التلكؤ والفساد يحاصران المشاريع الخدمية في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد:بسخرية لا تخلو من المرارة، يردد ابو جعفر وهو يتمشى في احد شوارع الكوت جنوب بغداد ان برج ايفيل في باريس استغرق بناؤه عامين قبل اكثر من قرن، بينما الشارع الذي تقع فيه اهم مؤسسات الحكومة حفر منذ ثلاثة اعوام دون ان ينجز حتى الآن.ولا تبدو المقارنة مثالية بين برج يعد احد ابرز المعالم السياحية في العالم، وشارع في مدينة صغيرة في اطراف بغداد، لكنها تعبر عن تلكوء يعرقل المشاريع الخدمية في معظم مدن العراق اثر منح عقود الاعمار لشركات غير كفوءة.
ويلقي المسؤولون المحليون باللوم على وزارات الحكومة الاتحادية بعرقلة اتمام المشاريع بسبب البيروقراطية التي تطبع عملها، وايضا بسبب منح عقود المشاريع الى مقاولين يفتقرون للخبرة.ورغم ان المراقب يرى في تجواله في عدد من المحافظات عمليات حفر واعمال مستمرة، الا ان الواقع يفيد بان معظم هذه المشاريع بوشر العمل فيها منذ ثلاث او اربعة سنوات، او انها تنجز ثم يعاد العمل بها من الجديد.وينص مشروع القانون الذي تبلغ قيمة المشاريع الخدمية المرتبطة به اربعين مليار دولار تدفع بالاجل والتي من المفترض ان يحكمها "التوزيع العادل على كل المحافظات" في بلاد تعيش منذ تسع سنوات على وقع تناقضات قومية وطائفية ومناطقية.وتعارض القانون كتل سياسية بينها قائمة "العراقية" بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي حيث ترى فيه "بابا من ابواب" الفساد المالي.
ويقول رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة النجف جنوب بغداد محمد عايد ان "التلكوء الحاصل في المشاريع المنفذة من قبل الوزارات هو الاكبر وذلك كون الشركات المنفذة لا تخضع لرقابة مجلس المحافظة".ويضيف "احد الامثلة على ذلك مشروع الخطوط الناقلة للمجاري ومحطات التصفية في النجف والذي كان من المفترض ان ينتهي العمل فيه قبل سنوات ما يسبب الان مشكلة كبيرة في كثير من شوارع المدينة خصوصا في الاحياء الشمالية".ويوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي احد اشكال الفساد الذي يعتري العمل في مجال الاعمار واصلاح البنى التحتية.
ويقول ان "بعض المقاولين يبيعون المشروع الى جهة اخرى والجهة الاخرى تبيعه الى جهة ثالثة ورابعة مما يؤدي الى عدم تنفيذه".
وفي محافظة الديوانية جنوب بغداد، بلغ عدد المشاريع المتلكئة 43 مشروعا وبكلفة اجمالية تصل الى اكثر من 400 مليار دينار (نحو 350 مليون دولار)، وفقا لمعاون المحافظ للشؤون الفنية المهندس حسين كاطع صالح.
ويمثل التلكوء في انجاز المشاريع الخدمية اليوم حالة عامة في معظم محافظات البلاد، وبينها العاصمة بغداد حيث حفرت بعض الاحياء منذ اعوام من دون ان تنجر حتى اليوم، وبينها اعمال حفر في شارعي ابو نواس والسعدون.ويقول الهنداوي ان هذا الامر دفع الحكومة مؤخرا الى اتخاذ عدة اجراءات بينها "سحب المشاريع التي تبلغ قيمتها عشرة مليارات فما دون من الوزارات ومنحها الى مجالس المحافظات".كما قررت الحكومة "حرمان الشركات المتلكئة في تنفيذ المشروع من الحصول على اي مقاولات جديدة"، مؤكدا حرمان 155 شركة من تولي مشاريع جديدة.