتباينة بشأن ما يمكن أن يعكسه التوجه الجديد على نسبة النمو في الجزائر وارتفاع نسبة البطالة وزيادة الضرائب وتراجع القدرة الشرائية للفرد الجزائري، غير أن متابعين ومحللين أكدوا لــ "إيلاف" أن الوضع لا يدعو إلى القلق الكبير بقدر ما يدعو إلى الحذر والحكمة في ترشيد النفقات خلال الفترة المقبلة، مع استحداث فرص استثمارية لدعم استقرار معدلات النمو العامة. الخبير الاقتصادي محمد بهلول وفي إفادته لـ"إيلاف" دعا الحكومة الجزائرية إلى "ضرورة تبني إصلاح هيكلي ومؤسساتي بهدف تنويع الاقتصاد الوطني، كخطوة جريئة والتخلص من الارتباط الكبير بإيرادات المحروقات "، و اعتبر بهلول أن "تصريحات وزير المالية هي إنذار فقط، وهو أمر طبيعي مادام الاقتصاد الجزائري مرتبطاً بشكل وثيق بإيرادات المحروقات". الخبير الإقتصادي محمد بهلول و أضاف "أمام تقلبات أسعار السوق الدولية للبترول، فإنهمن المطلوبفي ظل الظروف الحالية توخي الحذر لأن مستوى الأسعار يدفع الجزائر إلى ضرورة إيجاد خطوات ملائمة لمواجهة تطورات هذه السوق مثل تقليص النفقات ، و كمرحلة أولى نفقات التجهيز قبل التوجه إلى اقتطاعات في نفقات أخرى مثل نفقات التسيير أو التحويل الاجتماعي". الخبير في الشؤون المالية محمد بوصبيعة أشار إلى أن "أهم أسباب الإعلان عن خطة التقشف وجود عجز في ميزانية الدولة بنسبة 25 في المئة"، و أوضح في السياق ذاته"أن ميزانية الجزائر لعام 2012 ارتفعت بنسبة النصف ، حيث ناهزت الـ7488 مليار دينار مثلت الإيرادات منها 3455 مليار دينار، منها 1560 مليار دينار جباية بترولية فيما فاقت النفقات 7824 مليار دينار". و يشير من جانب آخر إلى أنه "تم رفع ميزانية التسيير حيث وصلت إلى 4668 مليار دينار لتغطية زيادات أجور العمال و العلاوات التي تمخضت عن مشاورات بعد ضغوط نقابية واجتماعية شهدتها الجزائر السنة الماضية ، و هو ما يعكس صورة واحدة لعجز كبير في ميزانية الدولة ، وهو عجز يعادل نسبة 25 في المئة من الناتج الإجمالي الخام ، هذا بالإضافة إلى المتغيّرات الدولية و مؤشرات أسعار النفط التي تحولت إلى الهبوط بعد أربع سنوات من ملامسته سقف 100 دولار للبرميل، بالإضافة إلى ميزان الجزائر للتجارة الخارجية الذي لا يزال يبحث عن التوازن". وأوضح بوصبيعة أن "الحكومة لم تكن لتتفادى هذا الوضع على الرغم من تحذيرات الخبراء الذين نبهوا إلى مخاطر رفع ميزانية التسيير إلى الضعف دفعة واحدة وأوصوا برفعها على مراحل إلا أن الظروف الساخنة على الجبهة الاجتماعية والمطالب العمالية دفعت بالحكومة إلى اتجاه معاكس". ورأى أن الخيارات المتاحة "صعبة و المنافذ أقل مما كانت متاحة قبل سنة أو سنتين من الآن "، و في هذا السياق يشير إلى أن "الجبهة الاجتماعية التي حققت مكاسب في العامين الماضيين من حيث زيادات الأجور و العلاوات سوف لن تتنازل عن هذه المكاسب بأي شكل من الأشكال ، كما أن الخفض من ميزانية التجهيز التي ترتبط بالنمو الاقتصادي قد يخلق اضطرابات أخرى قد تظهر على شكل انخفاض في الناتج الإجمالي الخام، وارتفاع في نسبة البطالة ، و من جهة أخرى هناك العجز الذي ناهز 25 في المئة في ميزان المدفوعات ، من جانب آخر لا يمكن بأي شكل أن تعتمد الحكومة إجراءات تتعلق بزيادات ضريبية لأنه من غير الممكن إقرار جدولة للضرائب بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية و العدول عن القرار و رفع الضرائب، كما أن ذلك سيناقض مواد قانون المالية لعام 2012". ويعتقد الدكتور بوصبيعة أنه " على الحكومة في الوقت الراهن أن تحدد أولوية الخيارات المتاحة لها للتدخل و تسيير الوضع ، فلا يمكن ــ حسب بوصبيعة ــ الاقتطاع لا من ميزانية التسيير و لا من ميزانية التجهيز". ما حدث في الدول المتأثرة بالأزمة المالية العالمية كان سببه سوء تسيير الحكومات، وما على الجزائر اليوم ــ يقول بوصبيعة ــ إلا أن "تتخذ القرارات الصحيحة في الوقت المتاح لها بفضل احتياطي صرفها من اجل عدم السقوط في أزمة مالية و اقتصادية لأن المنافذ قليلة و غير واضحة، ولأنها موجودةينبغي البحث عن أنجعها و أكثرها أمنًا للاقتصاد الجزائري و هو ما يستدعي تخطيطًا لمدى لا يقل عن سنتين أو ثلاث سنوات". المحلل الإقتصادي بشير مصطفى من جانبه، قال الدكتور و المحلل الاقتصادي بشير مصطفى إن "تداعيات الأزمة المتوقعة جراء استمرار تراجع أسعار البترول ستؤدي إلى آثار سلبية على اقتصاد الجزائر"، أبرزها حسب مصطفى " اللجوء إلى قانون مالية تكميلي لمراجعة ميزانية 2012، على حساب ميزانية قانون المالية لسنة 2013 ، التي ستكون مستعصية و ستلجأ الدولة إلى التقشف في الإنفاق العمومي على أساس تمديد الآجال للمشاريع العمومية إلى سنة 2017، كما ستكون هناك تداعيات اجتماعية و من المحتمل حسب ــ المتحدث ــ أن تلجأ الحكومة إلى عدم الزيادة في الأجور أو تجميدها مما سيدخل النقابات في صراع معها نتيجة هذه القرارات المحتملة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف