خبير كويتي لـ"إيلاف": إسقاط فوائد قروض الكويتيين المتعثرين يشجع على عدم السداد
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أين المشكلة؟لا يجد السعدون مشكلة في مسألة القروض، ويقول: "إذا ما اعتمدنا المعايير المصرفية، أي بدء الشكوى من التعثر عن السداد عند ارتفاع نسبة العاجزين عن سداد ديونهم عن نسبة محددة، فنحن لا نواجه مشكلة تعثر حقيقية، ولم يبلغ في أي يوم عن تخلفٍ عن السداد يستحق المراجعة". فتلك القروض لا يمكنها أن تبلغ مرحلة التعثر، لأن معظمهما مضمون برواتب موظفي حكومة، ونحو 76,6 في المئة من العاملين الكويتيين موظفون حكوميون، ووالبقية تتلقى دعمًا من الحكومة، والحكومة لم تتخلف يومًا عن دفع الرواتب، كما أن الرواتب العامة طالتها زيادات متكررة.لكن السعدون يستدرك قائلًا: "إنها مشكلة بالرغم من انعدام مؤشراتها، فقد أصبحت حقًا مكتسبًا منذ أكثر من 30 سنة، ففي أواخر سبعينات القرن الفائت، ولأسباب سياسية بحتة أو للترويج لتنقيح الدستور، قامت الحكومة بشراء أصول مدينين بكلفة إجمالية بلغت نحو 150 مليون دينار كويتي، ثم تدخلت مرة أخرى بعد آب (أغسطس) 1982 إبان أزمة المناخ بشراء أصول مديني المناخ بصندوق صغار المستثمرين وقروض المقاصة وبالشراء المباشر للأسهم الكويتية، ثم أصدرت في العام 1986 برنامج المديونيات الصعبة، وظف سياسيًا لشراء مديونيات مدينين نافذين استمروا عاجزين عن مواجهة التزاماتهم منذ أزمة المناخ، ثم تبنت الحكومة في العام 1992 قانون المديونيات الصعبة، وقامت بشراء كل المديونيات الصعبة والسهلة ولم تعرف تكلفته حتى الآن ولكنها كانت بضعة مليارات".لاحقًا، أصبحت قضية إسقاط ديون المواطنين مدخلًا في العمل السياسي، وبات إطلاق الوعود أو العمل على إسقاطها مادة انتخابية أو سياسية شعبوية، ما دام من يدفع هو الخزينة العامة وليس دافعي الضرائب.
كارثي وغير عادلثمة حلول عديدة مطروحة لهذه المسألة الشائكة، لكن السعدون يقول إن الحل الذي أعلن عنه في اجتماع مشترك للجنة المالية في مجلس الأمة وممثلي الحكومة الأربعاء جاء ليشمل الديون السهلة والصعبة، ما بين الأول من كانون الثاني (يناير) 2002 و30 آذار (مارس) 2008، وهو ما يراه كارثيًا، لأنه منافٍ لكل القيم ولكل الحصافة وكل مبادئ إرساء مشروع تنمية حقيقي، وهو مشروع ظالم على كل مستوياته.يقول: "ضمن المقترضين هناك مقترض بألف دينار وآخر مقترض بـ 70 ألف دينار، وهناك من التزم بالسداد وهناك من تتم مكافأته لأنه لم يلتزم بالسداد، وهناك من صدق الحكومة وسوى قرضه ضمن صندوق المتعثرين، وهناك من عاند، فتم عقاب الأول ومكافأة الثاني. وضمن المقترضين هناك من اقترض قبل كانون الثاني (يناير) 2002، وهناك من اقترض بعد آذار (مارس) 2008، وهم خارج المشروع، وهناك نصف البالغين الكويتيين ممن آثروا الحصافة ولم يقترضوا، وهم يعاقبون على حصافتهم".يضيف: "هناك أكثر من نصف الكويتيين صغار في السن، لم يبلغوا بعد سن الرشد، وهم بحاجة إلى وظيفة وتعليم محترم وخدمات صحية، والهدر يعني حرمانهم من تلك الضرورات في المستقبل، وهي رسالة للاندفاع في الاقتراض، والتردد عن الالتزام بالسداد، وتلك قيم منافية لتنشئة إنسان يتحمل مسؤولياته ومسؤوليات التنمية الوطنية. وأمام المستوى المرتفع جدًا للنفقات العامة، والضعف المحتمل لسوق النفط، يعتبر هذا الحل دعوة مفتوحة لدخول حالة من عدم الاستقرار، خصوصًا إذا بدأت المطالبة بالعدالة من بقية المقترضين وممن لم يقترضوا".
الحل الأنسبإن كان هذا كارثيًا، فما هو الحل الأنسب؟ يجيب السعدون: "نبحث عن حل إذا كانت هناك مشكلة، وليست هناك مشكلة حتى نبحث عن حل لها، وإن وجدت مشكلة، وستكون محدودة، يفترض أن يتحملها صانعها لا أن تتحمل الخزينة العامة تبعاتها، فإن ثبت أن بنك الكويت المركزي أخطأ، لا بد من معاقبة مسؤوليه، وإن أخطأت البنوك، فعليها تحمل التكلفة، أما إذا كان ذلك ناتجًا من سوء تخطيط من المقترضين فعليهم تحمل مسؤولياتهم".ويلتفت السعدون للجانب الإنساني، فيقول: "يبقى هناك احتمال أن تكون هناك مشكلات إنسانية، وأعتقد أن مكان مواجهتها هو المؤسسات الإنسانية غير الساعية للربحية، ولا بأس من دعوة عامة إلى ضريبة طوعية يتصدرها وزراء وأعضاء مجلس أمة لتمويل حلولها".
تحفظات المركزييتوافق رأي السعدون مع رأي بنك الكويت المركزي في مسألة رفض إسقاط فوائد القروض. فما إن تسربت الصيغة الأولية لمعالجة قضية القروض، حتى سارع بنك الكويت المركزي إلى تجديد معارضته للحل المطروح، مؤكدًا أن إسقاط الفوائد أو القروض سيحمّل المال العام أعباء مالية باهظة وغير مبررة، ويؤدي إلى التراخي وعدم الانتظام في سداد القروض الجديدة.وكشف تقرير صادر عن المركزي أن إسقاط الفوائد على القروض وإعادة جدولتها سيساهمان في نشوء قضية قانونية تتمثل في إلزام البنوك وشركات الاستثمار بإعادة جدولة القروض الاستهلاكية والمقسطة المقدمة منها، استنادًا إلى أن هذه القروض تحكمها عقود تم إبرامها وفقًا للنظم والتشريعات السارية عند الحصول على القرض، كما أن التدخل بتعديل هذه العقود يخل بالاستقرار المطلوب للمعاملات المالية.وأكد التقرير أن المطالبة بإسقاط الفوائد عن المواطنين بشكل عام "تمثل إخلالًا واضحًا بمبدأ العدالة الذي نص عليه الدستور، وستخلق سابقة في تحمل الحكومة أعباء القروض، الأمر الذي ستصعب معه مواجهة مثل هذه المطالبات في المستقبل، كما أن إسقاط الفوائد سيولّد لدى المواطنين قناعة بمعاودة إسقاطها عن هذه المديونيات، ما يؤدي إلى التراخي وعدم الانتظام في سداد القروض الجديدة، وهو ما يترتب عليه تزايد المخاطر الأدبية والسلوكية في الجهاز المصرفي والمالي".وشدد التقرير على أن هذا الإسقاط من شأنه أن يولد تيارًا قويًا إزاء مبدأ المعاملة بالمثل بالنسبة للمواطنين المدينين للجهات الأخرى الخاضعة لوزارة التجارة والصناعة، وهي مديونيات كبيرة، ما يحمِّل المال العام كلفة مالية باهظة غير مبررة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف