العالم يحبس أنفاسه منتظرًا رد فعل السعودية
رفع العقوبات عن إيران ينذر بإغراق السوق النفطية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يرى محللون أن التوصل إلى اتفاق عالمي على رفع العقوبات ضد إيران يمكن أن يحدث فائضًا نفطيًا في الأسواق العالمية، ابتداءً من العام المقبل، مؤديًا إلى هبوط الأسعار وإحداث تغيير جذري في قطاع الطاقة عمومًا.
في حين يلاقي هبوط أسعار النفط ترحيب الغرب بتخفيف الضغط المالي الواقع على اقتصاده، فإنه يشكل تهديدًا كبيرًا لروسيا ولطائفة من الدول التي تعتمد على عائدات النفط في تمويل ميزانيتها.
ويمهد اتفاق جنيف بين إيران ومجموعة القوى الدولية الست بشأن برنامجها النووي لإنهاء العقوبات المفروضة ضد طهران تدريجيًا، شريطة التزام حكومة الرئيس حسن روحاني بتعهداتها بالحد من أنشطتها النووية.
تهديد سوقي للنفط
من المتوقع أن يسفر هذا الاتفاق عن إضافة 800 ألف برميل في اليوم من النفط الايراني إلى الإمدادات العالمية بحلول العام المقبل، في سوق حجمها 89 مليون برميل، على أن ترتفع هذه الكمية بمرور الوقت، مع عودة الشركات العالمية وانتعاش صناعة النفط الايرانية المدمرة. وستبقى القيود المفروضة على صادرات النفط الايرانية سارية ستة أشهر أخرى، لكن العقوبات الجديدة التي كان يخطط لها لن تُفرض.
وقالت مجموعة ستي غروب للخدمات المالية إن اتفاق جنيف ينبغي أن يخفض اسعار النفط العالمية 13 دولارًا بمرور الوقت، وهو رقم يكفي لخفض سعر برميل خام برنت إلى اقل من 100 دولار وبرميل الخام الاميركي إلى اقل من 85 دولارًا. واشارت ستي غروب إلى أن هبوط اسعار الطاقة قد يكون ايذانا بموت الدورة الفائقة للنفط، الذي يواجه مصاعب بسبب تحول الصين إلى مرحلة جديدة من البناء الحضري الذكي.
ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن المحلل الستير نيوتن، من بنك نومورا، قوله إن سعر النفط المرتفع بسبب المخاطر الجيوسياسية ينبغي أن يهبط، لكنه لن يكون هناك تخفيف آني للحظر النفطي على إيران، مضيفًا أن المحادثات تبقى عرضة للانهيار في الفترة المقبلة بشأن مفاعل آراك للماء الثقيل.
السعوديون غاضبون
ويشكل التقارب الاميركي مع إيران هزة قوية لمنظومة التحالفات في الشرق الأوسط، الذي يشهد صراعًا محتدمًا ينخرط فيه لاعبون إقليميون كبار مثل ايران والسعودية. وقال كريس سكريبوفسكي، رئيس تحرير مجلة بتروليوم ريفيو، إن المجهول الكبير هو رد فعل السعودية على خطوة تُعد غادرة في الرياض. أضاف: "السعوديون غاضبون، والسؤال الكبير هو ما إذا كانوا يستطيعون العيش مع الاتفاق أم انه اتفاق لا يُطاق".
وتابع سكريبوفسكي أن الشرق الأوسط برميل بارود، تستعر فيه حرب أهلية سنية ـ شيعية مماثلة في ضراوتها الايديولوجية لصراع الكاثوليك والبروتستانت في اوروبا في أوائل القرن السابع عشر. وأضاف: "السعودية أظهرت إلى أي مدى هي مستعدة للمضي من أجل حماية مصالحها"، مشيرا إلى موقف الرياض الداعم لمصر بعد سقوط الاخوان المسلمين.
وقالت وزارة الطاقة الاميركية إن اميركا الشمالية ستضيف 1.5 مليون برميل في اليوم إلى الامدادات النفطية هذا العام، غالبيتها من الصخور النفطية و1.1 مليون برميل في اليوم العام المقبل.
وتأتي هذه الامدادات الجديدة بالتزامن مع تشغيل حكومة كردستان العراق انبوبًا جديدًا لنقل النفط إلى تركيا. وكان انتاج العراق هبط بحدة إلى مليوني برميل في اليوم خلال الصيف بسبب تصاعد هجمات تنظيم القاعدة، لكن بغداد تدَّعي انها مقبلة على إعادة الانتاج إلى مستوياته السابقة.
موسكو تشد الحزام
حذر غولدمان ساكس وبنك أوف اميركا خلال الأيام الماضية من هبوط أسعار النفط في العام 2014 وما يثيره ذلك من مخاوف في الدول التي تعتمد على النفط لتمويل انفاقها. فإن سعر البرميل المطلوب لتمويل ميزانية بلا عجز هو زهاء 120 دولارًا للبحرين ونيجيريا والجزائر و110 دولارات لفنزويلا والعراق.
وتوفر ضرائب النفط نصف اعتمادات الميزانية في روسيا حيث بلغ السعر المطلوب لتمويل ميزانية بلا عجز 117 دولارًا العام الماضي. وتتبع موسكو سياسة شد الحزام على بطنها، لكن وكالة فيتش حذرت من أنها قد تخفض تصنيف روسيا الائتماني إذا استمر هبوط سعر النفط فترة طويلة.
حتى السعودية، بقدراتها المالية الكبيرة، أخذت تشعر بوطأة هبوط الأسعار، إذ زادت المملكة إنفاقها بواقع 130 مليار دولار في العام 2011، وارتفع سعر تمويل الميزانية بلا عجز إلى 98 دولارًا للبرميل، رغم أنها ما زالت تملك احتياطات نقدية تبلغ 700 مليار دولار جاهزة للاستخدام عند الحاجة. ويرى محللون أن التهديد الضمني بالتخلص من دولارات اميركية ليس عمليًا، في وقت من المرجح أن يرتفع فيه سعر الدولار نتيجة التشديد النقدي الذي تمارسه واشنطن.
تفرق خليجي
وقال سكريبوفسكي، رئيس تحرير مجلة بتروليوم ريفيو، إن الرياض قد تحاول جر أُذن أميركا بإغراق السوق بما يكفي من النفط لسحب البساط من تحت ثورة الصخور النفطية في الولايات المتحدة مشيرًا إلى أنّ كلفة إنتاج البرميل في حقل باكين الأميركي للصخور النفطية تبلغ نحو 80 دولارًا.
ولا يُعرف ما إذا كان السعوديون ما زالوا يمتلكون القدرة الاحتياطية للإقدام على مثل هذه الخطوة الكبيرة، أو ما إذا كانت دول الخليج الأعضاء في أوبك ستضم قواها إلى المملكة في تكرار للمقاطعة النفطية العربية في العام 1973. لكن دور السعودية اتسم بالمسؤولية خلال العقود الماضية التي قامت خلالها بدور القوة الحاسمة في ضمان استقرار السوق العالمية.
وقد يكون الدخول في نزاع مكشوف مع واشنطن بالغ الضرر، في وقت لم تعد اوبك تسيطر على أكثر من نصف امدادات النفط العالمية، والمنظمة نفسها منقسمة انقسامًا عميقًا. ورحبت الإمارات ترحيبًا حذرًا باتفاق جنيف، بحسب صحيفة ديلي تلغراف، مشيرة إلى أن أي شيء يمكن أن يحدث عندما تلتهب العواطف في منطقة تمزقها الحرب اصلًا.