أوروبا الجنوبية تواجه الفوضى الاجتماعية وسط برامج التقشف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مع المسيرات المكثفة في البرتغال وإسبانيا وتظاهرات رجال شرطة ضد زملائهم الذين لم يتركوا الوظيفة في اليونان، تثير خطط التقشف التي فرضها الاتحاد الأوروبي موجة اعتراض متنامية يخشى أن تؤدي إلى خريف اجتماعي حار في دول أوروبا الجنوبية.
أثينا: السبت عدلت الحكومة البرتغالية أخيرًا عن فرض إجراءات رفضتها حركة احتجاج غير مسبوقة في البلاد، التي تعيش بمساعدة مالية. وهذه الإجراءات هي زيادة قيمة اقتطاعات الضمان الاجتماعي التي يسددها الموظفون وخفض متزامن لتلك التي تسددها الشركات.
وقبل أسبوع، نزل مئات الاف الاشخاص الى الشارع في لشبونة، وفي نحو ثلاثين مدينة في البرتغال للاحتجاج على هذه الاجراءات، تلبية لدعوة حركة انشأتها شبكات التواصل الاجتماعي، وفاجأت النقابات.
وفي اليونان، دعت النقابتان الرئيستان في القطاعين الخاص والعام الى اضراب عام لمدة 24 ساعة، والى تظاهرات الاربعاء في 26 ايلول/سبتمبر ضد السلة الجديدة لاجراءات التقشف الجاري بحثها الآن.
واعرب الخبير السياسي ايلياس نيكولاكوبولوس عن خشيته من "حادث" اثناء المسيرات قد يؤدي الى اثارة حوادث عنيفة في بلد يعاني صعوبات مالية ضخمة، وحيث لا تتوقف شعبية حزب النازية الجديدة "الفجر الذهبي" عن الارتفاع.
النقطة المشتركة بين البلدين تكمن في الاستفادة من قروض منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي مقابل فرض خطط تقشف صارمة واصلاحات هيكلية لتحرير الاقتصاد، على امل تنقية ماليتهما العامة وتخفيف الديون.
والدولتان الجارتان، اللتان تمران بصعوبات مالية ايضًا، وهما اسبانيا وايطاليا، تجدان نفساهما مضطرتين تدريجيًا لتبني برامج تقشف من دون لجوئهما حاليًا الى مساعدة مالية من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.
واقرّت برناديت سيغول التي تتولى ادارة الاتحاد الاوروبي للنقابات في بروكسل بالقول "هناك تصاعد لحركة الاحتجاج في كل هذه الدول". وقالت ايضا ان "سكان الدول التي تواجه صعوبات مالية في اوروبا الجنوبية يدركون ان معالجة التقشف المتشددة هذه لا تعمل، فهم لا يرون نهاية النفق، وهذا ما يغذي اليأس والغضب الاجتماعي".
في اسبانيا، يزداد حجم الاستياء اثر سلسلة تخفيضات في الموازنة معلنة في تموز/يوليو، وتتضمن خصوصًا زيادة ضريبة القيمة المضافة منذ الاول من ايلول/سبتمبر، وهو ما زاد من التأثير السلبي على القوة الشرائية.
وفي 15 ايلول/سبتمبر، سار عشرات الاف الاشخاص من كل انحاء اسبانيا في مدريد ضد التقشف، وتتواصل تحركات منتظمة، مثل تحرك الموظفين الذين يجتمعون كل يوم جمعة.
في اليونان، تميزت العودة من العطلة الصيفية بغضب كبير في صفوف القضاة والاساتذة والعسكريين ورجال الشرطة الذين يحتجون ضد التخفيضات الجديدة على الرواتب التي تستعد الحكومة لتطبيقها.
والاربعاء، اطلق رجال قوات مكافحة الشغب غازات شديدة التاثير على زملائهم الشرطيين الذين يتظاهرون قرب مبنى البرلمان في وسط اثينا.
وامام موجة برامج التقشف، تقرّ سيغول بان النقابات "في وضع صعب". لانها في غالبيتها تواصل الدعوة الى حل اوروبي تضامني لمواجهة الازمة التي تستدعي مع ذلك حدًا ادنى من قبول مبدأ التقشف.
لكن يبدو ان النقابات عاجزة امام تصاعد الحركات الشعبوية الداعية الى القطيعة مع اوروبا، والى العودة الى القومية او مطالبات انفصالية كما في المناطق الاسبانية، بحسب ما قالت برناديت سيغول.
إضافة الى التفكيك التدريجي للدول-الراعية، الذي يؤدي الى تدهور المساعدات الاجتماعية وزيادة الضرائب، تعاني دول الجنوب اكثر من بقية اوروبا من تصاعد معدل البطالة، الذي يطال الشبيبة خصوصًا.
وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال في شباط/فبراير، راى رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي في ارتفاع معدل البطالة في صفوف الشباب دليلاً على اختفاء "النموذج الاجتماعي" الاوروبي الشهير، الذي جرى التفاخر به منذ اجيال.
وتأمل برناديت سيغول ان تدرك السلطات الاوروبية الرهانات. وقالت "لا يمكن تطبيق اصلاحات تعطي الاولوية للمنافسة، وتضعف الحماية الاجتماعية، بينما يستمر الاحتيال المالي لدى الشركات والتهرب الضريبي المعمم".
واضافت "لقد سجلنا في خطاب (جوزيه مانويل) باروزو عن حال الاتحاد، اشارة الى ضرورة عدم لمس قلب النموذج الاجتماعي لبلد ما، انها خطوة متقدمة. لم يقل ذلك في العام الماضي. الآن ينبغي الانتقال الى الافعال".