اقتصاد

نفط الجزائر آيل إلى النضوب والطاقة البديلة هي بصيص الأمل

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تخطو الجزائر سريعًا على خطى أندونيسيا في تحولها من مصدر للنفط إلى مستهلك فقط، ويدق خبراء النفط الجزائريون ناقوس الخطر من اقتراب موعد نضوب آبار النفط في بلادهم.

الجزائر: تربو احتياطات الجزائر النفطية على 11 مليار متر مكعب من النفط الخام، وعن 4550 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، إلاّ أن مؤشرات عديدة تشير إلى أن نجم النفط في طور الأفول، مع تراجع معدل الاستخراج النفطي وتناقص الكميات القابلة للاستغلال.

ويشدّد الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الرحمن مبتول على أن العام 2030 سيكون مفصليًا تبعًا لتدرج نضوب النفط في البلاد وتضاعف عدد السكان المحليين. وتتقاطع نظرة مبتول مع رؤية عبد المجيد عطار، وزير الطاقة الجزائري الأسبق، في حال النفط الجزائري في العام 2030. لكن وزير الطاقة يوسف يوسفي يعارضهما، ويصر على أن بلاده التي تقوم بحفر 60 بئرًا من النفط والغاز سنويًا، "بحاجة إلى قرن لاستكشاف كامل احتياطاتها، فإنتاج النفط في الجزائر سيبقى عند مستوى 400 ألف برميل يوميًا بحقول منطقة حاسي مسعود جنوبي البلاد، حتى العام 2038، علمًا أنها تنتج حاليًا 1.4 مليون برميل من النفط يوميًا، وتصدر نحو 62 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.

متواضع لكن يكفي

يستند عطار إلى إحصائيات وتقديرات يصفها بالموثقة والموضوعية، مشيرًا إلى أن عدد الاكتشافات في حد ذاته لا يمثل مقياسًا للتأكيد على ارتفاع عمر الاحتياطي، بينما يردد مسؤولون حكوميون بتفاؤل أن ما يزيد عن 1.5 مليون كيلومتر مربع من تراب البلد يحتوي على احتياطات من الغاز والبترول.

يقرّ عبد الحميد زرقين، الرئيس والمدير العام لمجمع سوناطراك البترولي المملوك للحكومة، أن الجزائر "تمتلك احتياطيًا متواضعًا لكنه يكفي لتلبية الحاجيات المحلية والموجهة للتصدير على المدى المتوسط".

وإذ يشير إلى تراجع الانتاج في بعض الحقول، فإنه يعزو ذلك إلى انخفاض طفيف في أداء الشركاء، لكنه يتفاءل بانتعاشة مع تغويز حوض بركين المحلي والتأهب لتشغيل مشروع المارك قريبًا، ما سيساهم في إنتاج الجزائر 200 مليون طن معادل نفط خلال العام الجاري.

حسنًا.. متى؟

يوقن أنيس نواري، المختص في الطاقة، أن النفط الجزائري سينضب حتمًا، لكن السؤال متى؟ ويمتنع عن تقديم توقعات محددة، بيد أنّه يؤكد تراجع معدل استخراج الذهب الأسود في الجزائر، ما يعني أن الكميات القابلة للاستغلال في تناقص، "وهذا يستدعي قول الحكومة الحقيقة لمواطنيها بشأن الاحتياطي النفطي وتحضير الجزائريين لمرحلة ما بعد البترول إن استلزم الأمر، علمًا أن دوائر القرار تشدّد على أن نفاذ الغاز الطبيعي لن يحصل قبل 40 سنة".

ويرفض نواري الخوض في الأسباب، "لأنّ الجميع يعرف أن النفط والغاز كما مصادر الطاقة التقليدية زائلة وعمرها محدود، وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي الذي سمح باطالة عمر استغلال الآبار، إلا أن نفاذ النفط والغاز أمر حتمي".

ويرى نواري أن الحقول النفطية المكتشفة حديثًا لن تطيل عمر النفط في الجزائر، لأنها ستسمح باطالة فترة الاستغلال نسبيًا، لكنها لن تعوّض الحقول المستغلة حاليًا.

على خطى أندونيسيا

في بلد يقوم 98 في المئة من اقتصاده على المحروقات، ويجني 90 في المئة من ايراداته انطلاقًا من النفط، نضوب الآبار يعني كارثة فعلية. في هذا الشأن، يقول نواري إن المشكل الأكبر يكمن في عجز المسؤولين المباشرين من تجديد الاحتياطي النفطي في السنوات الأخيرة، بدليل تراجع معدل الاستكشافات وعدد العقود المبرمة مع شركاء خارجيين.

ولا يستبعد نواري تحوّل الجزائر إلى بلد غير مصدّر أو محدود التصدير على المنوال الإندونيسي، لكنه ينأى نواري بالحالة الجزائرية إقليميًا، ولا يراها إنذارًا مغاربيًا، بحكم عدم مواجهة كل من تونس والمغرب لأي إشكالات، وعدم تموقعهما كدولتين مصدرتين للنفط، بينما لا تعاني ليبيا الاشكالية بالحدة ذاتها.

وإزاء الكلام الكثير حول استكشاف النفط في عرض سواحل الجزائر، يلفت نواري إلى أن النفط البحري هو البديل الوحيد المتوافر حاليًا، "لكن الكميات المتوقع استخراجها لن تكون كبيرة، حتى وإن كانت المسألة تقتضي اللجوء إلى دراسات معمّقة"، في حين يؤكّد عطار لـ"إيلاف" صعوبة اكتشاف حقول نفطية جديدة، بحكم أنها صارت نادرة، ويجب البحث عنها في البحار على عمق يفوق 2000 متر، مثلما حصل قبل فترة في مدينة برازيليا.

في المقابل، ينفي الخبير عابد شارف صحة وجود مخزونات نفطية قبالة السواحل في عنابة وشرشال.

بصيص أمل

إلى ذلك، يتوقع نور الدين آيت الحسين، المستشار الدولي في الطاقة، أن تلعب الجزائر دورًا مؤثرًا عالميًا، إذا ما استثمرت مخزونها الهائل من الغاز الصخري، إذ تمتلك احتياطيًا ثابتًا يزيد على 231 تريليون قدم مكعب، وهي كمية تكفي لتأمين احتياجات دول السوق الأوروبية عشر سنوات، بعائدات دورية تربو على 2.6 تريليون دولار، ما يعني أن بصيص أمل يلوح في الأفق الجزائري، لو أحسن الجزائريون التعامل معه فسيكون كفيلًا بإحداث تحول غير مسبوق على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

وعن البدائل التي تبحثها الحكومة، تشير الخبيرة عائشة عظامو إلى إطلاق البرنامج الوطني للطاقات المتجددة (2010 - 2030) الذي تربو كلفته على 120 مليار دولار، لاستثمار الوعاء الهائل من الطاقات الشمسية والحرارية والهوائية والهجينة.

لكن عظامو تنتقد تخبط الخطة ومراوحتها مكانها، على الرغم من انقضاء زهاء سنتين على إطلاق توليفة تسعى من ورائها الجزائر لأخذ مكانتها الإستراتيجية كمموّن كبير للكهرباء الخضراء نحو الأسواق الأوروبية، من خلال تصدير عشرة آلاف ميغاواط، ورفعها إلى مستوى 22 ألف ميغاواط بحلول العام 2030.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف