قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بروكسل: كثفت فعاليات أوروبية من مختلف مستويات اتخاذ القرار من تحركاتها في سعي لبلورة توافق صلب بين الدول الأوروبية السبع والعشرين بشأن الموازنة المتعددة السنوات للاتحاد الأوروبي خلال الفترة من 2014 إلى 2020. ويعقد زعماء الاتحاد سلسلة من الاجتماعات غداً الخميس وبعد غدٍ الجمعة في بروكسل على مستوى رؤساء الدول والحكومات في مناخ يشوبه التوتر النسبي بسبب تباين مواقفهم حول هذا الجانب المحدد من العمل الأوروبي. وتلوح في الأفق مواجهة متعددة الجوانب والأطراف حول تحديد حجم النفقات وحجم الإيرادات للاتحاد خلال السنوات الست المقبلة التي تغطيها الموازنة الجديدة. وتقود بريطانيا حملة شرسة في هذا الاتجاه حيث تعمل على بلورة تحالف من دول عدة غالبيتها من الشمال الأوروبي للمطالبة بحسم كبير في الموازنة الجاري بحثها حاليا والتي تتراوح ما بين 970 و1000 مليار يورو. وتدور المواجهة حاليًا بين هذا المعسكر الذي تتزعمه بريطانيا ويضم السويد وهولندا وفنلندا والدنمرك الراغبة في تقليص مساهماتها في الموازنة الاتحادية وبين معسكر الدول المستفيدة من مخصصات العديد من بنود الموازنة الاتحادية وخاصة قطاعي الزراعة والمناطق الأقل نموا. وهذه الدول تضم دول الجنوب الأوروبي ودول شرق ووسط القارة الأوربية التي تمتعت حتى الآن بعائدات مالية ضخمة تقوم الدول الغنية بتسديدها. وتلتزم ألمانيا المساهم الأول في موازنة الاتحاد الأوروبي موقفا حذرا وتؤيد ضمنا دعوات بريطانيا بتخفيض جزء من النفقات العامة لكنها تريد انتهاج موقف معتدل وتجنب تصدع أوروبي خطير بعد أسابيع فقط من تجاوز أزمة الديون. وتقول بريطانيا إنها لن تقبل بأية موازنة لا تنص صراحة على تقليص النفقات الإدارية للاتحاد والمصاريف غير الضرورية. ولكن العديد من الجهات ترى أن الحل الذي يسعى رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومباي حاليًا إلى تمريره وفرض مخرج وسط بين المعسكرين المتنافرين قد يتم على حساب بنود أساسية في موازنة الاتحاد الأوروبي وخاصة تمويل سياسات التنمية والدبلوماسية الأوروبية وقطاع البحوث. كما تشترط فرنسا عدم المساس بالبند الخاص بتمويل قطاع الزراعة حيث يستحوذ المزارعون الفرنسيون على القسط الأكبر من المساعدات الأوروبية لهذا القطاع. وكان البرلمان الأوروبي قد حذر اليوم دول الاتحاد الأوروبي من مغبة توظيف الأزمة الاقتصادية كذريعة لتمرير مزيد من سياسات التقشف .. وقال البرلمان في ختام نقاش استمر عدة ساعات إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى ميزانية مرنة بما فيها الكفاية للتعامل مع الأحداث غير المتوقعة التي تضل بحاجة إلى مصادر تمويل جديدة. واستمع البرلمان خلال الجلسة إلى مقترحات من رئيس المفوضية خوسيه باروزو ومن لوسيندا كريتون وزيرة الشؤون الأوروبية الايرلندية والتي تتولى بلادها الرئاسة الدورية الأوروبية. وحذر النواب الأوروبيون من أنهم لن يعتمدوا أية موازنة لا تأخذ بعين الاعتبار موقف المجلس التشريعي. وقال جوزيف دول رئيس كتلة المحافظين وهي أكبر كتلة في البرلمان إن النواب لن يقبلوا بأي موازنة تتضمن مزيدا من التقشف. واقترح رئيس المجموعة الليبرالية غي فورهوفستات اعتماد موازنة مؤقتة من ثلاث سنوات كحل وسط للخروج من الطريق المسدود. وأوضح رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتس إن التوجه إلى تخفيض الموازنة يعتبر عملا غير قانوني لأنه سيتسبب في مزيد من العجز. وطالب العديد من النواب بإرساء مصادر تمويل إضافية خاصة لدعم الموازنة الأوروبية وتمكين الاتحاد الأوروبي من موارد ذاتية مثل فرض رسوم على المعاملات المالية.وقال البرلمان الأوروبي إن القمة الأوروبية ستمثل بداية وليس نهاية لعملية شاقة من المفوضات في المستقبل. وكانت المستشارة الألمانية إنجيلا مركيل قد هددت الأسبوع الماضي بعرقلة أية تسوية تعتبرها غير سليمة حول الموازنة الأوروبية. ويقترح رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومباي تخفيضا للموازنة بحجم 80 مليار يورو وهو حل وسط لم يحظ بعد بتوافق أوروبي شامل. وعرض فان رومباي موازنة بحجم إجمالي قدره 971,1 مليار يورو أي ما يناهز 1,01 في المئة من صافي الإنتاج الأوروبي, ولكن بريطانيا لا تزال تطالب مع دول الشمال بحسم إضافي من 30 مليار يورو وهو ما سيلقي بظلاله على قمة بروكسل التي ستعقد غدا الخميس, حيث يأمل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بحشد دعم ألمانيا وغيرها من البلدان الغنية في الشمال الأوروبي. وستكون القمة الأوروبية أول لقاء أوروبي لكاميرون منذ أن كشف خطته الشهر الماضي بالتوجه إلى الناخبين البريطانيين في استفتاء "حول مستقبل بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي" , وهي الخطوة التي خلفت مشاعر الاستياء في بعض عواصم الاتحاد الأوروبي. ويدافع كاميرون عن الخصم المالي الذي تتمتع به بريطانيا ويبلغ حوالي 3 مليار جنيه إسترليني سنويا. وتراهن بريطانيا على حرص ألمانيا تجنب مزيد من الإشكاليات داخل الاتحاد الأوروبي لانتزاع تنازلات مالية حيث تحرص برلين على أن لا تنفرد فرنسا في هذه المرحلة بإدارة واحد من الشؤون الأوروبية الرئيسة خاصة بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي هولاند يوم أمس الثلاثاء أمام البرلمان الأوروبي انه سيتمسك بموازنة أوروبية قادرة على مواجهة التحديات الحالية وطالب بكسر الحلقة المفرغة بين فرض التقشف والبحث عن إنعاش الاقتصاد.