قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ظل قادة إيران لسنوات يسخرون من العقوبات الاقتصادية الغربية، متباهين بقدرتهم على التملص من أي قيود والالتفاف على أي حظر، لكنهم اعترفوا الآن بأن وقف معاملات إيران في النظام المالي الدولي أحدث نقصاً خطيراً في إحتياطها الأجنبي، ودفع اقتصادها نحو الانهيار.إعداد عبدالاله مجيد: لا شك أن العقوبات الأميركية على إيران وضعت اقتصادها في دائرة الخطر. وقد تجلى خطر انهيار إيران اقتصاديًا الاسبوع الماضي في نيويورك، عندما شدد الرئيس الإيراني حسن روحاني على ضرورة التحرك بسرعة لانهاء المواجهة مع الغرب حول برنامج إيران النووي، ربما في غضون 3 إلى 6 اشهر. وبصرف النظر عن حسابات روحاني السياسية، فإن الرئيس الجديد وغيره من المسؤولين الايرانيين اعترفوا بالأضرار التي تلحقها العقوبات بالاقتصاد الايراني. وقال روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف في لقاءات متكررة خلال الاسبوع الماضي إن وضع الحكومة المالي اسوأ مما أقرت به ادارة الرئيس السابق محمود احمدي نجاد. ويعتقد اقتصاديون غربيون أن انفجار الأزمة المالية أقرب مما كان يُعتقد في السابق، ربما في ظرف أشهر. وتحدثت وسائل اعلام ايرانية عن ديون بمليارات الدولارات بذمة الحكومة لمتعهدين من القطاع الخاص ومصارف وبلديات.
تراجع الاحتياطي بسبب العقوبات، انخفضت مبيعات النفط التي توفر 80 بالمئة من ايرادات الميزانية الإيرانية إلى النصف. وفي حين أن احمدي نجاد اعلن أن احتياطي إيران من النقد الأجنبي بلغ 100 مليار دولار، فإن هذا الرقم انخفض إلى 80 مليار دولار بحلول منتصف العام 2013، كما أظهرت دراسة اجرتها شركة روبيني غلوبال ايكونوميكس للأبحاث في نيويورك ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن. لكن حتى هذا الرقم يغالي في حجم النقد الأجنبي المتوفر للحكومة الايرانية. فإن 75 بالمئة من 80 مليار دولار نائمة في حسابات خاصة في بلدان تستورد النفط الايراني، نتيجة قانون اميركي بدأ سريانه في شباط(فبراير) الماضي، لا يجيز صرف هذه الأموال إلا لشراء منتجات من هذه البلدان. وهناك صعوبة حتى في امكانية التصرف بـ20 مليار دولار المتبقية، إذ يتعين تحويلها نقدًا بسبب طرد إيران من شبكة الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، المعروفة بمختصرها "سويفت"، التي تتيح تحويل الأموال الكترونيًا. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مارك دوبوفيتز، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قوله إن الايرانيين لا يستطيعون إعادة هذه الأموال إلى بلدهم، "وهذا هو المأزق الذي تجد إيران نفسها فيه".
كالجمل في الصحراء وتسبب العقوبات مشاكل أخرى. فمدراء الشركات والمؤسسات الحكومية لا يستطيعون تمويل الصفقات التجارية بالطرق المتعارف عليها، لذا يُجبَرون على تحويل حقائب من النقد عن طريق مكاتب تصريف في الشارع إلى مصرفيين مشبوهين في الخارج. وهذه الطريقة الملتوية ليست باهظة الكلفة فحسب، بسبب الرسوم التي يتقاضاها الوسطاء عن كل خطوة، بل وخطيرة ايضًا حيث يصبح النقد هدفًا مغريًا للصوص. وينظر المسؤولون من ذوي المستويات الأدنى واصحاب المصالح بقلق أشد من قلق القادة إلى حال الاقتصاد الايراني. وفي هذا الشأن، قال رجل اعمال قدم نفسه باسم م. عشقي إن لديه ما يكفي من المدخرات للاستمرار اربعة أشهر، "وإذا لم يتغيّر الوضع خلال هذه الفترة سأتوجه إلى مدينة ملاير الفقيرة لأبلغ عمالي المئة، الباقين من اصل 200 عامل قبل بضع سنوات، بأنني قررت إغلاق مصنعي لانتاج الحافلات". ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن عشقي قوله: "عشتُ على مدخراتي كما يعيش الجمل في الصحراء، على الشحم الذي يختزنه في السنام، لكن النهاية قريبة الآن، وأرفع يدي مستسلمًا".
نفط مقابل خردة وأحدثت العقوبات تشوهات عديدة في حياة الايرانيين اليومية. وعلى سبيل المثال، لا تستطيع إيران أن تستخدم العائدات المالية من بيع نفطها إلا لشراء منتجات من البلد المستورد. ونتيجة لذلك، تمتلئ الأسواق الايرانية بمنتجات صينية رديئة النوعية، فيما تتولى شركات صينية تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية بدلًا من شركات ايرانية. وقال عشقي: "ليس لدينا برنامج النفط مقابل الغذاء كالعراق، بل لدينا برنامج النفط مقابل الخردة". وقال الاقتصادي محمد صادق جهان صفت إن الحكومة الايرانية رهينة بلدان مستفيدة من العقوبات، "خصوصاً الصين التي احتكرت تجارتنا"، على حد تعبيره. في غضون ذلك، أُصيب الايرانيون بخيبة أمل لأن قيمة العملة لم تتحسن بعد المكالمة التاريخية بين روحاني والرئيس اوباما. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن محللين قولهم إن السبب في أن سوق العملات لم تعكس مزاج الايرانيين عائد إلى تصميم البنك المركزي الايراني على الحد من أزمة العملة، وعلى حماية السوق من المؤثرات السياسية لتشجيع الاستثمار والانتاج المحلي والصادرات غير النفطية.
لم ينتعش وكان ولي الله سيف، محافظ البنك المركزي، صعق الكثير من الاقتصاديين واعضاء البرلمان في الاسبوع الماضي عندما اعلن أن سعر صرف الريال الايراني مقابل الدولار بلغ مستواه الأدنى، وأن أي ارتفاع في قيمة العملة الايرانية لن يكون لصالح الاقتصاد الايراني. ورد عضو البرلمان غلام رضا كاتب قائلًا إن البنك المركزي ملزَم بدعم الريال الايراني والحد من التضخم الذي بلغ 39 بالمئة، بحسب الأرقام الرسمية، لكن اعلان المحافظ يتناقض مع هاتين المهمتين على السواء. وكان سعر صرف الدولار بلغ يوم الاثنين 30350 ريالاً إيرانياً في السوق المفتوحة، وهو تقريباً نفس سعره الخميس الماضي، الذي كان آخر يوم عمل قبل مكالمة اوباما وروحاني الجمعة. وبالتالي، فإن المكالمة لم تفعل شيئاً لتحسين قيمة العملة الايرانية، كما راهن البعض.