وضع دبي كملاذ آمن يساهم في تعافي القطاع العقاري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: لمعرفة أحد الأسباب الرئيسة لتعافي سوق العقارات في دبي يكفي المرء أن ينظر إلى برج خليفة، وهو أعلى مبنى في العالم، إذ أظهرت أرقام أعلنتها حكومة دبي هذا الأسبوع أن مواطنين هنودًا كانوا المشترين الرئيسيين لشقق فاخرة ومساحات تجارية في برج خليفة في النصف الأول من 2012 وأنفقوا 222 مليون دولار. وجاء الإيرانيون في المركز الثاني بإنفاق بلغ 128 مليون دولار.
بالنسبة إلى المشترين الهنود، فإن العقارات في دبي تشكل ملاذًا يحميهم من هبوط قيمة العملة، حيث انخفضت الروبية الهندية حوالى 20 بالمئة أمام الدولار منذ الربع الثالث من 2011. وبالنسبة إلى الإيرانيين فإن دبي تشكل ملاذًا آمنًا للاحتفاظ بالأموال، مع تضرر اقتصاد بلدهم من العقوبات الدولية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.
وبعد أربع سنوات من انفجار فقاعة أسعار العقارات في دبي، وما تلاه من هبوط أسعار المنازل بما يزيد على 60 بالمئة من ذروة صعودها، يبدو أن السوق بدأت تستقر أخيرًا وتتعافى في بعض المناطق. ومن بين الأسباب الرئيسة وراء ذلك تدفق أموال أجنبية مستخدمة الإمارة كملاذ آمن.
وقال فاروق سوسة الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط لدى سيتي غروب في دبي "يسعى كثير من الناس في الشرق الأوسط وروسيا وباكستان وشبه القارة الهندية وراء ملاذ آمن. "تتمثل التصورات في أن سوق العقارات وصلت بالفعل إلى أدنى درجات الهبوط. وتبدو السوق في دبي معقولة لمن يتطلع إلى مزيد من الاستثمار في الأمد البعيد".
ونظرًا إلى أهمية القطاع العقاري في اقتصاد دبي -حيث ساهم بنحو 13 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي بشكل مماثل تقريبًا للصناعات التحويلية- فإنه من المرجح أن يكون لسوق عقارات أكثر قوة سلسلة من التأثيرات الإيجابية. ومن بين أشياء أخرى ربما تخفض الضغوط على الشركات شبه الحكومية المثقلة بالدين، والتي تعيد هيكلة ديونها.
ويقول محللون إن التعافي ليس ملموسًا في السوق، ففي المناطق الأقل سكانًا، وبصفة خاصة الأقل رفاهية في شمال دبي، فإن الأسعار لا تزال ضعيفة. لكن هناك علامات إيجابية تراكمت في النصف الأول من هذا العام. فقد أظهر مؤشر المدن الفصلي للوكيل العقاري نايت فرانك أن اسعار الشقق في دبي ارتفعت بأكثر من 5 بالمئة في الربع الثاني من العام مقارنة مع مستوياتها قبل ستة أشهر.
وزاد متوسط إيجارات الشقق في دبي 2 بالمئة في الربع الثاني بحسب تقرير لسي.بي.آر.إي للاستشارات العقارية، بينما ارتفعت الإيجارات في المناطق ذات الموقع المتميز من 5 إلى 8 بالمئة على أساس فصلي.
ودعم تعافي القطاع العقاري انتعاشًا في سوق الأسهم في دبي، إذ ارتفع سهم إعمار العقارية -أكبر شركة للتطوير العقاري في الإمارة- إلى أعلى مستوى في 15 شهرًا في الأسبوع الماضي، لتبلغ مكاسبه 32 بالمئة هذا العام، رغم أن معظم الزيادة في أرباح الشركة جاءت من التنوع الناجح في التحول من العقارات السكنية إلى الفنادق والتجزئة.
وقال غراهام ستوك الخبير لدى إنسبارو لإدارة الصناديق في لندن "نرى أن القطاع العقاري في دبي يظهر أداء حسنًا على المدى المتوسط". مضيفًا أن دبي تماثل إلى حد ما لندن في إقبال المستثمرين الأجانب عليها كملاذ آمن مما يدعم أسعار العقارات. وفي لندن تلقى الأسعار دعمًا بفضل مستثمرين من دول، مثل روسيا والصين، نظرًا إلى الاستقرار السياسي في بريطانيا وقوة النظام القانوني، بينما اجتذب القطاع أيضًا مشترين من اليونان المتضررة من الأزمة.
وتجتذب دبي مشترين من شبه القارة الهندية وإيران بسبب القرب الجغرافي والجالية الهندية والباكستانية والإيرانية الكبيرة في الإمارة. كما أدى الاستقرار السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة أثناء انتفاضات عنيفة في أنحاء في الشرق الأوسط إلى اجتذاب أموال عربية إلى دبي.
ومن المعتقد أن هناك تدفقات أموال من أفغانستان إلى دبي تكونت بفعل المعونات الدولية مع استعداد رجال الأعمال القلقين لانسحاب معظم القوات الأجنبية من البلاد بنهاية 2014. وأظهرت بيانات حكومة دبي أن مستثمرين أجانب اشتروا أصولاً عقارية في الإمارة بقيمة 28.3 مليار درهم (7.7 مليار دولار) في النصف الأول من 2012 بزيادة قدرها 36 في المئة عن العام الماضي.
ولا يتوقع أحد أن تقترب السوق من الطفرة التي شهدتها قبل 2008، فالأسعار ستستغرق سنوات عديدة، وربما عقود، حتى ترتفع إلى مستويات الذروة السابقة. وقال لويك بيليشيت مساعد نائب الرئيس للبحوث لدى الوطني للاستثمار في دبي "ستتحسن سوق العقارات في دبي، لكن بشكل تدريجي. ليس بمعدل نمو فصلي قدره 40 بالمئة، الذي شهدناه أثناء فترة الطفرة.
"من غير المرجّح بشكل كبير عودة ازدهار 2008 مجددًا. تلك مجرد تكهنات ضخمة. هناك تعاف في أماكن معينة، لكن لا يزال هناك الكثير من المعروض العقاري في دبي". ومن المنتظر تسليم 24 ألف وحدة سكنية جديدة في دبي في النصف الثاني من 2012، وإجمالي 41 ألف وحدة بحلول نهاية 2014، بحسب جونز لانج لاسال للاستشارات العقارية.
وقال بيليشيت إنه ليس من الواضح ما إذا كانت أسعار العقارات ستواصل الارتفاع عندما ينحسر الطلب المرتبط بالملاذ الآمن في الربيع العربي.
لكن هناك أسبابًا للاعتقاد بأن السوق ربما تواصل التعافي لأعوام عدة على الأقل، ومن بينها أن دبي لا تزال رخيصة نسبيًا في أعقاب انهيار سوقها، وذلك وفقًا لمعايير المدن العالمية الكبرى.
ويقول سماسرة عقاريون إن أسعار الشقق السكنية في برج خليفة، الذي يبلغ ارتفاعه 828 مترًا، تتراوح بين 710 دولارات و1035 دولارًا للقدم المربعة. وهذا أرخص بكثير من متوسط الأسعار في مناطق متميزة في لندن، الذي يمكن أن يصل إلى ثلاثة آلاف دولار أو أكثر للقدم المربعة.
وهناك سبب آخر يتمثل في أن دبي ربما تجتذب تدفقات جديدة من الأموال الباحثة عن ملاذ آمن، حتى إذا بدأت الأموال الحالية في النضوب.فارتباط الدرهم الإماراتي بالدولار سيجعل دبي أكثر جاذبية، وعلى سبيل المثال فإن انهيارًا جزئيًا لمنطقة اليورو يمكن أن يؤدي إلى هروب أموال من العملات الأوروبية.