أميركا على شفير خطة تقشف ضخمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
استدعى الرئيس الاميركي باراك اوباما قادةالكونغرس الى اجتماع الجمعة في البيت الابيض من غير المتوقع ان يسمح بتفادي دخول خطة تقشف تلقائية حيز التنفيذ الجمعة مع ما تتضمنه من مخاطر على نمو الاقتصاد الاول في العالم.وسيستقبل اوباما اعتبارا من الساعة 10,05 (15,05 تغ) كبار مسؤولي مجلس النواب الذي يسيطر عليه خصومه الجمهوريون، ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه حلفاؤه الديموقراطيون، في اول اجتماع يعقد منذ اندلاع هذه الازمة السياسية-المالية الجديدة، بعد سلسلة من الازمات التي سبقتها.
واشنطن: يتواجه اوباما وخصومه منذ العام 2011 حين سيطر المحافظون على جزء من السلطة التشريعية، حول الطريقة المثلى لاعادة التوازن الى المالية العامة، على خلفية التزايد الكبير في حجم الديون المترتبة على القوة الاقتصادية العالمية الاولى والذي يفوق حاليا 16 الف مليار دولار.ومع عجز الطرفين عن التوصل الى اتفاق على جوهر المشكلة، عمدا الى وضع حلول مؤقتة لها.وكانت فكرة هذه الخطة التي صدرت في منتصف العام 2011 عن البيت الابيض ووافق عليها الجمهوريون، تقضي في الاساس بتحديد اقتطاعات في النفقات تدخل حيز التنفيذ تلقائيا ويفترض ان تكون مؤلمة الى حد يدفع الطرفين الى التفاوض بشأن حل.لكن تبين مع الوقت على ضوء تشدد الطرفين وتمسكهما بمواقفهما ان البيت الابيض كان متفائلا اكثر مما ينبغي.
وان كان اوباما وافق على مبدأ الاقتطاع من النفقات الا انه ظل يطالب بزيادة الضرائب على الاكثر ثراء.وهذا مطلب لا يمكن ان يقبل به الجمهوريون بعدما سبق ان وافقوا في كانون الثاني/يناير خلال جولة مفاوضات سابقة على زيادة الضغط الضريبي على هذه الفئة الميسورة.واعلن رئيس مجلس النواب جون باينر الخميس ان "الرئيس سبق ان حصل على زياداته الضريبية" متسائلا "كم من المال نود سلبه بعد من الاميركيين لتمويل دولة اكبر؟ ردي هو صفر".
وكان الكونغرس الاميركي اقر في مطلع كانون الثاني/يناير قانونا قضى بزيادة الضرائب على الاميركيين الميسورين (رفع الضريبة من 35% الى 39,6% للعائلات التي يفوق مدخولها السنوي 450 الف دولار).وتضاعف الرئاسة الديموقراطية منذ ايام التحذيرات من عواقب اقتطاع 85 مليار دولار من نفقات الاشهر السبعة الاخيرة من السنة المالية، بما يوازي 8% لميزانية الدفاع و5% لباقي النفقات، مشيرة الى بطالة جزئية لاعداد من الموظفين وخلل في عمل الخدمات العامة.
غير ان اوباما جازف باثارة استياء خصومه مساء الخميس اذ اتهمهم بانهم يتحملون وحدهم مسؤولية الازمة.وفي سياق معركة العلاقات العامة والاعلام التي يخوضها الطرفان اتهم الرئيس الجمهوريون بانهم "يهددون اقتصادنا بمجموعة من الاقتطاعات التلقائية والاعتباطية في الميزانية ستكلفنا المزيد من الوظائف وستؤدي الى ابطاء الانتعاش الاقتصادي".وكان الرئيس شرح في اليوم السابق ان الاقتطاعات لن يكون لها بالضرورة تاثير كاسح دفعة واحدة، غير انها ستزداد وطأة على مر الاسابيع. وقدر صندوق النقد الدولي ب0,5% التاثير السلبي لخطة التقشف على النمو الذي ما زال يتعافى من ازمة الانكماش.وبحسب الالية المحددة لهذه الخطة، يعود لاوباما ان يبلغ رسميا ادارته بدخول الخطة حيز التنفيذ قبل حلول الساعة 23,59 من ليل الجمعة (4,59 تغ السبت)، على ان تباشر الحكومة عندها توجيه رسائل الى مئات الاف الموظفين لتحذيرهم من احتمال احالتهم الى اجازات غير مدفوعة الاجر.
وقد تقترن هذه الازمة بازمة اخرى اكثر خطورة، تتعلق بتمويل الدولة الفدرالية للاشهر الاخيرة من السنة المالية 2013 والتي ستطرح للتصويت على الكونغرس قبل 27 اذار/مارس. وفي حال عدم التوصل الى اتفاق فسوف تضطر الادارة بكل بساطة الى اغلاق بعض الدوائر العامة.واعرب زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد عن امله بان تدفع جسامة هذه الرهانات الطرفين على التوصل اخيرا الى اتفاق.
تهدد الاقتطاعات المالية التلقائية في الولايات المتحدة بتجاوز حدود البلاد لتتسع رقعة تبعاتها الى الاتحاد الاوروبي بشكل خاص علما انه الشريك التجاري الاول للاميركيين.وبادر صندوق النقد الدولي الى اطلاق الانذار. وحذر متحدث باسم الصندوق الخميس عشية سريان الاقتطاعات من انه "سيكون لها عواقب على النمو العالمي. والدول الاكثر تاثرا هي تلك التي تملك العلاقات التجارية الاقوى مع الولايات المتحدة".وفي غياب اتفاق سياسي ستسري الجمعة اقتطاعات من الميزانية الفدرالية الاميركية بقيمة 85 مليار دولار حتى نهاية ايلول/سبتمبر و109 مليارات سنويا لمدة ثماني سنوات، ما يهدد النمو الاميركي الذي ما زال يتعافى من ازمة الانكماش.
ويتصدر الاتحاد الاوروبي الجهات التي ستتأثر بتلك الاقتطاعات، حيث بلغت التبادلات بين الطرفين 645 مليار دولار في 2012. وما زال الاتحاد الاوروبي الشريك التجاري الاول للولايات المتحدة سابقا الصين باشواط، كما يسجل فائضا تجاه الاقتصاد العالمي الاول.بالتالي فان تباطؤ النشاط الاقتصادي الاميركي "لن يكون خبرا سارا" لاوروبا بحسب اندراس سيمونيي من مركز العلاقات عبر الاطلسي في واشنطن. فالقارة العجوز التي تعاني من انكماش منطقة اليورو هي بغنى عن هذه التعقيدات الاضافية.
في اواخر 2012 وفي خضم الجدال المرير حول "الهاوية المالية" التي انبثقت منها الازمة الحالية حث المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية اولي رين واشنطن على حل مشاكل الميزانية "في المهلة المحددة" لمصلحة الاقتصاد العالمي "واوروبا كذلك".واقر مصدر دبلوماسي اوروبي رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "بالطبع نتابع المسألة عن كثب ولو ان الغموض ما زال كبيرا بحسب الاقتصاديين بشكل عام حول التبعات الدقيقة لهذه الاقتطاعات في الميزانية".بالفعل ما زال حجم الاقتطاعات غير واضح وسيعتمد كثيرا على التجاذبات المقبلة بين البيت الابيض والمعارضة الجمهورية في الكونغرس.
لكن في الوضع الحالي قد تشهد الوكالات الحكومية المعنية بالتجارة الخارجية تقليص هامش مناوراتها وميزانياتها في مرحلة حرجة.واطلقت الولايات المتحدة مفاوضات حول اتفاقية للتبادل الحر مع اوروبا معربة عن الرغبة في بحث التبادلات العالمية في الخدمات في جنيف والانتهاء من صياغة الشراكة عبر المحيط الهادئ مع عدة دول من اميركيا اللاتينية واسيا.وافاد متحدث باسم مكتب التجارة الخارجية لفرانس برس ان المكتب "يخوض ثلاث مفاوضات تجارية مهمة. وتهدد الاقتطاعات المالية بالتاثير على هذه الملفات وعلى جهودنا في سبيل فتح الاسواق".
على مستوى اكثر ثانوية، قد تحد الاقتطاعات كذلك عدد عمال الجمارك في الولايات المتحدة ما يبطئ الدفق التجاري ولا سيما ذاك الوافد من دول اوروبية تصدر بشكل اساسي الى الولايات المتحدة المواد الكيميائية وتجهيزات النقل.واوضح خبير مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن ادوارد الدن لفرانس برس "سيشهد عدد من القطاعات تاخيرا. وقد يسجل بعض التراجع الطفيف على الارجح في حجم التبادلات".لكن هذه الظروف الصعبة قد تخفي فائدة تتمثل في تسريع المفاوضات الاميركية الاوروبية التي ينتظر اطلاقها رسميا في بروكسل وتركي الى انشاء منطقة للتبادل الحر تعتبر احدى اهمها حول العالم.وقال سيمونيي "هذا قد يدفع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الى التوصل الى طريقة لتسريع المفاوضات وابرام اتفاق يفترض ان يحرك الاقتصادات على ضفتي الاطلسي".