"حلم الصحراء" في دبي مؤشّر على ازدهار اقتصادي وعقاري

مع اعلان حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن الشروع في تكملة "حلم الصحراء 2"، الذي سبق وأن تعثّر بسبب أزمة الديون، بدا واضحا أن دبي تعيش اوقات ازدهار اقتصاديّ انعكس جليا على قطاعات العقارات والاستثمارات وجذب الاجانب.

لميس فرحات من بيروت: أعلن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن الشروع في تكملة "حلم الصحراء 2"، في مؤشر يدل على ازدهار الاقتصاد والاستثمار في دبي بعد أن عانت هزة مالية أدت إلى عرقلة سوق عقاراتها.

مشاريع واعدة

على الرغم من ان "حلم الصحراء1" وصل إلى وضع صعب في مراحله الأخيرة بعد أن غرق في بحر من الديون بعد انفجار فقاعة الممتلكات في دبي، يبدو أن سوق العقارات في دبي ينطلق من جديد وبدفع قوي، في ظل موجة البناء الجديد. والدليل الأوضح على ذلك هو كلام حاكم المدينة الذي قال "نحن لا نتوقع المستقبل، بل نبنيه".

يوم الاربعاء، أعلن الشيخ عن أحدث المشاريع المميزة في المدينة: عجلة فارس بارتفاع 700 قدم بنيت على جزيرة مستصلحة في منطقة الخليج، ومدينة محمد بن راشد (مدينة داخل المدينة) التي تبلغ تكلفتها 60 مليار دولار، وستتضمن 100 فندق، حديقة على طراز "يونيفرسال ستوديوز" واكبر مركز تجاري في العالم.

هذه المشاريع تضاف إلى إضافة مطار بخمسة مدرجات، طرقات جديدة، مجاري مائية، ونظام المترو الجديد، التي تصل قيمة تنفيذها إلى مجموع 200 مليار دولار.

تعثر... فانطلاقة جديدة

في حديث لصحيفة "صنداي تايمز"، قال محمد العبار، رئيس شركة إعمار، الذي يعد أحد أهم المتعهدين ومستشار قريب من حاكم دبي، إن المدينة "مرت بعام ونصف من العراقيل بسبب الأزمة التي كانت تكافح للخروج منها، فقد شهدنا بعض الإرباك بسبب الأزمة المالية العالمية. كنا نحلق عالياً وفجأة سقطنا. لكننا تمكنا من الخروج من هذه الأزمة".

آخر الأرقام الحكومية تؤكد الطفرة الاقتصادية والعمرانية التي تشهدها دبي، والتي انعكست حظوظها نحو الأفضل مقارنة بالعام الماضي.

فقد نما الاقتصاد بنسبة 5٪ العام الماضي وهو أسرع معدل نمو منذ عام 2007. وارتفعت نسبة العمل في مطر الشحن 144٪ على أساس سنوي، إلى جانب ارتفاع التصدير واستيراد وواردات المواد الغذائية والسيارات.

بدوره، حقق طيران الإمارات نمواً سريعاً يضعه على الطريق الصحيح للتفوق على لوفتهانزا، ليصبح أكبر شركة في العالم لطيران المسافات الطويلة بحلول العام 2020. كما أن عدد المسافرين الين عبروا مطار دبي الدولي ارتفعوا بنسبة 15٪ في العام الماضي، إلى 58 مليون مسافر، ما يجعله ثالث أكثر المطارات ازدحاماً في العالم.

اجتذاب الأجانب

ما الذي يحرك هذا الازدهار في دبي؟ الإجابة بالنسبة للعبار هي "الأسباب ذاتها التي دفعت للطفرة الأولى"، فدبي بدأت في النمو بسرعة قبل عقد من الزمن عندما منح الأجانب حق شراء المنازل والعيش هناك، لا سيما في ظل التسهيلات التي منحت لهم مثل الإعفاء من الضرائب.

وفي السنوات الأخيرة، أصبح من السهل الوصول والتنقل في الإمارات، وذلك بفضل نمو البلاد وازدهار المطارات والمواصلات، كما أن البلاد صارت ملائمة للحياة السهلة واجتذبت الكثير من الأجانب بفضل أفضل التجهيزات (الطرقات والسكك الحديدية ومراكز التسوق والمطاعم والمرافق الرياضية والترفيهية).

فوائد الربيع العربي

وتعتبر دبي أيضاً المستفيد الأكبر من الربيع العربي، على الصعيد الاقتصادي، إذ أنها الملاذ الآمن لجيرانها الذين يتوافدون إليها من الدول المجاورة التي تمر بخضات سياسية وامنية، وينقلون إليها اعمالهم ورؤوس اموالهم.

ويقدر الخبراء أن نحو 30 مليار من رؤوس الأموال المعفاة من الضرائب تدفقت إلى دبي منذ أن اندلعت شرارة الثورة العربية الأولى في تونس قبل ثلاث سنوات.

"دبي أصبحت الأكثر جاذبية كملاذ آمن"، قال نيكولاس ماكلين، رئيس شركة CBRE في الشرق الأوسط، ومدير أكبر شركة عقارية في العالم، التي وجدت مساحة أكبر للمزيد من الشركات في دبي في الأشهر الـ 12 الماضية، مقارنة مع الأعوام الأخرى بما فيها عامي 2007 و 2008.

أزمة الديون

ويقر العبار بأن أزمة الديون هو الثمن الذي تدفعه دبي مقابل توسعها الهائل في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن شركة "النخيل" على سبيل المثال اقترضت أكثر من 10 مليار دولار وكان لا بد من إنقاذها من قبل الحكومة، "فقد كانت مفرطة في التفاؤل، واحترقت نتيجة لتسرعها".

لكنه يصر على أن الدين في دبي تحت السيطرة "فعندما تنظر إلى حجم الديون وأصول المدينة وإيراداتها، تستنتج أنه من السهل تسديد هذه الديون على مدى 15 أو 20 عاماً".

أما السؤال المزعج الذي يفرض نفسه بطبيعة الحال فهو: "بعد ان بدأت دبي في النمو مرة أخرى، هل ستواجه فقاعة تضخم أخرى؟

يجيب العبار عن هذا السؤال بالقول: "النسيان من طبيعة البشر، الانسان جشع ويغامر ويخطئ"، لكنه أضاف: "لكن دبي جادة في عملها ولا تخاطر، نحن متفائلون لا سيما وأننا اصبحنا أكثر خبرة وحكمة".