البيروقراطية تعرقل الإستثمارات في أسواق ليبيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سافرت ميشيل ميلو من سان فرانسيسكو إلى ليبيا قبل أسابيع عدة، تحمل بضعة آلاف من الدولارات، وفكرة جديدة لبدء عمل تجاري صغير كانت واثقة من نجاحه: إستديو صغير لممارسة اليوغا.
لميس فرحات: بدأت ميلو خطتها بإنشاء صفحة على موقع "فايسبوك" للتواصل الإجتماعي بعنوان "أول إستديو لليوغا في ليبيا". استقطبت الصفحة أكثر من 1000 معجب، لا سيما وأن نساء العاصمة طرابلس يسعين إلى الحصول على مظهر جيد وتجربة شيء جديد.
لكن سرعان ما خاب أمل الشابة الأميركية بممارسة الأعمال التجارية في ليبيا، إذ إضافة إلى العقبات البيروقراطية، اصطدمت ميلو بثقافة رجال الأعمال غير المفهومة في ليبيا، وشعرت بأن الناس الذين عرضوا عليها المساعدة سعوا في الواقع إلى عرقلتها.
"أنا وقعت في حب هذا البلد"، تقول ميشيل ميلو (39 عاماً)، التي خدمت كمتطوعة في وقت الحرب لمساعدة الليبيين في تونس ومصراتة. وأضافت: "لكن محاولة بدء مشروع تجاري هنا غيّرت رأيي كلياً".
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ "فاينانشال تايمز" إلى أن تقرير صندوق النقد الدولي، الذي صدر في 2 أيار/مايو الماضي، توقع أن يتعافى اقتصاد ليبيا من انهياره في زمن الحرب، ويحقق نمواً بنسبة 116 في المئة هذا العام، على أن يتضاعف هذا الرقم من العام 2013 إلى العام 2015.
بفضل ثروتها النفطية، واحتياجات البنية التحتية ورفع العقوبات الدولية، التي أعاقت التجارة طوال فترة حكم الديكتاتور المخلوع معمّر القذافي، يسعى اليوم العديد من رجال الأعمال بفارغ الصبر إلى إيجاد وسيلة لاقتحام السوق الليبية.
لكن العديد من هؤلاء اكتشفوا أن البلاد ليست جاهزة لاستقبال المستثمرين الأجانب والشركاء أو أصحاب المشاريع الصغيرة حتى الآن. "إن النصيحة التي نقدمها الآن هي أن الوقت ما زال مبكرًا"، تقول ماريان ماغواير، مديرة "أنتر كالتشرز"، وهي شركة استشارية، مقرها لندن، وتعمل في ليبيا منذ العام الماضي.
"إنه الوقت المناسب للقدوم إلى ليبيا من أجل بناء علاقات طيبة مع الناس"، كما تقول، معتبرة أن "الكثير من الأعمال تعتمد على ثقة الليبيين بأن شريكهم سيبقى في البلاد على المدى الطويل، وليس فقط لتحقيق ربح سريع، ثم الرحيل".
اجتاحت عشرات الوفود الدولية العاصمة الليبية طرابلس، لكن قلة من الشركات التزمت بالاستثمار. في جزء منه، الحكومة الموقتة لم تكن تملك سلطة منح العقود الرئيسة أو الموافقة على الصفقات الكبيرة.
على الرغم من ذلك، هناك عدد لا بأس به من الصفقات التي بدأت تتحقق، فأيرلندا تستعد لاستئناف شحنات من الماشية الحية إلى ليبيا بعد انقطاع دام 16 عاماً، وإحدى شركات القطاع الخاص الليبية اتفقت في الآونة الأخيرة مع شركة "سينابون"، الأميركية للوجبات السريعة. وفتحت سلسلة من المطاعم الأميركية التابعة لهذه الشركة، مشكّلة ظاهرة في طرابلس، لأنها المرة الأولى التي تحصل فيها الولايات المتحدة على امتياز لفتح مطاعمها في ليبيا.
على عكس المفاهيم الشعبية، يقول حسني بك إن ليبيا كانت مفتوحة أمام الاستثمار الأجنبي لسنوات، وإن كان ذلك عبر مشاريع مشتركة مع شركات محلية. حتى في ظل القواعد الحالية، يسمح للأجانب بتملك حصص الغالبية في تكنولوجيا المعلومات، والتطوير العقاري، والصحة والتعليم والتصنيع.
لكن الحصول على التصاريح اللازمة لمزاولة العمل يستغرق فترة تصل إلى ستة أشهر، وحتى مع أفضل الوسطاء، والأجانب يجدون صعوبة في التنقل في ظل البيروقراطية.
"التجار في ليبيا، فضلاً عن الحكومة، ليست لديهم خبرة في إجراءات المساءلة والشفافية وآليات مراجعة الحسابات، التي تهدف إلى طمأنة المستثمرين بأن الأسواق مستقرة وآمنة"، تقول ماغواير، مضيفة أن "ليبيا لم يكن لديها قط بروتوكول للأعمال الأجنبية. ففي هذه اللحظة، الوزارات الحكومية تقوم بعمليات الشراء والتسجيل التجارية".
واعتبرت الـ "فاينانشال تايمز" أن رجال الأعمال سيجدون أن الأعمال المصرفية في ليبيا تمثل تحدياً أيضاً، لا سيما وأن تقرير صندوق النقد الدولي وصف القطاع المصرفي بـ "غير المتقدم"، مع ودائع ضخمة في البنك المركزي وقروض صغيرة نسبياً للقطاع الخاص.